إفريقيا تجدد مطالبتها بمقعد دائم في مجلس الأمن    حصيلة العدوان الإسرائيلي ارتفعت إلى 69.775 شهيدا : 45 شهيدا في غزة منذ وقف إطلاق النار    اتهامات ب"التلاعب والتشويه"..جدل واسع في فرنسا حول استطلاع رأي عن المسلمين    السودان : الدعم السريع تعلن هدنة إنسانية لثلاثة أشهر    مزيد من الضحايا    بوعمامة حاضر في منتدى داكار    افتتاح برنامج المسرح في رحاب الجامعة    زيد الخير: العربية ليست مجرّد أداة    صون الذاكرة الوطنية ومواكبة التطوّر الرقمي    الفقيدة بيونة تركت تقديرا واسعا بصدقها وتلقائيتها في التمثيل    الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    غوتيريس يتطلع إلى مفاوضات جدية بين طرفي النزاع    الأداء الرزين للدبلوماسية الجزائرية يشهد له الصديق والخصم    تامنغست تحتضن صالون المنتجات الموجّهة للتصدير    بطاقة Student CAMPUCE للناجحين الجدد في البكالوريا    استيراد 500 ألف عجلة مطاطية للوزن الثقيل    ناصري يؤكد رعاية الدولة الخاصة لفئة ذوي الهمم    بوعمامة يشارك في المنتدى الإفريقي للبث الإذاعي والتلفزي    على مدار 16 يوما : حملة وطنية تحسيسية لمناهضة العنف ضد المرأة والفتاة    وزارة التربية الوطنية : الرقم الأخضر (1111) للوقاية من المخدرات في الوسط التربوي    الدرك الوطني يضاعف الجهود لمجابهة حوادث المرور    أيام خنشلة الوطنية لفيلم الموبايل : ملتقى علمي يناقش الرهانات الجديدة في التعبير السينمائي الرقمي    غرداية : دعوة إلى ترسيخ قيم الوسطية والاعتدال    تقدم ملحوظ في مشروعي ازدواجية الطريقين الوطنيين 27 و79    اختتام فعاليات الأسبوع العالمي للمقاولاتية    سيفي غريب يستقبل من قبل الرئيس عبد الفتاح السيسي.. إرادة جزائرية مصرية لتعميق الشراكة في شتى المجالات    في مجال السلم والأمن الجزائر تدعو إلى إعادة ترتيب أولويات الشراكة الإفريقية-الأوروبية    لبنان وفلسطين في عين النار    العلامة الكاملة في كأس الكاف و صِفر في دوري الأبطال    موجة البرد تُنعش تجارة الملابس الشتوية    سكري الأطفال محور ندوة علمية تحسيسية    الوزير الأول يترأس اجتماعا للحكومة    تأكيد على عمق العلاقات التاريخية بين الجزائر والمملكة    تطور حقيقي يعكس نضج النظام البيئي للمؤسسات الناشئة    سعداوي ينصب اللجنة المكلفة بالوقاية من تعاطي المخدرات    ضرورة تكثيف الرقابة التحليلية وتسهيل عمليات الاستيراد    انطلاق الحملة الوطنية للتلقيح ضد شلل الأطفال ابتداء من الأحد المقبل    رزيق يستعرض الجهود    رونالدو يكرّر هدفه    تبّون: الجزائر حقّقت إنجازات كبرى    حجز طائرات درون بسطيف    لست قلقا على مكانتي مع "الخضر" وسأنتظر فرصتي    انطلاق المهرجان الوطني للمسرح الأمازيغي بباتنة    "جنازة أيوب".. حينما يفجر الميراث العائلة    دينامو زغرب يطمئن بخصوص إصابة بن ناصر    ماندي يؤكد مع ليل ويدعم موقف فلاديمير بيتكوفيتش    المؤسسات الاستشفائية تحت مجهر وزارة الصحة    وزارة الصحة تطلق حملة وطنية للتلقيح ضد شلل الأطفال عبر ثلاث دورات    هذه أسلحة بوقرة في كأس العرب    هذه أضعف صور الإيمان..    فتاوى : زكاة الذهب الذي ادخرته الأم لزينة ابنتها؟    المؤمن لا يعيش بين لو وليت    {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا} …ميثاق الفطرة    أوكرانيا في مرمى العاصفة الأمريكية    قرعة الحج تصنع أفراح آلاف العائلات    يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار    تحسبا لكأس أفريقيا 2025.. 3 منتخبات إفريقية ترغب في إقامة معسكرها الإعدادي بالجزائر    عمورة ثالث هدافي العالم في تصفيات مونديال 2026    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هذه قصة الأضحية
نشر في أخبار اليوم يوم 24 - 07 - 2021


وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْح عَظِيم
هذه قصة الأضحية
يقول العلامة الراحل الشيخ محمد متولي الشعراوي:
هنا لم يتعرض السياق لحمل السيدة هاجر ولا ولادتها لإسماعيل إنما انتقل مباشرة من البشارة به إلى مرحلة بلوغه السَّعْيَ مع أبيه فقال سبحانه بعدها: { فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ 0لسَّعْيَ } [الصافات: 102] ذلك لأن الحق سبحانه هو الذي يتكلَّم وهو الذي يحكي.
ومن البلاغة أنْ نترك ما يُعلم من السياق وهذه سمة من سمات الأسلوب القرآني ففي قصة سيدنا سليمان - عليه السلام - والهدهد قال تعالى: { 0ذْهَب بِّكِتَابِي هَٰذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَ0نْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ }[النمل: 28] ثم يختصر السياق كثيراً من الأحداث ويقول: { قَالَتْ يٰأَيُّهَا 0لْمَلأُ إِنِّيۤ أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ }[النمل: 29] ولم يتعرض لرحلة الهدهد ولا لكيفية توصيل الخطاب إلى الملكة.
كذلك هنا: { فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلاَم حَلِيم * فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ 0لسَّعْيَ } [الصافات: 101-102] فبلوغه السَّعْي دلَّ على أن البشارة تحققتْ ووُلِد الغلام وبلغ مع أبيه السعي وفَرْق بين (بلغ السعي) عموماً وبلغ مع أبيه السعي لأن الغلام لا يُكلَّف بالعمل إلا على قَدْر طاقته في الحركة وعلى قَدْر عافيته وتحمُّله وإسماعيل في هذا الوقت بلغ السعي مع أبيه فحسب لأنه لن يُكلِّفه أبوه الحنون إلا بما يقدر عليه من المصالح والأمور الحياتية فيفعل الغلامُ ما يقدر عليه ويترك ما لا يقدر عليه لأبيه ولو كان مع شخص آخر فربما كلَّفه بما لا يستطيع.
*إبراهيم
فلما بلغ الغلامُ هذا المبلغَ { قَالَ يٰبُنَيَّ إِنِّيۤ أَرَىٰ فِي 0لْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ } [الصافات: 102] والمعنى: أرى في المنام انه مطلوب مني أنْ أذبحَكَ لا أنَّ الذبح تَمَّ في المنام وانتهت المسألة بدليل رَدِّ إسماعيل { قَالَ يٰأَبَتِ 0فْعَلْ مَا تُؤمَرُ سَتَجِدُنِيۤ إِن شَآءَ 0للَّهُ مِنَ 0لصَّابِرِينَ } [الصافات: 102.
وتأمَّلَ هنا الحلم على حقيقته وعظمة الرد في هذا الامتحان الصعب { قَالَ يٰأَبَتِ 0فْعَلْ مَا تُؤمَرُ } [الصافات: 102] ولم يقُلْ: افعل ما تريد لأن طاعته لأبيه هنا من باطن طاعته لله تعالى وامتثاله لأمر ربه فهو يدرك تماماً أن أباه مُتلَقّ الأمر من الله وإنْ جاء هذا الأمر في شكل رؤيا. إذن: هو يعلم رغم صِغَره أن رؤيا الأنبياء وَحْيٌ حَقٌّ.
وسيدنا إبراهيم ينادي ولده { يٰبُنَيَّ } [الصافات: 102] هكذا بالتصغير لأن بُني تصغير ابن فلم يقل يا ابني فقد أوثقه الحنان الأبوي وعرض عليه هذا الابتلاء وهو مشحون بعاطفة الحب لولده والشفقة عليه لأنه ما يزال صغيراً ومعلوم أن حنان الوالد يكون على قَدْر حاجة الولد لذلك المرأة العربية لما سُئِلَتْ: أيّ بنيك أحبُّ إليكِ؟ فقالت: المريض حتى يشفى والغائب حتى يعود والصغير حتى يكبر.
فقوله: { يٰبُنَيَّ } [الصافات: 102] يعني: أنا لا أعاملك معاملةَ النِّدِّ بل معاملة الصغير المحتاج إلى الحنان الأبوي فخذ أوامري مصحوبة بهذه العاطفة الأبوية القلبية.وقوله: { فَ0نظُرْ } [الصافات: 102] يعني: فكِّر وتدبَّر { مَاذَا تَرَىٰ } [الصافات: 102] أي: في هذه الرؤيا فكأن الصغير في هذه المسألة مطلوب منه أمران: بربّك بأبيك وبرُّك بربِّ أبيك { قَالَ يٰأَبَتِ 0فْعَلْ مَا تُؤمَرُ } [الصافات: 102] فقوله { 0فْعَلْ } برّ بأبيه. وقوله { مَا تُؤمَرُ } برٌّ بربِّ أبيه.
*امتثال إسماعيل
ثم يؤكد سيدنا إسماعيل رغم صغَره فهمه لهذه القضية وإدراكه لهذا الابتلاء فيقول: { سَتَجِدُنِيۤ إِن شَآءَ 0للَّهُ مِنَ 0لصَّابِرِينَ } [الصافات: 102] أي: على هذا البلاء { فَلَمَّا أَسْلَمَا } [الصافات: 103] يعني: هما معاً استسلما لأمر الله وأذعنَا لحكمه وسلَّم كلٌّ منهما زمام حركته في الفعل لربِّه فإبراهيم همَّ بالذبح وإسماعيل انقاد وقال لأبيه { سَتَجِدُنِيۤ إِن شَآءَ 0للَّهُ مِنَ 0لصَّابِرِينَ } [الصافات: 102.
والابتلاء في حَقِّ سيدنا إبراهيم - عليه السلام - ابتلاءٌ مركَّب هذه المرة فقد ابتُلِيَ في شبابه حين أُلْقي في النار فنجح في الابتلاء أما هذه المرة فالابتلاء وهو شيخ كبير جاءه الولد على كِبَر فهو أحبُّ إليه من نفسه ويُؤمَر بقتله.
وكان بوُسْع إبراهيم أنْ يذبحه على غِرَّة ودون أنْ يُعلِمه بمسألة الذبح هذه ولكنه أراد أنْ يُشرِكه معه في الأجر وألاَّ يُوغِر صدره من ناحيته وهو يذبحه دون دَاع .
وقوله تعالى: { وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ } [الصافات: 103] يعني: ألقاه على وجهه أو على جنبه قالوا: كان ذلك بمشورة الولد حتى لا يرى أبوه وجهه ساعةَ يذبحه فتأخذه الشفقة به فلا يذبح وكأن الولد يُعين والده ويساعده على إتمام الأمر وهكذا ظهر الاستسلام واضحاً فالولد مُلقىً على الأرض والوالد في يده السكين يحاول بالفعل ذَبْح ولده وأيّ ولد؟ ولده الوحيد الذي رُزِق به على كِبَر.
والابتلاء ليس بأن يموت الولد إنما أنْ يذبحه أبوه بيده لا بشخص آخر ويذبحه بناءً على رؤيا لا أمر صريح لذلك قلنا ابتلاء مركَّب لأن وجوه الابتلاء فيه متعددة قد اجتاز إبراهيم وولده هذا الابتلاء بنجاح واستحق عليه السلام أن يقول الله في حقه: { إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً } [النحل: 120.
*فداء إسماعيل
نقول: لما وصل إبراهيم وولده إلى هذه الدرجة من الاستسلام لله ناداه الله { وَنَادَيْنَاهُ أَن يٰإِبْرَاهِيمُ } [الصافات: 104] وكأن الله كان معهما يرقب هذا الانقياد من عبدين صَدَقا مع الله فجاءهما فرج الله { وَنَادَيْنَاهُ أَن يٰإِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ 0لرُّؤْيَآ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي 0لْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ 0لْبَلاَءُ 0لْمُبِينُ } [الصافات: 104-106.
يعني: ارفع يدك يا إبراهيم عن ذبح ولدك الوحيد فما كان الأمرُ إلا بلاءً مبيناً أي: واضح قاس عليك أنت وولدك وهو مبين لأنه يُبين قوة عقيدة إبراهيم - عليه السلام - في تلقِّي الأمر من الله وإنْ كان صعباً وقاسياً ثم الانصياع له والطاعة وكذلك كان البلاء في حَقِّ ولده الذي خضع وامتثل.
وجاء الفداء: { وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْح عَظِيم } [الصافات: 107] ذبح بمعنى مذبوح وهو الكبش الذي أنزله الله فِداءً لإسماعيل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.