عرفت حقيبة وزارة الشباب والرياضة تغييرا جديدا على مستوى الهرم، وهذا بعد تعيين رؤوف سليم برناوي خلفا لمحمد حطاب الذي كان قد تولى المهمة ربيع الماضي في مكان الهادي ولد علي. وفي كل تغيير يطرح المتتبعون الكثير من التساؤلات عن الإضافة التي من شأنها أن يقدمها الوزير الجديد، في محيط رياضي متعفن على جميع الأصعدة، في ظل طغيان البزنسة والنهب وتبييض الأموال وانتشار المخدرات والكوكايين الذي عاثت فسادا في محيط كرة القدم على الخصوص يجمع الكثير من المتتبعين، بأن لعبة القط والفأر كانت السائدة في أغلب العلاقات بين وزراء الشباب والرياضة والقائمين على الهيئات الرياضية، وفي مقدمة ذلك اتحادية كرة القدم، خاصة في حال التعثرات والنكسات، على غرار ما حدث قبل وبعد مونديال مكسيكو 86، وفي نكسة زيغنشور 92، وفي قضية كعروف 93، وبعد مهزلة مباراة كينيا عام 1996، كما تدخل وزراء الشباب والرياضة في شؤون “الفاف” في عدة مناسبات، من ذلك ما حدث في عهد يحي قيدوم ضد روراوة، وفي عهد الهادي ولد علي الذي انحاز لزطشي على حساب روراوة، في الوقت الذي لاحقت محمد حطاب متاعب بالجملة من في المحيط الكروي في ظل انتشار البزنسة وسوء التسيير والمظاهر غير الأخلاقية التي طفت على السطح. فيما خرج رئيس شبيبة القبائل عن صمته وأكد بان السعيد بوتفليقة هو الذي يسير الكرة الجزائرية، وبذلك هو الوزير الفعلي للرياضة في الجزائر، من حيث طبيعة القرارات المتخذة وفق منطق الكواليس. ولد علي متهم بتعيين زطشي وحطاب هزمته البزنسة والكوكايين كان الصراعات الدائرة في المحيط الكروي في مقدمة المتاعب التي واجهت وزراء الشباب والرياضة خلال السنوات الأخيرة، حيث لم تشذ فترة الهادي ولد علي عن سابقاتها، بدليل توظيف جميع مساعيه لإبعاد محمد روراوة عن سباق الانتخاب لعهدة جديدة على رأس “الفاف”، في الوقت الذي انحاز ولد علي بشكل واضح للرئيس الحالي ل”الفاف” خير الدين زطشي الذي تم تعيينه أكثر من انتخابه، وهذا باعتراف بعض مسيري الأندية، وفي مقدمتهم زرواطي، كما ساهم في إبعاد قرباج من رئاسة الرابطة الوطنية المحترفة، ناهيك عن صراعاته الكثيرة مع عديد رؤساء الهيئات والاتحادية الرياضية، على غرار رئيس اللجنة الأولمبية الجزائرية بيراف، ومساهمته في أزمة اتحادية الكاراتي وبعض الاتحادات التي عانت في عهده، ما جعل حصيلة ولد علي تحمل في طياتها مسارا ثريا من الصراعات والتصريحات المثيرة للجدل، كما دافع بشكل غير مباشر على ماجر بعد تعيينه على رأس المنتخب الوطني، وهذا رغم الانتقادات التي وجهت لصاحب الكعب الذهبي من الشارع الرياضي وعديد النقاد والمتتبعين. في الوقت الذي عانى الوزير المنتهية عهدته محمد حطاب من تواصل مآسي محيط كرة القدم، من ناحية البنزنة وانتشار المخدرات والكوكايين، وكذا تأخر انجاز الملاعب وغيرها من المتاعب والمهازل التي لم يجد لها حلولا فعلية. أكثر من 24 وزيرا للرياضة منذ الاستقلال أغلبهم ليسوا رياضيين تداول أكثر من 24 وزيرا على قطاع الشباب والرياضة بالجزائر منذ الاستقلال، أغلبهم ليسوا رياضيين، حيث لم يمارسوها فوق الميدان، وآخرون لم يسبق لهم أن سيروا على صعيد الهيئات الرياضية أو الأندية، ما جعل الكثير من السياسيين يخوضون في تسيير قطاع الرياضية، والبداية كانت برئيس الجمهورية المنتهية عهدته عبد العزيز بوتفليقة الذي تولى وزارة الشباب في عهد الرئيس الأول للبلاد أحمد بن بلة، كان ذلك عام 1962، ليخلفه عبد الكريم بن محمود في أول حكومة تحت إشراف هواري بومدين شهر جويلية 1965، وتوالى تداول الوزراء على حقيبة الرياضة بتوالي التغييرات الحاصلة على الأطقم الحكومية منذ الاستقلال إلى آخر تغيير مس حكومة بدوي. أحمد فاضل عايش تألق “الخضر” والمولودية وحوحو أسس للإصلاح الرياضي خلال التعديل الحكومي الذي قام به بومدين عام 1970، أوكل قطاع الشباب والرياضة للسيد أحمد فاضل لمدة 7 سنوات، وعرفت فترته تتويج الجزائر بذهبية العاب البحر الأبيض المتوسط أمام فرنسا، وتوجت مولودية الجزائر بكأس إفريقيا للأندية البطلة ضد حافيا كوناكري، إضافة إلى عديد الانجازات التي سمحت ببروز الرياضة الجزائرية بشكل عام، ليتم بعد ذلك اختيار جمال حوحو عام 1977، وقد كلف حينها بمشروع الإصلاح الرياضي، حيث تتولى المؤسسات والشركات العمومية عملية تمويل أندية النخبة الناشطة في حظيرة الكبار، وهو المشروع الذي بقي ساري المفعول إلى غاية نهاية الثمانينيات، وقد انعكس مشروع الإصلاح الرياضي بشكل ايجابي على الرياضة الجزائرية، بدليل تنشيط المنتخب الوطني لنهائي “كان 80″، وتأهله مرتين إلى كأس العالم خلال فترة الثمانينيات، فيما نال منتخب كرة اليد 5 ألقاب افريقية متتالية، والكلام ينطبق على بقية الرياضات الفردية والجماعية التي خطفت الأضواء بفضل سياسة الإصلاح الرياضي الذي وصفه البعض بأنه مرادف للاحتراف الحقيقي في تلك الفترة. بوشامة اصطدم بسعدان وعسلاوي عاقبت كزال وكرمالي وإذا كان عرّاب الإصلاح الرياضي جمال حوحو قد انتهت مهامه مطلع العام 1982، موازاة مع المسيرة الايجابية للمنتخب الوطني التي أهلته لأول مرة إلى المونديال، فقد تولى المهمة بعده الفقيد عبد النور بقة الذي لا يزال محل إشادة الكثير من المتتبعين والعارفين بمسار الكرة الجزائرية، بحكم أنه اشتغل في الخفاء لترقية الرياضة الجزائرية، من خلال عديد المهام التي تولاها في الوزارة وبقية الهيئات، حيث عمل بقة في هدوء، إلا أن رحيله خلف موجة من الخلافات، وخاصة قبل وبعد مونديال مكسيكو 86 التي كان خلالها كمال بوشامة هو المسؤول على قطاع الشباب والرياضة، حيث اصطدم هذا الأخير كثيرا بالناخب الوطني آنذاك رابح سعدان الذي لم يتقبل تدخلات وضغوط بوشامة، وهذا بناء على تصريحاته الإعلامية التي أدلى بها في هذا الجانب، حيث قال منذ 4 سنوات ل”الشروق”: “كنت أسدا في عهد منتوري، وفي عهد بوشامة كيماهبلتش راني مليح”، إشارة إلى الضغوط التي أرغمته على التخلي عن مساعده نورالدين سعدي، وهي نفس الضغوط التي تسببت في تغييرات في هيئة “الفاف”، موازاة مع الإقصاء من الدور الأول في “كان 86” بمصر، وذلك قبل 3 أشهر عن مونديال مكسيكو. وفي عهد الوزير شريف رحماني فقد عايش تتويج وفاق سطيف بكأس إفريقيا للأندية البطلة، وحصول المنتخب الوطني على أول كأس افريقية للأمم بقيادة المدرب الراحل عبد الحميد كرمالي، إلا أن الأمور سرعان ما عادت إلى التأزم، حدث ذلك بعد مهزلة زيغنشور 92 التي أخرجت “الخضر” من الدور الأول بعد الخسارة بثلاثية أمام كوت ديفوار وتعادل بطعم الخسارة أمام الكونغو، ما جعل وزيرة الشباب والرياضة آنذاك ليلى عسلاوي تعاقب الطاقم الفني بقيادة كرمالي وتتدخل في شؤون “الفاف” بشكل أرغم عمر كزال على المغادرة. كعروف فجّر وزارة خمري وعيساوي رد على “حقرة” لبيب وأكدت مرة أخرى بأن تعثرات وفضائح الكرة الجزائرية كثيرا ما تفرض تدخل وزراء الشباب والرياضة الذين يدخلون في صدامات مباشرة مع المشرفين على “الفاف”، مثلما حدث ذلك عام 1993، بسبب ما اصطلح عليه بقضية كعروف التي تسبب في حرمان “الخضر” من المشاركة في نهائيات “كان 94″ بتونس، حدث ذلك في عهد الوزير خمري، قبل أن تنفجر الأمور بعد ذلك، حيث تقرر توقيف المكتب المؤقت للاتحادية بقيادة رضا عبدوش والبقية، ناهيك عن عقوبة المدرب مزيان إيغيل مدى الحياة، كما تواصلت تبعات هذه الأزمة في عهد الوزير الجديد سيد علي لبيب الذي دخل في صراعات مباشرة مع الرئيس الجديد ل”الفاف” مولدي عيساوي الذي استاء حينها من طريقة إبعاده من “الفاف”، واصفا ما حصل له ب”الحقرة”، إلا أن الأمور سرعان ما انقلبت لمصلحة مولدي عيساوي الذي كان قد أخرجه تبيب من النافذة، وذلك بعد تكليفه بحقيبة وزارة الشباب والرياضة خلفا لسيد علي تبيب نفسه الذي أنهيت مهامه منتصف التسعينيات. نكسة كينيا أزعجت عيساوي وقيدوم أرغم روراوة على المغادرة وإذا كان مولدي عيسوي عانى ما وصفه بالحقرة في عهد الوزير الذي سبقه سيدي علي لبيب موازاة مع توليه زمام “الفاف”، فإن مولدي عيساوي كانت له تدخلات شديدة اللجة عام 1996، وهذا بسبب نكسة المنتخب الوطني أمام كينيا، في إطار التصفيات التمهيدية لمونديال 98، حيث تسبب ذلك الإقصاء في الخروج بشكل مبكر من شباب المشاركة في دورة فرنسا، ما جعل الوزير مولدي عيساوي آنذاك يتدخل بقوة، من خلال توقيفه لأعضاء المكتب الفدرالي، ما تسبب في تصعيد الوضع بعد تدخل “الفيفا” التي هددت بفرض عقوبات صارمة، وهو الأمر الذي حتم اللجوء إلى حل وسط، بعد الاستنجاد برؤساء الرابطات الجهوية لتولي تسيير “الفاف” مؤقتا، وفي مطلع الألفية شهد قطاعالرياضة الذي تولاه وزير الصحة السابق يحي قيدوم عديد القرارات التي وصفها البعض بالصارمة، حيث كان يعتزم يحي قيدوم القيام بعمليات جراحية عميقة لتظهير محيط الرياضة، وفي مقدمة ذلك حقل كرة القدم، حيث دخل في حرب مباشرة مع عديد الجهات الفاعلة، وفي مقدمة ذلك الرئيس السابق “الفاف” محمد روراوة الذي أرغمه على الانسحاب دون الانتخاب لعهدة جديدة، حيث عرفت هذه القضية صعودا إلى “الفيفا” مجددا، ما جعل بلاتير يهدد بمعاقبة الجزائر، قبل أن يتم التضحية بيحي قيدوم، موازاة مع عدم الابتعاد المؤقت لروراوة عن محيط “الفاف” الذي عاد إليه قبل مونديال 2010. 4 وزراء واكبوا المونديال بحلوه ومره وبالعودة إلى أبرز محطات الرياضة والكرة الجزائرية، نجد بأن العديد من الوزراء كان لهم الحظ في مواكبة بعض الانجازات الكبيرة والعالمية، وفي مقدمة ذلك نهائيات كأس العالم، حث أن جمال حوحو عبد لمونديال 82 بإسبانيا قبل أن يخلفه عبد النور بقة، في الوقت الدذي عايش كمال بوشامة مونديال مكسيكو بنواحيه الايجابية والسلبية، أما الهاشمي جيار فقد كان على رأس القطاع خلال ملحمة ام درمان والعودة إلى الواجهة المونديال من بوابة جنوب إفريقيا صائفة 2010، في الوقت الذي كان الدكتور محمد تهمي على رأس وزارة الشباب والرياضة في مونديال 2014 بالبرازيل، مكسب وصفه الكثير بالمهم، ولو أن نهاية محمد تهمي لم تكن كما يتمناها، خاصة بعد الذي حدث له في نهائي كأس الجمهورية، حين رفض لاعبو مولودية الجزائر الصعود إلى المنصة الشرفية لتسلم الميداليات، مشهد شبيه لما حدث لمولودية حمروش في نهائي كاس الجمهورية 90 بين وفاق سطيف ومولودية باتنة، بعدما قرر أبناء الأوراس عدم مواجهة حمروش بحجة حرمانهم من الصعود إلى القسم الأول من طرف هيئة عمر كزال، كما واجه تهمي في نهاية مهمته على رأس الوزارة انتقادا بعد عجز الجزائر عن إقناع “الكاف” لاحتضان “كان 2019″، وهذا رغم التعبئة التي قامت بها الجهات الوصية. بوتفليقة أول وزير وبن محمود سلم أول كأس جمهورية لشقيقه يعد الرئيس الحالي للجمهورية الجزائرية عبد العزيز بوتفليقة أو شخصية تتولى قطاع الشباب والرياضة، كان ذلك في أول حكومة يشكلها الرئيس أحمد بن بلة الذي تولى البلاد عام 1962، حيث عرف بوتفليقة بإلمامه بالشأن الرياضي، موازاة مع بروزه اللافت في الشق الدبلوماسي، بدليل توليه وزارة الخارجية لعدة سنوات في عهد هواري بومدين، كما عرفت فترة تولي بوتفليقة لرئاسة الجمهورية عام 1999 ميله لشؤون الرياضة والكرة، وهذا من خلال البصمة التي تركها في نهائي 99، ووقفته مع شبيبة القبائل في تتويجاته الإفريقية الثلاثة مطلع الألفية، وكذا خطاباته في شؤون الكرة، حين أكد حاجته إلى منتخب وطني كبير يكون قادرا على تشريف الجزائر، قبل أن يصرح بان الجزائر قادرة على احتضان نسختين من كأس العالم، وبعد بوتفليقة تولى قطاع الشباب والرياضة عبد الكريم بن محمود في أول حكومة يشكلها الرئيس الراحل هواري بومدين بعد انقلابه على أحمد بن بلة بتوابل كروية شهر جوان 1965، ومن بين الطرائف التي عرفتها فترة بن محمود هو أنه سلم كأس الجمهورية لشقيقه الشريف الذي كان قائدا لوفاق سطيف ثم تولى فيما بعد تدريب نسور الهضاب، كما كان الوزير بن محمود وراء تنشيط نهائي كأس الجمهورية عام 1968 الذي كان يسير نحو الإلغاء موازاة مع حرب الستة أيام بين العرب والكيان الصهيوني، إلا أن تصريحات بومدين الرافضة للهزيمة جعلت الوزير بن محمود يقترح برمجة النهائي في شهر جويلية، وهو المقترح نال الموافقة من بومدين. أطباء وجراحون عجزوا.. ووزراء للرياضة من لا وزارة لهم ويبقى الشيء الملاحظ، هو أن الكثير من الوزارة الذين تولوا وزارة الشباب والرياضة لا علاقة لهم بالرياضة، حيث أن الكثير منهم قدموا من مجالات أدبية وسياسية وحتى طبية، بدليل أن هناك أطباء وجراحون عجزوا عن معالجة واقع الرياضة، على غرار البروفيسور يحي قيدوم رغم انه معروف بقراراته الصارمة على طريقة “راك موقف”، والوزير تهمي، إضافة إلى طبيب الأسنان مولدي عيساوي وغيرهم، في الوقت الذي تولى هذا القطاع وزراء هم في الأصل مؤرخون وأدباء وباحثون في العلوم الإنسانية والشؤون السياسية، على غرار الهاشمي جيار وكمال بوشامة وخمري وغيرهم، كما أن بن عبد المالك سلال مر مؤقتا بهذا القطاع رفقة بن بوزيد الذي كان قد عمر طويلا في قطاع التربية، لتبقى الوجوه المحسوبة على الحقل الرياضي قليلة جدا، حيث يمكن ذكر على سبيل المثال عزيز درواز الذي قام بأول مجهود لتكريس الاحتراف نهاية التسعينيات قبل أن تعود الأمور إلى نقطة البداية، وكذلك مولدي عيساوي الذي كان لاعبا بارزا في اتحاد العاصمة وسيد علي تبيب الذي كان رياضيا هو الآخر، في الوقت الذي ستنصب الأنظار على تحديات الوزير الجديد محمد حطاب الذي يعرفه الكثير بميوله الرياضية، بدليل الثورة الكروية التي أحدثها في بلعباس وبجاية، ناهيك عن ممارسته كرة القدم بألوان شباب برج منايل. وزراء الشباب والرياضة منذ الاستقلال عبد العزيز بوتفليقة، عبد الكريم بن محمود، أحمد فاضل، جمال حوحو، عبد النور بقة، كمال بوشامة، شريف رحماني، ليلى عسلاوي، عبد القادر خمري، سيدي علي لبيب، مولدي عيساوي، عزيز درواز، عبد المالك سلال، برشيش، بن بوزيد، يحي قيدوم، الهاشمي جيار، محمد تهمي، الهادي ولد علي، محمد حطاب، رؤوف سليم برناوي.