الكتابة بالنسبة للمبدعة والمحامية وسيلة تامزالي حفر مستمر في الذاكرة المفجوعة وعلاج نفسي من آثار الجريمة الغير مبررة التي راح ضحيتها والدها سنة 1957 على يد مراهق جزائري لم يتعدى سن ال17 عاما وهي الحادثة التي شكلت لديها شرخا وهاجسا لم يفارقها إلى اليوم للإجابة على سؤال طالما أٍرهقها وكان ربما آخر سؤال إرتسم على وجه والدها وهو يتلقى رصاصة مباغتة في القلب دون أي ذنب، لماذا العنف بين الجزائريين ؟ ولصالح من هذه الضغينة بين الجزائريين ؟ وأضافت الحقوقية والمناضلة في مجال حقوق المرأة وسيلة تامزالي أول أمس في لقاء أدبي بمكتبة الشهاب بباب الواد في جلسة لتقديم كتابيها ز تنشئة جزائرية و قصص صغيرة عن الثورات العربية ز أنها تأخرت في إصدار كتابها ز تنشئة جزائرية ز وهو عبارة عن سرد للسيرة الذاتية وتجربتها مع العنف بعد إغتيال والدها وهي في سن ال15 عاما وما ترتب عنه من حالة تمزق داخلي وتيه. حيث قالت وسيلة تامزالي من الضروري حينما يتعلق الأمر بقضايا الذاكرة الحميمية المؤلمة أن تكون مساحة من الزمن قد تمتد ل40 عاما حتى نتحرر من سطوة الألم العنيف ونتناول ما خدش براءتنا وطفولتنا بفعل العنف وفقدان الوالد المفاجئ ومواجع الذاكرة المريرة وقالت المحامية وسيلة تامزالي ز لقد حاولت لقاء الرجل الذي إغتال والدي وهو الآن رجل مسن وعلى فراش المرض لكنه رفض ز موضحة أنها حاولت أن تضع عملية إغتيال والدها في سياق عام للتاريخ الجزائري وأعطاب الذاكرة الوطنية،ولعل خصوصية ما تعرضت له إنعكس على قوة الكتابة لديها وانغماسها في التفاصيل الصغيرة لكنها تعترف بالمقابل أنها لم تقل كل شيئ في كتابها باعتبار العمل على الذاكرة صعب ومعقد والمهم في الرواية هو الصدق والصفاء حيث من خلال سرد تجربتنا كما توضح فإننا نروي الذاكرة الجماعية التي تتقاطع في نقاط معينة وقد عمدت إلى تقنية الفلاش باك حيث تتناول ظواهر الراهن لكنها تستدعي الماضي لإيجاد رابط لأنها تعتقد أن الكتابة لعبة ومراوغة مستمرة واستحضار لكم من المشاهد المحزنة في الذاكرة والمهربة إلى الورق بحميمية، وأشارت المحامية وسيلة تامزالي أن جيلها كان يحلم بجزائر أقوى وأمتن بكل إختلافاتها وتنوعاتها وكانت أحلام طوباوية مثالية سقطت بعد الإنحراف الذي ميز مراحل تشكيل الدولة الفتية حيث سقط وهم الثورة وسقط مفهوم البطل وهو ما تسبب في الخيبة رغم وجود طاقات فكرية راهنت على التغيير من مجتمع عاش ويلات الكولونيالية ويطمح في ممارسة المزيد من الحرية والإنطلاق في مشروع مجتمع قوي وقالت أن جيلها إنبهر بالتضحية والبطولة التي ميزت الثورة كما أشارت أن جيلها ولد وتربى في العنف حيث كان وضع قنابل في مواقع فرنسية مثل ميلك بار أمر عادي وطبيعي لمواجهة العنف الفرنسي وآلته العسكرية وبالتالي تربينا في كنف فكرة البطولة والتضحية وبعد الإستقلال طالب جيلي بالمساواة لكن تخوفنا من طلب ذلك وانغمسنا في بناء جزائر جديدة لكننا فقدنا سطوة إنبهارنا بالثورة وزال فعل التنويم،وقالت أنها آمنت طويلا بالخطاب الرسمي الممجد للثورة الإشتراكية وكانت ضد الليبرالية المتوحشة وقد إستعان الراحل هواري بومدين بالشيوعيين والتروتسكيين لتأطير الثورة الزراعية وأوضحت المحامية وسيلة تامزالي أنها توجهت للثورة لتعويض فقدان الوالد كما أن كتابها يحكي الجزائر ويثير القضايا المسكوت عنها وجراح الذاكرة التي لم يتكلم عنها أحد مشيرة :سلأنه لو إغتيل الأب من طرف فرنسي لتقبلت الأمر لأننا كنا تحت الإحتلال لكن أن يغتال من طرف جزائري مثله فهنا يكمن الألم والتعاسة زوأضافت أنه بعد توجهها للعمل في اليونيسكونهاية 1979 شعرت أنها تخون الجزائر وتأسفت كيف في العشرية الدموية أصبح الجزائري يقتل الجزائري بكل برودة وهو قمة العبث وأكدت أنها إلتقت سنة 1962 بالجزائر العميقة في عيون الجزائريين البسطاء وكانت جزائر مختلفة عن جزائر اليوم ولم نكن أعداء بيننا بل يجمعهم حلم مشروع بناء دولة لكنها تأسف ما تعرفه الجزائر اليوم من لعبة وعروض مسرحية سياسية وبأقنعة مختلفة تستغفل الجزائريين وتسطح ذكائهم لأن بناء دولة قوية اليوم يستدعي مشاركة الجميع وفتح نقاش وإسقاط الأقنعة المتداولة باسم الديموقراطية والدين وغيرها ، وثمنت وسيلة تامزالي تجربة التغيير في تونس وما حققته الثورة من نتائج واعتبرتها صحية لأنه حسبها تونس نجحت في العدالة الديموقراطية بمساهمة جميع الفاعلين في الساحة السياسية رغم المخاطر مؤكدة على دور المجتمع المدني والأحزاب في تونس لتكريس ودعم الفعل الديموقراطي ورغم نجاح التيار الإسلامي في تونس غير أن متابعة تفاصيل المشروع والقوانين يعكس متابعة تفاصيل العملية الإنتقالية وممارسة حق التعبير والمسائلة وأكدت أنه تم تغيير حقيقي وحيوي في تونس. في جلسة تقديم كتابها «تنشئة جزائرية « الصادر ضمن منشورات الشهاب ، تناولت تفاصيل مساهمتها في المؤلف الجماعي شصقصص صغيرة عن الثورات العربيةصص الصادر عن نفس الدار والذي يحمل رؤى وتصورات يصب أغلبها في الحديث عن مبادئ الحرية والإنسانية وإسقاطها على الراهن العربي حيث قالت أنها إتصلت بأصدقاؤها في العالم العربي لتقديم رؤاهم واعترفت بتفاوت وقوة النصوصو المختارة التي تعكس تصاعد ونزول المشاريع الثورية و يضم الكتاب الجماعي «قصص صغيرة عن الثورات العربية« و الذي يضم 44 نصا خياليا لمؤلفين و مفكرين و فنانين من مختلف الآفاق قدموا نظرتهم الشخصية عن «الربيع العربي«. من أبرز المناضلات في مجال حقوق المرأة على الصعيد الدولي المحامية السابقة و المسؤولة في منظمة الأممالمتحدة للتربية و العلوم و الثقافة وسيلة تامزالي ترجمت من الفرنسية إلى الكثير من اللغات، كما تشكل رمزاً مهماً في ثقافات حوض المتوسط بضفتيه..