رئيس الجمهورية يستقبل رئيس الجمهورية الصحراوية    البنك الإسلامي للتنمية يستعرض فرص الاستثمار    يامال يتأهب لتحطيم رقم ميسي    عميد جامع الجزائر يُحاضر في أكسفورد    العاب القوى: انطلاق النسخة ال24 من البطولة العربية بوهران    ممارسة الشعب الصحراوي لحقه في تقرير المصير هو السبيل الوحيد لإنهاء الاستعمار المغربي    المضاربة غير المشروعة في مادة البن: إدانة شخصين ب15 و7 سنوات حبسا نافذا بالجلفة    المغرب: تصعيد خطير وغير مسبوق ضد مناهضي التطبيع وداعمي فلسطين    وزير المجاهدين يمثل الجزائر في فيتنام ويؤكد على عمق العلاقات التاريخية بين البلدين    اتحاد العاصمة ينهي تعاقده مع المدرب ماركوس باكيتا بالتراضي    الجزائر تحتضن المؤتمر ال38 للاتحاد البرلماني العربي يومي 3 و 4 مايو    باخرة محملة ب12 ألف رأس غنم ترسو بميناء تنس في إطار برنامج استيراد أضاحي العيد    حوادث المرور: هلاك 33 شخصا وإصابة 1434 آخرين خلال أسبوع    رئيس الجمهورية يؤكد إرادته في مواصلة تعزيز المكاسب المحققة في عالم الشغل    تأمينات : الجزائر تحتضن المؤتمر العربي الثالث للإكتواريين من 8 إلى 10 يوليو    مصارعة /البطولة الإفريقية: الجزائر تحصد 8 ميداليات منها 4 ذهبيات    وهران: الصالون الوطني الأول للجودة والنظافة والسلامة والبيئة من 5 إلى 7 مايو    الاحتلال الصهيوني يواصل عدوانه على مدينة طولكرم ومخيميها لليوم ال94 على التوالي    الحاضنة الرقمية لوزارة التعليم العالي و البحث العلمي : تكوين 8 آلاف طالب منذ بداية فبراير الماضي    حملة وطنية للتحسيس والوقاية من الأخطار المتعلقة بموسم الاصطياف بداية من يوم الخميس    تسجيل تلاميذ السنة الأولى ابتدائي يكون حصريا عبر فضاء الأولياء ضمن النظام المعلوماتي لوزارة التربية بداية من 4 مايو    المعرض العالمي بأوساكا اليابانية: إبراز عمق الحضارة الإنسانية في الجزائر    الجزائر العاصمة: تنظيم أبواب مفتوحة حول المدارس والمعاهد العليا المتخصصة في الثقافة والفنون    تكريم عميد الكتاب الجزائريين قدور محمصاجي بالجزائر العاصمة    العالم يشهد على جريمة إبادة جماعية "    انطلاق أشغال اللقاء الجهوي الرابع    كنتم "نعم السفراء " لدبلوماسية رسم معالمها السيد رئيس الجمهورية"    وفاة 12 شخصا وإصابة43 آخرين في حادثي مرور    تم وضع الديوان الوطني للإحصائيات تحت وصاية المحافظ السامي للرقمنة    خدمة الانترنت بالجزائر لم تشهد أي حادث انقطاع    يهنئ البطلة الأولمبية كيليا نمور    إسبانيا "محطة هامة" في مسيرة الحرية    تواصل عملية الحجز الإلكتروني بفنادق مكة المكرمة    بلمهدي يدعو إلى تكثيف الجهود    الحصار على غزة سلاح حرب للكيان الصهيوني    المتطرّف روتايو يغذي الإسلاموفوبيا    وزير الاتصال يعزّي عائلة وزملاء الفقيد    هدفنا التتويج ب"الشان" والتألق في قطر    جاهزية قتالية وتحكّم تام في منظومات الأسلحة الحديثة    انطلاق بيع تذاكر لقاء "الخضر" والسويد    "سوناطراك" تعزيز تعاونها مع "ناتورجي" و" سهيل بهوان"    "خطوة تور" يحطّ الرحال بوهران    نحو جعل ولاية عين الدفلى "قطبا صحيا" بامتياز    هكذا تتحكم في غضبك قبل أن يتحكم فيك    المحروسة.. قدرة كبيرة في التكيّف مع التغيّرات    شاهد حيّ على أثر التاريخ والأزمان    إبراز أهمية تعزيز التعاون بين الباحثين والمختصين    عمورة محل أطماع أندية إنجليزية    الانتقال لمفهوم الصحة المهنية الشامل وتعزيز ثقافة الوقاية    دعابات ونكت تترجم سعادة الأسر    ماذا يحدث يوم القيامة للظالم؟    نُغطّي 79 بالمائة من احتياجات السوق    معرض "تراثنا في صورة" يروي حكاية الجزائر بعدسة ندير جامة    توجيهات لتعزيز الجاهزية في خدمة الحجّاج    صفية بنت عبد المطلب.. العمّة المجاهدة    هذه مقاصد سورة النازعات ..    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ألجي... ألجيري (11)
نشر في الجزائر نيوز يوم 31 - 07 - 2013


عيناه!
كيف حدث ذلك يا الزح؟! لكن تذكرتهما.. اللحظة وأنا أكتب.. وأنا أنسج.. وأنا أداعبها وأغازلها. تلك الذاكرة التي أحملها وتحملني، تلك التي أظل أتحدث عنها وكأنها جزء لا يتجزأ مني.. وكأنها هي كلي، ومطلقي ومصدر ماضي وحاضري ومستقبلي، وروح كل أفعالي وكلماتي وسلوكاتي، ومنارة علاقاتي التي نسجت والتي هي في طور النسيج... أجل.. تذكرتهما يا الزح.. عيناه تذكرتهما، وكأنني كنت معه اللحظة، وكأن الزمن لم يقف بيننا كما السد، وكأن الموت لم يفرق بيننا وبينه!
عيناه الخضراوان، لم أر في حياتي عندما كنت صبيا ثم فتى رجلا بتينك العينين الخضراوين، كأنهما عينا قط تلمعان في الدماس، هل قُتل من أجله عينيه الخضراوين؟! فالجيا قصدت الجماعة الإسلامية المسلحة، وذلك منذ طورها الأول عندما اجتمعت وأقامت نظامها وقانونها وأمضت بيانها وحددت أهدافها، قررت أن تقتل وأن تقتل بيد باطشة، ليس رجال البوليس وحسب، وليس رجال الدرك وحسب، وليس رجال البوليس السري وحسب، وليس المشتغلين في الحكومة وفي الصحافة وحسب.. وليس الموظفين في وزارة الشؤون الدينية من إداريين وأئمة وحسب.. بل حتى الذين كانوا يتشبهون بالنصارى.. لكن ما ذنب جارنا مدير المدرسة إن كانت عيناه مثل عيني نصراني؟! هل قتلوه لأن لون عينيه كان أخضر..؟! سمعت هذا الكلام أكثر من مرة، ولاكه أكثر من أحد.. لكن هل جنوا كل هذا الجنون حتى يقتلوا ذلك الشيخ المسالم من أجل لون عينيه؟! هل قتلوه لأنه راسل جريدة؟! ما الذي كان يكتبه إلى الجريدة؟!
ما الذي حدث في تلك اللحظة ذات الأهمية القصوى والخطورة القصوى عندما توجه ذلك الشخص نحوه بمسدسه، ماذا قال في تلك اللحظة؟! لا أعتقد أنه توسل، ولا أعتقد أنه ارتعب، فالجميع ممن عرفه يشهد له بهدوئه وصلابة أعصابه.. أين فر ذلك الكلب، ذلك الحقير، ذلك الرخيص وزميله عندما أنجزا مهمتهما البشعة؟! ثم هل يجوز أن نطلق على ذلك الجرم الجبان وصف "المهمة"؟! ما الذي قال له لطفي عندما أنبؤوه بمصرع والده؟! لم يصدق الخبر، أعرف أنه لم يصدق، شعرت بالحزن لأنني لم أكن في مدينتي عندما انتزعت منه حياته، هكذا وبذلك الشكل المنحط والسيء؟! سألتني زوجتي عندما لاحظتني غارقا في حزني وبكائي، (لكنني لم أسمعك من قبل تتحدث عنه؟!) بالفعل لم أكن أتحدث عنه كثيرا.. ولم أكن أتحدث عن لطفي إلا في حالات نادرة، ومع ذلك سبق أن تحدثت عنه مع زملائي القدامى كلما التقينا في مناسبات، مثل عودتي ليوم أو يومين أو ثلاثة إلى مسقط رأسي، حضور جنازة صديق قديم، حضور مأدبة عرس قريب أو زميل قديم صاحب الخضراوين. كم كان عمره يومها عندما قادني والدي معه إلى جامع ڤومبيطا الجديد الذي فرح أهل ڤومبيطا أيما فرح عندما انتهوا من تدشينه.. ما أسعد لحظة التدشين، ما أسعد لحظة الإنجاز.. عمُر حيّنا ڤومبيطا بالغاشي الذين توافدوا من كل حدب وصوب كما يقولون، تدفقوا من كل مكان، من كل حي ومن كل بلدة محيطة.. تدفق الناس من أحياء سيدي عمر، وسيدي الجيلالي وبريانطوا وماكوني وسيدي ياسين وطوبا والرونسال والڤرابة وفيلاج الريح وفويور تيار وسيدي لحسن وتسالة وبوني وسيدي حمادوش والطابيا وبودانس وسيدي بوسيدي ولمطار وسيدي إبراهيم وماكدرة وسفيزف وبوخانيفيس.. اعتمرت الشوارع بقصاعي ومثارد الكسكسي بالمرق والمسفوف واللحم المشوي، كانت الزردة ضخمة وكبيرة احتفالا ببناء أول مسجد بڤومبيطا الذي أمه الشيخ الحاج محمد الزبير.. وكان والدي منتشيا بالسرور والبهجة وهو يقودني إلى مسجد ڤومبيطا الذي سمي فيما بعد بمسجد محمد زين العابدين. كنت أسير مطأطئ الرأس، أكاد أموت من شدة الخجل وراء والدي، وكان الجامع عامرا، ودخلت رفقة والدي إلى قاعة الوضوء، تذكرت، لم أكن رفقة والدي لوحدي بل كان معي كذلك أخي مصطفى الذي يصغرني بعامين كاملين، نزعت حذائي وفتحت السبالة وبدل أن أبدأ بيدي بدأت بوجهي، وعندئذ وجه صاحب العينين الخضراوين الملاحظة لوالدي وهو يبتسم، وتبادلا كلاما لم أفهمه، وشعر والدي بالإرتباك من تلك الملاحظة التي وجهها صاحب العينين الخضراويين، فنظر والدي إلي شزرا، كان غاضبا وفي الغضب شيء كبير من الإرتباك، وعندما كررت الخطأ في الوضوء صفعني فرحت أبكي، وارتعب عندئذ أخي مصطفى فراح يتوضأ بسرعة وكأنه يريد الفرار من عقاب والدي.. ثم تحدث صاحب العينين الخضراوين من جديد إلى والدي وابتسم إليّ، وفهمت من بعد أنه هدأ من روع والدي، ووقفت وراء الإمام وراح يرتل سورة الفاتحة ثم سورة الكافرون.. وكانت سورة الكافرون تدهشني وتثير في ذهني أشكالا وصورا شتى.. وسألت يومها، أو أياما بعد ذلك، والدي ونحن على مائدة العشاء، عن الكافرين.. يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون، وقال والدي كلاما لم أفهمه جيدا، قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون، والرسول؟! رأيت الكافرين غاضبين، يديرون المؤامرات.. يتحالفون، كل ذلك رأيته عندما اقتادونا من المدرسة الثانوية إلى سينما فوكس لنتفرج على فيلم الرسالة.. هل قتلوه بسبب لون العينين؟! محال، لم يقتل المرء بسبب لون العينين ذات يوم، كنت قرب منزله، لم أكن وحدي، قال لي انتظر، دخل إلى البيت ثم عاد، ثم قال، هل تحب القراءة؟! كنت خجلا وخائفا ودون لسان.. ثم قال خذ.. كدت أموت من الخجل.. تأبطت الكتاب، لون الغلاف كان أحمر.. وكانت هناك رسمة جميلة لامرأة أسطورية.. وبعد وقت شعرت بالفخرلأني قرأت وأنا لازلت فتى طري العود رواية "الأم" لمكسيم غوركي..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.