الخدمة الوطنية.. مدرسة صنع الرجال ** هذه حصيلة إجراءات تسوية الوضعية تجاه الخدمة الوطنية ب. لمجد يحتفل الجيش الوطني الشعبي خلال شهر أفريل الجاري بمرور 50 سنة على تأسيس الخدمة الوطنية وهي مناسبة للاحتفاء بالحصيلة الإيجابية لهذه التجربة التي أثبتت نجاحها من خلال إسهامها في التنشئة الاجتماعية للمواطن الجزائري الذي يعتبرها مدرسة لصنع الرجال ولسنا نبالغ إن قلنا أن الإنجازات التي قدّمتها مدرسة الخدمة الوطنية كبيرة جدا وهي تتعدى حدود المساهمة في حماية الجزائر من مخاطر مختلفة. ومنذ إنشائها في أفريل 1968 ارتبط اسم الخدمة الوطنية لدى الجزائريين بتحقيق مفهوم الانسجام الوطني وبالتنشئة السليمة للمواطن حيث كانت هي الأسرة والمدرسة معا وتؤثر في الفرد وتعزز انتماءه للوطن وتغرس فيه روح التضحية والانضباط والصرامة والجد وتلقنه روح التعاون والعمل الجماعي حسب تصريحات لمدير الخدمة الوطنية بوزارة الدفاع الوطني اللواء بن بيشة محمد الصالح بمناسبة الاحتفال بهذا الحدث. وتمكنت المؤسسة العسكرية خلال نصف قرن من الزمن من الانتقال بالخدمة الوطنية من الإنجازات الاجتماعية والاقتصادية التي تحققت كالسد الأخضر وطريق الوحدة الإفريقية وبناء السدود والسكك الحديدية والمطارات وإنجاز ألف قرية والخدمات الطبية والتعليمية المقدمة لسكان الأرياف والمناطق النائية لاسيما في مناطق الجنوب الكبير وغيرها من المشاريع والمنشآت الاجتماعية والاقتصادية إلى تأدية دور فعال في مجال تعزيز القدرات الدفاعية وتحقيق الانسجام الوطني وتواصل الأجيال وذلك في كل مرة كانت فيها الجزائر في حاجة لأبنائها. ومنذ تأسيسها إلى غاية اليوم أضحت الخدمة الوطنية مدرسة لصنع الرجال الذين ساهموا في البناء والتشييد والحفاظ على السيادة الوطنية والسلامة الترابية للجزائر وهو ما أكده رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة وزير الدفاع الوطني من خلال تنويهه بوطنية عناصر الخدمة الوطنية وحسهم بالواجب الوطني . هذا الحس هو نتيجة منطقية لمدرسة الخدمة الوطنية التي تعتبر نموذجا لتعبئة الطاقات الحية في البلاد ومصدرا لصنع مواطن جزائري مسلح بقوة الشخصية ومكونا تكوينا عسكريا وثقافيا واجتماعيا ومهنيا هدفه الأول هو خدمة المصالح العليا للوطن والأمة. وساهمت الخدمة الوطنية في خلق تواصل بين الشعب الجزائري والجيش الوطني الشعبي وزرع الثقة في المؤسسة العسكرية التي صمدت في أحلك مرحلة عاشتها الجزائر المستقلة من خلال مجابهتها لآفة الإرهاب وهو ما ظهر في صور التضامن والتآزر التي أبداها الجزائريون إثر حادث سقوط الطائرة العسكرية بالبليدة مؤخرا حيث أثبتوا مرة أخرى وقوفهم إلى جانب الجيش الوطني الشعبي في أصعب الفترات. وقد عرفت الخدمة الوطنية في إطار مخطط عصرنة وزارة الدفاع الوطني وتطوير هياكل الجيش نقلة نوعية من خلال القانون الجديد المتعلق بالخدمة الوطنية الصادر سنة 2014 والذي جاء بعدة مكاسب لفائدة الشباب الجزائري تتمثل في التكفل الأفضل بانشغالاتهم والاقتراب أكثر منهم. كما تضمن القانون عدة مزايا كتقليص مدة الخدمة الوطنية إلى سنة واحدة واحتسابها في معاش التقاعد واعتبارها كفترة خبرة مهنية بالإضافة إلى وجوب الإدماج في منصب العمل بعد أداء الخدمة الوطنية وأولوية التجنيد في صفوف الجيش الوطني الشعبي للمواطنين الذين أدوا الخدمة الوطنية حيث أصبحت الخدمة الوطنية صرحا تكوينيا بإمتياز يضمن التكوين العسكري والقدرة على تعلم مهارات ومفاهيم جديدة واكتساب روح الصرامة والانضباط في العمل. وقد أقر رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة وزير الدفاع الوطني عبد العزيز بوتفليقة إجراءات متعلقة بتسوية الوضعية تجاه الخدمة الوطنية تخص المولودين سنة 1984 وما قبل حيث أن العملية منذ بدايتها وإلى غاية 31 ديسمبر 2017 شهدت -حسب معطيات وزارة الدفاع الوطني- ارتفاع عدد المواطنين الذين استفادوا من هذه الإجراءات خلال فترة ثلاث سنوات إلى 248.542 مواطن من بينهم 3.573 مقيم بالخارج كما تم في نفس الفترة تسوية وضعية 776.789 متأخر من الدفعات قبل سنة 2014 . وقبل ذلك سمح القانون المتعلق بالخدمة الوطنية الصادر في 12 ديسمبر 1989 بتخفيض مدة الخدمة من 24 إلى 18 شهرا مما سمح بتقليص تعداد التجنيد من معدل 130 ألف إلى 50 ألف كما انجر عن تخفيض المدة عدم تجنيد مواطنين معترف بتأهيلهم لأداء الخدمة الوطنية مما أدى إلى اتخاذ تدابير العفو خلال سنة 1989 وبعدها التدابير الرئاسية التي أقرها رئيس الجمهورية. يذكر أن أول دفعة للخدمة الوطنية تم تجنيدها ابتداء من 16 أفريل 1969 وخصت المواطنين المولودين عام 1949 وتغير دور الجيش الوطني الشعبي بعد صدور دستور 1989 لينحصر في مهمة الدفاع عن السيادة الوطنية فقط ثم مشاركة أفراد الخدمة الوطنية في مهام الدفاع الوطني جنبا إلى جنب مع أفراد الجيش في مهمة الحفاظ على السلم وسيادة الدولة.