عمال النظافة تحملوا الحر والصيام لإزالة مخلفات الحركات الإحتجاجية على الكهرباء تضاعف عناء عمال النظافة في مختلف قطاعات بلديات قسنطينة نهاية الأسبوع بسبب الحالة الإستثنائية التي عرفتها طرقات المدينة بعد كل حركة إحتجاج عن إنقاطاعات الكهرباء المتكررة، حيث يبدأون عملهم الشاق و المتعب في ساعات مبكرة صباحا و لا ينتهون منه إلا مساء، من أجل فتح الطرقات المغلقة عبر العديد من الشوارع و إزاحة الأشياء الصلبة و الخطيرة التي تعيق حركة المرور و تنشر روائح سامة و ملوثة في الجو، والتي وجدت بعض البيوت فيها فرصتها للتخلص من أثاثها القديم . يصارعون الشمس و العطش في أشد ساعات اليوم حرارة من السادسة أو السابعة صباحا و إلى غاية الساعة الواحدة أو الثانية بعد الظهر، من أجل تنظيف ما خلفه المحتجون في الليلة الفائتة دون كلل، رغم خروجهم في فرق محدودة للشارع في شاحنات مكشوفة السقف للقيام بهذا العمل الإستثنائي الشاق الذي يضاف إلى أعبائهم و مسؤولياتهم اليومية المتمثلة في تنظيف الشوارع يوميا من الأوساخ ، حيث أصبحوا يعملون لساعات طويلة تحت الأشعة الحارقة في ظروف جد صعبة دون استعمال قبعات خاصة أو قفازات سميكة واقية، فيقومون بجمع كل أنواع النفايات الثقيلة و القمامة الصلبة التي يجدونها في منتصف الطريق و التي تعيق حركة المرور و تعطل المواطن ، غير مبالين بخطر الحواجز التي يجمعونها ، كأعمدة الهاتف الخشبية التي قام المتظاهرون باقتلاعها و إضرام النيران فيها وما زالت ملتهبة ، و خاصة العجلات المطاطية التي يتطلب احتراقها بالكامل وقتا طويلا و يصلون إليها في أغلب الأحيان وهي مازالت مشتعلة أو شديدة الحرارة لدرجة لا يمكن لمسها باليد مباشرة. غير أن عمال النظافة التابعين للمقاولة العمومية المتعددة الخدمات الذين إلتقينا ببعضهم في طريق " الكيلومتر الرابع " أكدوا لنا أنهم في الكثير من الأحيان يضطرون لرفعها من الأرض لوضعها في الشاحنة بأيديهم مباشرة ، وقد تلطخت بالسواد الناجم عن المواد الكيماوية و البلاستيكية المحترقة ، التي تعفر أيضا وجوههم و تغطي كافة ملابسهم، و ذلك رغم إدراكهم لخطورتها و حقيقة احتوائها على غازات سامة تؤدي للإختناق عند إستنشاقها خاصة مع الصيام و الحرارة. إلا أن واجبهم يحتم عليهم إزاحة الأذى عن الطريق أينما وجد كما قال لنا السيد سعودي دربالي رئيس فريق النظافة التابع للمؤسسة العمومية للمقاولة العمومية المتعددة الخدمات، مشيرا إلى أن شاحنتهم التي تحمل على متنها حوالي خمسة أو ستة عمال نظافة، تعمل منذ أيام في ظروف استثنائية في الليل و النهار كلما سد طريق أمام حركة المرور في الحركات الإحتجاجية المتواصلة التي عاشتها مدينة قسنطينة مؤخرا بسبب انقطاعات التيار الكهربائي لتنظيف المكان الذي لا يعود أبدا لسابق عهده رغم جهود العمال الكبيرة، ببقاء بعض مخلفات أعمال الشغب كالحجارة الكبيرة التي تزين الشوارع و تحيط بأتربة الأشجار التي يقومون بوضعها على جانب الطريق و لكنهم لا يأخذونها مع باقي النفايات إلى المفرغة العمومية، كما يبقى رماد الحريق لأيام تنثره الرياح هنا و هناك مما يزيد من تلوث الجو. إذ أشار عمال البلدية التابعين لقطاع " حي التوت " الذين وجدناهم ينظفون على مستوى طريق الكيلومتر الرابع بعد أن أنهوا نفس المهمة في " شعبة الرصاص"، أن هذا العمل ليس من واجبهم وحدهم و كان يجدر بالحماية المدنية أو مؤسسة سياكو للمياه أن تساهم هي الأخرى في العملية من خلال رش المياه في أماكن الحرائق للتخلص من بقايا الرماد و تنظيف الشوارع و الطرقات التي تبدو كأنها عاشت حالة حرب، خاصة أنهم لا يملكون كل الوسائل الوقائية التي يفترض العمل بها حتى في سائر الأيام العادية بما فيها الرفش و أدوات التظيف و خاصة الألبسة الخاصة، القفازات السميكة و قبعات تقيهم من الشمس، مما أدى إلى إصابة الكثير منهم بجروح متفاوتة الخطورة، كما حدث لفيصل الذي أخبرنا أنه جرح من يده عندما حاول رفع جهاز طهي قديم استعمله المحتجون في غلق الطريق، لم تنطفئ النيران التي أضرمت فيها منذ الفجر لتحرق يده اليسرى بقطعة معدن صدئة و حادة. بالنسبة لكل من فيصل، عزوز و كمال عمال النظافة التابعين لقطاع " حي التوت"، تعتبر هذه الأحداث الإحتجاجية على قطع التيار الكهربائي عبئا إضافيا زاد من عناء عملهم المتعب جدا خاصة في الصيف وهم صائمون مشيرين أن هذه التصرفات غير الحضارية لا تجدي نفعا لأنها لا ترجع التيار الكهربائي في حال انقطاعه و الدليل أن الوضع مازال كما هو منذ أيام، كما قال عزوز : " نحن أيضا نعاني من انقطاع الكهرباء منذ أيام و لكننا لم نقم بغلق الطرقات و حرق العجلات و النفايات الصلبة في الشوارع، بل بالعكس نتحمل وحدنا عناء تنظيفها و إماطة أذى لسنا مسؤولين عن حدوثه". خاصة أنه مع الصيام يصبح الجهد مضاعفا بسبب حرارة الشمس القاتلة و يجعل العمل في بعض الأحيان مستحيلا خاصة مع العطش الشديد، حيث أكد لنا العمال الذين أخبرونا عن معاناتهم الشديدة في هذه الظروف الصعبة أن بعض زملائهم لم يطيقوا صبرا و شربوا الماء خلال النهار، حفاظا على حياتهم بعد أن خارت كل قواهم و فقدوا قدرتهم على التحمل، و ذلك ليتمكنوا من مواصلة العمل في درجة حرارة تفوق الخمسين. و من بين الأشياء الغريبة التي جمعها " منقذو الشوارع " الذين يتلقون شكر المارة من أصحاب السيارات، و يثيرون شفقة كل من يراهم يتصببون عرقا و هم منهمكين لإزالة آثار الغضب الهائج الذي زادهم تعبا و لم ينهي المشكلة. أخبرنا كمال و عزوز أنهما وجدا أشياء غريبة لا يمكن توقعها أبدا استعملت في إغلاق الطريق كطباخة قديمة، ماكينة غسيل، أسرة حديدية و طاولات قديمة، وحاويات القمامة ، حجارة ضخمة، أعمدة التليفون و الكهرباء، إشارات المرور، صفائح ( الزانقل )، بالإضافة طبعا إلى العجلات المطاطية الضخمة التي تعتبر أبرز رموز الإحتجاج العنيف في شوارعنا، و غيرها من الأشياء الغريبة و النفايات الصلبة و الضخمة التي يبدو أن أصحابها وجدوا فرصة ثمينة لرميها خارج البيت والتخلص منها دون تكلف عناء نقلها شخصيا إلى المفرغة العمومية أو غيرها، غير مبالين بتعب هؤلاء العمال البسطاء الذي يصرون رغم العناء على فتح كل الطرق المسدودة بأسرع ما يمكن لكي لا تعطل مصالح المواطن. أمينة جنان *