لصوص البيض سليم بوفنداسة قديما قال محمد ديب أن الكتاب المغاربة باللغة الفرنسية يعاملون في فرنسا كسارقي البيض ويحتلون مرتبة متأخرة بعد جميلات البرتغال، واليوم ينتهي بوجدرة إلى حكم مشابه: فرنسا لا ترحب سوى بمن يروجون للإيديولوجيا النيوكولونيالية التي يتبناها اليمين الحاكم، و الغريب أن الدوائر الأدبية في إحدى أكبر العواصم الثقافية العالمية أصبحت تتلقف خطاب صانع القرار السياسي وتصنف على أساسه لصوص البيض والأطفال الذين يجوز تركهم يلعبون في الحديقة. اجتهدت ذات الدوائر في قتل محمد ديب لأنه احتفظ بشخصيته المستقلة كمبدع لا يلعب مع أحد وتعاملت مع بوجدرة بالأسلوب ذاته، في وقت أعلت فيه من شأن "كتاب حكايات ركيكة"، فضيلتهم أنهم حفظوا كلمة السر ومغزاها رسم صورة مشرقة عن الماضي الكولونيالي.وضع كهذا ضيّق فعلا على كتاب كبار لأنه أغلق أمامهم المنافذ، ما دامت باريس معبرا اضطراريا للذين يكتبون باللغة الفرنسية الجميلة، لغة الشعر والفلسفة ولغة السحر والعطر، لكنهم لا يمتدحون الممارسات البربرية لأهل هذه اللغة وتعاليهم غير المبرر على الشعوب.لا شك أن هذا السلوك المرتبك، لا يليق بأمة عظيمة، ويحيل في النهاية إلى حالة خوف يعبر عنها بجلاء النقاش الدائر حول الهوية الوطنية، الذي كشف عن رهاب مسّ النخب السياسية من الجنوبيين القادمين بلحاهم وبراقعهم وشهيتهم المفتوحة على الإنجاب بدون توقف. ثمة حرب مستمرة في ظلام القلوب أزيحت إلى ساحة الأدب، مرة باستغلال رمزية كامي و أخرى باستبعاد أصوات الرفض النبيل للباطل. حسنا، ستكون الحرب غير عادلة كعادتها وسنكتفي بأن نكون على حق كعادتنا!