رئيس الجمهورية يستقبل وزير خارجية سلطنة عمان    ندوة فكرية حول "دور الإذاعة الجزائرية في خدمة الذاكرة الوطنية"    الزيادات التي أقرها رئيس الجمهورية في منح المتقاعدين لم تعرفها منظومة الضمان الاجتماعي منذ تأسيسها    شبكة الموزعات الآلية لبريد الجزائر ستتدعم ب 1000 جهاز جديد    سوناطراك: السيد حشيشي يؤكد بحاسي مسعود على الأهمية الاستراتيجية لتكوين المورد البشري    الوكالة الوطنية لتثمين موارد المحروقات تشارك التجربة الجزائرية مع الخبراء الكينيين    القمة السابعة لمنتدى الغاز.. تجسيد لركائز الدبلوماسية الاقتصادية بامتياز    رئيس الجمهورية: السيادة الوطنية تصان بالارتكاز على جيش قوي واقتصاد متطور    "الأونروا": الاحتلال الصهيوني هجر قسريا نحو 80 ألف فلسطيني من رفح خلال 3 أيام    منظمة التحرير الفلسطينية تؤكد أنه لا بديل عن الدور الحيوي لوكالة "الأونروا" في دعمها وإغاثتها للاجئين    كرة القدم : اختتام ورشة العمل بين الفيفا والفاف حول استخدام تقنية حكم الفيديو المساعد "فار"    حوادث الطرقات: وفاة 15 شخصا وإصابة 368 آخرين بجروح بالمناطق الحضرية خلال أسبوع    قالمة: وفد عن المجلس الشعبي الوطني يزور عددا من الهياكل الثقافية والسياحية والمواقع الأثرية بالولاية    خنشلة: انطلاق الحفريات العلمية بالموقع الأثري قصر بغاي بداية من يوم 15 مايو    البروفسور بلحاج: القوانين الأساسية ستتكفل بحقوق وواجبات مستخدمي قطاع الصحة    تربية: ضرورة توجه الديوان الوطني للمطبوعات المدرسية نحو الإنتاج الرقمي والإلكتروني    العاب القوى/ البطولة العربية لأقل من 20 سنة: الجزائر تفتك خمس ميداليات، منها ذهبيتان    من الفاتح ماي إلى نهاية شهر أكتوبر.. أبناء الجالية لن يخضعوا للتأشيرة    ساهمت في تقليل نسب ضياع المياه: تجديد شبكات التوزيع بأحياء مدينة البُرج    مستشفى عنابة: نجاح أول عملية قسطرة لجلطة السكتة الدماغية بالشرق    دفن رفات شهيدين ودعم قطاع الصحة بهياكل: استفادة 166 عائلة في جبال جيجل من الربط بالغاز    إحياء ذكرى ماي الأسود: تدشين مرافق صحية وسياحية بقالمة    مع قطع الاحتلال شريان الحياة الوحيد لغزة مع العالم الخارجي    الأسلاك الطبية وشبه الطبية: نقابيون يثمنون المصادقة على القوانين الأساسية    مستبعد لحاقه بموقعة ويمبلي: بن سبعيني ثالث جزائري في نهائي رابطة الأبطال    قراءة التاريخ تحصّن لحمة الأمة    استذكار المحطات التاريخية التي تعبر عن اللحمة الوطنية    المسجلين مع الديوان الوطني للحج والعمرة: انطلاق عملية الحجز الإلكتروني للغرف للحجاج    لقاءات بين "ملائكة الأعمال" والطلبة المقاولين في الأفق    أكاديميون ومهنيون يشرحون واقع الصحافة والرقمنة    جلسة للأسئلة الشفوية بمجلس الأمة    القضاء على إرهابي وتوقيف 21 عنصر دعم للجماعات الإرهابية    قافلة شبانية لزيارة المجاهدين عبر 19 ولاية    أعربوا عن استعدادهم في إثراء الأنظمة التعويضية للأسلاك الطبية: نقابيون يثمنون مصادقة مجلس الوزراء على مشاريع القوانين الأساسية    استزراع صغار سمك "الدوراد" بسواحل العاصمة    أمن عنابة في المؤسسات التربوية    نساء سيرتا يتوشحن "الملايا" و"الحايك"    تراث حي ينتظر الحماية والمشاركة في مسار التنمية    التزام المتعاملين في السياحة بتقديم أسعار ترويجية    ليفركوزن يبحث عن بطاقة نهائي البطولة الأوروبية    أولمبيك مرسيليا يبدي اهتمامه بضم عمورة    قمة في تيزي وزو واختبار صعب للرائد بخنشلة    لا تشتر الدواء بعشوائية عليكَ بزيارة الطبيب أوّلا    "كود بوس" يحصد السنبلة الذهبية    حصيلة إيجابية للمنتخب الوطني في لواندا    اللّي يَحسبْ وحْدُو!!    جزائري في نهائي دوري الأبطال    الحج دون تصريح.. مرفوض بإطلاق    التصفيات الجهوية المؤهلة للمهرجان الوطني لمسرح الهواة بمستغانم : مشاركة قياسية للفرق المسرحية والتكوين رهان محافظة المهرجان    الأيام السينمائية الدولية بسطيف: تتويج الفيلم القصير "كود بوس" بجائزة "السنبلة الذهبية"    "راهن الشعر الجزائري" : مهرجان شعري وملتقى دراسي بمناسبة عيد الاستقلال    مهرجان الجزائر الدولي للموسيقى السنفونية : فنزويلا في أول مشاركة لها والصين ضيف شرف للمرة الثانية    التوحيد: معناه، وفَضْله، وأقْسامُه    أفضل ما تدعو به في الثلث الأخير من الليل    مطالب ملحّة بترميم القصور والحمّامات والمباني القديمة    صيد يبدع في "طقس هادئ"    هول كرب الميزان    "الحق من ربك فلا تكن من الممترين"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معركة الكتابة من خلف قضبان الأسر

تُفرغ منفضة سجائرك المصنوعة من علب التونة الفارغة والملآى بأعقاب السجائر الكثيرة، تجلس على أطراف برشك الحديدي الذي يُعد غرفة نومك ومكتبتك في آن معا. ترتشف قهوتك التركية التي تعدها بإتقان وتروِ بعد أن تمزج أنفاسك الصباحية فيها أثناء إعداداها.
وتبدأ تهيء للنص الحنيني الذي يلمح عليك طقوس الولادة الأولى فوق شراشف الأوراق البيضاء ليولد النص مكتملا بحلته الأدبية، وتفاصيله، ومفرداته اللغوية وبما يحمله من اخيله شعرية تستدرج قلمك للكتابة. تضع أوراقك البيضاء كالعروسة البكر بدلال على خشبة مستطيلة اخترعتها الحاجة لتسد مكان طاولة الكتابة التي نادراً ما تسمح لك الظروف باستخدامها - إن وجدت - لضيق مساحة الزنزانة.
تحاول اقتناص فرصة الهدوء التي قد لا تدوم طويلاً في زحمة السجن الصاخب الذي لا تهدأ فيه الأجواء من ضجيج الأقفال الفولاذية والطرق على عشرات الأبواب الحديدية المزعجة المحيطة بك من كل جانب داخل القسم. والصّراخ المتصاعد في ساحة السجن الملاصقة لغرفة نومك، والممتلئة بعشرات الأسرى ومكبرات الصوت التي نادراً ما تصمت في كل زاوية من زوايا السجن، والتي يستخدمها حراس السجن للإعلان عن حلول أوقات العدد الأمني، ولضبط ما يسمونه بالمخالفات الانضباطية من قبل الأسرى من خلف نافذة غرفة المراقبة المحصنة، إضافة إلى التوترات اليومية بيننا وبين إدارة السجن على مختلف الأمور الحياتية التي لا تلبيها إدارة السجن إلا بعد شق الأنفس، تقتنص فرصة الهدوء تلك أينما ومتى وجدت، فقد تكون خلال فترة القيلولة التي تبدأ ما بين الثانية عشر ظهراً أو الواحدة وقد تكون في ساعات الصباح الباكر ما بين الرابعة إلى الثامنة صباحا، وقد تكون في ساعات الليل المتأخرة ما بين الحادية عشر والثانية عشر أو الثالثة فجرا..
تبدأ بفض بكارة الأوراق التي تُلح عليك بإغواء صامت متّشحا بالبياض الناصع لكي تفض بكارتها بأسنة أقلامك المتعطشة للصهيل، والانطلاق في براري النص الشعري، وواحات قصيدتك التي اكتملت بكامل عناصر وأسباب هطولها كالغيمة الماطرة. ينطلق قلمك مُصهلاً فوق الصفحات، ممتزج رائحة الورق والحبر مع دخان سجائرك المتصاعد في فضاءات السجن الضيقة ونحو سقف زنزانتك الأضيق، فتحاول استعادة اخيلتك الشعرية التي تفر للحظات من سماء سجنك المحاطة بأطنان الأسلاك الشائكة والمربعات الفولاذية التي تحجب عنك الحياة بكامل تفاصيلها وتطبق على الصدور.. تستعين بذاكرة كادت أن تصاب بالعطب لكثرة ما تجبرها على احترار الصور ذاتها والمشاهد والذكريات القديمة ذاتها التي باتت غذاؤك الوحيد كلما شعرت بالحنين لماضٍ لم تعد تتذكر منه سوى وجوه من رحلوا من معبد شمسك الوطنية، تعود لتُمسك بزمام اخيلتك الهاربة من ضجيج المكان وتبدأ برحلة تحررك اللحظية من أسرك إلى عوالم نصك الأدبي الذي ينتزع القضبان المنغرسة في صدرك طوال رحلةُ سجنك؛ لأنّك تخرج عبر نصّك من واقع أسرك الأليم إلى لحظات الابداع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.