خيانة المخزن للقضية الفلسطينية تتواصل عبراستضافة منتدى صهيوني    معرض التجارة البينية الإفريقية : وفد افريقي يزور حديقة التجارب بالجزائرالعاصمة    :المهرجان الثقافي الدولي للسينما امدغاسن: ورشات تكوينية لفائدة 50 شابا من هواة الفن السابع    العدوان الصهيوني: البرلمان الأوروبي يعتمد قرارا حول الوضع الإنساني في قطاع غزة    معرض التجارة البينية الإفريقية بالجزائر: طبعة ناجحة بامتياز و تسجيل أرقام قياسية    بيئة: السيدة جيلالي تؤكد على تنفيذ برامج لإعادة تأهيل المناطق المتضررة من الحرائق    وفد صيني في زيارة لعدة مصالح تابعة للحماية المدنية على مستوى ولاية الجزائر    البرلمان بغرفتيه يفتتح دورته البرلمانية العادية (2025 -2026) الإثنين المقبل    ملكية فكرية: الويبو تطلق برنامج تدريبي عن بعد مفتوح للجزائريين    مراد يستقبل نائب وزير تسيير الطوارئ لجمهورية الصين الشعبية    حج 2026: برايك يشرف على افتتاح أشغال لجنة مراجعة دفاتر الشروط لموسم الحج المقبل    وزارة الداخلية تنجز دراسة ميدانية حول ترقية الديمقراطية التشاركية على المستوى المحلي    تنظيم الطبعة ال27 من الأسبوع الوطني للقرآن الكريم ببومرداس ابتداء من الاثنين المقبل    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 64718 شهيد و 163859 مصاب    اختتام معرض التجارة البينية الإفريقية: إشادة بالنجاح الباهر وترسيخ دور الجزائر في تحقيق النهضة الاقتصادية القارية    سوناطراك: حشيشي يبحث بميلانو تعزيز الشراكات مع كبريات شركات الطاقة العالمية    هالاند يسجّل خماسية    شيري الجزائر تراهن على التصدير    هذا جديد جامعة ورقلة    بللو يزور أوقروت    ثعالبي يلتقي ماتسوزو    رسالة أبو تريكة إلى أمّة محمّد    ممتنّون للرئيس تبون.. طبعة الجزائر فاقت التوقّعات    وفد برلماني يشارك في ذكرى تأسيس كوريا الشعبية الديمقراطية    الأمين العام الجديد للمحكمة الدستورية يؤدي اليمين القانونية    "الحلاقة الشعبية".. خبيرة نفسانية بدون شهادة    استلام دار الصناعة التقليدية بقسنطينة قريبا    حملة لتنظيف المؤسّسات التربوية السبت المقبل    القضاء على إرهابيين اثنين وآخر يسلّم نفسه بأدرار    تعاون جزائري-صيني في البحوث الزراعية    الجزائر تدعو إلى اجتماع طارئ لمجلس الأمن الأممي    "الجزائر قطب اقتصادي فعّال داخل الاتحاد الإفريقي    جريمة الاحتلال الصهيوني في الدوحة تؤكد أنه عصابات إرهابية    عزوز عقيل يواصل إشعال الشموع    تكريم مرتقب للفنّانة الرّاحلة حسنة البشارية    "صنع في الجزائر" يبهر الأفارقة جودة وسعرا    "أغانٍ خالدة" لشويتن ضمن الأنطولوجيا الإفريقية    معرض التجارة البينية الافريقية: تتويج جناح زامبيا بلقب أفضل جناح خلال التظاهرة    مكانة مرموقة للجزائر إفريقياً    كرة اليد (البطولة الأفريقية لأقل من 17 سنة إناث) : الكشف عن البرنامج الكامل للمباريات    تهديدات بالقتل بسبب الكسكس!    عقود تصدير بمئات الملايين من الدولارات بين شركات جزائرية وإفريقية    بوغالي يدعو من القاهرة إلى جعل الاتحاد البرلماني العربي منصة لتعزيز التكامل بين الدول الأعضاء    سجود الشُكْر في السيرة النبوية الشريفة    فتاوى : زكاة المال المحجوز لدى البنك    عثمان بن عفان .. ذو النورين    حملة تنظيف واسعة للمؤسسات التربوية بالعاصمة السبت المقبل استعدادا للدخول المدرسي    شراكة جزائرية- نيجيرية في مجال الأدوية ب100 مليون دولار    جمباز: الجزائرية كيليا نمور تشارك في ثلاث محطات كبرى في نهاية 2025    التأهّل إلى المونديال يتأجّل    درّاج جزائري يتألق في تونس    التأهل إلى المونديال يتأجل وبيتكوفيتش يثير الحيرة    قطاع الصيدلة سيشهد توقيع عقود بقيمة 400 مليون دولار    عقود ب400 مليون دولار في الصناعات الصيدلانية    "الخضر" على بعد خطوة من مونديال 2026    هذه دعوة النبي الكريم لأمته في كل صلاة    شراكة بين "صيدال" وشركة "أب في" الأمريكية    الإسلام منح المرأة حقوقا وكرامة لم يمنحها أي قانونعبر التاريخ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرأس والقرطاس
نشر في الفجر يوم 21 - 06 - 2015

بعد 15 سنة، ستصبح أدمغتنا موصولة على الشبكة العنكبوتية، وليست أجهزتنا فقط. هكذا تصير العقول البشرية والحواسيب متفاعلة بحكم التشبيك على مدار اليوم، بحيث يشكلون معًا جزءًا من هذا العالم السيبيري الفوّار، مما يعني أن التفكير البشري ذاته، سيذهب إلى منحى آخر غير الذي اعتدناه. لسنا هنا في مجال الخيال العلمي، ولا نتحدث عن توقعات على طريقة المنجمين اللبنانيين، التي تصيب مرة وتخيب بقية المرات. الخبر أعلنه مطلع هذا الشهر، رئيس قسم الهندسة، في شركة ”غوغل” راي كورزويل، الرائد في مجال الذكاء الاصطناعي، والمسؤول عن المشاريع التي يتم التحضير لإطلاقها في السنوات المقبلة. وتبادل العقل البشري لأفكاره مع الحواسيب، كما يقول الخبراء، سيجعل السلوك الإنساني مستقبلاً، بعضه بيولوجي والبعض الآخر من صنف لم نخبر له مثيلاً من قبل.
العقد المقبل حاسم، الحياة البشرية إلى انقلاب مذهل. ما عرفناه إلى اليوم، ليس سوى مقدمات أو مقبلات لوجبة دسمة من اختراعات ستغير وجه الكوكب. ما أعلنته ”بي بي سي”، وكتبت عنه ”الشرق الأوسط” منذ أيام، حول جهاز يقرأ الأفكار ويضع للمتفرج على الشاشة البرنامج الذي يريده، دون أن يحرك إصبعًا أو ينطق حرفًا، هو أول الغيث. ومثله ما يتحدث عنه المقال نفسه حول شرائح إلكترونية صغيرة، باتت تثبّت في الدماغ وتتيح لحاملها، من خلال قراءة رغباته، ولو كان مشلولاً، قيادة طائرة مقاتلة، أو تحريك يده أو التحكم في يد رفيقه. وهو مما كنا نشاهده في أفلام الخيال العلمي، ونظنه مبالغة من باب الأخيلة السينمائية التي تبقى مشاهد فانتازية للتسلية والتحليق المجاني.
فتوحات جديدة ننتظرها، إذن، قوامها المزج حد التماهي بين العقول البشرية والعقول الآلية، للوصول إلى ذاك المشترك الهجين، الذي يصعب التكهن بماهيته سلفًا.
منذ ولدت الإنترنت في ستينات القرن الماضي إلى اليوم، لم يفعل العرب سوى استهلاك خدماتها، وبحدودها الدنيا. يتخرّج من أقسام هندسة الكومبيوتر في الجامعات آلاف الشبان الذين يضطرون للاشتغال في ميادين مغايرة، كي لا يبقون عاطلين عن العمل، مع أن الحاجة إلى خدماتهم ماسة، وأمثالهم في الهند وألمانيا، مشتهى الشركات الطموح.
العالم يفكر في وصل الأدمغة الآدمية بالشبكة، ونحن لا نزال عاجزين عن مجرد تلقيم الكومبيوتر أصول لغتنا، وقواعد لساننا، أو تلقينه أسس الخط العربي، والتوصل إلى معجم إلكتروني عربي - عربي وافٍ، على غرار القواميس المذهلة التي ابتكرها الصينيون، من مكتوبة أو صوتية أو حتى مرئية تعلمك كيف تكتب الكلمة.
يشكو المبرمجون من أن اللغة العربية بمتنها النثري والشعري كاملاً، لم تصبح إلكترونية بعد، كي يتمكن الدارسون من استخلاص قواعدها بأسلوب رياضي خوارزمي، يتيح لهم بعد ذلك التوصل إلى جعل العربية متاحة للترجمة الإلكترونية الفورية بمستوى لائق ومفهوم للقارئ. لكن كل هذا يحتاج للعمل قبله على تطوير ”نظام قراءة ضوئي” قادر على فهم الخطوط العربية المكتوبة باليد بمختلف أشكالها، ومهما بلغت صعوبتها، كي يصورها ويحولها إلى مطبوعة بالإمكان مكننتها، بمخطوطها ومطبوعها، وإتاحة مكتبة شاملة عمرها 15 قرنًا لخدمة الناس أجمعين.
نداء استغاثة يطلقه د. عدنان عيدان، الذي يكدّ من أجل حوسبة لغة الضاد، متوجهًا للجامعات العربية لتفتتح أقسامًا ل”اللسانيات الحاسوبية”، لتأهيل طلاب بمقدورهم المزج بين الدراسات اللغوية وعلم الحاسب الآلي، كي يتمكنوا من حل معضلة لا تزال تمثل إعاقة هائلة أمام العرب ليصبحوا جزءًا من التقدم الآلي المنشود.
يحلم الرجل وهو يقترب من سبعينه بلحظة يرى فيها أي كتاب عربي يصور ضوئيًا، ويصبح إلكترونيًا بلمح البرق، ثم ينقل إلى الإنجليزية أو الفرنسية أو الإسبانية بكبسة زر، وتجري عليه تصحيحات طفيفة، ليقرأ في أي مكان في العالم.
من دون الاجتهاد للوصول إلى ترجمة آلية عربية مفهومة النص، جيدة البنية والتراكيب، سيبقى العرب في عزلة لغوية، لا هم قادرون على قراءة غيرهم من دون معرفة بلغات أجنبية، ولن يصل أحد لقراءة ما يكتبون بلغتهم، لأنهم لم يجعلوها مرغوبة من الآخرين.
سنوات قلائل وتصير الترجمة التقليدية التي تحتاج وقتًا وصبرًا لنقل بضعة آلاف من الكلمات في اليوم، قصة قديمة ومضحكة، أمام حواسيب تترجم عشرات آلاف الكلمات في بضع ثوانٍ، بدقة قد تصل إلى مستوى 95%، وإن لم يبلغ العرب هذه المرحلة مع غيرهم من الأمم فالعاقبة وخيمة. الحواسيب تحسّن أداءها كما المترجم البشري الذي يتدرج مبتدئًا، ويشحذ قدراته بالدربة والمران. وحدهم الكسالى لا يصعدون السلم.
اللغة هي البنية التحتية للحاسوب، بذاكرته وأرشيفه، هي أداة التدوين، ووسيلة التواصل الرئيسية. الثورة اللغوية الإنجليزية، بدءًا من ستينات القرن الماضي، مكنت الأميركيين من تطوير تعاملهم مع الكومبيوتر، بحيث تم جمع المعلومات حول كل علم كموسوعة شاملة، وصار بالإمكان استخلاص نتائج، وعقد مقارنات، داخل العلم الواحد، وإيجاد المشتركات ونقاط التمفصل بين العلوم المختلفة، وبلوغ نتائج لم تكن ممكنة قبلاً.
العالم يسعى لقراءة فورية لما يدور في الرأس، بينما نحن نتعثر حتى في قراءة ما هو مكتوب أمامنا في القرطاس. متى تتقن أمّة ”اقرأ” ألف باء القرن الحادي والعشرين؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.