التجارة الإلكترونية تنتعش في عصر السرعة    دعوة لتنظيم السوق وتشجيع اقتناء السلع المحلية    الموسيقى.. علاج سحري    صادي يؤكّد تبنّي نظرة واقعية    صلاح يتصدر غلاف فرانس فوتبول    شنقريحة ينوّه بسلاح المنشآت العسكرية    بداري يثمّن توجه الطلبة نحو الابتكار والمقاولاتية    الهند باكستان.. هل انتهت الحرب؟    إبراز أهمية المرجعية الدينية للجزائر    826 عضواً سيرافقون الحجاج الجزائريين    رئيس الجمهورية يتوجه برسالة الى الحجاج الميامين المقبلين على أداء مناسك الحج    حج1446ه :مغادرة أول فوج للحجاج الجزائريين أرض الوطن باتجاه البقاع المقدسة    ندد بمحاولات ضرب مرجعية الشعب الجزائري.. بوطبيق يدعو إلى تشكيل جبهة موحدة لمواجهة التحديات الخارجية    بأراضيها الواقعة تحت الاحتلال المغربي..الجمهورية الصحراوية تدعو إلى فتح تحقيق في حالات الاختفاء القسري    أول شهيد مجازر 8 مايو 1945 بسطيف.. وزير المجاهدين يترحم على روح سعال بوزيد    حزب صوت الشعب : إبراز أهمية الحفاظ على الذاكرة الوطنية لصون رسالة الشهداء    تثمين إبداعات 3 مهندسين شباب بعنابة    إدارة اتحاد العاصمة تفند    "سوسطارة" للتدارك أمام "السياسي" و"الوفاق" للتأكيد    تقوية الجزائر تستدعي الوقوف صفّا واحدا في مواجهة التحدّيات    الجزائريون مجنّدون لتحصين البلاد    الوعي الرقمي سلاح مواجهة الجرائم السيبرانية    انطلاق بيع الأضاحي المستوردة بغليزان    عين تموشنت تستلم 3150 رأس ماشية مستوردة    نقص الغذاء يعرض المدنيين الفلسطينيين للموت الوشيك    الشعب الصحراوي مجنّد لانتزاع حقّ تقرير مصيره    مقرّرون أمميون يسائلون الرباط حول استهداف "كوديسا"    استرجاع مساحات واسعة من الأراضي غير المستغلة    ملتقى دولي جزائري للنحت    رحلة الروح عبر ريشة مضيئة    السينما صون للذاكرة    دعوة لتعزيز ريادة الأعمال لدى الأطفال    استرجاع 6 دراجات نارية مسروقة    بوقرة: المهم التأهل إلى "الشان" وغامبيا لم تكن سهلة    شهر التراث: الاعلان عن الفائزين في مسابقة "ماراثون التصوير الفوتوغرافي لولاية الجزائر"    رياح قوية متوقعة على عدد من ولايات الجنوب ابتداء من اليوم السبت    كأس الجزائر للدراجات (سباق على الطريق): فوز عبد الله بن يوسف عند الأكابر وزياني أمين لدى الأواسط    يصدر قريبا.. "الوهم الأمريكي" كتاب جديد    رواية "أنثى السراب" لعبة الصراع وتحوّلاتُ السرد    لتعزيز الشراكات المعرفية والثقافيّة..أنشطة ولقاءات علميّة وثقافيّة لعميد جامع الجزائر بقطر    مشاركة أكثر من 35 مؤسسة جزائرية في قمة الاستثمار بالولايات المتحدة الأمريكية    سكنات "عدل 3": توقيع اتفاقية بين الوزارة وبنك الإسكان ووكالة "عدل" لتمويل إنجاز الشطر الأول    بشار: إصابة 10 أشخاص في حادث مرور    تلمسان.. برمجة 10 رحلات جوية لنقل الحجاج إلى البقاع المقدسة    بطولة إفريقيا للمحليين: منتخب الجزائر يفوز بثلاثية لصفر على غامبيا ويكسب تأشيرة المشاركة في شان2025    فريق البكالوريا يدخل العزل    فرنسا ستعترف حتماً بجرائمها في الجزائر    لا تُزاحموا ذوي الدخل المحدود..    عين أكر تُغيث قارباً في إيطاليا    إدراج الحليب الطازج المحلّي في نظام الإنتاج والتسويق    التقاعد أولوية عند بن طالب    إجراءات عملية لعصرنة الجامعة الجزائرية    بطولة افريقيا للمحليين: الجزائر تطيح بغامبيا (3-0) وتحسم تذكرة الموعد القاري    الطاهر برايك: 826 عضواً سيرافقون الحجاج الجزائريين    علامات التوفيق من الله    أخي المسلم…من صلاة الفجر نبدأ    أشهر الله الحُرُمٌ مستهل الخير والبركات    قبس من نور النبوة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ابن العوّام.. مبتكر التقويم الزراعي والري بالتنقيط
نشر في أخبار اليوم يوم 19 - 09 - 2010

ابن العوام أعظم علماء عصره فهو مؤسس علم الفلاحة والزراعة والبيطرة، وأول من وضع موسوعة في النباتات ومكافحة الآفات، وأول من ابتكر ما يعرف الآن ب"التقويم الزراعي"، وطريقة الري بالتنقيط التي انتشرت في العصر الحديث.
ولد أبو زكريا يحيى بن محمد بن محمد بن العوام الأندلسي، بمدينة أشبيلية ببلاد الأندلس في القرن السادس الهجري. ونشأ في أسرة ثرية كانت تمتلك ضيعة خاصة وضاحية سميت باسم هذه الأسرة "ضاحية آل العوام" بإحدى ضواحي أشبيلية على الضفة اليُمنى لنهر الوادي الكبير الذي يصبّ في المحيط الأطلنطي. وأحبّ الزراعة منذ صباه، وكان كثير التردد إلى زراعات أبيه، يتفقد أحوال العمال ويقلّب في الثمار، ويتأمل أطوار النبات. فلاحظ أبوه شغف ابنه الذي عرف بالإيمان والورع والنباهة والذكاء بحب الأرض والزراعة، فشجّعه على تحصيل المعارف والعلوم من مخطوطات الفلاحة المكتوبة باللغات العربية والفارسية وغيرهما، وذلك بعد أن أعانه على تحصيل القدر الكافي من علوم القرآن والفقه والحديث واللغة، وكذلك الرياضيات. وكان يقضى نهاره في نشاط عملي تطبيقي في زراعات أسرته، وليله في نشاط عقلي نظري في الاطلاع على الكتب والمؤلفات الزراعية والبيطرية.
وساعده أبوه في الاتصال بأشهر علماء الأندلس في عصره والاستفادة من علومهم، وإن لم يكن معظمُهم متخصصاً في علوم الفلاحة أو فنون الزراعة، وهي عشقه الأول، ولذلك نشأ ابن العوام في هذا المجال نشأة عصامية. وكان ممن اطَّلع ابن العوام على مؤلفاتهم أبو الخير الأشبيلي الأندلسي، وابن الحاج الأشبيلي الأندلسي، ومحمد بن إبراهيم البصّال الأندلسي. كما درس على يد بعض علماء المشرق الإسلامي مثل ابن وحشية.
وكان ابن العوام غزير الإنتاج والاكتشافات ولكن تسببت الهجمات الشرسة التي قام بها الأوروبيون في فترة الحروب على الأندلس في ضياع معظم مصنفاته. كما بذل علماء الغرب محاولات مستميتة لطمر منجزاته العلمية، وسطا البعض على اكتشافاته وانتحلها لنفسه. ولذلك لا يعرف العالم من مؤلفات ابن العوام سوى كتاب "رسالة في تربية الكَرم" أي العنب، و"عيون الحقائق وإيضاح الطرائق"، وكتاب "الفلاحة الأندلسية". والكتاب الأخير هو أشهر مؤلفاته، وقد استفاد الأوروبيون منه كثيرا، إذ يعد موسوعة زراعية جمع فيه خلاصات موثقة لما عرفته شعوب الأندلس ومصر والعراق والمغرب العربي في مجال الزراعة والبيطرة فقررّوه على طلاب العلوم الزراعية في جامعاتهم لعدة قرون. ويضيف: كان المستشرق الإسباني "كازيري" أول من نبّه في فهرسه إلى المخطوطات الكاملة لهذا الكتاب، وهى محفوظة في مكتبة "الإسكوريال"، ومن مظاهر الاهتمام العالمي بهذا الكتاب، قيام المستشرق الإسباني "بانكويري" بنشره بلغته العربية، وترجمته إلى الإسبانية في عام 1803م. كما ترجمه المستشرق الفرنسي "كليمان مولي" إلى الفرنسية ونشره في عام 1865م.
ويتضّح من الاطلاع على هذا الكتاب أن ابن العوام كان عالماً موضوعياً دقيقاً، يعتمد على المراجع وينسب الأقوال لأصحابها، وإذا عارض رأياً قدّم أدلته التي ترجّح ما يراه هو. وقد جمع ما توصّل إليه من معارف وعلوم في المجالات الزراعية بين دفتي هذه الموسوعة التي لم تشتمل على العلوم الزراعية فقط، وإنما اشتملت على العلوم البيطرية كذلك. كما يحتوي الكتاب نتائج العديد من التجارب التي أجراها ابن العوام في علم الأراضي، وعلم المياه والري، وتجارب في علم مكافحة الأمراض والآفات، وتجارب في علم البستنة، وتجارب في علم البيطرة، وتجارب في علم السلالات والتكاثر.
وقسّم ابن العوام كتاب "الفلاحة الأندلسية" إلى جزئين، يقع أولهما في ستة عشر باباً، ويقع الثاني في ثمانية عشر باباً. وخصّص الأول لمعرفة أنواع الأراضي والأسمدة والمياه والبساتين، واتخاذ الأشجار والثمار، ثم شرح طرق تطعيم الأشجار، وتركيب الأشجار بعضها في بعض، وأوقات وكيفية اختيار الأقلام ثم تقليم الأشجار. كما تحدث في "الصناعات الغذائية" القائمة على الفاكهة والخضراوات، وكذلك الأعمال الحقلية التي تُعرف الآن ب "التقويم الزراعي"، وإصلاح الأراضي بعد كلالها، والمحاصيل والزراعات التي تناسب كل نوع منها. كما تحدث في المحاصيل ودراستها، واختيار مواضع البنيان وقت قطع الخشب ومعاصر الزيت. وخصص الأبواب الأربعة الأخيرة للبيطرة، فتحدّث عن الحيوانات الزراعية وطرق تربيتها وأمراضها، سواء حيوانات المزرعة أم الحيوانات والطيور الداجنة بالمنازل، ثم اقتناء الكلاب للصيد والزرع.
وكان ابن العوام أول من تكلم عن أن "النباتات كواشف للبيئة" أو ما يُعرف هكذا في العلم الحديث، كما قدّم دراسة مبتكرة فيما يعرف الآن ب "التقويم الزراعي"، ووضع أسس فن وعلم "تركيب النباتات" أو فن تطعيم النباتات، وكذلك هو واضع اللبنات الأولى لانتقاء الصفات الوراثية عن طريق التهجين بين أنواع النباتات وبعضها البعض والعديد من التطبيقات الزراعية الحديثة. وحرص ابن العوام على أن يحشد في كتابة عدداً من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والحِكم والطُرف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.