مصدر من وزارة الخارجية : باريس تتحمل مسؤولية الإخلال أولا ببنود اتفاق 2013    مؤسسة "بريد الجزائر": بطاقة دفع إلكتروني للحائزين الجدد على البكالوريا    الخطوط الجوية الداخلية: اطلاق أول رحلة الجزائر – تمنراست هذا الاثنين    الأمم المتحدة: غوتيريش يعرب عن قلقه "البالغ" إزاء استمرار تدهور الوضع في الأراضي الصحراوية المحتلة    غزة في المجاعة..الجزائر تدين بشدة ممارسات الاحتلال الصهيوني    منظمة التعاون الإسلامي: المجاعة في غزة "جريمة حرب تستدعي تحركا دوليا عاجلا"    مشاركة فريق جزائري محترف لأول مرة في جولتين أوروبيتين مرموقتين لسباق الدراجات    المهرجان الوطني للموسيقى والأغنية الشاوية بخنشلة: فرقة "ديهيا" تتوج بالجائزة الأولى لمسابقة الطبعة الثانية    باتنة: افتتاح تظاهرة سوق عيد الخريف بتكوت    باراكانوي/بطولة العالم: تأهل الجزائري براهيم قندوز للنهائي" أ" بإيطاليا    وفد من المجلس الشعبي الوطني يزور برلمان عموم أمريكا الوسطى    أمن ولاية الجزائر: عمليات شرطية ليلية واسعة تسفر عن توقيف 288 مشتبها فيهم    الجزائر تستعد لاحتضان معرض التجارة البينية الإفريقية 2025    جناح الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار يستقطب اهتمام الشركات اليابانية في يوكوهاما    وهران تختتم الطبعة 14 للمهرجان الثقافي الوطني لأغنية الراي وسط أجواء فنية احتفالية    الجزائر تتألق في المنتدى الثقافي الدولي للطفل بموسكو    فلسطين... بعد 77 سنة عودة الوعي العالمي؟    عرقاب يشرف على تدشين عدة منشآت    معرض التجارة البينية الافريقية 2025 بالجزائر: ريادة اقتصادية في خدمة التنمية في القارة    مؤسسات ناشئة: تجارب عالمية تدعم مسيرة رواد الأعمال الجزائريين    حملات تحسيسية لترشيد وعقلنة الاستهلاك    بدء إنتاج محطة كودية الدراوش بالطارف    التحكّم في أغلب حرائق الغابات بعدّة ولايات    44 مليار دولار    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 62622 شهيدا    أيام للفيلم الثوري    أراض مغربية تُمنح للصهاينة!    رواية الدكتور مومني وأبعاد الهُوية والأصالة والتاريخ    غزوة أحد .. من رحم الهزيمة عبر ودروس    أمطار رعدية ورياح قوية مرتقبة على عدد من ولايات الوطن بداية من اليوم    ترتيبات خاصة بمسابقة التوظيف في رتبة "مربي تنشيط الشباب" لفائدة ولايات جنوب الوطن    بطولة الرابطة الاولى"موبيليس"/2025- 2026/: بداية موفقة لشباب قسنطينة وأولمبيك أقبو    شرطة الحدود تحجز أزيد من مليون أورو خلال 3 أشهر    لجنة لتقييم حالة الحافلات والتخطيط لتجديد الأسطول    مؤتمر الصومام عزّز الوحدة الوطنية إلى أبعد الحدود    متعاملو الهاتف النقال ملزمون بتوسيع مجال التغطية    الجزائر تدفع إلى التكامل بين الهياكل الأمنية والحوكمية للقارة    بلورة رؤية ناجعة لأنشطة المجتمع المدني    الشباب يقود القوافل الطبية التطوّعية    خطوة مهمة في مسار تيسير الخدمات القنصلية    " صيدال" يكرّم أحد أبطال الإنقاذ في كارثة وادي الحراش    حملات واسعة لتنقية الوديان والبالوعات    الجزائر تنهي المنافسة ب 23 ميدالية منها ست ذهبيات    أفلام الثورة تُلهب مشاعر جمهور الفن السابع    مسرحية "أميرة الوفاء" تفتك "القناع الذهبي"    عنابة تعيد رسم ملامح المدينة المتوسطية الرائدة    أخبار اعتزالي غير صحيحة.. وهدفي أولمبياد 2028    بوقرة يعترف بصعوبة المهمة ويحذر لاعبيه    وهران: تدعيم المؤسسات الصحية ب 134 منصبا جديدا لسنة 2025    حج 2026: تنصيب لجنة دراسة العروض المقدمة للمشاركة في تقديم خدمات المشاعر    انطلاق الطبعة الخامسة للقوافل الطبية التطوعية باتجاه مناطق الهضاب العليا والجنوب الكبير    الجزائر تواجه السودان    16 فريقاً على خط الانطلاق.. بأهداف متباينة    هذه الحكمة من جعل الصلوات خمسا في اليوم    فتاوى : هل تبقى بَرَكة ماء زمزم وإن خلط بغيره؟    خالد بن الوليد..سيف الله المسنون    قتلة الأنبياء وورَثتُهم قتلة المراسلين الشهود    مناقصة لتقديم خدمات المشاعر المقدسة في حج 2027    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علم اجتماع المستقبل
نشر في الشعب يوم 27 - 04 - 2022

عندما قرأت دراسة العالم السوفييتي A.Negfakn من أكاديمية العلوم السوفييتية في عام 1992، لفت انتباهي قوله «أنّ كل ما يتخيله الإنسان يمكن أن يحققه يوما ما»، ويقدم نماذج على الأساطير التي داعبت خيال الشعوب قديما وأصبحت حقائق ووقائع، وحيث أنّ التكنولوجيا تعيد تشكيل البيئة الاجتماعية وأنماط التفاعلات، فإنّني أتصور أنّ العالم سيعرف بنيات اجتماعية جديدة تعيد تشكيل مفهوم العائلة والزواج والقرابة والجنس والحلال والحرام...الخ، ولنأخذ نماذج توضيحية حاولت أن أرصدها في عدد من البحوث التي نشرتها في أماكن مختلفة:
1- عندما ثارت قضية المرأة البريطانية التي تعاني من مشاكل في الرحم، قام الأطباء بتخصيب البويضة منها والحيوان المنوي من زوجها ثم تم وضع المخصب في رحم أم المرأة ، ثار نقاش أخلاقي وقانوني حول الموضوع، وتخيلت بعد ذلك أنّ النساء الارستقراطيات والممثلات وعارضات الأزياء سيعملن على الاستفادة من هذه المسألة (surrogate mother) للحفاظ على رشاقتهن وقوامهن، وقد تصبح فيما بعد وظيفة، وهناك نساء يقمن بهذه الوظيفة (كالمرضعة في التاريخ القديم)، وهو أمر قد يربك مفاهيم القرابة ومعاني الزنا، ويدخلنا في نقاش قانوني وأخلاقي جديد.. فهل المولود الجديد سيقول للأم الرحم «ماما» ولأم «البويضة» ماما أيضا؟ وما هو التوصيف الأخلاقي لهذا الفعل؟
2- لو تخيلنا أنّ الاستنساخ على البشر أصبح حقيقة (كالنعجة دوللي والجمل الإيراني)، وأصبح الناس يستنسخون أنفسهم في المستقبل، سيترتب على ذلك أسئلة مثل : ما علاقة زوجة الرجل بنسخته؟ وما علاقة الرجل بنسخة زوجته، وهل تعد ضمن الأربعة المسموح له بهن؟ وماذا سيقول أبناء الأصل لنسخة أبيهم (أب أم عم أم ماذا)، وإذا مات الأصل ما نصيب النسخة من الإرث؟..الخ
3- تتحدث الأوساط الطبية عن أنّ العلم في طريقه إلى تصميم الطفل أو المولود(baby design)، هل تريده ذكرا أو أنثى؟ أشقر أم أسود أم أسمر أم حنطي؟ عيونه زرق أو سود؟...هل سيترتب على ذلك تزايد عدد الذكور على حساب الإناث طالما أننا نحن من يختار جنس المولود والحالة هذه؟ وهل سيؤدي ذلك إلى تعدد الأزواج مقابل تعدد الزوجات؟ وهل سترتفع المهور بسبب نقص العرض؟ ألا يترتب على ذلك انفجار كل القيم التقليدية وتحلل البنيات الاجتماعية؟
4- هل يمكن أن نصل لمرحلة نستبدل سباق التسلح بسباق الجينات؟ ويصبح هناك إمكانية للتحكم في مستويات الذكاء من خلال التحكم في الجينات الخاصة بالذكاء فيصبح لدينا مجتمع من «الآينشتاينيين»؟
5- هل يمكن أن يصبح استبدال الأعضاء للجسم الإنساني مثل استبدال قطع الغيار لأية آلة؟ وهل سيؤدي ذلك لأن يكون للمريض قدم ياباني وعين صيني وأعضاء تناسلية تايوانية؟ وهنا ماذا يصبح معنى القبيلة والنسب والأصل؟؟
6- هل يمكن أن يرتفع معدل عمر الإنسان في المراحل الأولى إلى 200 سنة بفعل التطور العلمي وتحسن التغذية والتطور الطبي؟ ألم يكن معدل عمر البشر في العقود القديمة أقل من المعدل الحالي بإقرار كل الدراسات التاريخية والانثروبولوجية؟ ماذا يترتب على ذلك؟ هل يصبح الشباب من 90 إلى مائة سنة؟
قد تبدو المعطيات السابقة غير مستساغة، ولكن لو قلنا قبل 300 سنة أن العلم سيجعل أربعة أفراد أحدهم في موسكو والثاني في واشنطن والثالث في القاهرة والرابع في باريس يرون بعضهم ويسمعون بعضهم ويتشاجرون في نفس اللحظة وفي نفس المكان؟ ألا نراهم الآن على شاشات التلفزيون يفعلون كل هذا؟ لقد كانت المسافة بين المحاربين القدماء لا تزيد عن طول الذراع والسيف ويشاهدون بعضهم.. ثم أصبحت المسافة البندقية...ثم المدفع فالصاروخ إلى أن وصلنا للنووي القادر على ضرب أية بقعة على الأرض وغدا ستدور الحروب في القمر والفضاء الخارجي كله...ومن يدري فاليابانيون يدرسون بناء مدن في قاع المحيط...
كل هذا سيغير المنظومة القيمية للبشرية، وستزيد العولمة من الترابط والتماثل..فكل طلاب العالم الآن يحملون نفس المعلومات عن تخصّصاتهم..وتتشابه النظم السياسية والاجتماعية والاقتصادية تدريجيا، ويتشابه المعمار والفنّ بأنماطه بل ويزداد التأثير المتبادل.. وهو ما يعني أن على علماء الاجتماع أن يستعدوا لتغيير مسلماتهم..وسنرى الروابط الآلية ( اللغة والدين والعرق...الخ) تتراجع لحساب الروابط العضوية كما تنبأ دوركهايم..والشرط لكل هذا أن يتحرر العقل من أسر اللحظة الراهنة وأن يمارس الإسقاط (projection) للاتجاهات التاريخية على المستقبل.
إنّ العقل الجامد الملتصق بالأرض، والمجدِب في خياله، والذي يأسره الماضي، سيبقي مجتمعه مكبلا، ولا يحسن إلا استهلاك ما يبدعه الآخرون ثم يتفنّن في شتمهم....


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.