استعراض آفاق قطاعات النقل والرقمنة في الجزائر    استحداث 4 معاهد متخصصة في مجال المناجم قريبا    80٪ من الجزائريين يستفيدون من الانترنت    مساندة جزائرية مطلقة لحق الشعب الفلسطيني في المقاومة    ضرورة توفر وسائل إعلام قوية لرفع التحديات    الشفافية والصرامة في إعداد دفتر شروط التجهيزات الطبية    تطوير المنصة الرقمية للمستثمرين في الصناعة الصيدلانية    لا تزال الأزمة تصنع الحدث في الساحة الرياضية: بيان رسمي .. اتحاد العاصمة يعلّق على عدم إجراء مباراته أمام نهضة بركان    لا مفر من الرحيل عن ليل: بعد إهانة ليل.. صديق آدم وناس يكشف "المؤامرة "الفرنسية    «داربي» عاصمي واعد من أجل مكان في النّهائي    تضاعفت قيمة عمورة السوقية 4 مرات: سانت جيلواز.. عمورة للبيع لمن يدفع أكثر من 20 مليون يورو    باتنة : الدرك الوطني بدائرة عين التوتة توقيف شخص يمارس السحر والشعوذة بأولاد عوف    تم معالجة 40 ألف شكوى تلقاها وسيط الجمهورية وطنيا    تأسيس الجائزة الوطنية في علوم اللّغة العربية    الخطوط الجوية تعلن عن عرض جديد    اجتماع القادة.. لقاء ثلاثي بأبعاد إقليمية ومتوسطية    سايحي يشرف على افتتاح اليوم التحسيسي والتوعوي    المنتخب الوطني يتعادل أمام نظيره التونسي    قصف ومجازر وسط القطاع واقتحامات للمسجد الأقصى    نيابة الجمهورية: فتح تحقيق في حادثة انهيار سقف قسم بمدرسة ابتدائية بوهران    العاصمة.. إحصاء 248 مشروع تنموي في مختلف القطاعات    برج بوعريريج.. مشروع ازدواجية الطريق الوطني رقم 76 يرى النور قريبا    مطالب بحماية الشعب الصحراوي من الاضطهاد المغربي    عبد الرشيد طبي : ضرورة تثمين الهياكل القضائية بتقديم خدمات نوعية للمواطنين    توظيف التراث في الأدب.. عنوان المقاومة..    الأغواط : أبواب مفتوحة على مركز التدريب للدفاع المضاد للطائرات    البنك الوطني الجزائري: رقم الأعمال يرتفع بأكثر من 27 بالمائة في 2023    المدرسة العليا للدّفاع الجوي..صرح علمي بكفاءات عالية    فلسطين: انتشار مكثف لجنود الاحتلال في القدس وغلق كافة الممرات المؤدية للمدينة    الإحصاء للعام للفلاحة : تحضيرات حثيثة بولايات جنوب الوطن    لغروس في بسكرة: وضع حجر أساس مشروع إنجاز محطة توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية    مسؤول أممي: نشعر بالذعر من تقارير عن وجود مقابر جماعية في غزة    السيد عطاف يؤكد أن الوضع المأساوي في قطاع غزة سيبقى على رأس أولويات الجزائر في مجلس الأمن    فرصة جديدة لحياة صحية    رأس الحمراء و"الفنار".. استمتاع بالطبيعة من عل    دعوة لإنشاء جيل واع ومحب للقراءة    بطولات رمز المقاومة بالطاسيلي ناجر..تقديم العرض الشرفي الأول للفيلم الوثائقي الطويل "آق ابكدة .. شمس آزجر"    القضاء على إرهابي واسترجاع مسدس رشاش من نوع كلاشنيكوف بمنطقة الثنية الكحلة بالمدية    حج 2024 : استئناف اليوم الثلاثاء عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    استدعاءات الباك والبيام تُسحب بداية من 9 ماي    ساهم في فوز فينورد بكأس هولندا: راميز زروقي يتذوّق أول لقب في مشواره    وزارة الفلاحة تنظّم ورشات لإعداد دفاتر أعباء نموذجية    القرار سينفذ هذا الصيف: منع كراء عتاد الاستجمام و زوارق النزهة بشواطئ عنابة    سطيف: تحرير شاب عشريني اختطف بعين آزال    مؤشرات اقتصادية هامة حقّقتها الجزائر    صعلكة    منصّة رقمية لتسيير الصيدليات الخاصة    90 % من الجوعى محاصرون في مناطق الاشتباكات    بن ناصر يُفضل الانتقال إلى الدوري السعودي    الشباب السعودي يقدم عرضا ب12 مليون يورو لبونجاح    مصادر وأرشيف لتوثيق الذاكرة بجهود إفريقية    الدورة 14 مرفوعة إلى الفنان الراحل "الرازي"    رفع مستوى التكوين والاعتماد على أهل الاختصاص    حكم التسميع والتحميد    الدعاء سلاح المؤمن الواثق بربه    أعمال تجلب لك محبة الله تعالى    دروس من قصة نبي الله أيوب    صيام" الصابرين".. حرص على الأجر واستحضار أجواء رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العزوف عن خدمة الأرض يهدد مستقبل الفلاحة
نشر في النصر يوم 02 - 08 - 2015

يجد أصحاب الأراضي والمستثمرات الفلاحية بقسنطينة صعوبة كبيرة في تأمين عمال لجني المحاصيل أو القيام بمهن فلاحية ممتدة على مدار الموسم بسبب عزوف كبير عن العمل في القطاع حتى من أبناء الأرياف الذين تسجل في أوساطهم نسب بطالة مرتفعة. مواسم الدرس والحصاد والجني والزرع تعد محطات صعبة بالنسبة للملاك الذي أصبحوا يبحثون عن بدائل تجنبهم المجازفة بالاعتماد على العمالة المحلية، فلجأ أصحاب المستثمرات الكبرى إلى توظيف أجراء من ولايات الغرب الجزائري يعيشون بشكل شبه دائم في بنايات أنشئت لإيوائهم تقع داخل الأراضي، فيما وجد فلاحون صغارا الحل في الرحل على اعتبار أن نشاطهم موسمي.ويبرر الشباب مقاطعتهم للفلاحة بضعف المقابل المادي وعدم توفر الحماية الاجتماعية في مهن شاقة، كما يفسر إتحاد الفلاحين انكماش دائرة من يخدمون الأرض على أنه نتاج سياسة صيغ دعم وتشغيل الشباب التي جعلت التجارة والنقل الخيارات المفضلة للهروب من مشاق الفلاحة, بينما يكتفي الجامعيون بالعمل الموسمي لتأمين العطل أو توفير كسوة الدخول الاجتماعي.ويؤكد فلاحون أن كثيرين باعوا أراضيهم أو قاموا بكرائها بسبب المشكل بينما لجأ عدد قليل منهم إلى العمل العائلي للحفاظ على الأراضي، وحتى من اختاروا الفلاحة كمهنة يتحدثون عن حالة من الاستغلال للملاك مقابل مبالغ لا تتلاءم و ارتفاع مستوى المعيشة في حين يقول من يشغلونهم أن العامل في الفلاحة اليوم أصبح يضع شروطه ويطلب أرقاما غير منطقية.وبين من يدافعون عن مصالحهم ويطالبون بحقوقهم تبقى الأرض رهينة ثقافة تقلل من أهمية العمل الفلاحي إلى درجة أن البطالين يفضلون العمل في أشغال المنفعة العامة على خدمة أراض تبقى مهملة، وبلغ الأمر حد الحديث عن استيراد عمالة أجنبية .
يتلقون أجورا لا تزيد عن 50 ألف دج ويقيمون في الأراضي عمالة من الغرب والجنوب لإنقاذ محاصيل المستثمرات الكبرى
أفراد من عائلة واحدة يتولون خدمة الأرض بأنفسهم
اضطر أصحاب المستثمرات الكبرى إلى استيراد اليد العاملة من ولايات من الغرب الجزائري لضمان جنى محاصيلهم، حيث تم إستقدام عمال برواتب شهرية يقيمون داخل بنايات تقع بالأراضي لضمان استمرارية الخدمة، لكن هذه الفئة تشتكي من تدني الأجور مقابل العمل الشاق.
و قال العديد من الفلاحين الذين التقينا بهم خلال جولة قمنا بها بالعديد من المستثمرات الفلاحية و حقول الحبوب بمنطقة عين اعبيد، أن مشكل نقص العمالة يتكرر كل سنة خاصة خلال مواسم جني المحاصيل، حيث يضطر العديد من أصحاب الأراضي إلى توظيف عمال من ولايات أخرى، في ظل عزوف أبناء المناطق المعنية عن خدمة الأرض لعدة أسباب ذكرها الفلاحون و أكدها عمال آخرون.
العمالة الدائمة مشكلة الملاك الكبار
وجهتنا كانت نحو دائرة عين اعبيد المعروفة بطابعها الفلاحي و تواجد العديد من المستثمرات و الأراضي الزراعية بها، و بوصولنا إلى أحد المناطق التي تسمى «بتويفزة» الواقعة في مخرج المدينة نحو «تاملوكة» على بعد حوالي 03 كلم ، لفتت انتباهنا قطعة أرضية خضراء وسط أراضي قمح صفراء اللون اعتقدنا في البداية أنها لمنتوج البطاطا، إلا أنه بعد تقربنا من أصحابها تبين أن الأمر يتعلق بقطعة أرضية بها العديد من المنتوجات كالكوسة و الفلفل و الطماطم ،مقسمة في شكل قطع أرضية صغيرة داخل مساحة واحدة، حيث التقينا بشاب كان على متن شاحنة صغيرة ليلتحق بنا والده و آخاه الذين كانا يراقبان المحصول و عملية السقي، و بعد دردشة عن الفلاحة و الموسم الفلاحي استفسرنا المعنيين حول مشكل نقص اليد العاملة، حيث أكدوا لنا أن نقص اليد العاملة في المجال هو الشغل الشاغل للفلاح بالنظر إلى حاجة الأخير إلى العنصر البشري خلال جميع مراحل زراعة المنتوج، خاصة و أنه يتم جني بعض المحاصيل كالبطاطا مثلا مرتين في السنة خلال شهري أوت و نوفمبر تقريبا، فيما تتجاوزها إلى ثلاثة مرات في المناطق الصحراوية نتيجة لارتفاع درجة الحرارة التي تساعد على جاهزية الغلة في وقت قياسي حسب محدثنا ،و هو ما يعني حسبه حاجة الفلاح الدائمة للعمال خلال مراحل الزرع و التحمير ووضع الأسمدة و السقي.
و هي كلها عمليات لها أوقات معينة و تتطلب يدا عاملة حسب مساحة الأرض أو المستثمرة و حجم الكمية المزروعة، مضيفا أن عملية السقي وحدها تتطلب رقابة دورية حيث يتم تغيير موقع الأنابيب كل 04 ساعات تقريبا، من أجل تغطية كل المساحة المزروعة بالمياه رغم أنها تتم مرة واحدة في الأسبوع تقريبا بالنسبة للبطاطا و المحاصيل المذكورة.
سائق الحاصدة الحلقة المفقودة
أما بالنسبة لشعبة الحبوب فقد شرح لنا أحد العمال الذي التقينا به بإحدى المستثمرات الفلاحية الخاصة بذات المنطقة، مراحل عملية زرع و جني المنتوج و التي يكون الفلاح في أمس الحاجة خلالها لليد العاملة، حيث أوضح أن عملية تحضير الأرضية للزرع تنطلق منذ فصل الربيع أين يتم حرث المساحة المعنية، فيما يتواصل تقليب الأرضية بشكل دوري للقضاء على الأعشاب الضارة إلى غاية شهر نوفمبر، و من ثم يبدأ الزرع و يمتد إلى غاية الأيام الأولى لشهر ديسمبر كأحسن فترة حسب المناخ و المنطقة على حد قوله، مضيفا أنه يتم وضع الآزوت في بداية مارس ثم يقوم الفلاح بإبادة الأعشاب الضارة عن طريق استعمال المبيد الكيميائي بعد حوالي 15 يوما، إضافة إلى إجراء علاج وقائي من الفطريات و تدعيم البذور بمواد مقوية مع نهاية أفريل و بداية شهر ماي كآخر خطوة في عملية الزرع، في انتظار جاهزية المحصول إلى غاية 15 جوان من كل سنة حينما يبدأ موسم الحصاد بالمناطق التلية و خلال شهر أفريل في المناطق الصحراوية الجافة.
و قال عامل آخر بأحد القطع الأرضية التابعة لذات المستثمرة و المتخصصة في زراعة أشجار الفواكه، أن الأخيرة تثمر كل سنة و هي عملية تستوجب توفر اليد العاملة بصفة دورية، و ذلك نظرا لضرورة القيام بالعديد من العمليات التي تسبق جني المحصول كزبر و تلقيم الأشجار و كذا مراقبة أنابيب السقي و الأماكن المعنية بوضعها، حيث يقع العديد من الفلاحين حسبه في ورطة بسبب عدم إقبال الشباب على النشاط في المجال.
جامعيون يشتغلون في الفلاحة لتأمين عطل مريحة
أجمع غالبية الفلاحين و العمال الذين تحدثنا إليهم حول مشكل نقص العمالة بالمجال الفلاحي، أن الإشكال يكون أكثر حدة بدء من موسم الدخول المدرسي و الجامعي، موضحا أن هناك العديد من الشباب الذين يزاولون دراستهم يفضلون العمل خلال فترة العطلة لتوفير مصاريف تنظيم مخيمات صيفية و التحضير للموسم الدراسي الجديد، حيث قال أحد العمال الذي صادفناه بإحدى المستثمرات الفلاحية الخاصة بمنطقة أخرى بدوار كحالشة الواقع بين الخروب و عين اعبيد، أن فترة الصيف تعرف إقبالا و لو أنه غير كاف، حسبه، من شباب لا يزالون في مرحلة الدراسة ينشطون في بعض الشعب الفلاحية كجني البطاطا و الحصاد، و ذلك بهدف تحقيق أرباح ظرفية على حد قوله، و هو ما يسد نوعا من العجز في العمالة برأيه لدى الكثير من الفلاحين الذين يستغلون الفرصة في توظيف أكبر عدد من الشباب، و ذلك من أجل إتمام عملية الحصاد أو جني المحاصيل في شعب أخرى.
فيما يستعين فلاحون آخرون بشباب المداشر و القرى الذين يعانون أصلا من البطالة في العملية الفلاحية، في حين تتولى بعض العائلات خدمة الأرض بنفسها نتيجة لنقص العمالة.و بتوجهنا إلى أحد المستثمرات الفلاحية المتخصصة في زراعة أشجار الفواكه، التقينا بأحد الشباب الذي تبين من لهجته أنه من ولاية أخرى، حيث تبين أن الأخير قادم من ولاية الشلف من اجل النشاط في المجال الفلاحي بالمنطقة، و عند استفسارنا عن الأمر قال لنا المعني أنه اعتاد القدوم إلى ولاية قسنطينة للعمل في إنتاج الفواكه لدى صاحب الأرض، مضيفا أن اليد العاملة في المجال تكاد تكون منعدمة في هذه المنطقة و هو ما اضطر العديد من الفلاحين و أصحاب الأراضي إلى توظيف عمال من خارج الولاية، حيث أكد لنا المتحدث أنه يعرف العديد من الأشخاص يقطنون بولايات غربية و ينشطون بولاية قسنطينة، يضمن لهم صاحب الأرض مكان الإقامة في بنايات عادة ما تنجز بمحاذاة القطع الأرضية، في خطوة لتثبيت العامل بمكان العمل و ضمان مردودية أكبر.
كما قال أحد الفلاحين الذي ينشط بطريقة حرة من خلال استئجار قطع أرضية لزراعتها و جني محصولها، أن هناك العديد من الشباب القادمين من ولايات الشلف، معسكر، بسكرة و غيرها يقبلون على النشاط الفلاحي كل موسم جني المحاصيل كالبطاطا و باقي الخضر و الفواكه الموسمية، و ذلك من خلال الإقامة في البناءات الصغيرة التي تنجز عادة بالأراضي المزروعة سواء للحراسة أو لإيواء العمال، في وقت لا يهتم فيه الشباب المحلي بالفلاحة و لا يفضل النشاط بها حسب محدثنا.
عمال الأرض يشتكون من تدني الأجور وانعدام التأمين
لدى تجولنا بأحد البساتين المنتجة للفواكه صادفنا كهلا في الخمسينات من العمر كان بصدد ممارسة بعض أشغال البناء، و بعد تطرقنا إلى مشكل نقص العمالة بقطاع الفلاحة قال لنا أنه قضى 25 سنة كعامل في هذا المجال، استفاد خلالها من 05 سنوات فقط من التأمين فيما ذهب مجهود 20 سنة كاملة هباء منثورا على حد قوله، حيث أكد لنا في هذا الإطار أن العديد من الفلاحين و أصحاب الأراضي يشغلون العمال دون التصريح بهم لدى الضمان الاجتماعي، و ذلك لعدة أسباب منها كون بعض العمليات تتم بوتيرة متقطعة و لا تستمر طول الشهر أو السنة، ما عدا وظائف الحراسة و السياقة و النقل بالشاحنات و الجرارات و غيرها، و هو ما يتطلب مناصب عمل دائمة حسب محدثنا فيما يعتمد على يد عاملة بأعداد كافية خلال مواسم جني المحاصيل فقط. و قال آخر أن انعدام التأمين إشكال كبير بالنسبة للعامل يهدد بضياع حقوقه في حالة حدوث إصابات أو حوادث، و هو ما حصل بالعديد من المستثمرات و الأراضي الفلاحية أين تعرض العمال لإصابات خطيرة أدى بعضها إلى الوفاة، حيث تطورت الأمور إلى شكاوى و قضايا في العدالة ذهب ضحيتها عمال و تورط فيها فلاحون.
أما بالنسبة للأجور في النشاط الفلاحي فهناك بعض العمال يعتبرونها متدنية و لا تتناسب مع حجم ساعات و ظروف العمل الشاقة، و ذلك حسب الفلاحين و العمال الذين تحدثنا إليهم رغم وصول بعض المرتبات إلى أكثر من 50 ألف دينار شهريا في بعض الوظائف.
حيث أكد لنا أحد الفلاحين أن العامل الذي يقوم بجني محاصيل الخضر يتقاضى بين 800 دج و 1200 دج يوميا، فيما يتقاضى العامل الذي يتولى الحراسة و السقي 24 على 24 ساعة حوالي 50 ألف دج دون تأمين، بينما أكد الشاب القادم من ولاية الشلف و يعمل بإحدى بساتين الفواكه أنه يتقاضى 35 ألف دينار رغم إقامته و سهره الدائم على المستثمرة. أما بالنسبة لسائق الحاصدة فقد أكد أحد الفلاحين أنه يتقاضى أجرة 05 آلاف دينار يوميا في عمل شاق و مضني لا ينتهي إلا بانتهاء حصاد المساحة المعنية، و 2000 دج بالنسبة للعامل الذي ينقل الحبوب المحصلة إلى التعاونيات، بينما يتقاضى العامل الذي يقوم بجمع التبن بواسطة آلة حوالي 2500 دج، و هو ما يرفضه العديد من الشباب فيما يتقبله بعض المتقاعدين الذين تتوفر لديهم القابلية للعمل من خلال إقبالهم على بعض التخصصات. خالد ضرباني
"الرحل" لتجاوز عزوف الشباب عن العمل في الفلاحة
يشكو أغلب الفلاحين من مشكل نقص العمالة، ويجدون صعوبة كبيرة في عمليات جني المحاصيل الزراعية ، ما دفع بالكثيرين للاستنجاد باليد العاملة من ولايات أخرى ورفع «بورصة» تكاليف اليد العاملة إلى سقف «غير معقول»، في حين يشتكي من يمارسون النشاط في القطاع من الأجر الزهيد.
وبسبب جدل متواصل بين المال والجهد المبذول، يتواصل نزيف اليد العاملة التي يتجه أصحابها نحو أعمال أكثر سهولة، وهو ما دفع بالكثيرين إلى تقليص مساحات الزراعة والاقتصار على الأراضي التي تصل إليها الآلات، أو انتظار عصا سحرية يحملها ما تبقى من فلاحين بسطاء لا زالوا متمسكون بحرفتهم رغم المشاق.
«هشام» نموذج عن اليد العاملة البسيطة في مجال الفلاحة ببلدية بني حميدان، أكد أنه هجر مهنته منذ مدة شأنه في ذلك شأن العشرات من زملائه، وذلك لتقلص دخلهم بشكل كبير جراء طغيان الآلة على العمل الفلاحي، وعزوف أصحاب الأراضي عن اليد العاملة إلا في الضرورة القصوى، مثل الأماكن الوعرة التي لا تصلها الآلات، وهو ما دفع بالكثيرين حسبه للبحث عن مهنة أخرى للعيش منها بدل الانتظار والعمل في ظروف قاسية مقابل مبالغ زهيدة.
ويضيف هشام: «في الأيام العادية نتقاضى ما بين 600 و700 دج وحتى 800 دج في أحسن الأحيان، حيث ننطلق في أداء عملنا حوالي الساعة الثامنة صباحا وإلى غاية الرابعة مساء، ويكون ذلك في فترة الشتاء غالبا، وهو ما يعني حوالي 20 ألف دينار»، وهو ما اعتبره مبلغا زهيدا مقارنة مع المجهود الذي يبذل من قبل العمال، والربح الذي يجنيه أصحاب الأرض.
«محمد» زميل سابق لهشام في العمل، قضى سنوات داخل الحقول خصوصا مع انطلاق حملة الحصاد يقول: «في فصل الشتاء نعمل من الساعة الثامنة صباحا إلى غاية الرابعة مساء أي 8 ساعات مقابل 700 دج، غير أنه ومع حلول فصل الصيف وانطلاق حملة الحصاد فإن نظام العمل يتغير، حيث ينطلقون في العمل حوالي الساعة الخامسة صباحا، لتتوقف عند منتصف النهار ثم تستأنف في الفترة المسائية من الخامسة إلى غاية الثامنة ليلا مقابل نفس الأجر رغم أن ساعات العمل زادت».
واعتبر محدثنا أن منح نفس القيمة رغم زيادة ساعات العمل استغلال واضح لليد العاملة البسيطة، وهو ما دفع به رفقة الكثيرين ممن يعرفهم للبحث عن مصدر رزق آخر، رغم أن هناك الكثير ممن لا زالوا يزاولون النشاط وهم مجبرون حسبه لعدم قدرتهم على ممارسة أي نشاط آخر.
غياب اليد العاملة المحلية دفع بالكثير من الفلاحين وأصحاب الأراضي إلى الاستنجاد بعمال من مناطق بعيدة، مثل ولايات الهضاب والصحراء خصوصا، حيث وجدوا فيهم الحل المناسب لتعويض العزوف «الرهيب» لشباب المناطق الريفية بقسنطينة عن العمل في المجال الفلاحي، وبحثهم عن العمل في القطاع الصناعي، التجاري والنقل.
يقول «عمي السعيد» وهو فلاح بحامة بوزيان: «أصبحت اليد العاملة عملة نادرة في وقتنا هذا، الكثير يبحث عن العمل في المدينة، بينما لا نجد هنا من يجني الغلال إلا بصعوبة كبيرة رغم أننا نعرض عليهم أجرا محترما»، ليضيف: «منذ أن أطلقت قروض الدعم واليد العاملة في هجرة متواصلة، الكل يبحث عن قرض والأرض لم تجد من يخدمها، وكما تعلمون الأرض تتطلب الصبر وهذه الصفة نادرة الوجود في العمال اليوم».
كما يؤكد عمي السعيد أن أغلب العمال الذين يستنجد بهم هو ورفقة الكثير من زملائه من خارج الولاية خصوصا من الصحراء فهم الأكثر مقاومة للطقس الحار مقارنة مع باقي العمال، وعن طريقة التعامل معهم أكد محدثنا أنه يتم بما يعرف ب «القطعة» أي تحديد ثمن جني محصول الثمار لقطعة أرضية معينة، وللعامل الحرية في العمل والوقت، غير أنه كلما يقوم بعمله في أسرع وقت يتمكن من الحصول على العمل في قطعة أخرى.
ولم يخف محدثنا أن ندرة المياه في منطقة حامة بوزيان في سنوات ماضية كان وراء تقلص الأراضي المزروعة وبالتالي إحالة المئات من الفلاحين البسطاء على البطالة، وهو ما دفعهم للبحث عن مصدر رزق آخر، مؤكدا أن هذا المشكل أحد أهم الأسباب التي زادت من حدة نقص اليد العاملة على الأقل بحامة بوزيان.
يضيف فلاح آخر مختص في زراعة بعض المحاصيل الموسمية « في بعض الأحيان لا نجد من يقوم بجني الثمار وهو ما يدفعنا للطلب من تجار الخضر إحضار من يجمعها لهم مقابل تخفيض ثمنها»، ويواصل: «الأمر معقد، حتى أبناؤنا الذين نشأوا في الفلاحة وبين الحقول يفضلون أعمالا أخرى عدا الفلاحة لا لسب إلا لأنهم أصبحوا غير قادرين على الصبر، كما أن المشاكل التي نتخبط فيها نحن دفعت بهم للمغادرة نحو أعمال أخرى أكثر سهولة». عبد الله.ب
اتحاد الفلاحين:غياب التأمين و تحفيزات "أونساج" دفعت للتخلي عن المهن الفلاحية
أكد الأمين الولائي لاتحاد الفلاحين بقسنطينة عوان سليمان، أن اليد العاملة أصبحت عملة نادرة في المجال الفلاحي و هي في تناقص مستمر، إلى حد أصبح الأمر بمثابة أزمة للفلاحين، الذين باتوا يعانون لإيجاد عدد كاف من العمال، للاستعانة بهم في مختلف مراحل إنتاج المحاصيل الزراعية، و خاصة فترة الحصاد و الجني.
المتحدث صرح للنصر بأن هناك عزوف كبير من الشباب عن العمل في القطاع الفلاحي، و ذكر عدة أسباب دفعت حسبه بالشباب إلى عدم الإقبال على ممارسة الفلاحة، و من بين أهم ما ذكره هو المشقة الكبيرة و الظروف الصعبة لهذه المهنة، حيث أن العمل يستمر حسبه لساعات يكون فيها العامل عرضة للظروف المناخية الصعبة، سواء كانت خلال الصيف أو الشتاء، إضافة إلى المجهود البدني و العضلي الذي يتطلبهما العمل في الحقول، و هي أمور لا يتحملها شباب الوقت الحالي، على حد تعبيره، ما يدفع بهم للتوجه نحو مهن أخرى.
و قال السيد عوان بأن برامج الدعم التي تقدمها الدولة للشباب كالوكالة الوطنية لدعم و تشغيل الشباب "أونساج"، ساهمت أيضا في عزوف شباب القرى و المداشر عن ممارسة مهنة أبائهم و أجدادهم، فالكثير منهم ترك الفلاحة و اتجه إلى مزاولة نشاطات أخرى، كالتجارة و النقل و غيرها.
و ذكر أمين الفلاحين بقسنطينة، بأن فترة جني المحاصيل باتت تشكل هاجسا بالنسبة للفلاحين، الذين أصبحوا يستعينون بأفراد عائلاتهم لجني المحصول، و لولا مساهمة العائلة في هذه العملية، يقول محدثنا بأن الإنتاج سيتأخر جنيه مما يعرضه للتلف، مضيفا بأن الفلاحة أصبحت عائلية في الوقت الحالي.
و بالرغم من أن الأجور التي يتقاضاها العمال خلال جني المحاصيل، و التي تصل إلى 1500 دج يوميا، حسب ما أكده محدثنا و ذلك للعاملين في حقول البطاطا و الطماطم و البصل، إلا أن الشباب لا يقبلون على هذا العمل، و ذلك لأنه عمل موسمي، و لا يضمن لهم التأمين في الضمان الاجتماعي، و في هذا الشأن أشار محدثنا بأنه من غير المعقول أن يقوم الفلاح بتأمين 10 أو 15 عاملا لمدة لا تتجاوز 15 أو 20 يوما، مضيفا بأن سائقي الجرارات فقط يتم تأمينهم، لأنهم يعملون بشكل دائم تقريبا.
المسؤول أكد بأنه باستثناء بعض شباب المشاتي النائية، و الذين اعتادوا العمل الموسمي في الحقول، و يعتمدون عليه كمصدر أساسي للرزق، فإنه تقريبا يستحيل إيجاد شباب مستعدين للعمل في جني المحاصيل في الوقت الحالي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.