المجتمع الجزائري كغيره من المجتمعات الأخرى، مازال يؤمن بالخرافات، إذ يحكم يوميات الجزائريين العديد من الخرافات والخزعبلات والمعتقدات الغريبة، حيث ما زال هناك عدد كبير يؤمنون بالخرافات، ظنا منهم أنها تحميهم من عين الحسد والمس والنحس، إذ توارثت بينهم من جيل لآخر، كما أنه يوجد منها الطريف والبسيط، وهي عادات يقوم بها جل الجزائريين لحماية أنفسهم من العين والحسد، كرفع أصابع اليد الخمسة في وجه أي شخص يشاع أنه حسود، أو لمس الخشب إذا اشمئزوا من شيء ما، أو غرز (مساك) في الثوب أو تعليق ورقة الصبار الشوكي فوق أسطح المباني للحماية من النحس، أو عجلة شاحنة في أعلى المنازل أو كيس أسود· غير أن المثير للدهشة أكثر هو تداول بعض الخرافات التي لا تدل لا على حق ولا باطل، وانتشرت في أوساط الجزائريين بلمح البصر، حيث أصبحوا يتشاءمون منها، ويربطونها بالعديد من المشاكل التي تقع لهم، فإذا سقط الملح مثلا على الأرض، يكون ذلك نذيرا بنشوب شجار حاد في البيت، عند البعض، لذا فإنك تجدهم يسارعون إلى وضع قليل من السكر عليه، لإخماد ذلك الشجار، كما أنه يمنع منعا باتا وضع فرد من الحذاء فوق الآخر، كما أن العديد من الناس يتشاءمون من الحذاء إذا كان مقلوبا، واللعب بالمقص أيضا، يدل على الشجار وغيرها من الخرافات التي يربطها بعض الجزائريين بالمشاكل والشجارات التي يتعرضون لها· ومن بين بعض الخرافات الطريفة أيضا، بالإضافة إلى عدم أكل العلكة بالليل، لأنها تدل على أكل عظام الموتى، وإذا أصابتك حكة في ظهرك فهناك من يتكلم في غيبك، أما الحكة في اليد اليمنى فهي دليل على دخول النقود إلى جيبك، أما في اليد اليسرى فهي تدل على إخراج النقود، شيء آخر يعد طريفا نوعا ما، وهو إذا رمشت عيناك فإنك سوف ترى شخصا عزيزا عليك لم تلتق به منذ مدة طويلة، وغيرها كثير من الخرافات التي أصبحت ترافق يوميات المواطن الجزائري، الذي بات الإيمان بهذه الخزعبلات شغله الشاغل· إن هذه الخرافات تعد دليلا واضحا على ضعف إيمان بعض الجزائريين، فبعد ظنهم أنها تحميهم من العين والحسد، وأنها السبب في العديد من المشاكل، فهي أيضا تعد مؤشرات هامة على التفاؤل والتشاؤم لدى البعض الآخر، فهناك من يتفاءل برؤية قطيع الغنم، لأنه دليل على الغنيمة والربح، أوحك الحاجب الأيسر، أو رؤية الأشخاص الذين يحبهم في النهار، كذلك الأمر عند رؤية الحمام أو انسكاب القهوة الذي يجلب لهم الخير، كما أن وقوع علبة الكبريت على جانبها ووقوع الصحن وانكساره، ففي رأي بعض الناس، أن هذه الأمور تأخذ الشر معها، لذا تجد بعض العجائز عند وقوعها يقلن لك (ساح الخير) أو (راح الشر)، كما أن البعض يتشاءم من بعض التواريخ كيوم 5 أكتوبر و21ماي، هذا الأخير أصبح يعرف لدى الجزائريين على أنه شهر الكوارث، ويتشاءم البعض من أصوات الحيوانات، كالكلاب والغراب والبوم والقطط السوداء· ولمعرفة رأي بعض المواطنين حول هذه الخرافات المتداولة في المجتمع الجزائري، قمنا باستطلاع رأي بعضهم في الشارع، حيث قالت السيدة (م·خ) إنها لا تؤمن كثيرا بهذه الخرافات، غير أن واقع المجتمع الجزائري وانتشارها به منذ القدم واستعمالها من طرف عائلتها والعديد من جيرانها، جعلها تصدقها في غالب الأحيان، ليضيف شاب آخر أنه لم يكن يؤمن بها إلا بعد أن صادفته العديد من المشاكل بنفس اليوم والتاريخ· الآنسة (ك· م) تقول بأن ضعف الإيمان هو الذي ساعد على انتشار هذه الخرافات بين الناس، فلو يعود كل شخص إلى عقيدته ودينه سوف لن يتعرض لهذه المشاكل التي تصاحب هذه الاعتقادات الخطيرة، لتضيف بأنه في كثير من الأحيان وقعت بين الناس شجارات خطيرة كان سببها هذه الخرافات· وعليه تعد هذه الخرافات والمعتقدات الغريبة من المؤشرات التي من شأنها أن تحوّل حياة المواطنين إلى جحيم من كثرة الإيمان بها·