دعا مشاركون في الملتقى الدولي الثامن عشر لذكرى وفاة الخليفة المجاهد سيدي عبد الجبار التجاني الذي نظم أول أمس بولاية الأغواط الجامعات ومراكز البحث إنشاء فرق بحث متخصصة في تحقيق ونشر المخطوطات الصوفية. أبرز متدخلون من أساتذة جامعيين وباحثين في هذا اللقاء الموسوم ب "التراث الثقافي المادي بالجنوب الكبير بين عيون المختصين واهتمامات الباحثين… المخطوطات التجانية أنموذجا" إلى ضرورة تعزيز برامج تحقيق المخطوطات من خلال دعوة الجامعات ومراكز البحث إلى إنشاء فرق بحث متخصصة في تحقيق ونشر المخطوطات الصوفية، خاصة التجانية منها، وفق المناهج الأكاديمية المعتمدة مع العمل على تطوير منصة إلكترونية لتوثيق ورقمنة تلك المخطوطات وتوفيرها للباحثين. وتم التأكيد على ضرورة تحفيز طلبة الدراسات العليا على اختيار موضوعات تتعلق بمخطوطات التجانية، وتقديم دعم علمي ومادي لهم مع التأكيد على أهمية تسجيل تلك المخطوطات ضمن التراث الوطني، والمحافظة عليها بالتنسيق مع هيئات التراث والوزارات المعنية، إضافة إلى تعزيز التعاون بين الباحثين الجزائريين ونظرائهم في الدول الإفريقية والعربية لتبادل الدراسات ذات الصلة، مثلما أوضح رئيس الملتقى البروفيسور نور الدين بن نعيجة. وأضاف أن التوصيات تضمنت كذلك ضرورة توثيق العلاقة مع الزوايا والمكتبات العائلية والخاصة التي تملك نسخا نادرة، وتشجيعها على التعاون في الرقمنة والتحقيق، إضافة إلى تنظيم دورات وورشات تكوينية في مجال التحقيق والرقمنة والترميم والخط العربي لفائدة الشباب والباحثين. وفي كلمته الافتتاحية أكد الخليفة العام للطريقة التجانية الشيخ علي بلعرابي التجاني والتي ألقاها نيابة عنه الشيخ إدريس التجاني أن المخطوطات تحفظ عبر صفحاتها تراث الأمموالشعوب، وتصور جانبا مهما من عاداتهم وتقاليدهم ونمط حياتهم وهي قناة فكرية هامة للربط بين الماضي والحاضر، ووعاء حضاري يجمع تجارب الأمة وارتباطهم الوثيق بمجالهم الجغرافي. وأبرز الشيخ بلعرابي أن الجزائر تزخر في خزائنها العامة والخاصة بالعديد من نفائس المخطوطات في أصناف الفنون والعلوم والصنائع بقيمتها الحضارية الكبيرة، خاصة في المجال الصوفي ، لافتا أن هذا الموروث يواجه الكثير من التحديات التي تستدعي التدخل السريع للحافظ عليه من عوامل الزمن وغيرها. وتزخر خزائن الطريقة التجانية بكنوز فكرية وعلمية أودعها العلماء والمشايخ في مخطوطات تنوعت محتوياتها ، وتشمل علوم القرآن وعلوم الحديث والتصوف والسير والفتاوى والتاريخ والأنساب وقضايا فقهية ،مما يكشف عن زخم علمي كبير مودع في هذه الأوعية المخطوطة مما ساهم في إثراء المنهج الصوفي التجاني المحمدي وانتشاره في العالم ، ونقل إشعاع الجزائر العلمي إلى مختلف الأصقاع. وأكد الخليفة العام للطريقة التجانية أن جمع هذه المخطوطات ورقمنتها وترتيبها وتصنيفها وتحقيقها يكتسي بعدا خاصا نظير قيمتها العلمية والتاريخية الكبيرة كجزء من الهوية الثقافية التي تعكس العمق الحقيقي للطريقة التجانية المرتبط بالشخصية الوطنية الجزائرية، ويصب ذلك ضمن حرص رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون للحفاظ على هذا التراث الحضاري. وأكد رئيس اللجنة العلمية للملتقى البروفيسور أحمد بن الصغير أن هذا اللقاء يهدف إلى إبراز القيمة العلمية والتاريخية لمخطوطات الطريقة التجانية ودورها في تشكيل الفكر الصوفي ، مع توفير فضاء للنقاش بين المهتمين بالتراث الصوفي لتعزيز البحث في مجال المخطوطات. وألقيت خلال الملتقى الذي احتضنه مسجد سيدي عبد الجبار التجاني بعين ماضي عدة مداخلات أكاديمية من بينها مداخلة البروفيسور محمد عبد الرحمن الحسيني من المملكة العربية السعودية حول موضوع توجيهات سلوكية واجتهادات فقهية للشيخ أبي العباس التجاني مؤسس الطريقة التجانية من خلال رسالته التي تناول فيها فكرة دراسة شاملة لمكارم الأخلاق.