مسافة 110 كيلو متر بين الغابات الجميلة تقطعها باتجاه جنوب شرق العاصمة النّرويجية أوسلو لتصل إلى سجن هالدن فينغسيل الذي ومنذ افتتاحه في شهر أفريل من 2010 الجاري، يستقبل وفودا من منظّمات ومؤسسات دولية ووسائل إعلام للاطّلاع على السجن الأكثر إنسانية في العالم حسب تعبير مجلّة التايم البريطانية·· إنه سجن بمواصفات فندقية تشعر فيه بشيء من الرّاحة النّفسية بسبب تصميمه الخارجي والداخلي على خلاف العديد من السجون في دول أخرى، رغم أن نوع الجرائم التي أوصلت فاعليها إلى هذا السجن قد لا تختلف عن غيرها من السجون الأخرى في العالم من جرائم اغتصاب وقتل واتّجار بالمخدّرات· التصميم المعماري للسجن يوحي بكونه مركزا أكاديميا، وهو ما حاول المصمّمون التركيز عليه في هندسة السجن الذي أشرف على بنائه مهندسون كبار على مدى 10 سنوات بتكلفة بلغت 1.5 مليار كرونر (ما يعادل 254 ونصف مليون دولار)· ويمتدّ السجن على مساحة تبلغ 30 هكتارا داخل الغابات النّرويجية الهادئة، فالتصميم يلعب دورا رئيسا في جهود إعادة التأهيل في هالدن كما يقول هانز هنريك هويلند أحد المصمّمين المعماريين الذي يضيف: لقد حاولنا أن نجعل السجن أشبه ما يكون بالعالم الخارجي، موضّحا أنه لا شيء يوحي بالسجن سوى الحائط الذي يبلغ ارتفاعه ستّة أمتار، والذي تمّ حجبه بالأشجار· أمّا الديكور الداخلي فقد تمّ الحرص فيه على استخدام 18 لونا مختلفا أبرزها اللّون البرتقالي في المكتبة، وأماكن العمل وصالات الرياضة والأحمر لغرف النّوم الزّوجية· ويحتوي سجن هالدن فينغسيل على أحدث وسائل الترفيه، من أستوديوهات لتسجيل الصوت والأغاني التي يشتغل فيها السجناء جنبا إلى جنب مع فنّيين آخرين من الحرس، وقالوا إنهم عاكفون في الوقت الحالي على تنظيم مسابقة موسيقية بين ما يسمّونهم التلاميذ ويرفضون مطلقا إطلاق كلمة سجناء عليهم· كما تحوي باحة السجن الخارجي مسارات للرّكض ومنازل من غرفتين يمكن أن يستضيف فيها النّزلاء عائلاتهم لقضاء اللّيل، فيما جُهّزت غرف السجناء بتلفزيونات حديثة ذات شاشات مسطّحة وثلاّجات صغيرة، بالإضافة إلى نوافذ عموية طويلة لإتاحة المزيد من ضوء الشمس ودون قضبان حديدية يعتاد السجناء على رؤيتها في السجون الأخرى· وعلاوة على كلّ ذلك، فإن عناصر الشرطة لا يحملون أيّ أسلحة قد تشعر السجناء بأنهم مصدر خوف أو قلق، بل يتشارك السجناء وجبات الطعام وممارسة الرياضة جنبا إلى جنب مع الحرّاس الذين أجروا تدريبا لمدّة سنتين، ونصفهم من النّساء، ما يخفّف من التوتّر ويشجّع على السلوك الجيّد مثلما صرّح بذلك أحد مسؤولي الحرس في السجن·