على امتداد سلسلة جبال البابور بني ورثيلان.. عذراء القبائل بني ورثيلان أو آث ورثيلان باللغة الأمازيغية تلك العذراء الساحرة التي تعانق بعلوها سحاب السماء تتوسط بني ورثيلان الهضاب العليا على امتداد سلسلة جبال البابور تقع هذه المنطقة أقصى شمال غرب ولاية سطيف على حدود ولاية بجاية متوسط علوها يتراوح بين 500 الى 1300 متر عن سطح البحر. تقع بلدية بني ورتلان في الشمال الغربي لمدينة سطيف على حدود ولاية بجاية تمتاز بمناخ بارد شتاءً وحر صيفا وهي منطقة جبلية بارتفاع يقدر ب1376 متر كما أنها ذات طابع فلاحي حيث تكثر فيها أشجار التين والزيتون وهي ربما نعمة أمَنَّهَا الله على أهل بني ورتلان بهذه الأشجار التي ورد اسمها في القرآن وكانت موضع قَسَم للخالق الرزاق. لوصيف شميني يخيل لك وأنت صاعد الى بني ورثيلان في فصل الشتاء وكأنك تحاول اختراق الغيوم وفي فصل الربيع تستقبلك بلوحة خضراء أبدع الخالق في رسم تفاصيلها أما صيفا فكلما زاد ارتفاعك الى بني ورثيلان كلما زاد انتعاشك بنسمات باردة تقاوم حر الصيف فهي المفر من الرطوبة وضغط المدن وخريفا تستقبلك بني ورثيلان بضباب يرخي سدوله لينعش أشجار التين التي تشتهر بجودة محصولها هذه المنطقة. تاريخيا وقبل الفتح الإسلامي تضم أث ورثيلان أحد أهم المدن الرومانية والتي لا تزال آثارها الى يوم الناس هذا أهمها أثار منطقة بوغروم وأثار ألقراج وغيرها من الأماكن التي تشهد على الحقبة الرومانية بالمنطقة أما الفترة الإسلامية فإن بني ورثيلان فرضت وجودها التاريخي والعلمي كونها قريبة من عاصمة الدولة الحمادية ببجاية مما سهل انتقال العلماء والفقهاء الى منطقة بني ورثيلان. كما أن الدخول الإسباني الى سواحل بجاية جعل من علماء هذه المدينة يفرون الى المناطق العالية وإنشاء زوايا بها مثل منطقة أذكار وإيلولة وبني ورثيلان. وفي فترة الاستعمار الفرنسي وكغيرها من مناطق الوطن شاركت منطقة بني ورثيلان في العديد من المقاومات الشعبية أهمها مقاومة المقراني والحداد عام 1871م إضافة الى مجازر 8 ماي 1949 أين استشهد الكثير من أبناء المنطقة كما رحب أبناء بني ورثيلان بالثورة التحريرية المباركة وكما تقول بعض المصادر التاريخية أن مؤتمر الصومام كان ليعقد في منطقة بني ورثيلان قبل أن يكتشف المستعمر الوثائق الخاصة بالمؤتمر فتم تغير مكانه وهي منطقة إفري أوزلاقن الغير بعيدة عن المنطقة. منطقة الجهاد العلماء عرفت منطقة بني ورثيلان بمنطقة الجهاد العلماء وأنجب هذه البلاد خيرة الأسماء الذين رفعوا الراية الوطنية والإسلام ولعل من أبرزهم الشيخ الحسين الورثيلاني المولود سنة 1713م بقرية آنو بني ورثيلان صاحب كتاب نزهة الأنظار في فضل علم التاريخ والأخبار ويعرف هذا المؤلف بالرحلة الورثيلانية وهو من أهم وأكبر الأعمال التي أنجزها الورثيلاني في التاريخ على عكس الكثير ممّن عاصروه. ويعرف أيضا المنطقة بابنها الشيخ الفضيل الورثيلاني أحد طلبة الشيخ ابن باديس بقسنطينة له العديد من المقالات في الشهاب والبصائر كما كلف بتولي مهمة فرع جمعية العلماء المسلمين بفرنسا كونه يتقن الأمازيغية والعربية والفرنسية كما تفتخر منطقة بني ورثيلان بالعلامة الشيخ المولود الحافظي الأزهري ابن عرش بني حافظ ببلدية عين لقراج وهو من مؤسّسي جمعية العلماء المسلمين كان فقيها وعالما في الدين وعلم الفلك والحساب ولاتزال مخطوطاته الى اليوم وإضافة الى هذا هناك العديد من الأسماء التي خلدت اسمها في التاريخ بمختلف مجالاته أنجبتهم بني ورثيلان. والى وقتنا هذا تعيش منطقة بني ورثيلان تحت شعار من دخل أث ورثيلان فهو آمن فالحياة هناك بسيطة جميلة يتزاوج فيها التراث القبائلي والعادات وتعاليم الاسلام والأخلاق والحياء في أجواء أكثر جاذبية تجعلك تشعر أن هذه المنطقة ملجأ للتائهين والمضغوطين الذين يبحثون عن الراحة والهدوء ففي بني ورثيلان لا تكاد تسمع كلاما قبيحا أو اعتداء أو سرقة فالجميع يبتسم لك ولا يشعر الغريب بغربته والوحيد بوحدته. منطقة بني ورثيلان يصح أن نطلق عليها عذراء القبائل فلم تنجح رياح التغريب في تغريبها ولم تمسها رياح التنصير ولا زوابع الحركات الانفصالية. حتى لهجة أهلها بقية قبائلية صافية تم تخالطها الفرنسية ولا العربية كون موقعها الجغرافي الذي لم يتركها تتأثر بالمناطق المجاورة ولهذا ستبقى بني ورثيلان عذراء منطقة القبائل.