لا يذكر اسم رئيسة وزراء ميانمار أونغ سان سو تشي إلا مقرونا بعبارة الحائزة على جائزة نوبل للسلام، ومنذ عودة المذابح ضد أقلية الروهينغا المسلمة في البلاد طرح السؤال حول إمكانية سحب الجائزة من هذه السياسية التي تبرر صراحة عمليات الإبادة التي أدت إلى وفاة ألف من الروهينغا وتشريد الآلاف الذين اضطروا إلى اللجوء خارج موطنهم في إقليم راكن، وقد اضطر سكرتير لجنة جائزة نوبل إلى التعبير عن خيبة أمله من صمت سو تشي حيال هذه الجرائم. والحقيقة أن سو تشي لم تلتزم الصمت بل انتقدت ما وصفته التضليل الإعلامي الذي يخدم مشروع من وصفتهم بالإرهابيين، فالمسلمون إرهابيون مشتبه بهم حسب الخطاب الإعلامي المهيمن في العالم، وهو أمر يجعل التضامن مع ضحايا الإبادة في ميانمار أمرا صعبا، وحتى الأممالمتحدة دعت حكومة ميانمار إلى وقف الانتهاكات حتى لا يدفع المسلمون الروهينغا إلى التطرف. هكذا تتحول جرائم الإبادة إلى موقف سياسي، أو إلى مجرد تفصيل قد يؤثر على نشر مزيد من التطرف، بل إنها تصبح حدثا مزعجا يشوش على سمعة جائزة نوبل التي حصل على رئيس أمريكي قتلت قنابل وصواريخ طائراته المسيرة آلاف المدنيين في اليمن وأفغانستان وباكستان. العالم يعيش حالة غير مسبوقة من الإفلاس الأخلاقي، حيث تجير المنظمات الدولية لخدمة أهداف القوى العظمى، ويجري تحويلها إلى أدوات للضغط على الدول التي تحاول الحفاظ على استقلالية قرارها السياسي، ولا يجد الإعلام المهيمن أي حرج في الكيل بمكيالين عندما يتعلق الأمر بالحريات وحقوق الإنسان. الجرائم التي ترتكبها حكومة ميانمار في حق الروهينغا يجري تصنيفها ضمن جهود الحرب على الإرهاب، وهذه الحرب التي وضع قواعدها الأمريكيون وحلفاؤهم تقوم على التحلل من كل القيود الأخلاقية المفروضة على الحرب، فعندما يكون الطرف الآخر في الحرب مسلمون، سواء كانوا مسلحين أو مدنيين، يجوز اللجوء إلى أسلحة محرمة، ويجوز أيضا استعمال التعذيب والإبادة بكل الوسائل المتوفرة، تماما مثلما فعلته أمريكا في العراق، وتفعله إلى الآن في أكثر من بلد إسلامي.