افتتاح الدورة البرلمانية العادية    نجيبة جيلالي تتسلم مهامها كوزيرة للعلاقات مع البرلمان خلفا لكوثر كريكو    عطاف يجري محادثات ثنائية مع رئيس الوزراء ووزير خارجية قطر قبيل القمة العربية الإسلامية الطارئة    طاقة: الجزائر تشارك في اجتماعين وزاريين حول الوقود المستدام والهيدروجين بأوساكا    تنظيم الطبعة ال7 للصالون الدولي للواجهات والنوافذ والأبواب من 20 إلى 23 سبتمبر بالعاصمة    الجزائر تعرض استراتيجيتها في الوقود البديل والهيدروجين خلال اجتماعات وزارية ب"إكسبو 2025″ أوساكا    بشار: تقدم ملحوظ في أشغال خط السكة الحديدية العبادلة -حماغير    اجتماع طارئ لمجلس حقوق الإنسان بشأن العدوان الصهيوني على قطر    الرابطة الأولى المحترفة "موبيليس": م.الجزائر-م.وهران صراع من أجل التأكيد    ألعاب القوى (مونديال طوكيو): الجزائر عبد الرزاق شريك ينهي السباق في المركز ال18    بطولة إفريقيا للكرة الطائرة (أقل من 20 سنة): المنتخب الوطني ينهزم أمام أوغندا (3-1)    اليوم الوطني للإمام بغرب وجنوب غرب الوطن : تكريم الأئمة تقديرا لدورهم في المجتمع    ارتفاع نسبة تموين المستشفيات بالإنتاج المحلي من الأدوية بنسبة 300 بالمائة    عشرات المستوطنين الصهاينة يقتحمون المسجد الأقصى    اختتام فعاليات مخيم الشباب لذوي الاحتياجات الخاصة    هزة أرضية بشدة 2ر3 بولاية المدية    خفض التصنيف الائتماني لفرنسا    أسبوع وطني للصحة المدرسية    أربعة مراكز نفسية بيداغوجية جديدة بالعاصمة    مطار الجزائر يستعين بالذكاء الاصطناعي    تكريم جزائري لسلوم حدّاد    رونالدو الأوّل ورام يتفوق على ميسي    رئيس الجمهورية يعين أعضاء الحكومة الجديدة    جيجل : انتشال جثة متعفنة بتاسوست    تأهل 81 مشروعا جمعويا من أصل 128 طلبا تم إيداعه    يترأس اجتماعا تحضيريا مع رؤساء المجموعات البرلمانية    توقيف ثلاثيني بعد ظهوره في فيديو    خارطة طريق للتعاون والتطوير المنجمي    مخطط خاص لتأمين الإقامات الجامعية    بوغالي يرحّب باعتماد إعلان نيويورك حول حلّ الدولتين    الجزائر ملتزمة بترقية الديمقراطية وحقوق المرأة    الصيدلة الاقتصادية أداة استراتيجية لمرافقة السياسات الصحية    تعليمات للتكفّل الأمثل بانشغالات الصيادلة الخواص    نجاح أول عملية إصلاح للصمام التاجي التالف    69 مليارا مستحقات "سونلغاز"    ضيوف إمدغاسن يكتشفون جمال جبال الشلعلع    المؤسسات التربوية الجديدة تحت المجهر    لبحث العدوان الإسرائيلي على دولة قطر..عطاف يمثل الرئيس تبون في القمة العربية الإسلامية الطارئة    إعداد ملف لإدراج المالوف ضمن قائمة التراث العالمي    ملتقى وطني عن آثاره وإنجازاته الرائدة في نوفمبر القادم    أدب السجون.. وثيقة تاريخية وأخلاقية بأبعاد كونية    المالوف من المدرسة إلى العالمية : الطبعة ال13 للمهرجان الثقافي الدولي للمالوف من 20 إلى 24 سبتمبر    نظمته "الجاحظية"..لقاء تأبيني لاستذكار خصال الكاتب والمثقف الموسوعي محمد صالح ناصر    فان بيرسي يدافع عن أنيس حاج موسى ويتهم التحكيم    يوسف بلايلي يثير أزمة جديدة في تونس    إصابة عمورة تُهدد جاهزيته لمباراتي الصومال وأوغندا    من أسماء الله الحسنى (المَلِك)    }يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ {    جيش الاحتلال يدمر "برج الكوثر" في غزة..استشهاد 26 فلسطينيا بغارات إسرائيلية    إفريقيا لم تعد تقبل بالأمر الواقع    سوق أهراس تستقبل الموروث الثقافي لولاية إيليزي    المولودية تعود بالفوز    إشادة ب"ظلّ البدو" في مهرجان تورونتو    الديوان الوطني للحج والعمرة يحذر من صفحات مضللة على مواقع التواصل    الديوان الوطني للحج و العمرة : تحذير من صفحات إلكترونية تروج لأخبار مضللة و خدمات وهمية    نحو توفير عوامل التغيير الاجتماعي والحضاري    سجود الشُكْر في السيرة النبوية الشريفة    هذه دعوة النبي الكريم لأمته في كل صلاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسطورة علي.. من الموت الواقف إلى طاولة القمار
فما اشتهيتُ سوى "ما بدَّلوا تبديلا"

بتتبعي مشاهدة مسلسل "اللاعب" الذي قدَّمه التلفزيون الجزائري مؤخَّرا، أصابتني حسرة فيها خليط من الطفولة التي وشحت روحها هالات الأبطال والشهداء وبعض مما في دهشة الرَّشد وصدمة العقل من رهبةِ الواقع المخيف. قصَّة هذه الإصابة المرَّة بطلها الممثل سيد علي كويرات، الذي مثَّل في الفيلم شخصيَّة الرَّجل المقامر الذي يمتثل لدوافع الشر، والذي يقود مواطنا عاديا إلى تخريب بيته وماله ورشده
المغزى من القصَّة وصل مباشرةً، فموضوع القمار موضوع تحذِّر منه طبقات معرفيَّة متعدِّدة في مجتمعنا كالدين الإسلامي والتقاليد والأعراف، لذلك فهو لا يكلِّف القارئ عناء البحث والفهم والإستيعاب، كما لا يكلفه بحكم الأسلوب الواقعي للسيناريو أن يبحث عن علاقة بين الفيلم والواقع. لكنَّ الذي أثار انتباهي في هذا المسلسل هو إحلال سيدي علي كويرات محلَّ الرجل الشرير والخائن. ربما للرجل حقٌّ، كما لغيره بحكم وظيفته السينمائية، أن يمثِّل ما يحلو له، وأن ينزل منزل ما شاء من الأدوار والطبائع والأمزجة.. لكن نزول سيدي علي كويرات منزل المقامر والمخادع بثَّ في داخلي تساؤلا عميقا وقلقا عارما، وجعلني أعود لسنوات إلى الخلف، أبحث عن جذور هذا التساؤل وهذا القلق.
فمن منَّا لا يذكر ذلك الفيلم الأسطوري الذي أخرجه أحمد راشدي سنة 1969، بعنوان "الأفيون والعصا"، والذي يروي قصَّة قرية تالة التي تُدمَّر عن آخرها عندما لا تستجيب لأوامر المستعمر ولا تطاوع.. حيث يتم في المقاطع الأخيرة من الفيلم، نصب كمين لأحد أبناء هذه القرية المجاهدين، ويؤتى به إلى السَّاحة العامة للقرية ليقتل رميا بالرصاص أمام مرأى الجميع. من منَّا لا يذكر جملة "علي موت واقف" التي لا تزال ترنُّ (ربما) في أذن كلِّ واحدٍ منَّا. ف"علي" (علي اسم يذكرنا بصهر النبي عليه الصَّلاة والسَّلام وابن عمِّه الذي دافع عن الإسلام وقتل مغدورا)، هذا البطل المجاهد رمز وقوف البلاد وصمودها ضدَّ العدو ينتهي أخيرا بزغاريد ترافق روحه إلى عالم الشهادة والصدِّيقين. بهذا الشكل، يكون سيدي علي كويرات قد رسم خطًّا واضحا لعمله السينمائي مستقبلا.
في زمن الألفينات، أي بعد مضي ما يقارب أربعين سنة، يقوم الممثل كويرات بتمثيل دور آخر في مسلسل اللاعب. ولا أخفي أن صدمتي كانت عنيفة، عندما رأيت المجاهد "علي سابقا" يمتطي حديثا سيَّارة طويلة سوداء وفخمة، فلا ينزل منها إلا محاطا بمجموعة من الحرَّاس، مرتديا نظَّارات سود، مغفلا اهتمامه بإقفال أزرار القميص ذي اللَّون البارد، مترنِّحاً كمن به جبروت، وقلادته الذهبية السميكة والبرَّاقة تذكرني بتلك التي يرتديها مجرمو أمريكا في الشوارع النائيَّة والأحياء القديمة المحاذية لعواصمها.
"سي قدُّور" (القادر على أمره) هو هذه الشخصيَّة الجديدة في مسلسل اللاعب المتحوِّلة عن شخصيَّة "علي موت واقف" المغلوبة على أمرها. وإذ تتبدَّل على هذا النَّحو، فإنَّ المخرج استطاع أن يغرس في أعماق روحي سكينه الحاد ليقول لي: نعم، في الواقع ما يزكِّي هذا التحوُّل وهذا التَّبدُّل.
كنت تمنَّيتُ في تلك اللحظة، أن أرى الممثل عبد الله غيث رجلا خائنا وقد أدَّى دور حمزة عمِّ الرَّسول عليه الصَّلاة والسَّلام في فيلم "الرسالة"، لكني لا أذكر أن رأيته سوى رائعا ومهيبا في مسلسل المتنبي. وكنت أتمنى أن أرى الإيطالي أنطوني كوين في شخصيَّة المجرم، لكني ولهذه اللحظة لم أره إلا شخصيَّة حمزة في النسخة اللاتينيَّة لفيلم الرسالة، أو البطل الليبي عمر المختار الذي قاد ثورته ضدَّ الإيطاليِّين في الفيلم المطوَّل الذي أخرجه مصطفى العقاد، أو البطل زوربا في النسخة السينمائية لرواية نيكوس كزانتساكيس. وحتَّى الممثل الجزائري عثمان عريوات الذي صبغ على نفسه هيبة الشيخ بوعمامة، لم يفزعني كثيرا تمثيله شخصيَّة الرجل الجاهل في فيلم الطاكسي المخفي، أو فيلم كرنفال في دشرة.. فعلى الأقل، تفرغ شخصيته من الجبروت والمكر والغدر والخيانة. فما كان يشفع لي من تحوُّل علي إلى سي قدُّور حتَّى أصبر عن كتابة هذا المقال، وما كان ما تعودتُ من التقاليد المسرحيَّة سوى أن أصدم ويخيب ظنِّي بمثل هؤلاء. ولكن ما تعاظم من المصيبة سوى أنِّي رأيت في سيدي علي كويرات - ولو على مصطبة الفن السابع - رمزا لتحوُّل الشخصيَّة الجزائريَّة من مرحلة تجسِّدُ حالة البطل الشهيد إلى حالة المقامر الكئيب.. فما اشتهيتُ إذَّاك سوى "ما بدَّلوا تبديلا".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.