لُقب أوزيبيو - الذي أسعد البرتغاليين وجعل لهم شأنا كرويا رفيعا خلال ستينيات القرن الماضي- بالفهد الأسود، وبفضل مهاراته الخارقة وفنياته العالية لقب بالملك أيضا في أوساط النقاد، ويعد بحق أحد سفراء البرتغال كرويا في كل زمان ومكان، والرياضي البرتغالي الأفضل على مر العصور. ولد أوزيبيو دا سيلفا فيريرا سنة 1943 في لورينزو ماركيز التي كانت مستعمرة برتغالية. عاش وسط عائلة فقيرة وبدأ مساره الكروي في صفوف نادي مدينته لورينزو ماركيز مدة أربعة مواسم لعب خلالها 42 مباراة وسجل 77هدفا، وسرعان ما شدت موهبته الفريدة انتباه أكبر الأندية البرتغالية التي سعت إلى ضمه لصفوفها وهو دون الثامنة عشرة، وقد احتدم الصراع بين ناديي العاصمة بنفيكا وسبورتينغ لشبونة من أجل الظفر بخدمات الموهبة الفتية التي يعود الفضل في معرفتها للكشاف كليتمان، فغادر أوزيبيو موزمبيق بدموع سخية حزنا على فراق الوالدة وإخوته الثمانية. يرى البرتغاليون أنه صانع أحلى أيام الكرة في هذا البلد، ولأنه أسمر ويملك كل صفات الجوهرة السوداء لقبوه بيلي أوروبا، فكان يملك تقريبا كل مواصفات بيلي، البنية الجسدية نفسها (175 سم، 77 كغ)، المرونة ذاتها، السرعة عينها، ويتميز بتسديدات قوية لكنه برغم ذلك قال ذات يوم: لا أحد يمكن أن يقارن ببيلي، إذا أردتم إسعادي فنادوني اوزيبيو. امتاز المهاجم ذو الأصول الإفريقية بموهبة خاصة في مداعبة الكرة، وقدرته الخارقة على المراوغة التي اكتسبها في الشوارع والأزقة خلال طفولته، وبتقنية عالية في تخطي الخصوم، وبحس مرهف في مواجهة المرمى، وقع أوزيبيو تحت ضغط رهان صعب، وخاصة أن بنفيكا أضحى بين ليلة وضحاها من أشهر الأندية الأوروبية بفضل إنجازه الأوروبي عام 1961، وزاد الأمر صعوبة إضاعته ركلة جزاء في أول ظهور له مع الفريق بعد أيام من الحدث الأوروبي أمام فريق سيتوبال ضمن منافسات الكأس وساهمت بخروج بنفيكا، غير أن ذلك لم يؤثر في معنويات القادم الجديد، الذي انفجرت مواهبه في جويلية من السنة ذاتها في دورة باريس الفرنسية المشهورة آنذاك خلال المباراة النهائية أمام نادي سانتوس بيليه. أوزيبيو لم يكن أساسيا في هذه المباراة التي انتهى شوطها الأول بتقدم الفريق البرازيلي 5/صفر، ودخل في الشوط الثاني، ليتمكن من تسجيل ثلاثة أهداف فخطف الأضواء وأبهر المتتبعين الذين رأوا فيه بداية بزوغ نجم جديد في سماء كرة القدم. وفي موسم 1961-1962 أثبت أوزيبيو علو كعبه، وكان نجم مباراة الدور ثمن النهائي من كأس أندية أبطال أوروبا أمام أوستريا فيينا النمساوي، حيث قاد فريقه إلى الفوز 5/1 ثم في مباراة ربع النهائي أمام نورنبرغ حامل لقب الدوري الألماني الذي تلقى هزيمة نكراء صفر/6. في 2 ماي 1962، كان الموعد مع المباراة النهائية في العاصمة الهولندية أمستردام، وجمعت بنفيكا بريال مدريد الذي لم ينسَ لاعبوه حينها خسارة اللقب قبل عام، إلا أن أوزيبيو كان في الموعد وتمكن بفضل مهاراته العالية من تسجيل هدفين منح بهما اللقب الثاني على التوالي لبنفيكا، وصار أحد النجوم العالميين، ومعشوق الجمهور البرتغالي بفضل عدة ميزات مكنته من نيل لقب هداف الدوري البرتغالي، وفي ذاك الموسم سجل 29 هدفا في 31 مباراة. وبعد نيله الكرة الذهبية سنة 1965 قرر أوزيبيو استغلال مناسبة العرس الكروي العالمي الذي نظمته إنجلترا ليفرض نفسه كظاهرة حقيقية تركت بصمتها في تاريخ كرة القدم العالمية، فهناك أطلق العنان لموهبته في هز الشباك، فكان اللاعب الأكثر تأثيراً في المباراة مع البرازيل وحضر في الوقت المناسب أمام كوريا الشمالية (سجل أربعة أهداف ليكون أحد ستة لاعبين بلغوا ذلك موندياليا)، ولولا عاملا الأرض والجمهور لربما غيّر وجهة الكأس بنفسه. أطلق عليه النقاد لقب "اللؤلوة السوداء"، بعد أهدافه التسعة التي منحته لقب هداف البطولة، في حين ساعدت أهدافه الأربعة في مرمى كوريا الشمالية البرتغال على التأهل إلى نصف النهائي. نال لقب لاعب العام في أوروبا في عام 1965، وفي عام 1968 أصبح أول لاعب يفوز بجائزة الحذاء الذهبي وهو ما تكرر بعد 5 سنوات، ونال لقب هداف الدوري البرتغالي خلال الفترة من 1964 إلى 1973 تعرض لإصابة في الركبة في 1975 وخاض تجربتين احترافيتين في الولاياتالمتحدة والمكسيك.