أنا متأكد بأن "وزيرة" القطاع المسمى بالثقافة في الجزائر، قد قرأت رائعة "غابريال غارسيا ماركيز".. "مائة عام من العزلة". أقول متأكد لأنني سمعتها في أكثر من مناسبة تتحدث عن الروائي والصحفي الكولمبي الشهير مبدية إعجابها به بل وتأثرها بتوجهه وفكره، وبالتالي هذا الإعجاب لا يمكن إلا أن يطفو بعد قراءة لروايته الرائعة. لكن العجيب في غارسيا ماركيز الذي أقنع أباطرة الرواية في العالم بحبكاته الأدبية طيلة مسيرة العطاء وتواضعه بأخلاقه الرفيعة بين زملائه الذين يشهدون له بذلك، فشل فشلا ذريعا في جعل خليدة تومي تتأثر بأخلاقه أيضا، وعلى الأرجح قد يكون مناسبا بأخصائيي الظواهر الاجتماعية أو خريجي معاهد علم الاجتماع عبر جامعات الوطن أن يدرسوا ظاهرة مستويات تأثر القراء بكتّابهم المفضلين، وما إذا كان التأثر يتوقف عند النص أم حتى بشخصية المؤلف أو الكاتب، وقد تشكل خليدة تومي عيّنة حقيقية، لهذا الاختبار الاجتماعي والفني، خاصة وأنها أصبحت تلفت النظر كثيرا، بتصرفاتها الاجتماعية غير الجميلة، وهي وزيرة للثقافة تقرأ للمثقفين العالميين.. قد يستوي مع خليدة تومي أن تنعزل مائة عام على حد رواية ماركيز، لتعيد النظر في طبعها الذي أصبح لا يُطاق.. يقول أحد كوادر التلفزيون إنه طيلة السنوات الطويلة التي عمل معها بالتلفزيون والإعلام لم يعرف في تاريخ مشواره وزيرا أهان الصحفيين أكثر من التي أوكل لها بوتفليقة "رقبة" الثقافة في الجزائر. خليدة تومي ستُعاني إذا غادر بوتفليقة الحكم، لأن التاريخ سجل لها كل الصور المشينة التي ظهرت عليها أمام الرأي العام ونقلتها الصحافة، ولن تجد "أرسيدي" يُدافع عنها ولا "أمبيا" ينتصر لها، بل من المرجح أن يتخلى عنها حتى من انتفعوا وأحسنت إليهم بريع "ثقافتها"، إذ سيتبدلون إذا تبدل الحال، فإن طبع الحال، أن دوامه من المحال، ولهذا على تومي أن تنعزل أو تتبدد لتعيد النظر في مزاجها غير السوي مع الناس.