موجة خلاف جديد بين الأطراف الليبية شهدتها الساعات الأخيرة، برفض مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة تلويح المجلس الرئاسي بوضع القاعدة الدستورية للانتخابات بعد فشل المجلسين في وضعها منذ عدة أشهر. مع اتّهام المجلسين ل «الرئاسي» بعدم امتلاكه الصلاحيات اللازمة لذلك، قال رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي لدى اجتماعه بطرابلس مع وفد من المنطقة الشرقية: «ندعم أي توافق بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، ولكن نقول أيضا إنه لا يمكن أن يكون ذلك من دون تاريخ محدد، والمجلس مستعد للتدخل لإنتاج القاعدة الدستورية للانتخابات، لو عجزت السلطة التشريعية عن حسم الأمر والخروج بنتائج محددة بتواريخ محددة». وبدأت الأزمة 2021 بعدم توصل مجلسي النواب والدولة إلى وضع قاعدة لتنظيم الانتخابات التي كانت مقررة 24 ديسمبر العام ذاته. ووفق اتّفاق جنيف بين الأطراف الليبية، الخاص بخريطة الطريق للمسار السياسي، يتحتم على مجلس النواب وضع القاعدة بصفته الجهة التشريعية الوحيدة، على أن يرسلها إلى المجلس الأعلى للدولة للموافقة عليها، ثم إلى الهيئة الوطنية للانتخابات لتبدأ إجراء الانتخابات على أساسها. لكن طوال عام، فشل المجلسان في الاتفاق بسبب خلافاتهما حول شروط الترشح وقانون الانتخابات؛ ما أصاب ليبيا بجمود سياسي. قانونية تولّي «الرّئاسي» وضع القاعدة في الأثناء، يصف المحلل السياسي الليبي إبراهيم الفيتوري تدخل المجلس الرئاسي لوضع القاعدة الدستورية بأنها «غير قانونية»، وفقا لاتفاق جنيف الذي يعد كدستور لكل الأطراف حتى إجراء الانتخابات. ويوضح أنّ الاتفاق المبرم الذي أتى بالمجلس الرئاسي أعطى له صلاحيات محدودة جدا، قد تجعله مجلسا شكليا، أما وضع القاعدة الدستورية فهو من صلاحيات مجلس النواب فقط بالتوافق مع مجلس الدولة. أما تغيير هذه الصّلاحيات بحيث تسند للمجلس الرّئاسي، فيتطلّب مؤتمرا دوليا يتوافق فيه الجميع على التغييرات الجديدة «وهذا أقرب للمستحيل»، بتعبير الفيتوري. وأقصى ما يمكن فعله، يتابع، هو إعطاء رأي استشاري لمجلسي النواب والدولة أو التدخل لتحقيق التوافق بينهما. جاهزون للانتخابات من ناحية ثانية، قال رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة، إنّ هدفه «الوصول لانتخابات توافقية»، وشدّد على أن «موعد الانتخابات يمكن أن يكون قريبا إذا أنهى التّشريعيّون الجدل حول القاعدة الدستورية»، حسب تعبيره. وأضاف الدبيبة «مفوّضية الانتخابات جاهزة، وفي غضون أشهر وليس سنوات يمكن إجراء انتخابات في ليبيا إذا تمّ التوصل لقاعدة دستورية توافقية». وحول الصّراع مع حكومة ثانية منافسة عيّنها مجلس النواب في طبرق، قال الدبيبة «من يريد الانتخابات يمكن أن نتفاهم معه في مرحلة انتقالية»، مؤكّدا «نحن نضغط مع أكثر من ثلاثة ملايين ليبي استلموا بطاقاتهم، لكن هناك من لديه مخطط خلق أجواء أخرى، وانحرف عن خط الانتخابات المستقيم». واعتبر رئيس الوزراء الليبي أنّ «هناك من يريد أن تطول المراحل الانتقالية لكي يستمر التمديد لهم في مناصبهم». وكشف الدبيبة، أنّه يسعى لدور أكبر للاتحاد الإفريقي في حل الأزمة. وفيما يتعلق بإنتاج النفط قال الدبيبة «وصلنا لرقم قياسي هو الأول منذ 10 سنوات في إنتاج النفط»، مشيرا إلى أنّ ليبيا عادت إلى إنتاج النفط بكميات كبيرة وحتى لما قبل 2011».