الأكلات الجاهزة.. حرفة لربّات البيوت وحل للعاملات    ظاهرة موسمية تتجاوز الوصفات الطبية    شنقريحة يحضر استعراضاً جوياً    عرقاب يُشدّد على أهمية تفعيل التعاون    الجزائر تشارك في منتدى موسكو    الاقتصاد العالمي يدخل مرحلة جديدة    ناصري يشارك في مؤتمر جنيف    حمدان يستشهد بثورة الجزائر    المخزن يتكتّم..    الساورة في الصدارة    تاقجوت يدعو النقابات العربية إلى مواصلة التجند    حروب العصابات.. إلى أين؟    وزارة الثقافة تطلق جائزة    سميرة بن عيسى تلمع في سماء الأدب    ندوة حول إسهامات المرأة في النضال إبّان الثورة    زروقي: سجل الذاكرة حافل ببطولات وطنيين في المهجر    الجزائر الجديدة مطالبة بتعميم منظومة رقمية حقيقية    أمطار رعدية على عدة ولايات من الوطن    الأمم المتحدة تطلق عملية واسعة النطاق بغزة    صراع الإرادات القادم ج/2    قالمة : إصابة 18 شخصا في اصطدام تسلسلي    منعرج مهم في تاريخ ثورة التحرير المجيدة    الجزائر تسعى إلى إعادة للحركة زخمها لمواجهة التحديات    تأكيد على انخراط الجزائر في الديناميكية الاقتصادية المتوسطية    رئيس الجمهورية , السيد عبد المجيد تبون, يترأس, اجتماعا لمجلس الوزراء    مديرية الصحة تدعو المواطنين خاصة المقيمين بسكيكدة وفلفلة للتلقيح ضد "الدفتيريا"    خريطة إنتاجية جديدة للقطاع الفلاحي قريبا    تقييم المشاريع المشتركة وبحث فرص جديدة    أغلب المشاريع الابتكارية الناجحة تناولت مواضيع التغذية والفلاحة    ناصري يترأس اجتماعا للمجموعة الإسلامية بجنيف    "المرأة البرايجية وإسهامها" محور ملتقى وطني    "حماس" تطالب الوسطاء بإلزام الاحتلال باحترام وقف إطلاق النار    دعوة المستثمرين للانخراط في الحملة الوطنية للتشجير    ترقية الإبداع النسوي والأولوية للجنوب    الأعشاب التقليدية.. صيدلية مفتوحة    رئيس الموزمبيق يجدّد موقف بلاده الثابت    يوم برلماني حول مدارس أشبال الأمة    فيغولي يحلم بكأس العرب وحديث عن سليماني    العمل ليس البيت ومن الضروري الالتزام بقواعده    لقاءات منوّعة مع صناع السينما    مسجد "لغزاغزة" شاهد على عراقة سكيكدة    مدرب نيس الفرنسي يوجه رسالة قوية لبوداوي    هزيمة لبن سبعيني ودورتموند أمام البايرن    خبراء الصحة يشدّدون على أهمية تعزيز التطعيم واحترام الرزنامة    المستشفى الجامعي بن باديس بقسنطينة : استئناف نشاط قسم العمليات "ابن سينا"    افتتاح الطبعة العاشرة للمهرجان الثقافي الوطني لإبداعات المرأة تحت شعار "امرأة الجنوب.. أصالة تروى وإبداع يضيء"    عودة آيت نوري وعطال تبعث المنافسة بين دورفال ورفيق بلغالي    صادي وبيتكوفيتش يتضامنان معه..أمين غويري يغيب رسميا عن كأس إفريقيا    المنتخب الوطني : بقائمة من 50 لاعباً.. هل يستعد بيتكوفيتش لمفاجأة كبرى؟    "لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ"    "جوائز نوبل".. أزمات اقتصادية وحروب السلام!    أدب النفس.. "إنَّما بُعِثتُ لأُتمِّمَ صالِحَ الأخلاقِ"    فتاوى : حكم قراءة القرآن بدون تدبر    تسجيل خمس حالات إصابة مؤكدة بداء الدفتيريا بولاية سكيكدة    انتصاران هامّان لأولمبيك آقبو وأولمبي الشلف    الجزائر نموذج يحتذى به في بلوغ الأمن الدوائي    حبل النجاة من الخسران ووصايا الحق والصبر    أفضل ما دعا به النبي صلى الله عليه وسلم..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإسلام ليس سدا ضد الإبداع الأدبي والفني
نشر في أخبار اليوم يوم 28 - 07 - 2024


مراصد
إعداد: جمال بوزيان
دون تجاوز الخطوط الحمراء للمجتمعات
الإسلام ليس سدا ضد الإبداع الأدبي والفني
كثيرا ما يحدث جدل واسع في المجتمعات بشأن مُنتَج إبداعي أدبي وفني وقد يُتناول بمستويات عديدة ومتنوعة وأحيانا متناقضة من أكثر من ناقد متخصص كفء وخبير وأمين ومتمرس وأيضا من متابعين ليسوا من أهل الاختصاص...
سألنا أساتذة من أهل النقد: ما حدود التخيل الإبداعي أدبا وفنا؟.
وهل الدين أو أي فكر أو فلسفة أو ثقافة أو قانون يمكنه تقييد الإبداع الأدبي والفني أم لا؟ ولماذا؟.
وهل يمكن إصدار حُكم أخلاقي على إبداع أدبي وفني؟.
وهل يجب نقد شخصية المبدع أم نقد إبداعاته أم كليهما؟.
وهل تتأثر الإبداعات الأدبية والفنية بالأيديولوجيا؟ وما علاقة النقد بهما؟.
وهل الأعمال الأدبية والفنية تسعى إلى إصلاح الواقع أم تهتم بجماليات الإبداع وإن حمل قبحا جليا أثناء أي سرد واستعمال أي لسان مهما علا أو نزل؟.
*****
أي إبداع لا يخلو من أيديولوجيا
أ.محمد صالح العبدلي
الإبداع هو إخراج المحتوى الفكري أو إعادة صياغته بصورة جديدة مبتكره جذابة تحقق درجة من الإدهاش والإعجاب لدى القارئ أو الفئة من الجمهور المستهدفة بالغرض الموضوعي من العمل الأدبي أو الفني سواء كان صاحبه شاعرا أو كاتبا أو إعلاميا أو كان ذلك في مجال العمل المسرحي أو الفني الرسم والنحت أو ما له علاقة به ويمكن إدراجه تحت هذا المسمى.
ولصاحب العمل الأدبي أو الفني أن يطلق في إبداعه العنان للتحليق بخياله في فضائه الشاسع المتألق بأنجمه ومجراته وفق مدى قدرة تصوره وأن يغوص بفكره وخياله في أعماق بحاره الواسعة فيستخرج من لآلئها وكنوزها ما يشاء وفقا لما يقتضيه متطلب عمله الأدبي أو الفني ليظهره للمتلقي في أبهى حلة مطرزة بعناصر الإدهاش بقدر ما أوتي بصيرة نافذة لأقطار سماء العالم المدرك ومن سعة في مجال الإدراك خارج الحقيقة والواقع المحسوس.
فليس هناك ما يعيق كخياله الإبداعي أو أن يُحِدَّ مداه بنطاق غير أنه يجب التمييز بين العمل المبدع وبين موضوعه وما يرتكز عليه من أفكار منبثقة عن معارفه التراكمية ومعتقداته وثقافاته المتنوعة التي تتحدد بها أيديولوجياته واتجاهاته فالإبداع هو موهبة فن إخراج تلك الأفكار
والفلسفات بطريقة مشبعة بعناصر الإغراء الكفيلة بإجبار المتلقي على قراءة موضوع العمل الأدبي واستقبال رسالته بدرجة من الإيجابية والقبول.
ولزيادة الصورة وضوحا وتجليا يمكننا القول إن الإبداع هو بمثابة الكأس الجميل الأنيق لتقديم ما يحتويه إناؤه أو بمثابة الرداء او الحلة الجميلة المرصعة والمطرزة من الحلي باللآلي والجواهر النفيسة على تحتها من جسد صممت من أجله وفق مقاساته المطلوبة..
ومن هنا فإن ارتباط العمل الإبداعي بالأيديولوجيا التي تحكم صاحبه وتوجهاته الفكرية وعلاقته بها كارتباط الفرد الموظف بوظيفته وعلاقته بها فالإبداع لا يعدو عن كونه خادما ومسوقا لأفكار صاحبه بتوجهاتها وأيديولوجياتها المختلفة من خلال إظهارها بالمنظر والصورة التي تغري الناظر إليها بالتعرف على محتواها واستقبال رسالتها بدرجة من الإيجابية والقبول.
ومن منطلق هذا الفهم للإبداع وطبيعته يتضح جليا أن علاقته بالدين أو أي فكر أو فلسفة أو ثقافة هي علاقة إيجابية بل إن ديننا الإسلامي يحث على الإبداع ويشجع عليه وفي الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة من الصور والجماليات التي يتم فيها تجسيد الأمر المعنوي (الذي لا يمكن إدراكه بحواس الإنسان) في صورة المحسوس فيصير بعد أن كان بعيدا عن الإدراك ضمن عالم المدركات الصورة الحسية فيلقى الغرض الموضوعي المستهدف حفاوة وترحيب من قبل المتلقي ويثبت في ذهنه ووعيه بكل يسر واختيار الصورة البيانية المناسبة سواء كانت تشبيها أو استعارة أو كناية وحسن توظيفها لخدمة الموضوع انطلاقا من وجود الشبهية بينهما ولمدى جودة المُُخرَج فذلك أمر نسبي يتوقف على مهارة الكاتب وقدرته الذهنية في الإبداع وقد تصل درجة الجودة في إخراج الموضوع المستهدف إلى ذروتها في البيان وليس هناك أدل للاستشهاد به مِن قول مَن أوتي جامع الكلم وفصاحة اللسان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كما في قوله: (إذا مرَرْتُم برياض الجنةِ فارتعوا. قيل وما رياض الجنَّةِ يا رسولَ الله فقال: حلقات الذكر).
وهل هناك إبداع أجمل من هذا؟.
إذًا فاتهام الدين بأنه سد عائق أمام الإبداع هو إدعاء باطل في غير محله بل هو مغرض يخدم توجهات و أجندة فكرية خبيثة لغرض تشويه الدين واتهامه بالرجعية والتخلف...
ومثل هذا القول مردود على أصحابه
فكثيرا ما تصدر مثل هذه الإدعاءات الكاذبة من قبل أصحاب الأفكار الشاذة المتطرفة المتأسلمون المحسوبون على أمة محمد بن عبد الله بانتسابهم وهم بعيدون كل البعد عنها بتجاوزهم الخطوط الحمراء في مجال الدين والعرف والعادات والمبادئ والقيم وجميع ثوابت المجتمع الأخلاقية عمدا وبسبق إصرار وترصد تحت ذريعة الإبداع وهم مدسوسون ومأجورون يخدمون أجندة أجنبية تسعى للنيل من كل ما هو مجيد وثمين من تراثنا العريق.
وبحكم أننا مجتمع مسلم متحضر ومحافظ على قيمه ومبادئه له خصوصيات تختلف كثيرا عن خصوصيات المجتمعات المنحلة المتفككة سيما في مجال الأخلاق.. فكل فرد في مجتمعنا سواء كان أديبا أو من عامة الشعب ملزم باحترام القواعد والأخلاقيات والثوابت في المجتمع دينيا وقانونيا وأخلاقيا. فما يعد فعله في عرف المجتمع انتهاكا وتجاوزا للخطوط الحمراء فهو مجرَّم سواء كان ذلك صادر من فرد عادي أو مثقف أو كان صادرا من أديب تحت عباءة الإبداع.. فما هو حرام شرعا وعرفا لن يكون حلالا تحت مسمى الإبداع بدعوى أن الدين والعادات والأعراف سد عائق أمام العمل الإبداعي وهي دعوى سخيفة لا يفوقها سخافة إلا صاحبها.
إن أي عمل أدبي خارم للآداب والأخلاق أو تجاوز الخطوط الحمراء في مجال الدين كالتعدي بالإساءة إلى الذات الإلهية أو الإساءة إلى شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم أو الإساءة إلى أهله أو أصحابه أو التهكم والسخرية من القرآن الكريم وأحكامه وما إلى ذلك مما يُعدُّ فعله مجرما شرعا وقانونا يجب التصدي له والوقوف بصلابة وعدم السماح له لأداء رسالته الخبيثة..
كما يجب على المختصين بمجال النقد أن يتقوا الله وأن يعصموا أقلامهم من التطرق لمثل هذه المواضيع تحت مسمى النقد الأدبي حتى لا يكونوا وسيلة للترويج والنشر.
فدراسة تلك الأعمال الأدبية الخبيثة في مواضيعها على اعتبار أنها مواضيع أدبية بغض النظر عن الرسالة التي تهدف إليها بإخضاعها لأقلام النقد. لا يقل في جريمته خطرا من جريمة صاحب العمل كون الناقد سيكون وسيلة للترويج لمثل هذه الأفكار الشيطانية.
بل يجب بالإضافة للإجراءات المتبعة قانويا أن تموت في مهدها وفيما عدا ذلك من المواضيع بأغراضها المتعددة فللكاتب أو الأديب أن يفجر ينابيع إبداعه بما يتيح إليه إلهامه وقريحته كيف يشاء دون قيود أو ضوابط وما دام الأديب ملتزما بالقوانين ومحترما لخصوصيات المجتمع..
فمن حقه أن يلقى دعما وتشجيعا وتبصيرا من خلال النقد البناء الذي يظهر محاسن الموضوع ومعايبه من أجل عدم الوقوع فيها مرة أخرى..
ولا بد أن يكون الأديب لسان حال مجتمعه في موضوعاته بما يخدم ويلبي متطلبات مجتمعه.
فعلى صاحب الموهبة سواء كان شاعرا أو كاتبا أو كان مندرجا تحت أي مسمى مما له علاقة بالأدب والفن واجب تجاه أمته ومجتمعه فهو يؤدي رسالة لا في أهميتها عن رسالة الأنبياء في إصلاح حال المجتمعات بعيدا عن الانجراف في تيار الحداثيين الذين
يدعون إلى تمييع الأدب والشعر وتجريدهما من محتواهما حتى صارا مجرد هذيان لا يراعيان لغة ولا يحترمان عقلا ولا يحملان رسالة.
***
الأدب العربي.. بين الفجور اللغوي والقيود الدينية والثقافية
أ.فضيل زكريا
أثارت رواية هوارية للكاتبة الجزائرية إنعام بيوض جدلا واسعا في الأوساط الثقافية والأدبية بسبب تطرقها الصريح لمواضيع الجنس باستخدام لغة فاحشة ومباشرة. هذا النقاش لم يكن معزولاً بل يأتي في سياق طويل من التاريخ الأدبي العربي الذي تناول مواضيع مشابهة. نهدف في هذا المقال إلى تسليط الضوء على الأدب العربي الذي تناول مواضيع الجنس والنكاح عبر العصور وتحليل الانتقادات والدفاعات حول رواية هوارية .
أ الأدب الكلاسيكي وتناول مواضيع الجنس
1- الروض العاطر في نزهة الخاطر -الشيخ النفزاوي:
يعد هذا الكتاب واحدا من أشهر الكتب العربية التي تناولت موضوعات الجنس والنكاح بشكل صريح ومفصل. يقدم النفزاوي نصائح حول العلاقات الجنسية والتقنيات المختلفة لتحقيق المتعة الجنسية ما جعله مرجعا مهما في الأدب العربي الجنسي.
2- ألف ليلة وليلة:
تتضمن هذه المجموعة الشهيرة العديد من القصص التي تتناول مواضيع جنسية وعلاقات حميمية بأسلوب جريء وصريح. تُعتبر حكايات شهريار و شهرزاد جزءا أساسيا من الأدب العربي وتعكس التنوع الكبير في تناول المواضيع الحساسة.
3- رجوع الشيخ إلى صباه في القوة على الباه - أحمد بن سليمان النفراوي:
يتناول هذا الكتاب مواضيع الجنس والنكاح بالتفصيل ويقدم نصائح طبية وعشبية لتعزيز القدرة الجنسية مما يجعله جزءا من التراث الأدبي العربي.
4- نزهة الألباب فيما لا يوجد في كتاب - شهاب الدين أحمد التيفاشي:
يقدم التيفاشي في هذا الكتاب مجموعة من القصص والأشعار التي تتناول مواضيع الجنس والنكاح بشكل صريح مما يعكس انفتاح الأدب العربي القديم على هذه المواضيع.
ب الأدب الحديث والجرأة في تناول الجنس:
1- الخبز الحافي - محمد شكري:
تعتبر هذه الرواية من الأعمال الأدبية الجريئة التي تتناول موضوعات الجنس والعنف والفقر في المجتمع المغربي. تعكس السيرة الذاتية للكاتب تفاصيل حياة مليئة بالصعوبات والتحديات.
2- ذاكرة الجسد - أحلام مستغانمي:
رغم أن هذا العمل لا يمكن تصنيفه كأدب جنسي إلا أنه يحتوي على مشاهد حميمية تتناول العلاقات العاطفية والجنسية بشكل صريح.
3- وليمة لأعشاب البحر - حيدر حيدر:
تتناول الرواية موضوعات الجنس والسياسة والدين بأسلوب جريء وقد أثارت جدلا واسعا في العالم العربي بسبب محتواها الصريح.
4- الجنقو مسامير الأرض - عبد العزيز بركة ساكن:
تتناول هذه الرواية العلاقات الجنسية والفقر في المجتمع السوداني وتعكس الحياة اليومية للجنقو (العمال الزراعيين) بلغة صريحة.
ت- الأدب المعاصر والحرية التعبيرية
1- أرواح عارية - زينب حفني:
تناولت الكاتبة في هذه الرواية موضوعات الجنس والعلاقات الحميمية ضمن إطار اجتماعي وسلطت الضوء على قضايا المرأة في المجتمع العربي.
2- القوس والفراشة - محمد الأشعري:
رغم أن الرواية تركز على قضايا سياسية واجتماعية إلا أنها تحتوي على مشاهد حميمية وجريئة تتناول العلاقات الجنسية.
إن ذكرنا لهذه النماذج الأدبية التي تناولت مواضيع الجنس والفساد ليس تبريرا لما كتبته إنعام بيوض وإنما هو سرد لجوانب تاريخية من الأدب العربي. نحن نرفض ونعارض هذه الأعمال التي تروج للدعارة والفسق الأدبي والأدب الفاسق ونؤكد على أن تناول هذه المواضيع يجب أن يتم بأسلوب يحترم القيم الأخلاقية والثقافية.
عنوان الرواية هوارية :
العنوان هوارية يحمل في طياته دلالات متعددة فهو ليس مجرد اسم شخصية رئيسية بل يعكس جوانب ثقافية واجتماعية عميقة. هوارية هو اسم شائع في الجزائر وخاصة في مدينة وهران وهو ما يدفعنا للتساؤل حول الدلالات التي يحملها اختيار هذا الاسم.
وهران: بين الفضاء الثقافي وصورة الفساد
استخدام اسم هوارية لربط الشخصية بمدينة وهران يثير تساؤلات حول ما إذا كانت الكاتبة تريد تصوير وهران كمدينة للفحش والرذيلة أو قد يكون الهدف من هذا الاختيار هو إبراز التناقضات في المدينة وتقديم نقد اجتماعي للواقع الثقافي والأخلاقي فيها. وهران معروفة بتاريخها الثقافي الغني وتنوعها الاجتماعي واختيار هذا الاسم يمكن أن يكون محاولة لتسليط الضوء على التحولات والتحديات التي تواجهها المدينة.
الصورة النمطية والنقد الاجتماعي
تكرار تصوير المرأة الوهرانية بطريقة نمطية سلبية يساهم في تعزيز الصور النمطية السلبية ويثير التساؤل حول مسؤولية الأدب في تقديم صور متنوعة ومعقدة للشخصيات النسائية. كان بإمكان الكاتبة أن تقدّم صورة أكثر إيجابية وتنوعًا للمرأة الوهرانية تعكس الجوانب المختلفة لحياتها ونضالاتها وإنجازاتها.
لجنة الدفاع عن هوارية :
حرية التعبير الأدبي:
يرى المدافعون عن رواية هوارية أن الأدب يجب أن يتمتع بحرية التعبير دون قيود دينية أو اجتماعية. يجادلون بأن الرواية كفن يجب أن تكون وسيلة للتعبير عن مختلف جوانب الحياة بما في ذلك المواضيع الحساسة والمثيرة للجدل.
الاستقلالية النقدية:
يشدد المدافعون على أن النقد الأدبي يجب أن يكون محايدا ومستقلا عن الأحكام الدينية والأخلاقية مؤكدين أن اللغة الجريئة ضرورية لكسر التابوهات وفتح الحوار حول المواضيع الحساسة.
التميز الأدبي:
يؤكد المدافعون على أن هوارية تمثل جهدا إبداعيا يستحق التقدير وأن تصوير الجوانب الحميمية ليس هدفه الإثارة بل النقد الاجتماعي.
نقد النقاد: الجانب الديني والأخلاقي للمجتمع الجزائري
القيم الثقافية والدينية:
المجتمع الجزائري يتسم بتركيبة ثقافية ودينية محافظة إلى حد كبير. القيم الأخلاقية والدينية تلعب دورا رئيسيا في تشكيل الرؤية المجتمعية للأدب والفن. فتناول المواضيع الجنسية بشكل صريح وفاحش في رواية هوارية يتعارض مع هذه القيم مما يجعل الرواية غير ملائمة للمعايير الأخلاقية السائدة في المجتمع.
التأثير على الذوق العام:
يعتبر البعض أن الأدب يجب أن يكون أداة لرفع الذوق العام وتقديم نماذج إيجابية وسامية. واستخدام اللغة الفاحشة والتفاصيل الجنسية المباشرة في هوارية قد يؤدي إلى تدهور الذوق الأدبي والثقافي ويشجع على إنتاج أعمال تركز على الإثارة والصدمة بدلا من القيمة الفنية والفكرية.
احترام المقدسات:
في مجتمع يقدّر المقدسات الدينية والأخلاقية يعتبر النقاد أن الأدب يجب أن يحترم هذه القيم ولا يتجاوزها. فالتناول الفاضح للمواضيع الجنسية يمكن أن يُنظر إليه على أنه تعد على تلك المقدسات مما يثير استياء واسعا ويعزز الجدل حول حدود حرية التعبير الأدبي.
الاتهام بالتحجر والتطبيق الصارم للتشريع الإسلامي:
يرى المدافعون عن الرواية أن من يطبقون معايير صارمة مستمدة من التشريع الإسلامي على النصوص الأدبية مما يعكس تشددا وتطبيقا حرفيا للقيم الدينية على الأدب. يعتقدون أن هذا النوع من النقد يشبه الأحكام التي تصدر في المساجد حيث يتم النظر إلى الأدب من منظور ديني بحت دون مراعاة للجانب الفني والإبداعي..
التضامن مع الكاتبة إنعام لاسمها دون نصها فهناك من يقول بأنه لم يقرأ النص وأنه متضامن معها ومع اللّجنة التي اختارت نصها للفوز بجائزة آسيا جبّار؟!
الرد:
أولا: عدم قراءة الرواية:
كيف يمكنك التضامن مع رواية ودعم لجنة القراءة التي اختارتها فائزة دون أن تقرأ النص بنفسك؟ من الصعب تقديم دعم موضوعي ومدروس إذا لم تكن قد اطلعت على المحتوى الذي يثير الجدل. القراء والنقاد يعتمدون على تحليل النصوص وفهم محتواها قبل اتخاذ موقف.
ثانيا: النقد الأدبي والمعايير الأخلاقية:
ليس من المنصف أن تصف الانتقادات بأنها صادرة عن مدعي الأخلاق وهناك من أطلق عليها بأنها فقاعات دون النظر إلى حقيقة أن لكل مجتمع قيمه الثقافية والدينية التي تؤثر في كيفية استقبال الأعمال الأدبية. النقد الأدبي يتضمن أيضا تقييم التأثير الثقافي والاجتماعي للنص وليس فقط الجوانب الفنية.
ثالثا: مصادرة حق التعبير:
الحديث عن مصادرة حق الأديب في التعبير يتطلب توازنًا دقيقًا بين الحرية الفنية والمسؤولية الاجتماعية. الأدب ليس منفصلا عن المجتمع وقيمه وتناول المواضيع الحساسة بأسلوب فج ومباشر قد يثير ردود فعل سلبية. النقد ليس بالضرورة محاولة لقمع حرية التعبير بل يمكن أن يكون دعوة لاحترام حساسيات المجتمع الذي يخاطبه الأدب.
رابعاً: الاتهام بالتعصب الأيديولوجي:
إن اتهام النقاد بالتعصب الأيديولوجي يتجاهل النقاش الأوسع حول كيفية تناول الأدب للمواضيع الحساسة. يمكن أن يكون النقاد مهتمين بمستوى احترام النص للقيم الثقافية والدينية وهذا لا يعني أنهم متعصبون أيديولوجيا بل يعبرون عن مخاوفهم حول تأثير الأدب على المجتمع.
الانحدار اللغوي في الأدب:
يجب أن يكون هناك توازن بين الجرأة الأدبية واحترام القيم الثقافية. الانحدار اللغوي ليس شرطا للإبداع بل يمكن التعبير عن المواضيع الحساسة بأسلوب أدبي راق . بعض الأعمال الأدبية الخالدة تناولت موضوعات مشابهة دون اللجوء إلى اللغة الساقطة مما يدل على أن الانحدار ليس ضرورة فنية بل خيار يمكن تجنبه.
يبقى الجدل حول رواية هوارية لإنعام بيوض جزءا من نقاش أوسع حول حرية التعبير في الأدب وحدود النقد الأدبي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.