أكد المختصون في أمراض الغدد والسكري، بالجزائر العاصمة، أن الأدوية المبتكرة الموجهة للمصابين بهذا الداء يتم وصفها إلى فئة المصابين بأمراض القلب والشرايين والسمنة المفرطة فقط. وأوضح المختصون، خلال ندوة خاصة، بشرح الكيفية التي يتم فيها وصف الأدوية المبتكرة الموجهة لداء السكري الذي يتسبب مع مرور الزمن في عدة تعقيدات خطيرة، من بينها أمراض القلب والشرايين التي تأتي في مقدمة العوامل المؤدية الى الوفيات، مؤكدين بأن هذه الأدوية المبتكرة المكلفة جدا، والتي يتم وصفها لفئة معينة، لا تؤثر على نفقات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وانما تساهم في ترشيد هذه النفقات مستقبلا من خلال تحسين نوعية حياة المرضى كما تقيهم من عدة تعقيدات . وأوضحت سامية زكري، مختصة في الطب الداخلي بالمؤسسة الإستشفائية العمومية بئر طرارية، من جهتها، أن هذه الأدوية المبتكرة ليست بالأدوية المعجزة، لكنها أثبتت نجاعتها لدى المرضى بالدول التي استعملتها من خلال تخفيضها للوزن وتعقيدات خطيرة أخرى. وأشارت ذات المختصة بالمناسبة إلى التحقيق الوطني الذي انجزته وزارة الصحة والسكان واصلاح المستشفيات، بالتعاون مع المنظمة العالمية للصحة بالجزائر، شمل أزيد من 7000 عائلة من مختلف انحاء الوطن تتراوح اعمارها ما بين 18 و69 سنة، حيث أثبت هذا التحقيق أن 14.5 بالمائة من العينة تعاني من داء السكري وان نسبة 24 بالمائة (لاسيما فئة المسنين) تعاني من تعقيدات في ارتفاع ضغط الدم والشرايين ونفس النسبة من الكوليستيرول. ودقت الأستاذة زكري، التي تشغل كذلك منصب رئيسة الجمعية الجزائرية لأمراض الشرايين، ناقوس الخطر حول ارتفاع داء السكري بالمجتمع الجزائر الذي انتقل من نسبة 8 بالمائة سنة 2004 الى 14.5 بالمائة خلال سنة 2017، مرجعة ذلك الى تغيير النمط المعيشي للسكان وقلة الحركة، الى جانب الإستهلاك المفرط للسكريات وملح الطعام والإدمان على التدخين والكحول. وأشار من جانبه رئيس مصلحة أمراض الغدد والسكري بالمؤسسة الإستشفائية الجامعية ابن باديس بقسنطينة، الأستاذ نسيم نوري، إلى الوضعية الوبائية لهذه الأمراض بمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا (مينا)، استنادا الى معطيات الإتحادية الدولية للسكري، أين بلغت نسبة الإصابة لدى البالغين ما بين 20 و79 سنة 96 بالمائة (55 مليون مصاب) نسبة 45 بالمائة من بينهم يجهلون مرضهم، كما تتسبب تعقيدات المرض في وفاة الفئات الأكثر نشاطا بالمجتمع (40-60 سنة). وعرض بالمناسبة ورقة الطريق التي تبنتها الجمعيتان الأوروبية والأمريكية منذ سنة 2018 في علاج داء السكري بإشراك المختصين في أمراض القلب والشرايين، نظرا للمخاطر التي تتسبب فيها وحثهم على وصف الأدوية الجديدة للتصدي للتخفيض من نسبة الوفيات والوزن الذي وصفته بمهد كل الأمراض الخطيرة والمميتة. وأشار بدور رئيس مصلحة الطب الداخلي بالمؤسسة الإستشفائية العمومية لبئر طرارية، الأستاذ عمار طبابيبية، مذكرا بمعطيات الإتحادية الدولية لداء السكري لسنة 2018 التي تنذر بارتفاع الداء من سنة إلى أخرى بشتى دول العالم، مؤكدا بأن شخص واحد من بين 11 يحمل هذا المرض، وواحد من بين اثنين يجهل هذا الداء و3/4 من الأشخاص المصابين تعيش بالدول ذات الدخل المتوسط والمحدود، حيث تنفق هذه الدول نسبة 10 بالمائة من ميزانية الصحة في هذا المجال. وثمن ذات المختص من جانب آخر منظومتي الصحة والضمان الاجتماعي بالجزائر، اللتان تأخذان على عاتقهما تكاليف هذا العلاج، محذرا من التعقيدات الناجمة عنه والتي إذا لم تتخذ السلطات العمومية اجراءات عاجلة، حسبه، سيتضرر الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من تكاليف هذه التعقيدات. ودعا من جانبه رئيس جمعية المصابين بداء السكري لولاية الجزائر العاصمة، فيصل أحدة، السلطات العمومية إلى ضرورة التفطن إلى الأخطار التي يحدثها هذا الداء وإدراج الأدوية الجديدة، مع تعوضيها لوضع حد لانتشاره الواسع. وعبر ذات المتحدث عن أسفه لعدم تطبيق قوانين صارمة بالرغم من وجودها للتخفيض من نسبة السكر بالمشروبات الغازية والياغورت ونسبة ملح الطعام بمادة الخبز والصناعة التحويلية الغذائية، واصفا هذين المادتين (السكر والملح) بأخطر المواد المتسببة في الأمراض المزمنة في حالة تجاوز استهلاك المقدرات الذي ينصح به الأطباء. وشدد منذر تومي، خبير في اقتصاد الصيدلة والاقتصاد الصحي بفرنسا، على ضرورة التحكم في الوضع الحالي بخصوص الإصابة بداء السكري بجميع الدول واستهداف الفئات الأكثر عرضة لتعقيداته من خلال وصف الأدوية الجديدة. وإذا كانت بعض الدول تتخوف من تكاليف هذه الأدوية الجديدة، فقد أكد ذات الخبير بأن هذه التكليف المرتفعة في الوقت الحالي ستصبح لا تساوي شيئا أمام ما ستربحه في الصحة مستقبلا، مشددا على ضرورة ادراج اتفاقية نجاعة مع المخابر المنتجة لهذه الأدوية لإجبارها على تعويضها في حالة عدم اثبات فعاليتها، وذلك للتحكم في نفقات صناديق الضمان الاجتماعي.