تسيبي ليفني التي قد تصبح يوما ما رئيسة وزراء إسرائيل تعتبر أن العرب الذين يعيشون في أرض فلسطين التي قامت عليها الدولة العبرية مكانهم في الدولة الفلسطينية، وهذا الكلام الذي يريد البعض أن يصنفه ضمن الهراء الانتخابي هو الموقف الذي يتبناه معظم الإسرائيليين، والأمر يتعلق بجوهر عملية التسوية. الهدف الذي تريده إسرائيل من التسوية مع الفلسطينيين هو الوصول إلى حل الدولتين كما طرحه بوش، دولة إسرائيل القائمة بالفعل والمهيمنة بالقوة على المنطقة، والدولة الفلسطينية التي ستنشأ كنتيجة لاتفاق يتم التوصل إليه مع الدول القائمة والمهيمنة، وستكون الدولة الفلسطينية مجرد كيان بلا سيادة وبدون مقومات استقلال وبدون جيش أو سلاح، وستكون وظيفة هذه الدولة، الممزقة أرضها بالمستوطنات والطرق الالتفافية والجدار العازل، هي استيعاب الفلسطينيين الذين سيطردون من أراضي 1948 حتى تكتمل التصفية ويسقط حق العودة فعليا وتستكمل عملية التهجير التي بدأت على يد العصابات الصهيونية قبل قيام إسرائيل. الحلقة السابقة كانت الخروج من غزة التي حولتها المقاومة إلى مستنقع غرق فيه الإسرائيليون على مدى ثلاثة عقود من الاحتلال، والذين وقعوا اتفاق إعلان المبادئ مع إسرائيل لم ينتبهوا إلى مغزى العنوان الذي وضعه الإسرائيليون للعملية "غزة أريحا أولا"، واليوم قد تنتهي أكذوبة السلام مع إسرائيل بمزيد من اللاجئين والمهجرين عندما ينضم فلسطينيو أراضي 1948 إلى إخوانهم الذين هجر أجدادهم قبل اليوم بستين عاما. لم نسمع استنكارا مما يسمى المجتمع الدولي للتصريحات التي أطلقتها ليفني، ولن يكون غريبا أن تتحول عملية التطهير العرقي والديني التي تريد إسرائيل أن تباشرها بعد حين إلى حل قابل للتطبيق أو إلى أكثر الحلول واقعية في نظر هذا المجتمع الدولي، وقد يجد العرب أنفسهم في مواجهة الموجة الثانية من اللجوء الفلسطيني بعد أن اعتقدوا أن الحل يكمن في التخلي عن حق العودة.