يشكّل شهر رمضان فرصة مواتية للاسترزاق الدنيوي، بقدر ما هو شهر ديني، فهناك من يستغل قدومه للتوبة أو الإكثار من الذكر والعبادة، وهناك من يستغل انتعاش الحركة التجارية التي تميزه ليلا ونهارا، للقيام بنشاط تجاري ظرفي. يمارس هذا النشاط التجاري الظرفي أي طوال أيام شهر رمضان، تجار نظاميون يضطرون إلى تغيير نشاطهم لمواكبة خصوصيات هذا الشهر، مثل المطاعم والمقاهي التي كثيرا ما يحولها أصحابها إلى محلات للبيع الحلويات والعصائر في النهار. وإرضاءً للزبائن كثيرا ما تعرض محلات تجارية للمواد الغذائية الحلويات التقليدية التي يكثر الإقبال عليها في رمضان مثل «الزلابية» و»قلب اللوز» والعصائر التقليدية المعروفة باسم «الشاربات»، وهذا ما يميز ولاية البليدة على غرار كثير من ولايات الوطن. وحول هذه ممارسة هذا النشاط الظرفي، يقول المنسق الولائي للاتحاد الوطني للتجار والحرفيين لولاية البليدة عبد النور بوزار: «يغير بعض التجار نشاطهم خلال شهر رمضان كأن يبيع بعضهم العصائر أو الحلويات التي يكثر الطلب عليها، وتكون مربحة، لكن يجب أن تكون المنتوجات التي يعرضونها للبيع بنوعية ممتازة لضمان تسويقها». ويقول صاحب مقهى مقابل ساحة «التوت» الشهيرة وسط مدينة البليدة: «في الفترة المسائية، نقوم بفتح المقهى لبيع الشاربات التي يحضّرها لنا متخصّصون بطريقة جيدة، فيكون مذاقها ممتازا، وفي الفترة الليلة نمارس نشاط المقهى بشكل عادي، أي نبيع القهوة والشاي للزبائن بعد الإفطار». وأضاف المتحدّث: «أتفهّم أن يقوم بعض التجار بتغيير نشاطهم بشكل مؤقت خلال رمضان، فهناك من يملك محلا للأكل الخفيف، وحتى لا يبقى عاطلا عن العمل يقوم ببيع بعض الأشياء التي تستهلك بشكل لافت مثل الزلابية والشاربات». عائلات معوزّة تمارس تجارة موسمية
يشكل رمضان فرصة لممارسة عمل تجاري موسمي لبعض العائلات المعوزة التي تسوّق الخبز التقليدي وبعض الحشائش مثل «القصبر» و»المعدنوس» و»النعناع» التي تستعمل في تحضير طبق «الحريرة» أو «الشربة»، وكذا الليمون الذي يكثر عليه الطلب كونه يستعمل في تحضير العصائر وبعض الأطباق. وينصّب بعض التجار الموسميين في رمضان طاولات لبيع «الكسرة» أو «المطلوع»، فيما يقوم البعض باستغلال منزله لبيع الخبز التقليدي كما هو الحال لعائلة في بلدية بوعينان يقف أمامها زبائنها في شكل طابور خلال الفترة المسائية. ويعرض بعض الأطفال الخبز التقليدي على قارعة الطريق لزبائنهم من أصحاب المركبات، فيما يتوجه البعض منهم نحو الأسواق اليومية المنتشرة في مدن البليدة للاسترزاق، ويستمر عملهم إلى غاية انتهاء رمضان، ويتخلى كثير منهم عن هذا النشاط الظرفي، فيما يستمر البعض في عملهم خلال بقية أشهر السنة. وتنتهز بعض العائلات المعوزة انتعاش التجارة في رمضان، بإقامة نشاط تجاري مؤقت يشكّل لها موردا ماليا إضافيا يسمح بالاستجابة لمتطلباتها التي ترتفع، سواء تعلق الأمر بالغذاء أو ملابس العيد التي ينبغي عليها توفير المال لشرائها، وهذا ما أكّده لنا رب أسرة وجدناه يبيع «الحشائش» في السوق اليومية لبلدية بوقرة.