موسكو والجزائر.. وفاء للمواقف ووعود بعدالة اقتصادية عالمية مصداقية دولية ووزن اقتصادي.. الجزائر معبر آمن ومنصة لوجيستية نحو إفريقيا عبرت روسيا صراحة من خلال قمة سانت بطرسبرغ الروسية الإفريقية، عن انتقالها إلى مرحلة التجسيد الفعلي لما تضمنته قمة «سوتشي» المنعقدة سنة 2019، وترى روسيا في إفريقيا سوقا واعدة تتوفر على الخامات. وستكون الجزائر منصة لوجيستية من خلال شبكة خطوطها البرية والجوية نحو إفريقيا التي ستتعزز بخطوط بحرية بعد دخول ميناء الحمدانية حيز الخدمة. يرى الخبير الدولي في العلاقات الإستراتيجية الدكتور رضوان خليف، أن العلاقات الروسية الجزائرية، تشهد في الآونة الأخيرة آفاقا جديدة وتطلعات، وتوافق الرؤى تجاه القضايا الدولية، لتشمل نطاقا أوسع من التعاون الاقتصادي، وفق المتغيرات الجيو- إستراتيجية المتسارعة. ويقول الخبير إن روسيا ترجمت توجهها الاقتصادي الجديد من خلال تنظيمها للقمة الثانية الروسية -الإفريقية في سانت بطرسبرغ، بحضور رؤساء الدول الإفريقية إلى جانب رؤساء المنظمات والهيئات الإفريقية ذات الطابع السياسي والاقتصادي، معتبرا هذا الحدث سانحة لا تفوت من أجل تجديد العلاقات الروسية الإفريقية بإبرام صفقات اقتصادية وفق قاعدة رابح - رابح. فرص استثمارية.. وقال رضوان خليف في تصريحات ل «الشعب»، إن إفريقيا اليوم، تعتبر سوقا واعدة بالنسبة لعمالقة الاقتصاد العالمي خاصة ما تعلق باستيراد غذائها، وذكر الجزائر كعينة افريقية، لها وزنها في المنطقة، وبإمكانها الدخول في شراكات ندية مع كبريات المؤسسات الاقتصادية، مشيدا بالكم المهم للاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي كللت زيارات الرئيس تبون إلى كل من قطر، روسيا، الصين وتركيا، وشملت عدة مجالات أهمها، مجال اقتصاد المعرفة، التكنولوجيات الحديثة، الفلاحة والصناعة، فالفرص الاستثمارية التي تطرحها الجزائر، تجعل سادة الأقطاب الاقتصادية على غرار روسيا، يتطلعون للاستثمار، حيث تعتبر إفريقيا - بصفة عامة - سوقا واعدة بالنسبة للبنى التحتية، الصناعة والتصنيع، وفي هذا الصدد، اقتحمت الجزائر منذ ثلاث سنوات، غمار الصناعات الميكانيكية والتكنولوجيات الحديثة، إلى جانب الزراعة والصناعات الصيدلانية. مصداقية وأمان.. بالمقابل، تشكل الجزائر من خلال بنيتها التحتية، من موانئ، شبكات الطرقات كالطريق العابر للصحراء الذي سيسمح بإنشاء رواق اقتصادي محاذي له، على مستوى العديد من الولاياتالجزائرية، لاسيما الحدودية منها، وكذا خطوط السكك الحديدية، إضافة إلى المعابر الاقتصادية الحدودية، بينما تجمع - على الصعيد السياسي - علاقات دبلوماسية متينة مع باقي الدول الإفريقية، يميزها الطابع التضامني لما أبانت عنه الدبلوماسية الجزائرية عن فعالية معترف بحنكتها وقدرتها على حل النزاعات والصراعات الأمنية والسياسية على المستوى الإقليمي والعالمي، فالأمثلة والمواقف الشاهدة على ريادة الجزائر في مجال حل الخلافات الدولية كثيرة، وكذا فيما يخص نصرتها للقضايا العادلة واحترام حق الشعوب في تقرير مصيرها والحصول على سيادتها السياسية والاقتصادية، كما تضامنت الجزائر، قولا وعملا مع إخوانها الأفارقة في المجال الاقتصادي من خلال إنشاء صندوق الاستثمار الإفريقي، وإقدامها على تمويل الاستثمارات الإفريقية بمبلغ قدره 01 مليار دولار، مما أكسبها وزنا سياسيا ودبلوماسيا تعول عليه روسيا، كمعبر آمن نحو القارة السمراء. عربون صداقة.. روابط وفاء للمواقف جمعت روسياوالجزائر، ومعطيات اقتصادية وسياسية، جعلت من هذه الأخيرة منصة إقلاع بالنسبة لروسيا من أجل الاستثمار في العمق الإفريقي، وما يتمتع به من موارد طبيعية تمثل أكبر مخزون منجمي واحتياطي عالمي، كالغاز النيجيري، الذهب والألماس، الحديد الجزائري وغيرها من الثروات المكنونة التي تجعل القارة الإفريقية واجهة للاقتصاد العالمي خلال السنوات القادمة، إلا أن الإمكانات الاستثمارية الإفريقية تبقى محدودة مقارنة بما تتطلبه الصناعات الحديثة من إمكانات وخبرة تكنولوجية ورؤوس أموال، ما دفعها إلى البحث عن شركاء موثوقين لبعث استثمارات حقيقية في مجالات الطاقة، الصناعات الصيدلانية، الميكانيكا، الفلاحة واقتصاد المعرفة، حيث ستعزز مخرجات القمة الروسية الإفريقية العلاقات متعددة الأقطاب الجزائرية الإفريقية، في ظل التحولات الجيو-إستراتيجية التي أزاحت الستار عن المقدرات الإفريقية، بالإعلان عن استعدادها لتزويد بعض البلدان الإفريقية كإريتيريا، بوركينافاسو، الصومال، زيمبابوي، وجمهورية إفريقيا الوسطى، بما يتراوح ما بين 25 ألف و50 ألف طن من الحبوب، خلال الثلاثة أشهر المقبلة، مع تكفل روسي بتكاليف النقل لشحنات الحبوب التي ستستفيد منها هذه الدول. واعتبر الخبير الاستراتيجي قمة سانت بطرسبرغ، قمة واعدة ستنتقل من خلالها العلاقات الآفرو- روسية من مرحلة النظرة الاستشرافية التي حملت الكثير من نوايا الصداقة والتعاون الروسي، تم التعبير عنها من خلال قمة سوتشي 2019، إلى مرحلة التجسيد الميداني من خلال إبرام عدة اتفاقيات شراكة ثنائية ومتعددة الأقطاب، ستسمح لعمالقة الاقتصاد العالمي بالتموقع على مستوى القارة الإفريقية، ودفع عجلة التنمية الإفريقية. من جهة أخرى، سيدعم انضمام الجزائر إلى مجموعة بريكس كبلد إفريقي، الموقف والموقع الإفريقيين، ككتلة أسواق ناشئة - حسب ذات المتحدث- على مستوى تنظيم اقتصادي قوي بحجم بريكس سيكون له دوره في إحقاق العدالة الاقتصادية بين دول العالم، والقضاء على الهيمنة القطبية ومنح العملات المحلية، مساحة تليق بمكانة دولها في المعاملات التجارية بين بلدان العالم. خاصة وأن مجموعة بريكس قد تمكنت من تجاوز قيمة الناتج الخام المحلي المحقق من طرف مجموعة السبعة. كل الطرق تؤدي إلى إفريقيا تعتبر الجزائر اليوم نقطة تقاطع ضمن شبكة التواصل الاقتصادي الذي ترسم معالمه الجديدة علاقات جيو -إستراتيجية، يؤكد رضوان خليف، مما يجعل الفرصة سانحة للمستثمر الجزائري الذي اكتسب اليوم من الخبرة وتحصل على الامتيازات، ما يمكنه من عقد شراكات ندية مع كبريات الشركات الاقتصادية العالمية، ولعل الاحتفالية التي نظمتها وزارة التجارة وترقية الصادرات - يقول خليف - تحمل دلالات التشجيع من طرف رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، وتعبر عن الأرقام التي تمكن المستثمر الجزائري من تحقيقها في رهان تم كسبه وتحدّ تم رفعه، مما يمكن الجزائر من الانتقال من تنمية اقتصادية محلية إلى تنمية اقتصادية عالمية تفوق 13 مليار دولار خارج المحروقات، من خلال شراكات إستراتيجية على غرار الشريك الروسي الذي تعول الجزائر كثيرا على مرافقته.