يواصل الشيخ أبو مسلم بلحمر، الحديث عن العين والحسد الذي يصنف في خانة تمني زوال نعمة الاخرين سواء تمناها الحاسد لنفسه أم لا فهذا يطلق عليه تسمية الحسد المذموم، اما اذا تمنى نعمة غيره دون ان يتمنى زوالها عنه فتلك الغبطة المحمودة، وحسد الغبطة يسمى "حسدا" مجازا، وهو تمنى حصوله مثل نعمة المنعم عليه، من غير ان تزول عنه، روى البخاري في صحيحه عن ابي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لاحسد إلا في إثنتين رجل علمه الله القرآن فهو يتلوه أناء الليل وأناء النهار، فسمعه جار له فقال ليتني أوتيت مثلما أوتيَ فلان، فعملت مثلما يعمل، ورجل أتاه الله مالا فهو يهلكه في الحق، فقال رجل ليتني أوتيت مثلما اوتي فلان فعملت مثلما يعمل" يعني هذه الغبطة وتسمى "حسدا" مجازا، وتدخل في المنافسة.
العين أنواع العين المعجبة: إن النفس إذا ما أفرطت بالإعجاب بنعمة من النعم أثرت فيها وأفسدتها بإذن الله، مالم يبرك صاحبها يقول تعالى: "ولولا أن دخلت جنتك قلت ماشاء الله لا قوة الا بالله، إن ترن أنا اقل منك مالا وولدا" إلى آخر الآية، ويقول صلى الله عليه وسلم: "اذا رأى أحدكم من أخيه ما يعجبه، فليدعو له بالبركة" ويقول بن حجر العسقلاني: "إن العين تكون مع الاعجاب ولو بغير حسد، ولو من الرجل المحب أو من الرجل الصالح وان الذي يعجبه شيء، ينبغي ان يبادر بالدعاء للمعجب بالبركة ويكون ذلك كرقية منه". العين الحاسدة: تخرج العين من نفس حاسدة خبيثة خُبث صاحبها وهي في الاصل تمني زوال النعمة التي انعم الله بها على المحسود، يقول تعالى: "ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد ايمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ماتبين لهم الحق، فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره إن الله على كل شيء قدير". العين القاتلة "السمية": وتخرج العين من العائن الى المراد اعانته قصد الضرر، قال أحد علماء السلف الكلبي: "كان رجل من العرب يمكث لا يأكل يومين أو ثلاثة ثم يرفع جانبا من خبائه أي "إزارة ثيابه" فتمر به النعم يعني الغنم والبقر والإبل، فيقوم فيقول: ما رعى اليوم ابل أو غنم أحسن من هذه، فما تذهب الا قريبا حتى تسقط طائفة، سأل الكفار أن يصيب هذا الرجل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعين، فعصم الله نبيه وأنزل الاية الكريمة: "وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر يقولون إنه لمجنون". وعن أحمد عن أبي ذر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ان العين لا تورع بالرجل بإذن الله حتى يصعد حالقا ثم يتردى منه"، فقد يصاب الانسان بعين "سمية" في رأسه فتتلف خلايا مخه، فيصاب بالجنون، أو قد يصاب الانسان بعين سمية في نفسيته، فيجهل من الضيق والحزن والكآبة وتضيق عليه الأرض بما رحُبت عليه فمثل هذا يخشى عليه من الانتحار والعياذ بالله.
الحيوان يصيب الإنسان بالعين يؤكد بلحمر أن الحيوان يصيب بالعين وهناك صنفان من الحيوانات لهم إصابة بالعين، الكلبيات والمقصود بها"الذئب، الكلب، السبع، الليث، النمر، القصور..." وسلالة الأفاعي التي تخرج من أعينها وكانوا يستعينون بها في الحروب حتى بعض الحيات تستطيع أن تصيب بالعين، والحية الوحيدة التي إشتهرت بالعين هي "الكبرى"، وهذا يبقى اجتهاداً ليس له سند من الكتاب والسنة، فأنا احتككت بهذه الحيوانات ووجدت لها ميولا غريزية وأنها تؤثر فيهم سلبا.