يفضّل الجزائريون تنظيم مناسباتهم العائلية في فصل الصيف، تزامنا مع فترة العطل، لعدة أسباب من بينها وفرة المؤن الغذائية وتراجع أسعارها، لعلّّ حفلات الزفاف هي أكثر المناسبات تنظيما خلال فصل الصيف تجدها الأسر المحلية بولاية معسكر، منفذا للمتعة والترفيه في ظلّ غياب السهرات والفضاءات المخصّصة للعائلات. تختلف الأعراس الجزائرية من منطقة إلى أخرى، بحكم التنوع الثقافي الذي يتمتع به المجتمع الجزائري، الذي تشترك تركيباته شرقا وغربا وجنوبا في اتباع التقاليد الاجتماعية والحفاظ على الموروث اللامادي، على الرغم من التغييرات التي طرأت على هذا النوع من الاحتفالات الأسرية من حيث التقاليد الجديدة المكتسبة عن مجتمعات أخرى أو تلك التي دخلت على طقوس الاحتفال بحكم غلاء المعيشة وتراجع القدرة الشرائية. طقوس جديدة في ولاية معسكر، تقام حفلات الزفاف على مدار يوم أو يومين على الأكثر بعد أن كانت الأعراس تنظّم طيلة أسبوع كامل، تجتمع فيه العائلة الكبيرة للتعاون على تحضير مراسم العرس والاحتفال مبكرا، بداية من يوم «حمام العروسة»، ثم يوم قدوم مؤونة العرس التي يوفرها العريس للعروس، وتشمل مستلزمات وليمة «العامة أو الفاتحة»، ثم ليلة سهرة العروسة مع صديقاتها وأقربائها، يليها يوم الحناء، ثم ليلة الزفاف التي تنتهي في اليوم الموالي بطقوس «التحزام». غير أن الإمكانيات المادية وغلاء المعيشة استدعت إحداث بعض التغييرات على هذه التقاليد وتقليص أيام الاحتفال إلى ليلة واحدة، تقام فيها كل مراسيم الاحتفال باستثناء ليلة الدخلة التي تؤجل ليوم أو يومين ضمانا لاستراحة العروس من التعب ومشاق التحضير لليلة العمر. ومن بين التغييرات التي طرأت على الأعراس المحلية بولاية معسكر، إقامة حفل زفاف مشترك بين العروسين للاقتصاد في الإنفاق على حفل الزفاف الذي يستنزف التحضير له مبالغ مالية معتبرة، بين تكاليف المهر وجهاز العروسة وإقامة الوليمة التي تعتبر ضمن أركان الزواج كنوع من الإعلان عنه. ويستقر معدل المهر عند الأسر المعسكرية بين 5 و10 ملايين سنتيم، إضافة إلى المصوغات التي تهدى للعروسة حسب إمكانيات زوجها، فإن كانت هذه الأخيرة لا تستطيع توفير طقم كامل من الذهب للعروسة، تقتصر هديتها من المصوغات على خاتم الخطوبة وقرط ذهبي، وإن حدث وتفاهم الزوجين فيما بينهما، فتكتفي العروس بخاتم من ذهب ومصوغات من المعدن الأصفر الذي لا يشترط أن يكون من الذهب الخالص، تخفيفا على العريس عبء تكاليف الزواج وهو الأمر الشائع حاليا بين الأسر المحدودة الدخل، تحت شعار «نجاح العلاقة الزوجية هو الأهم»، يذكر أن الأعراس المحلية بمعسكر وحسب الشرائح الاجتماعية تكلّف بين ما تزيد قيمته عن 100 مليون إلى 70 مليون كحد أدنى. حفل مشترك وللتقليص من عبء هذه التكاليف، تتكافل الأسر فيما بينها في تنظيم حفل زفاف مشترك بقاعة الحفلات عوض إقامته بمنزل العروسين، حيث تفق الأسرتين على تقاسم نفقات الحفل، على أن تتكفل العروس باستئجار قاعة الحفلات ويتكفل العريس بمستلزمات الإطعام والوليمة، في حين يشترك الجانبين في تحضير قائمة المدعويين. وزيادة على التشاركية في الإنفاق على حفل الزفاف كمتغير طارئ على حفلات الأعراس المحلية، أحدثت التقاليد الجديدة تغييرات لافتة للانتباه على مستوى قائمة طعام الوليمة التي تعد ضرورية ولا مفر منها، حيث تشمل الوليمة تنظيم إفطار الفاتحة وعشاء السهرة، وتشمل غالبا أطباقا متنوعة توحي بالبذخ والرفاهية، بداية من حساء الحريرة والمقبلات المتنوعة، طبقين رئيسين المحمر وطاجين الزيتون بالدجاج المشوي وطبق الحلو، إضافة إلى ما يتوفر من فاكهة موسمية «عنب وبطيخ أحمر» يقدمان مع طبق الكسكسي أو «السفة». الأطفال ممنوعون..! وعلى الرغم من تمسّك الأسر المحلية بتقاليد معروفة ومتقاسمة على المستوى الوطني على اختلاف العادات، على غرار ليلة الحناء، إلا أن بوادر تغيير جديدة بدأت في الظهور على حفلات الأعراس المعسكرية، منها تقديم جهاز العروسة وعرضه على المدعويين في قفف وأطباق تركية الصنع، في وقت كان تقليد ليلة الحناء يقام على صينية نحاسية الصنع، توضع فوق رأس العروسة وتحط عليها هدايا العريس والأقارب، كما دخل لباس «الشدة» على تقاليد الأعراس المعسكرية في السنوات الأخيرة، متخلية عن رداء المنسوج أو «البلوزة البيضاء»، التي تغير للعروس أمام الملأ الحاضرين، ثم تهديها العروسة لأم العريس بعد انتهاء مراسم الحناء. ومن العادات الطارئة على حفلات زفاف الأسر المعسكرية، دعوة الأقارب باشتراط عدم حضور الأطفال خاصة إذا أقيم حفل الزفاف بقاعة الحفلات، وهي ظاهرة جديدة مكتسبة عن مجتمعات أجنبية، ترجعها الأسر المحتفلة بزواج ابنها أو ابنتها إلى منظمي الحفلات، ولا تلقى الترحيب من المدعويين الذين يرون أن الأعراس لا يمكن أن تقام بدون حضور فئة الأطفال الذين يشكل صخبهم ومتعتهم جزءا من جمالية أعراسنا التي تعتبر فضاء للفرح والترفيه والترويح عن الأنفس، وبديلا عن الضجر الذي يسببه غياب النشاطات والسهرات الصيفية بولاية معسكر، والتي إن نظمت فيقتصر حضورها على الشباب و المراهقين الذين كثيرا ما يفسدون متعة العائلات.