في مثل هذا اليوم، 26 أبريل من عام 1901، دوّت في منطقة عين التركي (شمال شرق عين الدفلى) واحدة من أبرز الانتفاضات الشعبية التي شهدتها الجزائر خلال الحقبة الاستعمارية، والتي عرفت ب"انتفاضة ريغة" أو "انتفاضة مارغريت"، لتُضاف إلى سلسلة النضالات التي خاضها الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي، وتفنّد الادعاءات الفرنسية بانتهاء روح المقاومة. وفي حديث خصّ به وكالة الأنباء الجزائرية /وأج/، أكد أستاذ التاريخ بجامعة "الجيلالي بونعامة" بخميس مليانة، الدكتور أحمد بن يغزر، أن هذه الانتفاضة كانت "دليلا حيا على استمرار جذوة المقاومة في نفوس الجزائريين"، رغم محاولات فرنسا طمس معالمها والترويج لانتهاء الانتفاضات الشعبية بعد قمع ثورتي المقراني (1871) وأولاد سيدي الشيخ وبوعمامة. وأشار المتحدث إلى أن هذه الهبة الشعبية جاءت كرد مباشر على سياسة فرنسا الاستيطانية، خاصة بعد إصدار قانون 1900 الذي منح المستوطنين حق الاستيلاء على الأراضي الزراعية الخصبة، ما أدى إلى طرد السكان الأصليين أو دفعهم إلى بيع أراضيهم بأسعار زهيدة. تخطيط دقيق ومواجهة شرسة وحسب ما أوردته مصادر تاريخية، فإن عددا من مشايخ الزوايا وأتباع الطريقة الرحمانية، على غرار الشيخ محمد يعقوب بن الحاج أحمد، الحاج بن عيشة، الثعالبي، والشيخ المجدوب، قادوا التخطيط لهذه الانتفاضة، واتفقوا على موعد انطلاقها عقب صلاة الجمعة بتاريخ 26 أبريل 1901 بساحة سيدي بوزار، على أن يتوجهوا نحو قرية عين التركي. ورغم محدوديتها من حيث النطاق الجغرافي والمدة الزمنية، إلا أن انتفاضة ريغة أحدثت صدى واسعا داخل الجزائروفرنسا على حد سواء، إلى درجة أن البرلمان الفرنسي عقد جلسات خاصة لمناقشة تداعياتها، بحسب الدكتور بن يغزر. قمع عنيف وأحكام قاسية كالعادة، لم تتوانَ الإدارة الاستعمارية في استخدام القمع العنيف، إذ قُتل عدد من المقاومين واعتُقل نحو 200 شخص، تم تحويل قرابة 130 منهم إلى البليدة ومنها إلى سجن "بربروس" (سركاجي لاحقًا)، قبل أن يُحوَّلوا إلى فرنسا لمحاكمتهم. وقد أصدرت محكمة مدينة مونبلييه في 11 ديسمبر 1902 أحكامًا بالسجن المؤبد والنفي في حق العديد من المشاركين، حيث نُقلوا إلى معتقل "كايان" الواقع بمدينة "غويانا" بأمريكا الجنوبية، وهناك توفي الشيخ محمد يعقوب بن الحاج أحمد وعدد من رفاقه سنة 1904، في ظروف قاسية خلف القضبان. إرث من المقاومة وفي ختام تصريحه، شدد الأستاذ بن يغزر على أن انتفاضة ريغة كانت بمثابة الشرارة التي ألهمت انتفاضات لاحقة، كعين بسام (1906) وانتفاضة الأوراس (1916)، وأسهمت في بلورة وعي سياسي ساهم في اندلاع ثورة أول نوفمبر 1954، ما يجعل من انتفاضة ريغة محطة هامة لا ينبغي أن تُنسى في تاريخ المقاومة الجزائرية.