السيدة مولوجي تستقبل مديرة قسم المرأة والجندر والشباب بمفوضية الاتحاد الإفريقي    الجريدة الرسمية: صدور قانوني تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومعالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي    أوبك+: لجنة المراقبة الوزارية تشيد بالتزام أغلب الدول باتفاق خفض الإنتاج    الهاتف النقال: شركة جازي تسجل ارتفاعا في استثماراتها الى 6 ر10 مليار دج في الثلاثي الثاني /حصيلة    المؤتمر العالمي للذكاء الاصطناعي بشنغهاي : واضح يبرز جهود الجزائر في الرقمنة وتطوير الذكاء الاصطناعي    انطلاق أشغال مؤتمر تسوية قضية فلسطين وحل الدولتين في نيويورك    مطالب في أوروبا بكسر حالة الصمت وفضح جرائم المخزن في الصحراء الغربية    استقبل الدفعة الثالثة من الأئمة الموفدين إلى أكاديمية الأزهر .. بلمهدي يدعو إلى تمثيل الجزائر بما يليق بحضارتها وتراثها    الجزائر تشارك في المؤتمر العالمي السادس لرؤساء البرلمانات بجنيف    قندوسي مهدد بالغياب عن أمم أفريقيا    حسان يبدة يرشح حاج موسى للعب في الريال أو برشلونة    حوادث مرور وحرائق وغرقى… حصيلة ثقيلة للحماية المدنية خلال 24 ساعة    الجزائر اعتمدت عدة استراتيجيات لتحقيق الامن الغذائي ومواجهة آثار تغير المناخ    ضبط أزيد من قنطار من الكيف المعالج بالبليدة وبشار مصدره المغرب    كاراتي دو/بطولة إفريقيا-2025: الجزائر تنهي المنافسة برصيد 12 ميدالية، منها ذهبيتان    رئيس الجمهورية يشرف على حفل تكريم المتفوقين الأوائل في امتحانات شهادتيالبكالوريا والتعليم المتوسط    العدوان الصهيوني على غزة: كل الفلسطينيين جوعى في القطاع والأطفال هم الأكثر معاناة    مكافحة التقليد والقرصنة: توقيع اتفاقية بين المديرية العامة للأمن الوطني والديوان الوطني لحقوق المؤلف    تواصل موجة الحر عبر عدة ولايات من جنوب البلاد    بطولة إفريقيا لكرة القدم للاعبين المحليين 2024 /المؤجلة الى 2025/: المنتخب الوطني يواصل تحضيراته بسيدي موسى    اختتام المهرجان المحلي للموسيقى والأغنية الوهرانية : تكريم الفائزين الثلاث الأوائل    جثمان الفقيد يوارى بمقبرة القطار.. بللو: سيد علي فتار ترك ارثا إبداعيا غنيا في مجال السينما والتلفزيون    تمتد إلى غاية 30 جويلية.. تظاهرة بانوراما مسرح بومرداس .. منصة للموهوبين والمبدعين    وفود إفريقية تعبر عن ارتياحها لظروف الإقامة والتنظيم الجيد    هذا موعد صبّ المنحة المدرسية الخاصّة    يوميات القهر العادي    غوارديولا.. من صناعة النجوم إلى المدربين    العملية "تضع أسسا للدفع بالمناولة في مجال إنتاج قطع الغيار    تحقيق صافي أرباح بقيمة مليار دج    رغم الاقتراح الأمريكي لوقف إطلاق النار.. استمرار القتال بين كمبوديا وتايلاند    نيجيريا : الجيش يصد هجوماً شنته «بوكو حرام» و«داعش»    إستشهاد 12 فلسطينيا في قصف على خانيونس ودير البلح    وهران.. استقبال الفوج الثاني من أبناء الجالية الوطنية المقيمة بالخارج    خاصة بالموسم الدراسي المقبل..الشروع في صب المنحة المدرسية    تدابير جديدة لتسوية نهائية لملف العقار الفلاحي    إشادة بالحوار الاستراتيجي القائم بين الجزائر والولايات المتحدة    رئيس الجمهورية يعزي نظيره الروسي    الوكالة تشرع في الرد على طلبات المكتتبين    الابتلاء.. رفعةٌ للدرجات وتبوُّؤ لمنازل الجنات    ثواب الاستغفار ومقدار مضاعفته    من أسماء الله الحسنى.. "الناصر، النصير"    هدفنا تكوين فريق تنافسي ومشروعنا واحد    إنجاز مشاريع تنموية هامة ببلديات بومرداس    عنابة تفتتح العرس بروح الوحدة والانتماء    عندما تجتمع السياحة بألوان الطبيعة    لا يوجد خاسر..الجميع فائزون ولنصنع معا تاريخا جديدا    حملة لمكافحة الاستغلال غير القانوني لمواقف السيارات    "المادة" في إقامة لوكارنو السينمائية    ورشة الأصالة والنوعية تختتم الفعاليات    جثمان المخرج سيد علي فطار يوارى الثرى بالجزائر العاصمة    دعوة مفتوحة للمساهمة في مؤلّف جماعي حول يوسف مراحي    شبكة ولائية متخصصة في معالجة القدم السكري    منظمة الصحة العالمية تحذر من انتشار فيروس شيكونغونيا عالميا    وهران: افتتاح معرض الحرمين الدولي للحج والعمرة والسياحة    النمّام الصادق خائن والنمّام الكاذب أشد شرًا    إجراءات إلكترونية جديدة لمتابعة ملفات الاستيراد    استكمال الإطار التنظيمي لتطبيق جهاز الدولة    رموز الاستجابة السريعة ب58 ولاية لجمع الزكاة عبر "بريدي موب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في انتظار سد تابلوط الكبير بجيجل
نشر في النصر يوم 02 - 08 - 2015


تاكسنة : أزمة عطش كل صيف والصهاريج حل يتكرر
ونحن متوجهين إلى منطقة تاكسنة الواقعة وسط جبال جيجل و غاباتها الشهيرة لم نكن نتوقع بأننا ذاهبون فعلا إلى رواق عطش مزمن تحول مع مرور الزمن إلى تحد كبير يواجه بقايا السكان الذين تشبثوا بالمنطقة وصمدوا فوق الأرض رافضين الرحيل في سنوات الجنون والجمر والدم منتصف التسعينات . وضع عطل التنمية وأطبق على المنطقة من كل الجهات حتى كادت أن تصير محرمة كما كانت خلال الثورة المقدسة.
في هذه المدينة المتأبطة للجبال والوهاد ، وقفنا على مفارقات غريبة و مثيرة للحيرة و التساؤل . ربوع خضراء على مد البصر . جنات فوق الأرض تتدفق منها المياه العذبة الباردة بلا إنقطاع . لكن المفارقة أن السكان يعانون أزمة عطش تتجدد كل صيف و تستمر عدة شهور و ربما سنة كاملة إذا لم يمطر الشتاء بكميات كبيرة ، أو تغطي الثلوج قمم جبال تعانق السماء و تطل على البحر المتوسط راسمة لوحة فنية نادرة تروي تاريخ تاكسنة و صراع الإنسان مع طبيعة جبلية قاسية تشتد في الشتاء عندما يغطي الجليد القطبي كل شيء و في الصيف عندما يتراجع منسوب المنابع الطبيعية الصغيرة و تجف الحنفيات و يخرج السكان من منازلهم في رحلة بحث مضنية عن الماء الذي يحيط بتاكسنة من كل الجهات لكنه لا يصل إلى منازل السكان الذين يعيشون أزمة عطش حادة كل صيف. هم صابرون لا يحتجون كثيرا و كأنهم لا يريدون إغضاب الطبيعة حتى لا تأخذ ما تبقى من منابع في ظل تغيرات مناخية صعبة بدأت مؤشراتها تظهر بوضوح في السنوات الأخيرة.
النصر توغلت في أعماق تاكسنة و تحدثت إلى السكان و تجار الماء و المسؤولين المحليين حول أزمة العطش التي تضرب المنطقة كل صيف، و كيف يواجه السكان نقص المياه و ما هي البدائل الراهنة و الحلول المستقبلية للقضاء النهائي على الأزمة التي بلغت ذروتها هذا الصيف و خاصة بمنطقة الغريانة التجمع السكاني الثانوي الأكثر تضررا برواق العطش الذي يمتد إلى عدة بلديات مجاورة.
الغريانة .. بداية المعاناة
على الطريق الوطني 77 و على بعد 10 كلم تقريبا من مركز بلدية قاوس التابعة لدائرة تاكسنة يقع أكبر تجمع سكاني ثانوي بالمنطقة يسمى الغريانة مستقبل التوسع العمراني بتاكسنة . التقينا صاحب مطعم على حافة الطريق يحمل أنبوب مياه شحيح بالكاد تخرج منه قطرات ترش واجهة المطعم في يوم حار تجاوز فيه المقياس 40 درجة.
سألنا الرجل عن أزمة المياه بالمنطقة فقال بأن الغريانة لم تشرب منذ 15 يوما و أن السكان يواجهون وضعا صعبا و لم يعودوا قادرين على التحمل و شراء مزيد من مياه الينابيع التي لم تعد تكفي بعد إرتفاع معدل الإستهلاك لمواجهة حرارة قوية تجتاح المنطقة و شمال البلاد منذ عدة أيام.
«نحن نعاني من العطش و لا نرى حلولا قريبة . هذا أمر مؤسف و مخيب للآمال .. كيف نعاني العطش و مياه السدود و الينابيع تحيط بنا من كل الجهات ؟ ، أين ذهب المسؤولون؟ لماذا يتركوننا هكذا نعاني كل صيف؟» يقول صاحب المطعم و العرق يتصبب من جبينه و هو يحاول الإبقاء على مطعمه مفتوحا في يوم شديد الحرارة و الرطوبة التي تحبس الأنفاس.
كان الرجل في قمة الغضب و هو ينظر إلى خزان صغير يوشك على الجفاف و أصبح في حاجة إلى شاحنة صهاريج متنقلة تعيد له الروح من جديد . أثرنا مشاعر الرجل عندما سألناه عن أزمة المياه بتاكسنة و تجمعاتها السكانية الثانوية و لم يعد يرغب في الكلام و فهمنا نحن بأن الوضع صعب للغاية و لم نكن نعلم بأننا دخلنا رواق العطش الممتد من الغريانة إلى تاكسنة التي بدأت تظهر لنا من بعيد بين جبلين كبيرين يكادان يطبقان عليها و منهما إستمدت إسمها البربري تاكسنة الذي يعني الفج أو المكان الواقع بين منخفضين .
قيل لنا بان مشكل الغريانة ليس نقص المياه فقط بل في قدم الشبكات أيضا حيث تعاني الأنابيب من الإنكسارات و التسربات و تضيع كميات كبيرة من المياه قبل أن تصل إلى منازل السكان . و تجري حاليا عمليات تجديد الشبكات حتى تكون قادرة على التحمل عندما تبدأ عمليات الضخ من سد العقرم المجاور الذي كان يزود مدينة جيجل بمياه الشرب قبل أن تتحول إلى سد أكسير الواقع ببلدية العوانة الساحلية.
حسب المسؤولين المحليين فإن أزمة العطش بالغريانة التي تصلها مياه شرب قليلة مرة واحدة كل أسبوع توشك على النهاية بعد إطلاق مشاريع تجديد الشبكات و توجيه قدرات الضخ من سد العقرم إلى رواق العطش الذي كان يشمل بلدية قاوس أيضا قبل أن تودع الأزمة عندما بدأت تصلها مياه السد بلا إنقطاع.
نائب رئيس البلدية: نحاول مساعدة السكان بمخطط صهاريج
تركنا الغريانة عطشى في يوم صيفي حار و واصلنا مسيرة شاقة بإتجاه تاكسنة أين وجدنا نائب رئيس بلديتها السيد لالوسي عبد العزيز في إنتظارنا و هو يضع حزمة أوراق على مكتبه فيها كل المعطيات حول تاكسنة و فيها تفاصيل أزمة الماء التي تقلق الجميع منذ سنوات طويلة.
يقول نائب رئيس البلدية بأن منطقة تاكسنة تتغذى من منابع طبيعية سطحية ذات منسوب ضعيف لا يكفي لتعبئة الخزانات كل يوم ، مضيفا بأن بعض هذه المنابع تجف تماما في فصل الصيف و البعض الآخر يتراجع منسوبه بشكل كبير و يصبح من الصعب تعبئة الخزانات و ضخ المياه إلى السكان بكميات كافية.
يعاني قطاع مياه الشرب بتاكسنة حسب المتحدث من إنعدام المياه الجوفية العميقة و مشاكل تقنية معقدة بينها الطبيعة الجغرافية الوعرة و قدم شبكات التوزيع و الأعطاب المتكررة التي تصيب المضخات التي تعمل بأقصى طاقاتها لإيصال كميات قليلة من المياه إلى إرتفاعات كبيرة حيث يتركز أغلب السكان.
لا تعرف تاكسنة نقصا في مياه الشرب خلال فصل الشتاء لكنها اليوم تشرب مرتين في الأسبوع و بكميات قليلة لا تسد حاجيات السكان الذين أصبحوا يعتمدون على إمكاناتهم الخاصة لجلب المياه من منابيع طبيعية منتشرة بالمنطقة على نطاق واسع لكنها غير مجدية عندما يتعلق الأمر بتعبئة خزانات عملاقة سئمت من الجفاف المزمن تماما كأهالي تاكسنة الذين أصبحت عيونهم معلقة إلى السماء في إنتظار غيث يحيى المنابع الجافة و يرفع قدرات الضخ.
مخطط الصهاريج المتنقلة يخفف أزمة العطش بتاكسنة
تاكسنة ليست وحدها في مواجهة أزمة العطش يقول نائب رئيس البلدية فهناك تضامن واسع من عدة بلديات بجيجل قررت وضع صهاريج متنقلة تحت التصرف طيلة فصل الصيف بينها بلديات قاوس، الطاهير، جيملة، و بني ياجيس ، بالإضافة إلى الإمكانات المحلية بتاكسنة . حيث أصبحت الدورة الواحدة توفر أكثر من 32 ألف لتر من مياه الشرب للسكان تضاف إلى الكميات الموجودة في المنابع و الحنفيات العمومية التي يوجد بعضها وسط مدينة تاكسنة وتزود سكان الأحياء القريبة منها بمياه الشرب بين فترة و أخرى.
بالإضافة إلى مخطط الصهاريج إتخذت بلدية تاكسنة عدة إجراءات إستعجالية كتهيئة المنابع الموجودة و المحافظة عليها و تجديد مقاطع من القنوات القديمة و شراء مضخات إحتياطية للتقليص من مدة الأعطاب الكهربائية التي تصيب المضخات العاملة ، وشراء المزيد من الشاحنات الحاملة للصهاريج و التنسيق مع بلديات الولاية للحصول على مزيد من الدعم.
الحل النهائي حسب المتحدث سيكون بمشروع سد تابلوط الواقع قرب تاكسنة . هو الحل الجذري الذي سيقضي تماما على أزمة المياه بعدة بلديات حيث يتوقع أن يدخل السد مرحلة الإستغلال نهاية السنة القادمة.
حاليا تجري أشغال مد قناة عملاقة بإتجاه تاكسنة وصلت بها نسبة الإنجاز إلى أكثر من 20 بالمائة و ستكون جاهزة للعمل مباشرة بعد تشغيل محطات الضخ بالسد المذكور الذي سيكون من بين الخمسة سدود الكبرى في الجزائر.
يبيعون الماء في كل مكان و المير يشرب من صهريج
في تاكسنة ، يبيعون مياه المنابع الطبيعية في كل مكان . هم تجار مرخص لهم و يخضعون للرقابة الدورية بإستمرار للمحافظة على صحة السكان في ظل أزمة ماء غير مسبوقة بالمنطقة.
يقول جمال معالي أحد باعة المياه المعدنية بتاكسنة بأنه يعمل بإستمرار رفقة باعة آخرين لتزويد السكان بمياه الشرب و المساعدة في التخفيف من الأزمة خلال الصيف مضيفا بأن مياه المنابع موجودة في كل مكان لكنها لا تصل إلى حنفيات المواطنين لأنها غير مرتبطة بشبكة التوزيع كما أن أغلب المنابع إستولى عليها مواطنون و حولوها إلى منازلهم للإستهلاك و البيع.
و يزود جمال عدة مواطنين كل يوم بمن فيهم رئيس البلدية الذي يشرب أيضا من صهريج متنقل مثله مثل سكان تاكسنة الذين يتميزون بالهدوء و الصبر و الرزانة و التضامن في ما بينهم لتجاوز الصعوبات كما فعلوا خلال مرحلة تردي الأوضاع الأمنية منتصف التسعينات.
نهاية الأزمة مطلع 2017
يتوقع رئيس دائرة تاكسنة السيد حمو خليفي الذي إستقبلنا بمكتبه ، أن نهاية أزمة المياه بالمنطقة ستكون مع بداية 2017 عندما ينتهي مشروع سد تابلوط الكبير و تصل قنوات الضخ العملاقة إلى تاكسنة . مضيفا بأن الإجراءات المتخذة سمحت بتوفير كميات معتبرة من مياه الشرب للسكان و من بين هذه الإجراءات تجنيد الإمكانات الموجودة لدى البلديات الأخرى و إصلاح شبكات التوزيع و تهيئة المنابع و ترشيد إستهلاك المياه.
ويعتقد رئيس الدائرة أن مخطط الصهاريج ساعد على توفير المياه للمواطنين مؤكدا بأن عدة بلديات مجاورة قد أرسلت شاحنات صهاريج إلى تاكسنة مما رفع طاقة نقل المياه إلى أكثر من 30 ألف لتر في الدورة الواحدة و هي كمية معتبرة تضاف إلى الكميات القليلة في الخزانات و صهاريج التجار المرخص لهم ببيع المياه الصالحة للشرب للمساعدة على تجاوز الأزمة التي عمرت طويلا بتاكسنة لكنها توشك اليوم على الزوال بعد إنطلاق مشروع سد تابلوط الذي بلغ مرحلة متقدمة من الإنجاز.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.