المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية تعزي في وفاة الإعلامي والكاتب جمال الدين مرداسي    وزير الاتصال يشرف على تنصيب الأمين العام الجديد للوزارة    سوريا: الكيان الصهيوني يسعى لتفكيك البلاد واستهداف وحدة شعبه    اليوم الدولي لنيلسون مانديلا: دعوة الى الاستلهام من رجل "غير مجرى التاريخ"    سباحة : تطبيق برنامج الاتحاد الدولي لدعم المواهب الشابة بداية من الموسم الرياضي 2025-2026    موجة حر مرتقبة بعدد من الولايات الساحلية بوسط و شرق البلاد يومي الجمعة والسبت    السلطات الإسبانية تحجز نحو ثلاثة أطنان من الحشيش القادم من المغرب خلال ال6 أشهر الأخيرة    تجارة خارجية: السيد رزيق يترأس اجتماعا لمراجعة قائمة المنتجات الفلاحية والغذائية المعنية بتجميد تصديرها    سوناطراك: إطلاق النسخة الجديدة للموقع الإلكتروني للمجمع    البطولة الوطنية الصيفية للسباحة: شباب بلوزداد ينصب نفسه"بطلا فوق العادة"    غزة: سوء التغذية بين الأطفال دون سن الخامسة تضاعف بين مارس ويونيو الماضيين    العدوان الصهيوني على غزة: أكثر من 80 بالمائة من الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة فقدوا احتياجاتهم الأساسية    إحباط محاولات إدخال أزيد من 3 قناطير من الكيف المعالج    مزيان و زروقي يشرفان على افتتاح ندوة تكوينية حول الجيل الخامس(5G)    لا بديل عن الاعتراف بالدولة الفلسطينية و إحياء المسار السياسي    محاور اجتماع للحكومة برئاسة الوزير الأول, نذير العرباوي :    ضمان الجزائر العلاج والخدمات الطبية الأساسية للاجئين    الصيف موسم للعلاج والتجدد    إحصاء 13 ألف مسجل غالبيتهم من الإناث    مرضى السكري أكثر عرضة لانسداد الشرايين    عنابة تحتضن تظاهرة علمية لمكافحة التهاب الكبد الفيروسي    رقمنة القطاع السياحي رهان استراتيجي    جنوب إفريقيا تشيد بمستوى الجامعات الجزائرية    عروض تكوين تتماشى ومتطلّبات السوق لحاملي البكالوريا الجدد    جمعية "كافل اليتيم" في ضيافة المجلس الشعبي الوطني    ذروة قياسية جديدة لاستهلاك الكهرباء في الجزائر    المخزن منصّة ثانية للدفاع عن المصالح الصهيونية    توقف آلية إدخال المساعدات إلى غزّة و6 آلاف شاحنة عالقة    الداخلية تدعو المواطنين إلى التبليغ الفوري عن الحرائق    إيتوزا تطلق خطا جديدا بين بواسماعيل وبن عكنون    جثمان الفنان مدني نعمون يوارى الثرى بمقبرة قاريدي بالعاصمة    مجلس النّواب الإسباني يستقبل مجموعة من الأطفال الصحراويين    85 % نسبة أشغال التوسعة بمصنع "فيات" بوهران    الطبعة السادسة لمعرض الكتاب بوهران تختتم مساء اليوم    بعنوان "بيوتر تشايكوفسكي موسيقى تتخطى الحدود"..حفل سيمفوني استثنائي بأوبرا الجزائر الخميس القادم    أفشوا السلام بينكم    فتاوى : اشتراط الشريك على شريكه أن يقرضه مالا    كأس أمم إفريقيا للسيدات 2024:سيدات "الخضر" يستعدن لمواجهة غانا في ربع النهائي    ألعاب القوى/جائزة بريشيا الكبرى (800 م):الجزائري محمد علي غواند يحقق رقم قياسيا شخصيا جديدا    بحلول عام 2030..أهمية الوقاية وتعزيز التكفل الطبي للقضاء على التهاب الكبد الفيروسي    30 عائلة بالسويدانية تلتحق بشققها    جثمان الفنان مدني نعمون يوارى الثرى بمقبرة قاريدي بالعاصمة    الجمعية العامة لبنك "شيلتر إفريقيا" بالجزائر : دعوات لبعث صناعة إفريقية حقيقية لمواد البناء وتعزيز التصدير البيني    جثمان الإعلامي علي ذراع يوارى الثرى بمقبرة سيدي يحيى بالعاصمة    مزيان وزروفي يشرفان على افتتاح ندوة تكوينية حول الجيل الخامس(5G)    معسكر: المجاهد سعيد اسطمبولي في ذمة الله    ممثلة المنظمة الدولية للهجرة تشيد بجهود الجزائر للتكفل باللاجئين    هذا اثر الصدقة في حياة الفرد والمجتمع    معرض لأعمال ديني    5شهداء وعدد من المفقودين تحت الأنقاض    حديث عن مغادرة عمراني للعارضة الفنية    مطار الجزائر يوظف مضيفات استعلام    عنابة تسحر البولونيين    غياب بلايلي عن الترجي يثير الاستفهام    أيمن بوقرة أول المستقدمين    بلادنا تضم قراب نصف مصانع إنتاج الأدوية بإفريقيا    شرطان لا يصح الإيمان إلا بهما    فضائل ذهبية للحياء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مفهوم حرية التعبير
نشر في صوت الأحرار يوم 07 - 02 - 2015

نرى بعض الناس يطلقون العنان لأنفسهم ويخوضون في المسائل التي لا تعنيهم ويسمونها حرية التعبير، هل حرية التعبير تسمح لهم بالتدخل في شؤون الآخرين ؟ وإمطارهم بوابل من التجريح والقذف والسخرية والتهكم ؟ وهل للحرية حدود ؟ أو ليس لها حدود ؟.
الشيء المعروف عند الفلاسفة والمفكرين أن حرية الفرد محدودة والذي تجاوز تلك الحدود يكون قد اعتدى على حرية الآخرين.
ولذلك لا داعي إلى تضخيم الأمور وخلق من الحبة قبة، أو تأويل المفاهيم حسب الأهواء والمشتهيات، أو تفسير التعبير اللغوي حسب الأهداف والمصالح، أو إعطاء الحقيقة مفهوما خارج المفهوم العقلي، أو تغطية الشمس بالغربال.
الواقع أن هناك تجاوزا لحدود الحرية الفردية، وفي نفس الوقت تدخلا في شؤون الغير، وهناك حملة تشن على هذه العقيدة وحامليها بأسلوب مباشر أو غير مباشر.
من المعقول أن يقف الإنسان عند حدوده ويشتغل بشؤونه ويدع الناس وشؤونهم، مادام كل واحد حر في اختيار العقيدة التي يعتنقها، وهو مقتنع بها، كما أنه حر في اختيار أسلوب الحياة الذي يناسبه في حدود حريته.
ولا يجوز لأحد أن يجبره على اعتناق هذه العقيدة أو تلك، أو هذا الفعل أو ذاك.
وبما أن كل فرد حر في اختياراته فليس لأحد الحق أن يمنعه من الإيمان بهذه العقيدة أو تلك.
فبالأحرى أن يشن عليه حملة من التجريح والقذف والسخرية والتهكم ومادامت المسألة تهم هذا فلماذا يتدخل الآخر ويمطره بوابل من القذف ؟. كما جاء في المثل القائل : الدجاجة تلد، والديك يصيح .
وفي هذه الحالة يكون قد اعتدى عليه عدوانا سافرا، وأين هي حرية التعبير ؟ .
وهل العدوان على حقوق الآخرين يعتبر حرية ؟.
إن الذي يهاجم الدين ليس له دين، والذي ليس له دين لا يعرف قيمة الدين، إذن عليه مغادرة المجتمع الإنساني إلى المجتمع الحيواني، وبالتالي يكون معذورا عن عدم معرفته بالدين.
إن الإسلام لا يخيف أحدا، وإنما الذين يخشونه هم السكارى الذين لا يكادون يصحون من السكر، أو الجبابرة الذين يعتدون على حقوق الناس.
وأحسن مثال نجده في الخليفة الأموي الوليد الذي كان سكيرا وجبارا في نفس الوقت، لقد حمل المصحف ونظر إليه وقال : تهدد كل جبار عنيد فها أنا ذا جبار عنيد، إذا جنت ربك يوم حشر، فقل يا رب مزقني الوليد. ومزق المصحف وقذف به على الأرض.
أما العقلاء الفضلاء من الناس فإنهم ينظرون إلى الإسلام نظرة متزنة كعقيدة عادية ليس فيها حرج ولا تحتاج إلى تهويل أو إزعاج، مادام كل فرد حر في اختيار العقيدة التي يقتنع بها ويتبناها.
وليس من حق أحد أن يمنع الآخر من الإيمان بهذه العقيدة أو تلك، وليس لديه الحق أن يعتدي عليها وعلى رموزها، أو أعلامها، أو مبادئها، مادامت المسألة لا تهمه، فلماذا يشن عليها حربا بأسلوب مباشر أو غير مباشر ؟ ولماذا يكن الحقد والكراهية لأهلها ؟.
نعم للعالِم الباحث المقتدر الحق كل الحق في تفحص القرآن ودراسته، وتسليط النقد عليه، نقدا عقليا قائما على قواعد علمية راسخة ومنطقية.
وبعد البحث والدراسة في إمكانه نشر بحثه للناس قصد الاطلاع عليه، وإدراك حقيقته، هل هو كلام الله ؟ أو كلام غيره ؟ هل هو مفيد ؟ أو غير مفيد ؟.
وهل هو معبر عن الحق ؟ ويدعو إلى الحق ؟ أو هو مجرد كلام فارغ ؟.
وهذه العملية تدخل في إطار النقد العلمي البناء، الذي يكشف عن حقيقة الأمور للناس ويدفعهم إلى البحث فيها.
أما الهجوم عليه من بعيد من طرف أناس لا يفقهون من العلم شيئا، فهو عبارة عن هراء وعدوان على الإسلام، وعلى حرية المسلمين المؤمنين بها.
إذن المسألة تهم المعتنق لهذه العقيدة أو تلك، ولا تهمك أنت الذي ترفض الإيمان به.
وعلى هذا الأساس فلا يوجد هناك داع للوقوف في وجه أية عقيدة ؟ وشن عليها حملة من الكراهية وعلى معتنقيها.
أو إضمار الحقد والعداء للذين يؤمنون بالعقيدة الإسلامية أو المسيحية أو البوذية أو غيرها.



فلماذا هذا التحامل أيضا على الغير ؟ والتدخل في شؤونهم ؟.
هذا اعتراض على حرياتهم ومساس بحقوقهم، ومحاولة فرض إرادتك عليهم أو إجبارهم على اعتناق ما تراه أنت وما تعتقده ؟.
ومع ذلك نراك تتشدق بحرية التعبير ؟ ألا ترى ذلك تدخلا في حرياتهم ؟ واعتداء على كرامتهم ومعتقداتهم ؟ أتمنح لنفسك الحق في الاعتداء على حقوق الآخرين وعلى معتقداتهم ؟ وهنا تكون قد جردتهم من حقوقهم المشروعة واغتصبتها لنفسك ؟ ونصبت نفسك وكيلا
عليهم ؟. وهل تقبل أنت أن يسيء أحد إلى عقيدتك ؟ أو يسخر من رموزها ؟ أو يجرح مشاعرك وكرامتك.
إن جرح المشاعر ومس العواطف والكرامة أمر عظيم وخطير جدا في الحياة البشرية.
تستحسن ما تراه أنت حسنا، وتستهجن ما تراه أنت مستهجنا ؟ وهل هذا هو منطق الحياة في نظرك ؟.
وما هو مفهوم الحرية حسب رأيك .
الشيء المعروف لدى الفلاسفة والمفكرين : كل فرد يتمتع بحريته، غير أن لهذه الحرية حدود، يجب أن يقف عندها الفرد الحر ؟.
لأنه إذا تجاوزها يكون قد اعتدى على حرية الآخرين ؟.
وبالتالي فليست هناك حرية مطلقة، اللهم إلا إذا كان الإنسان يعيش في عالم وحده يمكنه أن يتصرف كما يشاء، ومع ذلك فهناك حدود الحتمية الطبيعية التي تلزمه على التقيد بها والتلاؤم معها، لأنه إذا خالفها تصرعه.
أما الحرية في الحياة الاجتماعية الإنسانية، فإنها مرهونة بحرية الآخرين التي تكون حدا فاصلا ما بين هذا وذاك.
إذا كنت تحب نوعا من الأطعمة، أو زيا معينا من الملابس، أو لديك هواية خاصة بك كالرياضة، أو السياحة، أو الاعتكاف على المطالعة والبحث العلمي، أو تميل في حديثك إلى موضوع معين، أو تحب العمل وتكره الكسل، أو تعالج أمورك بشكل جدي، أو بشكل هزلي، فهذه أمور تخصك وتدخل في حريتك، لكنك لا تستطيع أن تجعل غيرك يحب ما تحبه أنت، ويكره ما تكرهه أو يعالج الأمور حسب رأيك ورغبتك أو طموحك، أو يسير على نمط من الحياة الذي تفضله أنت، أو يفكر كما تفكر أنت، أو يعتقد ما تراه أنت وما تعتقده وما إلى ذلك..

وفي هذه الحالة تكون قد هدمت ذلك الحد الفاصل ما بين حريتك وحرية الآخرين، فبالأحرى إذا أردت أن تفرض عليه رأيك بدعوى أن لديك رأيا سديدا لا يخطئ، أو أنك معصوم من الخطأ، أو اعتبرت نفسك وصيا عليه.
هنا تكون قد تجاوزت حدودك بملايير الأميال بشعور، أو بدون شعور.
ولذلك لابد من مراعاة تلك الحدود الفاصلة ما بين حريتك وحرية الآخر.
وإلا ساءت العلاقة بينك وبينه، وكنت أنت المعتدي على حقوقه في الحرية والكرامة الإنسانية.
وهذا ما جعل المجتمع الإنساني أن يضع قواعد تضبط تلك الحدود، والمتمثلة في العرف والقيم الأخلاقية والقوانين الوضعية والمبادئ الدينية.
إن هذه القواعد تكون بمثابة علامات بارزة لتلك الحدود، فهي شبيهة بعلامات السير في الطريق العمومي، مثل الخطوط أو الأضواء الحمراء والخضراء والصفراء وما أشبه ذلك.
وبناء على ذلك يجب على كل فرد أن يحترم تلك العلامات سواء كانت تتعلق بالسير في الطريق، أو الوقوف عند ذلك الحد الفاصل في الحرية .
أما إذا لم يحترم الأفراد تلك العلامات أو الحدود والوقوف عندها ماذا يحدث ؟ طبعا الاصطدام . في كلا الجانبين على حد سواء.
إذن كل واحد حر في اختيار العقيدة التي يؤمن بها عن اقتناع، ولا يجوز لأحد التدخل في شؤونه، فبالأحرى أن يشن هجوما عليه وعلى عقيدته، فهذا اعتداء سافر على حريته وكرامته كإنسان، وهذه ليست حرية التعبير، بل هي حرية التزمير والتنفير والتدمير.
وللحرية حدود يجب الوقوف عنها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.