بتكليف من رئيس الجمهورية، عطاف يشارك في الدورة ال51 لمجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي بإسطنبول    كرة اليد/بطولة القسم الممتاز للسيدات: تتويج نادي الأبيار باللقب للمرة الرابعة تواليا    المغرب: انتهاكات حقوق الاطفال بتواطؤ الصمت الرسمي وغياب الحزم    الجزائر العاصمة: انطلاق الطبعة ال6 لحملة التنظيف الكبرى    إيران تدعو المجتمع الدولي ووسائل الإعلام لكشف جرائم الحرب الصهيونية ومنع التلاعب بالحقائق    كأس العالم 2025: كيليا نمور تحرز ذهبية العارضتين غير المتوازيتين    إيران تواصل الدفاع المشروع عن أراضيها ضد العدوان الصهيوني    الأمم المتحدة : غوتيريش يؤكد أن السلام الدائم يتطلب الاستثمار في التنمية    هيئة حقوقية صحراوية تدعو المجتمع الدولي إلى الإيفاء بالتزاماته إزاء المفقودين الصحراويين    حملة وطنية لتدعيم عملية تلقيح الأطفال الأقل من 6 سنوات ابتداء من الأحد المقبل    المنيعة: تدابير استثنائية لتغطية الطلب المتزايد على الكهرباء خلال الصيف الجاري    حج 2025: عودة أول فوج من الحجاج إلى مطار غرداية    مجلس الأمة: المصادقة بالإجماع على نص قانون تسوية الميزانية ل2022    ست جامعات جزائرية في مراتب متقدمة ضمن التصنيف العالمي    قسنطينة: فريق من الباحثين يعاين ضريح ماسينيسا لاقتراح تصنيفه ضمن قائمة التراث العالمي    المتحف الوطني للمجاهد : ندوة تاريخية بمناسبة الذكرى ال69 لاستشهاد البطل أحمد زبانة    شركة النقل الجوي الداخلي الجديدة ستدخل حيز الخدمة قريبا    وهران: توصيات لحفظ وتثمين الأرشيف المخطوط والمخطوطات    عطاف يُحادِث رايزنر    بوغالي يستقبل سفير البحرين    توقيف 50 تاجر مخدّرات خلال أسبوع    الثوم ب300 دينار للكيلوغرام في عزّ موسمه    الحرب تشتد بين إيران وبني صهيون    قرار أممي يطالب المغرب بوقف انتهاكاته الجسيمة    انطلاق حملة الحصاد والدرس للموسم الفلاحي الجاري بعدد من ولايات شرق البلاد    الجزائر عاصمة للثقافة الحسانية    إلغاء رحلات للجوية الجزائرية    الشباب يفتك الوصافة    نحو وضع خريطة صحية جديدة لإعادة تنظيم شبكات العلاج    مهرجان "سيرتا للفروسية": مسابقة التقاط الأوتاد، خطوة أولى نحو ترسيخ رياضة جديدة وطنيا وجهويا    فلسطين: استشهاد 10 فلسطينيين بقطاع غزة    الوزير الأول, نذير العرباوي, يترأس, اجتماعا للحكومة    الجزائر ترغب في الانضمام للتحالف الإفريقي للهيدروجين    ما يرتكبه الكيان الصهيوني جريمة حرب يجب توثيقها    الجزائر تعتمد استراتيجية سيادية في الأمن السيبراني    دفع 800 مليار تعويضات خلال 5 سنوات    محكمة بريكة تدين عدة أشخاص بالحبس    وفاة 3 أشخاص وإصابة 211 آخرين بجروح    حديقة التسلية "حبيباس لاند" إضافة نوعية ل"الباهية"    مانشستر يونايتد الإنجليزي يخطّط لضم هشام بوداوي    موهبة تعطي "عديم القيمة" نبضا جديدا    عنابة تحتفي بالطفولة والهوية    بجاية تحتضن ملتقى وطنيا حول المسرح الأمازيغي للهواة    متيجة من عل تسبي العالم    وكالات السياحة والسفر تضبط برامج عطلة الصيف    نادي سطاوالي يجرّد اتحاد الجزائر من اللقب ويحقق الثنائية    توتنهام الإنجليزي وأنتويرب البلجيكي يتنافسان على زرقان    "تارزيفت"... تعبير عن حفاوة الاستقبال    فتاوى : الهبة لبعض الأولاد دون البعض    وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ    فعل الخيرات .. زكريا عليه السلام نموذجا    تعارف الحضارات محور ملتقى دولي بالجزائر    الخضر يتوّجون    هذه أسباب زيادة الخير والبركة في البيت    التلاحم بين الشعب الفلسطيني و المقاومة الباسلة لا تكسره المؤامرات    تدشين مصنع لإنتاج الأدوية القابلة للحقن    تتويجا للإصلاحات الهيكلية العميقة التي بادرت بها الدولة    إيران تطالب بإدانة الكيان الصهيوني بشكل صريح وواضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد عبده وليو تولستوي
نشر في الجزائر نيوز يوم 29 - 11 - 2010

اهتم بشخصية تولستوي وبتراثه ليس فقط القراء العاديون، وإنّما أيضاً كتّاب عرب كبار· ولعل الكاتب والشيخ محمد عبده (1849-1905) رئيس جامعة الأزهر آنذاك، كان أول الكتّاب العرب، الذين تبادلوا الرسائل مع الكاتب الروسي العظيم ليف تولستوي (1828-1910) ·
بعد أن حرم المجمع الكنسي المقدس تولستوي عام ,1901 من الكنيسة لنقده لها بوجهٍ عامٍ في مؤلفاته العديدة، وبوجهٍ خاصٍ في روايته ''البعث''، التي صدرت في عام .1899 كتب الشيخ محمد عبده رسالةً لتولستوي بتاريخ 18 أكتوبر عام 1904، ويرى النّقاد السوفييت، الذين أعدّوا المؤلفات الكاملة لتولستوي، والتي بلغ مجموعها تسعين مجلداً، أنّ رسائل المفكر العربي محمد عبدّه إلى تولستوي مفقودة، ويوجد لديهم جواب تولستوي على رسالة محمد عبده، ومن خلال رسالة تولستوي الجوابية إلى محمد عبده يتوقع النقّاد السوفييت أن رسالة محمد عبده تتعلق بأمور الدين· كتب النقّاد السوفييت رأيهم هذا في شرحهم لرسالة تولستوي الجوابية لمحمد عبده (115 ص92)، علماً بأن رسالة الشيخ محمد عبده، إلى تولستوي محفوظة بخط محمد عبده وباللغة العربية في متحف تولستوي الأدبي في موسكو، وتحمل الرقم (204/5) · ونشرت الرسالة المذكورة مع رسالة أخرى من محمد عبده إلى تولستوي في المجلد الثاني من الأعمال الكاملة للإمام محمد عبده·
يكتب محمد عبده في رسالته الأولى إلى تولستوي: ''أيّها الحكيم الجليل، موسيوتولستوي··· لم نحظ بمعرفة شخصك، ولكننا لم نحرم التعارف بروحك، سطع علينا نور من أفكارك، وأشرقت في آفاقنا شموس من آرائك، ألفت بين نفوس العقلاء ونفسك· هداك اللّه إلى معرفة الفطرة التي فطر الناس عليها، ووفقك إلى الغاية التي هدى البشر إليها فأدركت أنّ الإنسان جاء إلى هذا الوجود لينبت بالعلم، ويتم بالعمل ولأن تكون ثمرته تعباً ترتاح به نفسه، وسعياً يبقى به ويرقى به جنسه وشعرت بالشقاء الذي نزل بالناس لما انحرفوا عن سنة الفطرة، واستعملوا قواهم -التي لم يمنحوها إلا ليسعدوا بها- فيما كدر راحتهم، وزعزع طمأنينتهم (29- ص367)، ثم يتابع محمد عبده رسالته فيقول عن صراع تولستوي ضد الأغنياء: ''··· وكما كان وجودك توبيخاً من اللّه للأغنياء كان مدداً من عنايته للفقراء··· هذا، وإنّ نفوسنا لشيقة إلى ما يتجدد من آثار قلمك، فيما تستقبل من أيام عمرك، وإنّا نسأل اللّه أن يمد في حياتك، ويحفظ عليك قواك، ويفتح أبواب القلوب لفهم ماتقول ويسوق النفوس إلى الاقتداء بك فيما تعمل، والسلام· · مفتي الديار المصرية محمد عبده (29 ص 367-368)
أمّا الرسالة الثانية، فلا تختلف كثيراً عن الرسالة الأولى، ويخاطب فيها محمد عبده تولستوي قائلاً: أيّها الروح الذكي، صدرت من المقام العلي إلى العالم الأرضي، وتجسدت فيما سموه بتولستوي، قوي فيك اتصال روحك بمبدئه، فلم تشغلك حاجات جسدك عما تسمو إليه نفسك··· وأدركت أنّ الإنسان خلق ليتعلم فيعلم فيعمل، ولم يخلق ليجهل ويكسل ويهمل'' (29 - ص 369)·
وما إن استلم ليو تولستوي رسالة الشيخ محمد عبده حتى كتب مباشرةً إلى الناقد الإنجليزي كوكريلو بتاريخ 12 أيار عام (1904): ''الآن استلمت رسالة المفتي واعترف لك بالجميل والامتنان، لأنك حملت لي هذه الرسالة· إنّ المفتي يمتدحني كثيراً في رسالته على الطريقة الشرقية، ولذلك فإنّني أجد صعوبةً في الإجابة على هذه الرسالة، وإنّني مسرور جداً، بمعرفتي بهذا الإنسان اللطيف'' (115 ص 89،
أجاب ليف تولستوي على رسالة محمد عبده وجاء في جوابه: ''أيّها الصديق العزيز، لقد استلمت رسالتك الطيبة والمليئة بالمديح وأجيبك عليها مباشرةً لكي أؤكد لك بأنّني سررت بها كثيراً، أعتقد، ولا أُخطئ في اعتقادي، وذلك من خلال قراءتي لرسالتك، أنّ العقيدة التي أؤمن بها، وهي العقيدة التي تؤمن بها نفسها، وتتلخص في الاعتراف بوجود اللّه وقوانينه'' (115 - ص92)·
يرى ليو تولستوي في رسالته أنّ هناك ديانات كثيرةً ومختلفةً ولكن هناك عقيدةً واحدةً حقيقيةً، وهي تتلخص في الإيمان باللّه الواحد وبمحبة الآخرين، وبمطالبة الناس بعمل الخير بعضهم لبعض، ويرى تولستوي أنّ جوهر الديانات الثلاث أيّ اليهودية والمسيحية والإسلامية واحد، ويرى الكاتب الروسي ضرورة ابتعاد الديانات عن الطقوس الشكلية لكي يستطيع أتباعها التقرب من بعض وعندما تبدأ المؤسسات الدينية بالبساطة، آنذاك تصل إلى توحيد قلوب المؤمنين، وينهي ليو تولستوي رسالته بالتعبير عن المشاعر الصادقة تجاه الشيخ محمد عبده· ولكن مما يؤسف له أنّ الشيخ محمد عبده توفي في أوت العام 1905 ولذلك لم تستمر هذه المراسلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.