7 اتفاقيات شراكة بين مؤسسات اقتصادية جزائرية - تونسية    بوجمعة يستقبل بورسلي    إرْثُنَا الثَوْرِي مَصْدَر وِحْدَة وَقُوَّة الشَّعْب    عطّاف يلتقي رئيس وزراء اليونان    توفير 500 منصب عمل جديد بتندوف    تنظم منتدى التربّصات بحضور أكثر من 150 مؤسّسة    خيام النازحين تغرق في الأمطار    ماذا لو اندلعت الحرب بين روسيا وأوروبا؟    خُطوة تفصل الخضر عن المربّع الذهبي    هل يُقابل ميسي رونالدو في المونديال؟    الوالي يأمر بمضاعفة المجهودات وتسليم المشاريع في آجالها    نجاح أوّل عملية استبدال كلي لعظم الفخذ    جداريات الأندية الرياضية تُزيّن الأحياء الشعبية    الاستغفار.. كنز من السماء    الاستماع لمدير وكالة المواد الصيدلانية    المنتخب الوطني يفوز على منتخب العراق 2- 0    اللقاء يدخل ضمن الحوار الذي فتحته الرئيس مع الأحزاب    قمع غير مسبوق يتعرض له الصحفيين وكذا ازدواجية المعايير    الإطاحة بشبكة إجرامية من 3 أشخاص تزور العملة الوطنية    خنشلة : توقيف 03 أشخاص قاموا بسرقة    رئيس الجمهورية يبعث برسالة تخليدا لهذه الذِّكرى المجيدة    إطلاق خدمة دفع إلكتروني آمنة من الخارج نحو الجزائر    سعيود يترأس اجتماعا تنسيقيا مع مختلف القطاعات    حماية الذّاكرة الوطنية خط الدّفاع الأول عن الجزائر    الشرطة الفرنسية توقف صحفيا جزائريا بقناة AL24 News    بوعمامة يشارك في "منتدى الحوار الإعلامي العربي الدولي" بطرابلس    تصوّر استباقي للهيئة الناخبة بالولايات المستحدثة    عقد مجالس الأقسام وتسليم كشوف النقاط في آجالها    إحباط محاولة تمرير 26 قنطارا من الكيف عبر الحدود مع المغرب    مظاهرات 11 ديسمبر.. صرخة حق في وجه الطغيان الفرنسي    موقع سكني بحاجة لثورة تنموية    قمة واعدة بين "الصفراء" و"الكناري"    تأكيد على دور ريادة الأعمال والابتكار    إلغاء عقود امتياز ل 15 مشروعا لتربية المائيات بوهران    المجتمع الدولي مطالب بالتدخل العاجل    "الخضر" في طريق مفتوح للمربع الذهبي    حملة تحسيسية لتعزيز وعي المستهلك    بين الأسطورة والهشاشة والهوية الأصلية    اغتيال ذاكرة الرحّالة إيزابيل إيبرهارت    إصرار لدى لاعبي منتخب العراق    صهيب الرومي .. البائع نفسه ابتغاء مرضاة الله    فتاوى : اعتراض الأخ على خروج أخته المتزوجة دون إذنه غير معتبر    إزالة 80 توسعة عشوائية بوادي تليلات    مجموعة العمل المعنية بحقوق الإنسان في الصحراء الغربية..المجتمع الدولي مطالب بالتدخل لوقف قمع الصحراويين بالمدن المحتلة    مشعل يؤكد أن نزع سلاح المقاومة بمثابة نزع للروح .. تجدد القصف على عزة وغرق آلاف خيام النازحين    ملتقى حول قانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية : تغييرات جوهرية في التعامل مع قضايا المخدرات    وزير الاتصال يشارك في "منتدى الحوار الاعلامي العربي الدولي" بطرابلس    مولودية الجزائر تُعمّق الفارق في الصدارة    ملتقى علمي حول أصالة اللغة العربية ومكانتها العالمية    إطار جبائي للشركات والبحث في إفريقيا    هل الشعر ديوان العرب..؟!    المنتخب الجزائري يحسم تأهله إلى ربع نهائي كأس العرب بعد فوزه على العراق    نحن بحاجة إلى الطب النبيل لا إلى الطب البديل..    المسؤولية بين التكليف والتشريف..؟!    إجراء قرعة حصّة 2000 دفتر حج    إجراء القرعة الخاصة بحصة 2000 دفتر حجّ إضافية    المواطنون الحائزون على طائرات "الدرون" ملزمون بالتصريح بها    قرعة الحجّ الثانية اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من هنا مر الفينيقيون والعثمانيون و هنا أبدع الرسامون
نشر في النصر يوم 14 - 08 - 2016

شاطئ ميرامار.. مقبرة البحارة المنسيين و وجهة النجوم
قد تختلف الروايات التاريخية عن أصل تسمية شاطئ "ميرامار" بمدينة سكيكدة، لكن ما لا يختلف عليه اثنان، هو الطبيعة العذراء والمناظر الخلابة التي يزخر بها المكان الذي لا تزال آثاره شاهدة على العديد من الحقب الزمنية و الشعوب التي مرت من هناك، .. الشاطئ يعد لوحة فنية بامتياز، لا يزال مقصد الآلاف من المصطافين رغم تداعي السنين وظلم الإنسان الذي جعله عرضة للإهمال والنسيان.
روبورتاج لقمان قوادري
يعد شاطئ ميرامار الواقع غرب مدينة روسيكادا، من التحف الفنية التي طالما استلهمت الرسامين، حيث أنه يعد من أجمل الشواطئ التي تجمع بين تنوع الغطاء النباتي الأخضر المترامي على سفح الجبل المحيط به، وزرقة البحر وصفاء مياهه التي اتخذت من اللون الأخضر الفاتح والأزرق لونا لها، ما جعله مقصدا أولا للمصطافين من العائلات والشباب، الذين يأتونه يوميا من كل حدب وصوب، كما يمنح هواة السباحة الأمان لهدوء أمواجه التي قلما ترتفع خلافا لباقي شواطئ المدينة.
جولة طبيعية ساحرة، هي المتعة التي لن تنعم بها قبل الوصول إلى ميرامار، حيث تتطلب الرحلة المرور عبر جسر ضيق قديم شيد أسفل الجبل في العهد الاستعماري، والسير على القدمين على مسافة تزيد عن الكليومترين انطلاقا من شاطئ سطورة، ومرورا بشواطئ وأماكن كلها تحكي روايات تاريخية عن الذين جعلوا من المكان مصدرا لإبداعاتهم، حيث يؤكد سكان قدامى للمنطقة بأن الحاج الطاهر الفرقاني ووالده كانا دائمي التردد على الشاطئ الصخري مولو، كما كان أيضا الفنان أنريكو ماسياس يقضي عطلته هناك بالإضافة إلى العديد من الوجوه الفنية سواء الوطنية، أو حتى التي وصل صداها إلى العالمية.
وتختلف الروايات التاريخية حول أصل تسمية المكان، إذ يقول السكان القدامى بمنطقة سطورة، بأن الشاطئ حمل إسم أحد المعمرين من أصل إيطالي وبالضبط من مدينة نابولي، حيث أنه وبحسب روايات آبائهم، كان يملك فندقا ومطعما فاخرين هناك و قام ببنائه بمواد تم جلبها عبر قوراب من الشاطئ المسمى حاليا "الكاريار" باعتبار، ان تلك المنطقة كانت عبارة عن محجرة في عهد الإستعمار الفرنسي.
ويقول محدثونا من العارفين بتاريخ المنطقة، بان المكان كان مقصدا للسياح من الطبقة الراقية من المعمرين، حيث كان الوصول إليه يتم بالتنقل عبر قوراب سياحة فاخرة، كانت ترسو بمرفأ قالوا بأن معالمه اختفت مع مرور السنين، كما ذكروا بأن المطعم كان مقصدا لتناول أشهى وأفخم أطباق السمك وسماع أروع معزوفات البيانو.
عندما تتغلب عذرية الطبيعة على قساوة الإنسان
ويؤكد أحد الناشطين ورئيس الديوان المحلي للسياحة بولاية سكيكدة عيادي عبد الله، بأن معنى كلمة ميرامار، هي اختصار لكلمتين وهي الأمير عمار، وهو أحد الأمراء العثمانيين الذين عشقوا جمال المكان وسحره، حيث أنه كان دائم التردد عليه، كما ذكر بأن الشاطئ مر عليه الفينقيون أيضا، حيث أنهم كانوا يدفنون البحارة المنسيين، الذين يتوفون في البحر بتلك المنطقة والقبور الموجودة لا تزال شهادة على ذلك العصر، كما أكد بأن الفندق الفاخر شيده أحد المعمرين الفرنسيين، لافتا إلى أن الروايات القديمة كانت تقول بأن المنطقة والجبال التي كانت تحيط بها كانت تعج بالأسود والقردة، وهي أصول تسمية شاطئين صخريين بميرامار بوادي الأسود والقردة، بحسب قوله.
ولم يتبق من ذلك الفندق والمطعم اللذان كانا مشيدين قبالة الشاطئ سوى آثار قديمة وأرضيته المتآكلة، حيث نصب فوقه الآن مطعم شيد بالطوب والقصدير وهو المرفق الوحيد الموجود بالمنطقة والتي يضطر المصطافون إلى اقتناء حاجياتهم منها، حيث يؤكد صاحب المطعم وهو شاب من السكان الأصليين للمنطقة، بأن المكان وعلى الرغم من قلة تواجد عناصر الأمن به، إلا انه لا يزال يشكل مصدر ثقة وآمان لدى المصطافين، حيث ان العائلات بحسبه تترد على المكان على طول أيام السنة وفي ساعة متأخرة من الليل في فصل الصيف، بعد أن وفرت البلدية الإنارة على طول الجسر، كما ذكر بأنه لا يوجد مستثمر زار المنطقة أو فكر في تعميرها ، لتعويض ما خربته سنوات الإهمال وإنشاء مرفق يليق بسمعة وجمال الشاطئ بحسب قوله.
ويقول عمي محمد البالغ من العمر 75 سنة، بأنه ولد بسطورة وكان يذكر أيام مراهقته وشبابه بالشاطئ، الذي كان ينعم بحسبه بالأمان والجمال كما يحتفظ بذاكرته بصورة المرافق التي كان يحتوي عليها في السنوات الأولى بعد الاستقلال، كما قال بأنه يذكر بأنها انهارت في سنة 1968، قبل أن يشير بأنه أصبح يتحسر و يقول بأنه لو عاش تلك الحقبة من الزمن فقط، قبل أن يرى بأم عينه ما آل إليه المكان الذي كان عبارة عن جنة فوق الأرض، من إهمال و تشوية لصورته الجمالية، بحسب تعبيره.
انهيارات صخرية وجسر يتهاوى
ويعرف شاطئ مير مار، رغم أنه يعد المقصد رقم واحد للمصطافين،حالة من الإهمال والتسيب، إذ أن الجسر المؤدي إليه يكاد ينهار في كثير من أجزائه، بسبب تزايد عدد الإنهيارات الصخرية، حيث يؤكد سكان المنطقة بأنهم قاموا بإصلاحه بأنفسهم في أكثر من مرة، كانت آخرها تلك التي حصلت قبل أسابيع قليلة، أين اضطروا إلى تحطيم الصخرة التي خربت جزءا منه، باستعمال وسائل تقليدية جدا ودامت العملية بحسبهم لأزيد من ثماني ساعات، حيث لاحظنا بأن الجزء المثقوب تم سده بواسطة ألواح خشبية.
ويطالب المصطافون، الذين تحدثت إليهم النصر بضرورة برمجة مشروع فوري لإنجاز جسر جديد، كون القديم أصبح غير قادر على الصمود أكثر، إذ أن تاريخ إنجازه يعود إلى الحقبة الإستعمارية، كما أن آخر عملية صيانة أنجزت قبل أزيد من عقدين من الزمن، كما أجمع أغلب من سألناهم عن وضعية الشاطئ ، بأن نقص المرافق وضعف الخدمات وكذا ونقص الأمن في بعض الأحيان، تعد من النقاط السوداء التي عجزت السلطات الولائية عن معالجتها، وإيجاد حلول جذرية لها.
و اشتكى المصطافون أيضا من قلة أعوان التدخل وحراس الشواطئ، حيث يؤكد صاحب المطعم الوحيد، بأنه يتولى رفقة أصدقائه ممن يتقنون السباحة إنقاذ الغرقى، وقال بأنهم أنقذوا ما لا يقل عن 60 مصطافا من موت محقق، كما اشتكى محدثونا من ظاهرة رمي الأوساخ بكل مكان، و انعدام الوعي و الثقافة البيئية لدى الكثيرين، وهو ما تسبب في تشويه المنظر العام للشاطئ الفضي وهو اللقب الذي أطلقه بعض المصطافين على المكان لشدة بياض رماله التي تتوسط صخرتين كبيرتين، وتتحتضن المياه الزرقاء وكأنها تقول بأنها لا تزال صامدة ومحتفظة بعذرتيها الطبيعية رغم إهمال البشر وقساوة الزمن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.