تُسارع الجزائر الخُطى من أجل دمج المرأة الماكثة بالبيت في الدورة التنموية والاقتصادية الوطنية، وجعلها منضوية بفعالية أكبر في المنظومة الإنتاجية المحلية، تعزيزًا للنهج الاقتصادي الرّاهن القائم على دعم وتنويع قواعد ومسالك الإنتاج الداخلي الذي تسلكه الدولة منذ أربعة سنوات. أصبح إشراك المرأة الجزائرية الماكثة بالبيت وتعميق انخراطها في العملية التنموية، من أولويات السلطات العمومية وفي طليعة اهتماماتها، باعتبارها قيمة اقتصادية هائلة، كانت خاملة وغير مستغلة في الفعل الإنتاجي المحلي إلى وقت قريبٍ. مواطن الشُّغل الأساسية تعد الصناعة التقليدية والحرف من أبرز مواطن الشُّغل الأساسية للمرأة الماكثة بالبيت، وتستقطب كتلة معتبرة من الوظائف المباشرة وغير المباشرة في أوساطهنّ بكافة تخصصاتهنّ ومستوياتهنّ المهنية والمعرفية، وصارت تُتِيح لهنّ فرصًا أكبر للاندماج في دورة الإنتاج المحلي، بما يسمح بتوفير عدد من أنواع الخدمات الاستهلاكية الفورية، والسلع التنافسية المنتجة بمواد أولية موطنيّة غير مكلّفة، غالبًا ما تكون مستجلبة أو مستخرجة من موارد طبيعية غير ناضبة على مستوى المناطق الداخلية والصحراوية. وما يُميّز قطاع الصناعة التقليدية والحرف في الجزائر هو ثراؤه بالشُّعب الإنتاجية، الماسة حتى بالمجالات الغذائية والكسائية الاستهلاكية على غرار النسيج التقليدي الفصلي، وإنتاج وصناعة الحليب والألبان والأجبان بمختلف أشكالها وألوانها، والزيوت والدهون الطبيعية والعلاجية، والحلويات والمخبوزات المنزلية الأكثر رواجًا وطلبًا في الأوساط المجتمعية الجزائرية. كما يزيد من إمكانية توسيع هذا النشاط الحرفي في الريف والحضر، وجعله منافسا لباقي الصناعات الآلية، وجود مواد أولية جبلية وصحراوية رخيصة أو مجانية على نطاق واسع في البلاد، مثل ما تُدِرُّه "واحات النخيل" المترامية من مخلفات وزوائد نخلية كثير منها معرّض للرمي والإتلاف، رغم أنها تدخل في صناعات يدوية تقليدية استهلاكية قادرة على طمر الأسواق المحلية بِدُرَرٍ من التحف الفنية والأواني المنزلية عالية الجودة كثيفة الاستخدامات. فضلاً عن ذلك، تعتبر تلك المواد الأولية الضّخمة غير المستغلة بسيطة في استخراجها وتدويرها وتحويلها، ومتصلة ببيئة العائلات والنسوة الريفيات، ما يجعلها متاحة وسهلة الاستعمال وفي المتناول للاستثمار الأمثل فيها، على نحو يساير خطط وتدابير إقحام المرأة الماكثة في المنزل ببرامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية ببلادنا. المرأة الفلاَّحة المُثابرة قالت رئيسة جمعية زكية لنشاطات المرأة الريفية بالطالب العربي الحدودية في ولاية الوادي، ممادي زكية، أن المرأة أو الأم الماكثة بالبيت لها دور تنموي فعّال وشاق في بعض الأحيان، فهي مهتمة في بيتها بتربية أطفالها ومساعدتهم على تخطي دروب الحياة، وقادرة أيضًا على تنفيذ عدة أشغال مهنية كالنسيج والخياطة التقليدية، والحلاقة، وأعمال حرفية كثيرة لا تعد ولا تُحصى.وأوضحت الناشطة الجمعوية ممادي زكية، في اتصال مع "الشعب"، أن المرأة الريفية الماكثة بالبيت مثابرة في مجال الفلاحة الأسرية، ومساهمة في الإنتاج حسب طبيعة وبيئة كل منطقة وظروفها، وبالتالي لها دور فعّال في المجتمع كقوة عاملة بجميع مناحي الحياة.وقد ثمّنت ممادي جهود الدولة الجزائرية في ترقية المرأة الماكثة بالبيت، للدفع نحو ولوجها عالم الشُّغل، مُنوِّهة بالالتفاتة الدائمة لها والعناية بها ودعمها ومساندتها كعضو فعالٍ في المجتمع الجزائري.هذا وتُعدّ جمعية زكية لنشاطات المرأة الريفية بالطالب العربي الحدودية في ولاية الوادي، من الفعاليات الجمعوية النموذجية الناشطة في مجال ترقية المرأة الريفية والماكثة في البيت، وتُؤدِّي دورًا اجتماعيًا وتنمويًا بارزا في تلك النواحي الحدودية من خلال تعميم تعليم الصناعات الحرفية المحلية في أوساط النسوة، وتوفير فرص عمل منزلية حقيقية لهنّ، لاسيما في النسيج التقليدي والتّراثي واسع الطّلب بالمنطقة.جدير بالذكر، أن السلطات الجزائرية تُوفِّر دعمًا للأسر الريفية والمرأة الماكثة في البيت عبر مختلف آليات الدعم العمومية المُتاحة، من أجل تكثيف وتنويع الإنتاج المحلي، والمساهمة في ترقية الاقتصاد الوطني وتحقيق الاكتفاء الذاتي في شتى السلع والخدمات الاستهلاكية.