آداب إسلامية آداب الاستئذان في السنة النبوية حفلت السنة النبوية بكم كبير من التوجيهات والإرشادات لتحقيق هذا الأدب في واقع المسلمين وجني ثماره الطيبة التي تعود بالخير على الفرد والمجتمع وكما حرصت السنة النبوية على بيان مشروعية الاستئذان وأهميته فقد جعلت له آدابا وتعاليم تتحقق بالتزامها الغاية الشرعية من الاستئذان على أتم وجه وأكمله فمن هذه الآداب: تقديم السلام على الاستئذان: ففي الحديث أن رجلا دخل على النبي صلى الله عليه وسلم فلم يسلم ولم يستأذن فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: ارجع فقل: السلام عليكم أأدخل؟ أخرجه الترمذي وصححه الألباني وقال -عليه الصلاة والسلام-: لا تأذنوا لمن لم يبدأ بالسلام أخرجه أبو يعلى والبيهقي في شعب الإيمان وصححه الألباني. الاستئذان ثلاثا فإن أُذِنَ له وإلا فليرجع: فمن هدي النبي صلى الله عليه وسلم القولي في ذلك: قوله: إذا استأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له فليرجع أخرجه البخاري. ومن هديه العملي: ما رواه قيس بن سعد بن عبادة -رضي الله عنه- قال: زارنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في منزلنا فقال: السلام عليكم ورحمة الله فرد سعد ردا خفيا قال قيس: فقلت: ألا تأذن لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فقال: ذره يكثر علينا من السلام فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:السلام عليكم ورحمة الله فرد سعد ردا خفيا. ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: السلام عليكم ورحمة الله ثم رجع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- واتبعه سعد فقال: يا رسول الله إني كنت أسمع تسليمك وأرد عليك ردا خفيا لتكثر علينا من السلام أخرجه أبو داود وصححه ابن الملقن. الوقوف في مكان مناسب حال الاستئذان بحيث لا يكشف عورة الدار: وقد دل على هذا الأدب هدي النبي صلى الله عليه وسلم القولي والعملي أيضاً: أما هديه القولي: فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: لا تأتوا البيوت من أبوابها ولكن ائتوها من جوانبها ثم سلموا فإن أذن لكم فادخلوا وإلا فارجعوا أخرجه البزار وصححه الألباني. وأما هديه العملي: فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى باب قوم لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه ولكن من ركنه الأيمن أو الأيسر ويقول: السلام عليكم السلام عليكم أخرجه أبو داود وصححه الألباني. أن يخبر باسمه حتى يُعرَف ولا يقول:(أنا): فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: استأذنت على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (من هذا؟) فقلت: أنا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أنا أنا!) كأنه كره ذلك أخرجه مسلم. أن لا يقوم من مجلس صاحب الدار حتى يستأذنه: فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: إذا زار أحدكم أخاه فجلس عنده فلا يقومن حتى يستأذن أخرجه الضياء في المختارة وصححه الألباني. أن يكون الإذن مُفْهَماً ولو كان علامة بحيث يفهم منه المستأذن أنه مأذون له بالدخول وإلا فلا يدخل: ويدل على ذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: رسول الرجل إلى الرجل إذنه أخرجه أبو داود وصححه الألباني. قال المناوي في شرح الجامع الصغير: أي: بمنزلة إذنه له في الدخول والصبي المميز مُلحَق بالرجل فيُعمَل بقوله في الإذن في دخول الدار. أ.ه وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذنك علي أن يُرفَع الحجاب وأن تستمع سِوادي حتى أنهاك أخرجه مسلم. قال ابن الأثير في النهاية: السِواد -بالكسر-: السِرار يقال: ساودت الرجل مساودة إذا ساررته وقيل هو من إدناء سوادك من سواده: أي شخصك من شخصه. وقال النووي في شرح صحيح مسلم: وفيه دليل لجواز اعتماد العلامة في الإذن في الدخول فإذا جعل الأمير والقاضي ونحوهما وغيرهما رفع الستر الذي على بابه علامة في الإذن في الدخول عليه للناس عامة أو لطائفة خاصة أو لشخص أو جعل علامة غير ذلك جاز اعتمادها والدخول إذا وجدت بغير استئذان وكذا إذا جعل الرجل ذلك علامة بينه وبين خدمه ومماليكه وكبار أولاده وأهله فمتى أرخى حجابه فلا دخول عليه إلا باستئذان فإذا رفعه جاز بلا استئذان والله أعلم. أ.ه عدم إمامة الرجل لأخيه في بيته ومجلسه إلا بإذنه: فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ولا يَؤُمَّنَّ الرجلُ الرجلَ في سلطانه ولا يقعد في بيته على تَكرِمَتِه إلا بإذنه أخرجه مسلم. قال الملا علي القاري في مرقاة المفاتيح: ولا يَؤُمَّنَّ الرجلُ الرجلَ في سلطانه أي: في مَظهَر سلطنته ومحل ولايته أو فيما يملكه أو في محل يكون في حكمه. أ.ه عدم الجلوس في المكان أو الفراش المخصص لصاحب البيت إلا بإذنه: ففي الحديث السابق: ولا يقعد على تَكرِمَتِه إلا بإذنه قال النووي في شرح صحيح مسلم: قال العلماء: التَّكْرِمة: الفراش ونحوه مما يُبسَط لصاحب المنزل وَيُخَص به.