مصطفى حيداوي : تقدم ملموس في إعداد المخطط الوطني للشباب وإستراتيجية قطاع الشباب    السيد مراد ينوه بتجند مستخدمي الجماعات المحلية خلال أيام عيد الأضحى المبارك    أشاد بمجهودات أعوان الرقابة.. زيتوني ينوه بحس المسؤولية الذي تحلى به التجار خلال أيام العيد    برنامج "عدل 3" : ضرورة تفعيل الحسابات وتحميل الملفات قبل 12 جوان    أم البواقي : توقع إنتاج أزيد من 2 مليون قنطار من الحبوب    مجموعة "أ3+" بمجلس الأمن : العمليات الانتقالية السياسية السلمية في وسط إفريقيا تمثل "تقدما لافتا" باتجاه المصالحة    توقيف 3 مجرمين وحجز قرابة 5ر1 مليون قرص مهلوس بباتنة    عودة أول فوج للحجاج الجزائريين غدا الثلاثاء الى أرض الوطن بعد أداء المناسك في ظروف تنظيمية محكمة    منظمة الصحة العالمية: تفشي جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة    عيد الأضحى: احتفال في أجواء من البهجة والتضامن والتآزر    ألعاب القوى/ الملتقى الدولي بإيطاليا: العداء الجزائري سريش عمار يتوج ببرونزية سباق 1500 م    الملتقى الدولي بموسكو: نسرين عابد تحطم الرقم القياسي الوطني لسباق 800 م لفئة اقل من 20 سنة    "قافلة الصمود" : قرابة 1700 مشارك ينطلقون من تونس لكسر الحصار الصهيوني على قطاع غزة    وهران : الطبعة الأولى لمعرض الجزائر للسكك الحديدية بدءا من الأربعاء    معركة سيدي عبد الرحمان بالشلف : بطولات وتضحيات خالدة في الذاكرة الوطنية    جامعة فرحات عباس بسطيف: 3 باحثين يتحصلون على براءة اختراع في مجال قياس الجرعات الإشعاعية    تنظيم الطبعة الرابعة لصالون الصيدلة "ألفارما" من 26 إلى 28 يونيو بعنابة    حث على تعزيز أداء الخدمة العمومية عبر كامل التراب الوطني    هلاك 9 أشخاص في حوادث المرور    وزير الثقافة زهيرَ بللُّو يهنئ الفنانين في يومهم الوطني    غزة : استشهاد 11 فلسطينيا وإصابة العشرات    كرة القدم/ الجزائر-السويد (ودي): "الخضر" يحطون الرحال بستوكهولم    عملية جمع جلود الأضاحي لسنة 2025 تشهد تقدما ملموسا    الصحفي عبد الرحمن مخلف في ذمة الله    نموذج توزيع المساعدات في غزة    المجلس الشعبي الوطني من بين المؤسّسين    ناصري: كل عام وأنتم بخير    إيمان خليف تغيب عن بطولة العالم للملاكمة    خواطر الكُتاب.. أبعاد لا تنتهي    لماذا سميت أيام التشريق بهذا الاسم    بن جامع يدعو لإسقاط درع الحصانة عن الكيان الصهيوني    أعياد ودماء وخبز    متابعة 50 مشروعا كبيرا لضمان نجاعة الإنفاق    الدعوة إلى توحيد الصف لمواجهة التحديات والفتن    شخصيات سياسية تدعو روتايو إلى الاستقالة    هذه كيفيات إصدار الصكوك السيادية وأنواعها    65 اعتداء على شبكات الطاقة بعلي منجلي    احترام صارم للمناوبة ووفرة الماء أراحت المواطنين    اتفاقية إطار بين جامعة وهران وديوان التطهير    فتح مدرسة عليا للأساتذة بتلمسان الدخول المقبل    نسمات ريح الجنوب تهبّ على باريس    حين يصدح اللون بالفن والأصالة    جوهر أمحيس أوكسال .. رحيل معلّمة الأجيال    وزير السكن يشيد بجهود عمال وإطارات "جيست إيمو"    بيع رودريغو وإفساح المجال لموهبة الأرجنتين    هدفنا تكوين قاعدة متينة لبعث كرة السلة الوهرانية    بحث سبل توفير الغذاء المناسب لمرضى "السيلياك"    تحيين 13 ألف بطاقة شفاء عن بعد بقسنطينة    المغير: لمياء بريك كاتبة تتطلع إلى الارتقاء بأدب الطفل    تشييع جثمان المجاهد المرحوم مصطفى بودينة بمقبرة العالية    "وهران : اختتام الطبعة ال11 لمهرجان "القراءة في احتفال    انطلاق عملية تصعيد الحجاج الجزائريين إلى صعيد عرفات    الخضر يبحثون عن التأكيد    بن طالب: الجزائريون يستحقون نتائج كبيرة وهدفنا المونديال    توسعة الحرم المكي: انجاز تاريخي لخدمة الحجاج والمعتمرين    ويلٌ لمن خذل غزّة..    هذه أفضل أعمال العشر الأوائل من ذي الحجة    عيد الأضحى المبارك سيكون يوم الجمعة 06 جوان 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جمينة الجميلة.. تاريخ مثير لكنز سياحي غارق في النسيان
كانت قلعة ل "بيداس" و"ديهيا" ثم ملاذا للمجاهدين في الزيبان
نشر في الشروق اليومي يوم 26 - 09 - 2020

يجمع العارفون لخبايا أعماق عاصمة الزيبان، بأن منطقة جمينة تعد كنزا سياحيا، وموقعا طبيعيا يستحق الاستثمار فيه لاستقطاب السياح محليا ومن خارج الوطن، وهو الأمر الذي وقف عليه الكثير خلال الطبعات الأخيرة من تظاهرة جمينة السياحية التي نظمتها جمعية جمينة لترقية السياحة وحماية التراث لبلدية مزيرعة.
يذهب المهتمون في ميدان السياحة إلى القول بأن قلعة جمينة تعد مكسبا هاما في حاجة إلى تثمين من أجل الوقوف على البعد التاريخي لهذه المنطقة الذي يعود إلى العهد الروماني، كما كانت تعد بمثابة قلعة بيداس وفي ما بعد كانت قلعة الملكة ديهيا (الكاهنة)، وخلال الثورة التحريرية كانت قلاع وصخور جمينة ملاذا للمجاهدين والمسبلين، في الوقت الذي عانت المنطقة خلال العشرية السوداء، قبل أن تستعيد حيويتها مع مطلع الألفية الحالية، موازاة مع شق الطريق الرابط بين تكوت بباتنة وصولا إلى وجمينة وبقية المناطق التابعة لعاصمة الولاية بسكرة.
موقع استراتيجي ومناظر تأسر قلوب السياح
قد يجد الزائر لمنطقة جمينة صعوبة في الوصول إليها، إلا أن الذي يصل إليها سيستمتع بمناظرها الخلابة وموقعها الاستراتيجي، ناهيك عن ماضيها التاريخي الذي يمتد إلى العهد الروماني والفتوحات الإسلامية وصولا إلى مرحلة الاستدمار الفرنسي والثورة التحريرية، ولم تنج حتى من مآسي العشرية السوداء، لتكون بذلك قد عايشت مختلف الحقب الهامة التي مرت بها الجزائر. وتقع منطقة جمينة السياحية جنوب جبال الأوراس، ضمن سلسلة جبال أحمر خدو على ارتفاع 650 متر فوق سطح البحر، حيث تبعد عن ولاية بسكرة بحوالي 100 كيلومتر عبر الطريق الوطني رقم 83 الذي يمر عبر مدينة سيدي عقبة، كما تبعد ب 6 كيلومتر عن قرية تاجموت (بلدية مزيرعة)، وعن دائرة زريبة الوادي بحوالي 35 كلم جنوبا و40 كلم شرقا عن دائرة تكوت التابعة لولاية باتنة. وتمتاز منطقة جمينة بمناخ بارد شتاء ومعتدل صيفا، كما تتسم بتنوع غطائها النباتي والحيواني، بدليل أنها تبعد ب 9 كيلومتر عن محمية "مزبال" التي تعيش بها عدة أنواع من الحيوانات المهددة بالانقراض، على غرار الأيل البربري وأنواع نادرة من الطيور.
حصون جميلة.. قلعة بيداس ثم ديهيا (الكاهنة) أسرار وأسرار
يذهب البعض إلى القول بأن "جمينة" هي كلمة أمازيغية مستمدة من الفعل "جيمي" والتي تعني "البحث" بمعناها الأوسع، أي البحث عن شيء ضائع. هذا ما يفسر صعوبة العثور على هذا المكان والوصول إلى هذه القلعة المتوارية عن الأنظار والتي شيدت فوق صخرة ضخمة. ويؤكد الأستاذ سعد أفرن في حديثه ل"الشروق" بأن تاجموت قذ كانت في الزمن الماضي رومانية، وآثارها شاهدة عليها، مضيفا أن موقعها الجبلي الوعر جعل الرومان يبنون بها قلاعا وحصونا، مضيفا بالقول "مناخها حار صيفا بارد شتاء، بها منطقة جمينة التي كانت قلعة للملك بيداس أو يبداس كما أشار إلى ذلك المؤرخ بروكوب، وهي على مساحة عالية وكبيرة تصل إلى 15 كيلومتر مربع. وبعد ذهاب بيداس جاءت الملكة ديهيا أو الكاهنة، وكانت في وقت الفتوحات الإسلامية واتخذت من جمينة مركزا لها ومخبأ، والعجيب أن لها حوض ماء أسفل مسكنها تماما لا ينضب ماؤه لا شتاء ولا صيفا، في الوقت الذي يجف فيه الوادي وتبقى هي على حالها"، مؤكدا أنها مازالت إلى اليوم يطلق عليها "قلتة الكاهنة"، حيث أن مخازنها كانت عامرة بالقمح والشعير والعسل والزبدة، ولها حراس في الجهة المقابلة على بعد 5 كيلومتر، حيث يراقب الحرس من تلك الأماكن كل الحركات غير العادية الوافدة من الصحراء، حيث وهم فوق جمينة ب7 كيلومتر في موسم الحصاد والدرس يفرقون بين القمح والشعير في صحراء لبغيلة التي تبعد حوالي 35 كيلومتر.
كانت ملاذا للمجاهدين في الثورة وعانت في عز الإرهاب
من جهة أخرى، أوضح الأستاذ سعد أفرن بأنه لما جاء عقبة بن نافع لم يستطع الوصول إلى مقر الكاهنة بعدما مات في تهودة، وجاء بعده حسان بن النعمان، فيما بقيت قلعة جمينة كما هي حتى القرن السابع عشر. وبعد ذلك جاء السكان وكونوا عرشا يسمى عرش بني ملكم، فأصبح ملكا مشاعا لهم، وكونوا به حضارة منها سكنات قلعة جمينة التي تتوسط الجبل وكانوا يصعدونها بالحبال، فسميت حسب محدثنا بهذا الاسم (أم الحبال) إلى اليوم، وعاد الأهالي يخزنون سلعهم ومواشيهم في ذلك المكان الساحر تحت حراسة مشددة من طرف حارس خاص منوط بهذه المهمة. وأثناء ثورة التحرير أصبحت القلعة ملاذا للثوار والمجاهدين والمسبلين يختفون فيها فتعجز القوات الفرنسية عن اكتشاف مكان تواجدهم، وحسب محدثنا فإنه لما جاء الاستقلال أصبحت جمينة نسيا منسيا، بسبب انتقال الحضارة إلى المدن العامرة كباتنة وبسكرة وضواحيهما، وما زاد الطين بلة حسب سعد افرن هو تدهور الوضع الأمني خلال العشرية السوداء، فتحركت الدولة بأجهزتها لتحمي هذا المكان من الخراب والضياع، حيث جندت له عسكريين متفرقين على أماكن من أول سفح الجبل إلى أعلى آخر جبل، وهذا على طريقة بيداس والكاهنة في كيفية حراسة القلعة وما جاورها.
شق الطريق بين بغيلة وعين البيضاء فك الخناق عن جمينة الجميلة
وإذا كانت منطقة تاجموت ولؤلؤتها الساحرة جمينة قد عانت العزلة على مر السنين، إلا أن السنوات الأخيرة عرفت نوعا من الانفراج، بعد إنجاز الطريق من بغيلة بنواحي بسكرة إلى قرية عين البيضاء التابعة بلدية تكوت بباتنة، وهذا على مسافة 80 كيلومتر، مما سهل حركة المرور والتنقل، وأصبحت جمينة معروفة بعد أن كان الناس يجهلونها، وهذه الطريق تربط بين بسكرة وباتنة وخنشلة على طريق بوحمامة، حيث أصبحت تعج بالسيارات من مختلف الأحجام بعدما كان سكان المنطقة يتشوقون لسيارة تمر عليهم، في الوقت الذي يراهن الكثير على تحرك الجهات الوصية من أجل تفعيل المنطقة بالشكل الذي يحفز المواطنين على العودة لخدمة أرضهم، والاستقرار في إقامتهم الأم على طريق تاغيت أولاد بلخير ولو صيفا، بغية الاستمتاع بغابة مزبال التي تحوي أنواعا نادرة من الطيور، ناهيك عن ظلالها الوافرة، خصوصا وأن سكان المنطقة يؤكدون أن الأمر يختلف بين جمينة ومزبال من ناحية المناخ.
جمينة الساحرة في حاجة إلى مشاريع للاستثمار في كنورها السياحية
لم يتوان في دعوة الجهات الوصية إلى الاعتناء بمنطقة تاجموت تنمويا وسياحيا، وهذا بغية الاستثمار في جماليات قلاع جمينة ورمان وغيرها، تكملة لخطوات جمعية جمينة لترقية السياحة وحماية التراث التي أقامت عدة طبعات سنوية من تظاهرة جمينة السياحية بالموقع الأثري والتاريخي رمان ببلدية مزيرعة دائرة زريبة الوادي. وقد صبت المطالب والتوصيات في عدة نقاط وصفها الكثير بالمهمة، وفي مقدمة ذلك الاهتمام بالمعلم التاريخي والأثري لقلعة جمينة وأم الحبال عن طريق تهيئة الفضاءات الخارجية، وهذا بإنجاز السلم الموصل إلى الوادي، وإعداد الملف التقني لمنطقة جمينة والقلاع الموجودة بمنطقة احمر خدو بغية تصنيفها كمعالم أثرية من طرف هيئة اليونيسكو بالتعاون مع وزارة الثقافة، كما دعوا إلى تشجيع الباحثين وطلبة معاهد الآثار والتاريخ وعلم الاجتماع لإعداد دراسات التخرج حول المعالم التاريخية والأثرية بمنطقة جبل احمر خدو، وشق المسالك الفلاحية بمنطقة رمان وتهيئة فضاءات مناسبة لاستقبال الزوار بغابة مزبال، والعمل على إنجاز محلات خاصة بالصناعة والملابس التقليدية ومقر للإقامة مدعما بمحلات خدماتية للإطعام بالأكلات الشعبية، مع إنشاء متحف يضم الآلات التقليدية والمكتشفات حتى تكون منطقة جذب سياحي بامتياز، كما تمت المطالبة بتكملة شق وتعبيد الطريق الرابط بين مشونش وعين البيضاء وتاجموت لربط ولاية بسكرة مع ولايتي باتنة وخنشلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.