القضاء على إرهابي بالشلف بالناحية العسكرية الأولى    لويزة حنون: حزب العمال سيفصل في مرشحه لرئاسيات سبتمبر 2024 شهر ماي المقبل    تربية المائيات: الشروع قريبا في عملية واسعة لاستزراع صغار أسماك المياه العذبة بالسدود    عرقاب يتباحث بتورينو مع الرئيس المدير العام لبيكر هيوز حول فرص الاستثمار في الجزائر    مئات المستوطنين الصهاينة يقتحمون المسجد الأقصى المبارك    مندوب المخاطر الكبرى بوزارة الداخلية : الجزائر معرضة ل 18 نوعا من الأخطار الطبيعية تم تقنينها    كرة القدم: غلق مؤقت لملعب 5 جويلية للقيام بأشغال الترميم    شهر التراث : إبراز عبقرية العمارة التقليدية الجزائرية في مقاومتها للزلازل    عيد العمال: الأربعاء 1 مايو عطلة مدفوعة الأجر    رئيس الجمهورية يبرز الدور الريادي للجزائر في إرساء نظام اقتصادي جديد عادل    فلاحة: السيد شرفة يستقبل المدير التنفيذي للمجلس الدولي للحبوب    شهر التراث: منح 152 رخصة بحث أثري على المستوى الوطني خلال الأربع سنوات الماضية    موعد عائلي وشباني بألوان الربيع    الوريدة".. تاريخ عريق يفوح بعبق الأصالة "    مسؤول فلسطيني : الاحتلال فشل في تشويه "الأونروا" التي ستواصل عملها رغم أزمتها المالية    بوزيدي : المنتجات المقترحة من طرف البنوك في الجزائر تتطابق مع مبادئ الشريعة الإسلامية    هنية يُعبّر عن إكباره للجزائر حكومةً وشعباً    العالم بعد 200 يوم من العدوان على غزة    صورة قاتمة حول المغرب    5 شهداء وعشرات الجرحى في قصف صهيوني على غزة    العدوان على غزة: الرئيس عباس يدعو الولايات المتحدة لمنع الكيان الصهيوني من اجتياح مدينة رفح    إجراء اختبارات أول بكالوريا في شعبة الفنون    مولودية الجزائر تقترب من التتويج    تيارت/ انطلاق إعادة تأهيل مركز الفروسية الأمير عبد القادر قريبا    كأس الكونفدرالية الافريقية : نهضة بركان يستمر في استفزازاته واتحاد الجزائر ينسحب    رفع سرعة تدفق الأنترنت إلى 1 جيغا    تسخير كل الإمكانيات لإنجاح الإحصاء العام للفلاحة    شنقريحة يحث على اليقظة..    الجزائر وفرت الآليات الكفيلة بحماية المسنّين    أمّهات يتخلّين عن فلذات أكبادهن بعد الطلاق!    تقدير فلسطيني للجزائر    سنتصدّى لكلّ من يسيء للمرجعية الدينية    برمجة ملتقيات علمية وندوات في عدّة ولايات    المدية.. معالم أثرية عريقة    مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي: فرصة مثلى لجعل الجمهور وفيا للسينما    ذِكر الله له فوائد ومنافع عظيمة    الجزائر تُصدّر أقلام الأنسولين إلى السعودية    دورة تدريبية خاصة بالحج في العاصمة    استئناف حجز تذاكر الحجاج لمطار أدرار    بعد مسيرة تحكيمية دامت 20 سنة: بوكواسة يودع الملاعب بطريقة خاصة    عون أشرف على العملية من مصنع "نوفونورديسك" ببوفاريك: الجزائر تشرع في تصدير الأنسولين إلى السعودية    إبراز دور وسائل الإعلام في إنهاء الاستعمار    تخوّف من ظهور مرض الصدأ الأصفر    تسجيل تلاميذ السنة الأولى بالمدارس القريبة من إقامتهم    عائد الاستثمار في السينما بأوروبا مثير للاهتمام    "الحراك" يفتح ملفات الفساد ويتتبع فاعليه    مدرب ليون الفرنسي يدعم بقاء بن رحمة    راتب بن ناصر أحد أسباب ميلان للتخلص منه    العثور على الشاب المفقود بشاطئ الناظور في المغرب    أرسنال يتقدم في مفاوضات ضمّ آيت نوري    "العايلة" ليس فيلما تاريخيا    5 مصابين في حادث دهس    15 جريحا في حوادث الدرجات النارية    تعزيز القدرات والمهارات لفائدة منظومة الحج والعمرة    نطق الشهادتين في أحد مساجد العاصمة: بسبب فلسطين.. مدرب مولودية الجزائر يعلن اعتناقه الإسلام    لو عرفوه ما أساؤوا إليه..!؟    أهمية العمل وإتقانه في الإسلام    مدرب مولودية الجزائر باتريس يسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرجوع مجددا إلى تلك المهنة القديمة التي منعها أحمد بن بلة
نشر في الجزائر نيوز يوم 08 - 02 - 2014

أول قرار اتخذ آنذاك في حكم الجزائر المستقلة كان منع ‘'الشيتة''، بمعناها الذي يدل على مسح وتلميع الأحذية، على الأقل على الأرصفة العمومية؛ والسبب، بطبيعة الحال، هو أن المهنة كان ينظر أليها على أنها رمز من الرموز السلبية لمخلفات المستعمر وكذلك على أساس أنها مهينة للكرامة الإنسانية. فكان إذن أول قرار يتخذ، قبل ‘'لونساج''، والثورات الثلاث، والأملاك العمومية الشاغرة، والغنيمة، ‘'والمساواة الجد متساوية''، أي ؛ منع استعمال فرشاة مسح وتلميع الأحذية في الأماكن العمومية كمصدر للاسترزاق.
ولكن يا لها من مفارقة عجيبة، كيف لا وأول منتوج الدكتاتورية لا يتعدى أن يكون هو استعمال ‘'الشيتة'' نفسها، كمهنة في الأماكن العمومية، بمعناها ‘'ان تزاف الى...''، امتهان ذلك المديح الغادر على سبيل أنه نابع من منطق الدعاية المغرضة. وعليه، فإن الإفراط والتعسف في استعمال سلطة الولاء وطلب الطاعة الزائدة هو أخطر وأقبح من التعسف في السلطة نفسه، مثلما جاء ذلك في تعبير إحدى الوقائع لكاتب صديق لي. إن الطاعة (المشكوك في صدق صاحبها) و''الشيتة'' والثناء الذي يعني الاستثمار المغرض في شيء ما قصد الحصول على المقابل، تحتكم كلها إلى قواعد ثابتة هي دوما تعرف بالتضخم السياسي، و''النرسيسية'' كثقافة راسخة في أيدولوجية الدولة، والغموض الذي يخيم على القيم وسلم المهن، بما يعني أن ‘'الشينة'' أصبحت وسيلة للحصول أو الوصول إلى البروزعلى الساحة أو في الميدان، والتدرج إلى المناصب العليا، والولاء، والمساندة. وبما أن الأبله لا يمكنه أن يهدي شيئا ما، فهو يتكرم بروحه، عله سيصبح بتلك المرآة العاكسة لفن الكذب بشتى أنواعه، وهو يحلم في أن ينتقل بعد ذلك إلى مكانة أفضل، غير أن انعكاسات ضوئه تكون قد افتقدت لبريقها، فيصبح إذن مديحه وثناؤه للمسؤول بدون جدوى ولا عنوان. وأما في الجزائر، فإن إحساس التمركز الدائم الموجود عند البعض من الأشخاص جعلهم يفقهون جيدا في القراءة السريعة لرغبة القائد الحاكم المانح والمانع، الآمر والناهي على كل شيء، لذلك فهم يغرونه من أجل التمكن منه والاقتراب أكثر من دائرة سلطته الضيقة. وهنا يقودهم التفنن المهني إلى إرساء قواعد المشاركة في المسابقة في ذلك الاحتراف الكبير لمن يتقن الفن أكثر في تلك العلوم الجديدة للإغراء والولاء، بحيث يصبح كل حدث محل استغلال نفوذ وهيمنة هذه العصبة الجديدة والمتجددة، كونها استطاعت أن تستثمر وبقوة فائقة في كل من الكرة الذهبية، وعنوان القائد الفذ، وحقوق الإنسان، والتوأم لويلي مانديلا، ومنجز المعجزات والأمن التام والمصالحة التي لم تقص أحد، والقائد الكبير لشعب عظيم، والمرشد والمنير، والصديق الوفي للعمال. وها هي إذن كل الجمهورية ومسؤوليها التي تهرول لتلك البدعة الواعدة والمتجددة، جريا نحو الهدف المنشود والعمل المعهود، أي تلك المهنة القديمة جدا التي حاول أحمد بن بلة أن يمحوها من تقاليد وأزقة الجزائر المستقلة. أما اليوم، فكل الطبقة السياسية تمتهن هذه الحرفة وبأدق الإتقان والتفاني، بحيث أنها تتجه كلها وسط تلك الزحمة الضخمة نحو ذلك الزوج الواحد للحذاء الواحد، وهم في عجلة من أمرهم في استعمال ألفاظهم وعناوينهم المفضلة وميداليتهم التي يحملونها كهدايا.
وما السبب في كل هذا، يا ترى؟ هل هو التضخم، أم الرغبة في شيء ما، أم هي البطالة، أو الحيلة، أو الدعاية، الفراغ، أم هو الخوف؟ أعتقد أن شيئا ما غير صحي أو جد مضر بالبلد بدأ يخيم علينا بظلاله في محيط سماء الجزائر التي لم تعد صافية. إنها بداية الملكية، بطابعها الصوتي المنخفض، حيث أن هناك تذمر كبير ينتاب هذا الشعب الذي انطفأت شمعته وشعلته بسرعة ليفقد صيته وبريقه المعهود. إن المبالغة في هذا الميدان بالذات، وفي الساحة السياسية بمجملها، هو يعني تلك الحجة الدراماتيكية لوجود بطالة مست حتى أعلى هرم نخبتنا السياسية المساندة، بمعنى آخر، يعني وجود نقص فاضح وواضح في فئة المثقفين العضويين في مكان أهل المسح واللمعان المنشغلين في البحث عن الدليل والحجة الحزبية، بما أن بلدنا قد انزلق في داخل بؤر الشيء المضحك أو المثير للسخرية فيما يتعلق بالعقيدة وتلك المآسي والبؤس الذي مس تلك الدول المنبثقة عن الاتحاد السوفياتي سابقا، على اعتبار أن نتيجة ذلك هي غير بعيدة عن تشابك أو تصليب الناقة بحاسي ما للنفط يبعد عنا بمسافة ما. كم هو محبط للروح لذك البلد الذي اقتصر مستقبله على رقصة البطن من أجل تناول بعض المؤونة لسد رمق سكانه. إنه لمن شر البلية في أن تكون نخبنا عرضة تعسف السلطة لفرض طاعتها المطلقة على الجميع.
من كتابة كمال داود
وترجمة سلامنية بن داود


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.