يقول المثل العربي “ذاب الثلج وتعرى المرج”، أي ظهرت العيوب بعد انكشاف الحقيقة. فها هي موجة الثلج غير المسبوقة في الشرق الأوسط تعري الوجه الحقيقي للعرب والمتآمرين على سوريا، هؤلاء الذين يموّلون الجماعات الإرهابية التي تسمي نفسها المعارضة بملايير الدولارات وبالأسلحة، وينادون بالإطاحة ببشار متباكين على أمن الشعب السوري، يختفون اليوم من الواجهة، والثلج يضرب المخيمات ويعرض حياة الآلاف من الأطفال والنساء للخطر. ليست المخيمات السورية وحدها التي تعاني البرد وتواجه الموت مع انخفاض درجات الحرارة إلى مستويات تحت الصفر، بل مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الأردن وفي لبنان هي الأخرى تعاني نفس الألم. فإذا كانت مخيمات السوريين حديثة ولم يكن أمام العرب وحتى الأممالمتحدة الوقت الكافي والإمكانيات اللازمة لتوفير احتياجات اللاجئين، فإن مخيمات الفلسطينيين موجودة منذ نصف قرن، لكن لا أحد أعار اهتمامه لظروفها. وليست المخيمات وحدها التي تعاني، فغزة هي الأخرى تغرق تحت أطنان الثلوج وطوفان المطر، فأين قطر والسعودية اللتان تغدقان بالأموال من أجل نشر الفوضى في المنطقة العربية؟ ألا يندم العربان اليوم على ما فعلوه بالشعب السوري الذي كان آمنا في وطنه؟ ماذا حققوا بالثورة على النظام السوري غير الفساد وهتك الحرمات وتعريض الأبرياء إلى القتل بأبشع الطرق؟ وبماذا عادت ثورتهم على سوريا الدولة غير الخراب والدمار اليوم؟ فهل الديمقراطية المزعومة تستحق أن يعرض الناس إلى الإهانة والتشرد؟ الهدف الأول من الأنظمة الديمقراطية الحقة هو خدمة الإنسان، وأن يكون الإنسان غاية لإنجازاتها، لا أن يكون حطبا لنار الحروب التي توقد باسمها. الأممالمتحدة تقول إنها لا تملك الإمكانيات لمواجهة احتياجات اللاجئين في المخيمات، وأن إيصال المساعدات إلى اللاجئين في الداخل السوري ليس بالأمر الهين، وهو عجز ليس بجديد على منظمة لم تعد قادرة حتى على فرض احترام أدنى بنود إعلانها العالمي لحقوق الإنسان. ولكن هل تساءلت الأممالمتحدة كيف تصل الأسلحة إلى المقاتلين؟ لماذا لا تسلك مسالك تجار السلاح وتوصل الغذاء والدواء والفراش للأطفال في هذا البرد؟ الكل يطبل ل”جنيف 2” ويربط حل الأزمة السورية بنجاحه، والخوف أن يأتي الحل ويجد الثلج والبرد قضى على من نجا من السوريين من المجازر التي تقترفها الميليشيات الإرهابية التي تواصل جرائمها في سوريا تحت مسمى الجهاد، فلم يبق خطر ولا مصيبة لم تلحق بالشعب السوري داخل وخارج سوريا. لكن كله بإرادة سافرة من قبل العربان.