"مسيرة الحرية": حلقة نقاش بتاراغونا حول الوضع الحقوقي المتردي في الصحراء الغربية المحتلة    عيد الأضحى: انطلاق عملية بيع الأضاحي المستوردة بعدة ولايات    مؤتمر الاتحاد البرلماني العربي: بوغالي يدعو البرلمانات العربية إلى بذل ما في وسعها لحماية مصالح الأمة العربية    رئيس الجمهورية يجري محادثات ثنائية مع سلطان عمان بالقاعة الشرفية لمطار الجزائر الدولي    دراجات/ البطولة الافريقية على المضمار: الجزائري ياسين شعلال يؤكد مشاركته في موعد القاهرة بعد شفائه    انعقاد الدورة الأولى للجنة الحكومية الاقتصادية المشتركة الجزائرية-اليابانية    الجلفة: علامة جزائرية لزيت الزيتون تتوج بميداليتين ذهبيتين بسويسرا    قالمة: التأكيد على مساهمة مختلف مكونات التراث الجزائري في تحصين الهوية الوطنية    غليزان..ربط 850 مسكن بشبكة الغاز الطبيعي منذ بداية 2025    الجزائر تتألق في معرض مسقط الدولي للكتاب وتُعزز حضورها الثقافي العربي    البطولة العربية لألعاب القوى: طبعة وهران احسن من الطبعات السابقة    الصحراء الغربية المحتلة:منظمة غير حكومية توثق ارتكاب المغرب لعديد الانتهاكات لحقوق الانسان    الجزائر/ سلطنة عمان: علاقات تاريخية وإرادة قوية في بناء شراكة استراتيجية متميزة    الموافقة على تعيين سفير الجزائر الجديد لدى غينيا بيساو    المقصد الإسلامي من السيرة النبوية الشريفة    فضل قراءة سورة الكهف    أحاديث في فضل صلاة الضحى    افتتاح الطبعة ال 27 للصالون الدولي للبناء ومواد البناء والأشغال العمومية بالجزائر العاصمة    كرة القدم بطولة إفريقيا للمحليين 2025 /غامبيا -الجزائر(0-0): "أنا سعيد بالحالة الذهنية الجيدة للاعبين" (بوقرة)    جوق جمعية "أهل الأندلس" تحيي حفلا أندلسيا بالعاصمة    عن مصير الدولار… عودة أخرى    غزة : ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 52535 شهيدا و 118491 مصابا    برنامج "عدل 3" : ضرورة تفعيل الحسابات وتحميل الملفات قبل 20 مايو    مكسب هام للحفاظ على تراث المنطقة    غزة تروي إبادتها.. الضحايا يتحدثون    رواية "ألق النجوم الصيفي".. سرد الطبيعة والحياة    حملة لتوثيق جرائم الاحتلال الصهيوني    تصعيد إعلامي خطير من إعلام الإمارات    الكوارث الإنسانية ومشاهد الموت والصمت الدولي    نحو إنجاز مركز لمعالجة نفايات المذابح بالعاصمة    قبس من نور النبوة    وزير الصحة يلتقي رئيسة الاتحاد الدولي لمكافحة السرطان    العالم يعيش أزمات انزلق بعضها إلى حروب مباشرة"    الدرك الوطني بقيقبة توقيف شبكة إجرامية قامت بالسرقة    وقفة ترحم على أرواح شهداء التفجير الإرهابي بميناء الجزائر    اليوم تنطلق عملية سحب الإستدعاءات    ارتفاع حصة الجزائر من إنتاج النفط الخام في جوان    الضرائب تطلق خدمة جديدة عبر الانترنت    تأكيد على أهمية تعزيز التنسيق و التشاور بين أعضاء البعثة    آيت نوري مرشّح    إنجاح موسم الحصاد بالتحضير المسبق وتحقيق الأهداف    خدمات رقمية تسهّل الدفع الإلكتروني للفواتير    قلعة لتكوين المقاتلين وفق معيارَي الجاهزية والكفاءة    رامز زروقي يقرر الرحيل عن فينورد الهولندي    "ريشة الحلم وألوان الواقع" في معرض تشكيليٍّ    مشاركة 150 مؤلّف و30 دار نشر في الدورة الرابعة    مسرحية "زهرة بلا أوراق" تمثل الجزائر    رقمنة الموروث الثقافي مورد اقتصادي مستدام    مدرب ليفركوزن تشابي ألونسو يشيد بإبراهيم مازة    ماندريا يزيد الغموض حول مستقبله مع كون الفرنسي    مشروع مبتكر لمن يعانون فوبيا روائح المستشفيات    تحسيس بأخطار المخدرات    حج 1446ه: انطلاق أول رحلة للحجاج السبت المقبل    هذا موعد انطلاق الموسم المقبل    وزارة الصحة تحيي اليوم العالمي للملاريا: تجديد الالتزام بالحفاظ على الجزائر خالية من المرض    تواصل عملية الحجز الإلكتروني بفنادق مكة المكرمة    ماذا يحدث يوم القيامة للظالم؟    نُغطّي 79 بالمائة من احتياجات السوق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تطورات متسارعة في ملف الذاكرة
نشر في أخبار اليوم يوم 11 - 07 - 2020

من الإنكار التام إلى إعادة رفات الشهداء والحديث عن التعويض
**
س. إبراهيم*
يشهد ملف الذاكرة بين الجزائر وفرنسا تطورات متسارعة في الآونة الأخيرة فبعد أن كان الإنكار التام سيد الموقف وبعد أن كان منطق الأبناء لا يعتذرون عن أخطاء الآباء الذي تبناه النظام الباريسي في زمن ساركوزي وصلنا إلى مرحلة بات فيها الحديث عن إمكانية تعويض فرنسا للجزائريين عن ما لحق بهم ممكنا وعلى لسان وزير المجاهدين شخصيا كما بات استرجاع رفات عدد من شهداء المقاومات الشعبية بمثابة تحصيل حاصل ..
في الوقت الذي تصدح فيه أصوات من داخل فرنسا للاعتراف بالماضي الاستعماري وما حمله من حجم هائل من العنف والجرائم التي اقترفتها ضد الإنسانية فإن هناك العديد ممن يصرون على إدارة ظهرهم لهذا الماضي العنيف محاولين إبراز ايجابيات الاستعمار وهو ما تم التنديد به بشدة في فرنسا آنذاك.
ماكرون: الاستعمار جريمة..
إن ملف الاستعمار بكل ما يتضمنه من تعذيب واختفاء قسري ومجازر وجرائم ضد الإنسانية التي أضحت معروفة للعالم قد ألقى بظلاله على العلاقات بين البلدين وهذا ما جعل مسألة الذاكرة المشتركة التي ميزتها سنوات طويلة من الاستعمار تطفو على السطح في كل مرة لإفساد العلاقات بين الجزائر وفرنسا.
وقد تعددت الخرجات الإعلامية للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون منذ سنة 2017 حين كان مرشحا للرئاسة حول مسألة الذاكرة إذ صرح في زيارته للجزائر أن الاستعمار جريمة قائلا إنه جريمة ضد الإنسانية. انه عمل وحشي تم ارتكب في الماضي ويجب علينا الاعتراف به وطلب الاعتذار ممن ارتكبناه في حقهم .
وفي سنة 2018 اعترف الرئيس ماكرون بوضوح وباسم الجمهورية الفرنسية بأن أستاذ الرياضيات والمناضل من اجل استقلال الجزائر موريس أودان تعرض للتعذيب ثم قتل أو عذب حتى الموت من طرف الجيش الفرنسي خلال حرب التحرير الجزائرية (1954-1962).
ولم يكن الرئيس ماكرون ليعترف بأعمال التعذيب لولا ابحاث المؤرخين والصحفيين مثل بيار فيدال ناكي الذين تمكنوا من نشر الحقيقة حول اختفاء موريس أودان.
وتم الاعتراف رسميا بأن المناضل الشاب الذي اختفى في جوان 1957 قد توفي تحت التعذيب من طرف النظام الفرنسي في الجزائر آنذاك .
وهناك الآلاف ممن اختفوا ولم يظهر لهم أي أثر مثل موريس أودان خلال معركة الجزائر وهو ما ذكره الأمين العام للشرطة الفرنسية في مدينة الجزائر بول تيتجان في رسالة استقالته حيث تأسف على اختفاء 3024 شخص في الجزائر العاصمة سنة 1957.
وكان السيد تيتجان المعروف بمقاومته للاحتلال الألماني قد ضاق ذرعا بدعم رؤسائه ايف لاكوست وحاكم مدينة الجزائر سيرج باري للمظليين الذين كانوا يتمتعون بجميع السلطات حتى وصل الامر الى تهديده بالقتل.
ولاقت العديد من التنديدات بهذه الممارسات الوحشية صدى في فرنسا والعالم على غرار ما قام به رئيس تحرير جريدة آلجي روبيبليكان (Alger Républicain) هنري آلاق من فضح وتنديد باللجوء لممارسة التعذيب والتصفيات دون محاكمة بسبب الصلاحيات الخاصة الممنوحة لفرق المظليين في كتابه المسألة (La Question) الذي نشر سنة 1958 وكتاب احلال السلم (Pacification) الذي قام بتوطئته عبد الحفيظ كيرامان.
وانضمت العديد من الاصوات الحرة من داخل الاراضي الفرنسية إلى حملة التنديدات حيث وقع 121 مثقفا من جامعيين وفنانين فرنسيين في السادس سبتمبر 1960 على عريضة مطالبين فيها بالاعتراف بحق الانتفاضة في حرب الجزائر .

ورثة أوساريس
كانت اعترافات المسؤول السابق للكوموندو O بول أوساريس الذي كان مسؤولا عن جزء كبير من الاختفاءات خلال معركة الجزائر وجعل التعذيب الممارس إبان حرب التحرير الوطني مشروعا قد زعزعت لوبي المحنين والمدافعين عن المهمة المزعومة للاستعمار في نشر الحضارة .
ففي مذكراته التي نشرت سنة 2001 اعترف اوساريس أنه كان مسؤولا عن اختفاء العربي بن مهيدي وعلي منجلي ومناضلين آخرين عن القضية الوطنية الجزائرية.
كانت لهذه الاعترافات انعكاسات قابلتها محاولات وضع تاريخ الجمهورية الفرنسية لاسيما المتورط في المستوطنات السابقة في منأى من خلال قانون 2005.
وحاول ورثة أوساريس حينها تمرير قانون يمجد الاستعمار في المجلس الوطني الذي لقي إدانة واسعة من قبل مؤرخين فرنسيين فتعالت الأصوات لإدانة ثغرة في الذاكرة الاستعمارية واستغلال الندم و الجوانب الإيجابية للاستعمار لأسباب انتخابية.
وقد تم التأسف لمحاولات وضع الضحية والجلاد في نفس الكفة . يجب تسجيل هذه المحاولات في مسعى المؤسسات السياسية الفرنسية التي يبدو حسب المؤرخ جيل مانسيرون أنها بقيت ساكنة في نماذج موروثة عن الحقبة الاستعمارية .
ويؤكد مانسيرون أن قانون 13 فبراير 2005 يعد نتيجة التقاء بين أنشطة الحشد والضغط التي تمارسها الجماعات المتطرفة للأقدام السوداء القريبة من منظمة الجيش السري (...) والبرلمانيين الذي أصغوا إليهم والذين يترك جهلهم الملحوظ للأشغال التاريخية الأخيرة المجال لأسوأ تبريرات الاستعمار .
تسارع في النقاش
وشهدت بداية الألفية الثانية تسارعا في النقاش بخصوص المسائل المتعلقة بالذاكرة إذ تتعاقب الاعترافات ليتم وضع ماضي يواجه إدانة واسعة من تاريخ الإنسانية في قفص الاتهام.
وفي مجموعة الاعترافات هذه تلطخت سمعة شخصيات فرنسية معروفة بحنينها إلى الامبراطورية الاستعمارية.
وهو الشأن بالنسبة لجان ماري لوبان الرئيس السابق لحزب اليمين المتطرف الجبهة الوطنية الذي رفع دعوى ضد يومية لوموند سنة 2003 بسبب مقالات حول مشاركته في التعذيب في الجزائر نشرت بتاريخ 4 ماي و4 جوان 2002.
وللتذكير كانت الغرفة الجنائية ال17 لمحكمة باريس قد برأت جريدة لوموند بتاريخ 26 يونيو 2003 ورفضت دعوى جان ماريس لوبان المتعقلة بمتابعات القذف.
ومواصلة منها على درب نكران التاريخ حاولت مارين لوبان الوريثة البيولوجية والإيديولوجية لمؤسس الجبهة الوطنية وهي حاليا رئيسة التجمع الفرنسي في تغريدة على التويتر طمس هذا التاريخ الاستعماري من خلال الاستمرار في تمجيد الاستعمار.
وهو ما يبرر حسب الملاحظين أقوال رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون عندما صرح خلال مقابلته الأولى مع ممثلين عن الصحافة الوطنية في يناير 2020 أنه يوجد بفرنسا لوبي حاقد على الجزائر .
وكان السيد تبون قد تحدث خلال لقاء خصه بجريدة لوفيغارو عن هذه اللوبيات مؤكدا لاسيما بأن الرئيس ماركون يحاول حل مشكل الذاكرة الذي يفسد العلاقات القائمة بين البلدين. يكون أحيانا غير مفهوم ويشكل أحيانا محل هجمات عنيفة من قبل لوبيات جد قوية (...) هناك لوبي يريد الثأر والانتقام ويحلم بالفردوس المفقود (...) .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.