مع عودة كلّ صيف وارتفاع درجات الحرارة، تتكرّر المأساة نفسها في الشواطئ الجزائرية، وطول الساحل الذي يمتد من الشرق إلى الغرب، نداءات متكررة، رسائل نصية قصيرة، لافتات واضحة، تحذيرات مكثّفة من السلطات والحماية المدنية، عبر الصفحات الرسمية وغير الرسمية بمنصات التواصل الاجتماعي، لكن يبدو أنّ "لا حياة لمن تنادي"، شباب يتجاهلون كلّ تلك التحذيرات ويسبحون في أماكن خطرة، عائلات تستهين بتلك التعليمات والإنذارات، وأطفال يتسلّلون إلى البحر دون رقابة، حتى في أبسط حالات هيجان البحر، مثلما شهدناه على طول الساحل خلال الأسبوع المنصرم بسبب التقلبات الجوية، والحصيلة.. مئات حالات الغرق تدخّلت مصالح الحماية المدنية لمنع حدوثها، مثلما انتشلت العديد من الجثث، حتى أنّ مغامرات بعض الشباب غير المسؤولة دفعت بالسلطات إلى التدخّل الفوري حتى بالاستعانة بوسائل أخرى كالمروحيات والزوارق بمحرّكات. عن هذا الموضوع حدّث عون الإنقاذ بأحد شواطئ العاصمة لطفي باروكي "المساء"، قائلا إنّ الكثير من الشباب لا يحترمون تعليمات الوقاية التي تمنع السباحة في مكان، أو زمان تمنع فيه السلطات وفق تقديراتها السباحة حينها، فالحماية المدنية أو حراس الشواطئ أو أعوان السباحة، لا يمنعون السباحة من باب التعسّف، فهذا غير منطقي، بل من باب أنّهم يدركون تماما خطورة بعض المناطق الساحلية، وففي البعض منها تيارات خفية قاتلة، وأمواج قد ترتفع فجأة، ووديان ساحبة، خصوصا مع غياب أعوان في عين المكان أو حتى وسائل كافية للمساعدة على إخراج ومساعدة الغريق، لأنّه في بعض الحالات حتى من يتقن السباحة لا يمكن له أن يتدخّل في ظلّ الظروف الصعبة. كما توقّف محدّث "المساء" عند حالات الغرق التي تشهدها الشواطئ الصخرية المعزولة التي يعشقها بعض الشباب، محبي المغامرة والاستعراض غير مبالين بتعليمات السلامة، في حين يمكن أن تحدث حالات الغرق في شواطئ مسموحة للسباحة، لكن الأجواء تكون غير مناسبة لذلك، ولا يتم احترام تعليمات المنع. ووفق بيان رسمي للحماية المدنية فإنّ أكثر من 700 حالة غرق التدخل بشأنها في أسبوع واحد فقط، بينما تم تسجيل حوالي 25 حالة وفاة بين شواطئ، أودية ومسطّحات مائية غير مهيأة للسباحة، ومن بين الحالات المسجّلة أطفال لا تتجاوز أعمارهم 12 سنة، إضافة إلى شباب بعضهم لا يجيد الساحة تسحبه التيارات من الشاطئ نحو وسط البحر، وآخرون تحدوا أحوال البحر والأمواج العاتية والتيارات القوية في منافسة بينهم متناسيين رهبة هيجان البحر. ويصف محدّثنا أنّ عدم الالتزام بقواعد السلامة، خصوصا أمام حوادث يمكن تفاديها بالبقاء جالسين على الشواطئ دون مغامرة الدخول، يعود إلى سلوك جماعي مشترك بين الشباب، قائم على التمرّد على السلطة والتعليمات، واستعراض لثقة واعتقاد معرفة السباحة، وأنّ تلك التحذيرات ما هي إلاّ مبالغة في نظر هؤلاء الشباب، كلّ هذا لا يعكس شجاعة أبدا وإنّما قلة وعي وتقييم خاطئ لخطورة الوضع. في الأخير، شدّد المتحدّث على اهمية احترام قواعد السلامة، ومراقبة تعليمات الأمن والسلام، وعدم السباحة إذا أمر أعوان الأمن أو حرّاس الشواطئ أو المنقذ ذلك، والبقاء بعيدا في حالة هيجان البحر، مع مراقبة مستمرة وعدم ترك الأطفال دون أيّ حراسة ولو للحظات قليلة، مع تفادي السباحة في الشواطئ الصخرية غير المحروسة، ومحاولة تعلّم الإسعافات الأولية لإسعاف الغريق إلى حين وصول أعوان الحماية المدنية، إذا تطلّب الأمر.