ناشد 11 طيارا من الجنوب الجزائري الرئيس عبد العزيز بوتفليقة التدخل العاجل لإعادة إدماجهم بشركة الخطوط الجوية الجزائرية كطيارين بالخطوط الداخلية وفق الشهادة المتحصل عليها تحت إشراف ذات الوصاية، وجاء طلب الطيارين متزامنا مع تدشين مطار عين صالح من طرف الرئيس بوتفليقة في زيارته إلى المنطقة أول أمس، بعدما خضع المطار لتوسعة تسمح باستقبال 200 ألف مسافر في السنة. وقال مهيري أبوبكر ممثل ال 11 طيارا في تصريح خاص ل "الشروق اليومي" إن "إعادة إدماجنا حق مشروع بعدما أنصفتنا محكمة عبان رمضان يوم 28 ديسمبر الماضي بقرار يقضي بتوظيف ثمانية طلبة رفعوا شكاوى ضد شركة الخطوط الجوية مع استلام تعويضات قدرها 50 مليونا لكل واحد منهم، وهو القرار الذي استأنفت فيه الجوية الجزائرية لدى مجلس قضاء الجزائر"، مضيفا بأن "الطيارون الأحد عشر لديهم تكوين قاعدي يسمح بقيادة طائرات الخطوط الداخلية وبسبب النزاع لم يتمكن الطلبة الطيارون من مواصلة التكوين في تخصص طياري الخطوط الدولية بجامعة أوكسفورد البريطانية". الأمل بدأ في الأرض وتبخر في السماء سيناريو القضية التي وصفها شباب الجنوب بالمأساوية يعود إلى خريف سنه 1997، عقب تعثر مسارهم التكويني كطيارين تابعين لشركة الخطوط الجوية الجزائرية، والتي برمجت هذا التكوين المتخصص لتغطية الجهات الجنوبية انطلاقا من مطار تمنراست باتجاه مختلف المطارات الوطنية، قبل أن تستغني عنهم لدواعي تبقى مجهولة، في وقت تسجل الشركة عجزا في مواردها البشرية من صنف الطيارين بسبب الهجرة نحو شركات الخليج للطيران. وحسب الطيارين الذين زاروا مكتب "الشروق اليومي" بورڤلة، فقد تحولوا بين عشية وضحاها إلى "شومارة" بعدما كانوا من خيرة طلبة أبناء الجنوب وحصلوا على أفضل النتائج في مراحل التعليم، ففي منتصف شهر سبتمبر قبل عشر سنوات من الآن تم إيفاد لجنة رفيعة المستوى من طرف شركة الخطوط الجوية الجزائرية بغرض انتقاء طلبة من الجامعة للالتحاق بالتكوين الخاص بطياري النقل الجوي، حيث تم إجراء مسابقة لجامعات ورڤلة، بسكرة، بشار، انتهت بإعلان النتائج والتحاق الطلبة بالمدرسة العليا للطيران بطفراوي بولاية وهران، الواقعة أزيد من ألف كلم عن مقر إقامتهم. وعلى إثر ذلك تم التوقيع على عقد التكوين يضمن لهم أربع سنوات من التربص المتواصل بذات المدرسة بالإضافة إلى عشر سنوات عمل بالشركة نفسها، وبعد عامين من التربص تحصل كل طياري الجنوب على دبلوم شهادة "PP/IFR" أي بمعدل 60 ساعة طيران لكل طالب، وفي سنة 2000، وهي المرحلة الأخيرة حسب العقد المبرم، بناء على تقرير أنجزته لجنة موفدة من طرف إدارة الخطوط الجوية الجزائرية، قررت هذه الأخيرة إلغاء التكوين بالمدرسة العليا للطيران وتعهد حينها الرئيس المدير العام السابق المرحوم "الطيب بن ويس" بإرسال الطيارين إلى الخارج بغرض تكملة برنامج للرسكلة. وفي بداية شهر فيفري من عام 2005 اتخذت الشركة المعنية كل التدابير اللازمة ناهيك عن إجراءات تأجيل الخدمة الوطنية وإصدار التأشيرة وتفحص جوازات السفر مع تحديد العشرين من نفس الشهر للتوجه نحو أكسفورد ببريطانيا، بغرض إتمام التربص، لكن كل هذه الخطوات لم تتحقق ميدانيا ولم يلتحق أي من الطلبة دون ذكر الأسباب المباشرة، مما أثار شكوكا عديدة ساعتها، وبعد حوالي شهر من هذا الموعد عقدت الشركة اجتماعا بمقر المديرية العامة ضم طياري الجنوب، وقد ترأس اللقاء رئيس قسم الموارد البشرية الذي طمأن الشباب بمواصلة تكوينهم والالتزام بإرسالهم لاحقا في أول دفعة تكوين نظرا لأحقيتهم ومستوى تقدمهم في التربص السابق رغم أن الخطوط الجوية وقعت مع شركة "سيفا" (SEFA) الفرنسية عقدا يضمن تربص 50 طيارا جزائريا، على دفعتين في اختصاص طيار خط (PILOTE DE LIGNE) بعد تدخل وزير النقل السابق. إلا أن كل الالتزامات لم تجد نفعا بحيث قامت الإدارة المذكورة بعرض أسماء 05 طيارين والباقي كمتربصين للمرة الأولى، مما أثار حفيظة طياري الجنوب بالنظر إلى التعهد السابق والمستوى المحصل عليه، ودخلوا في إضراب عن الطعام انتهى باتهامهم ب "الإساءة" لإدارة الخطوط الجوية وتم فتح ملف لهم على مستوى العدالة. من قمرة الطائرة.. إلى أروقة المحاكم السبب الرئيسي الذي تذرعت به الخطوط الجوية الجزائرية لعدم إدماج الطيارين حسب إدلاءات ممثلهم، يعود لكون النزاع أحيل على العدالة بمحكمة عبان رمضان بالعاصمة لا يمكن تسوية الوضعية، ولكن رغم استفادة الطيارين من البراءة فإن الإقصاء عاد ليشملهم ثانية حتى وإن كان عدد منهم لم يشارك في الإضراب عن الطعام الذي أعلن عنه بعد فشل المفاوضات مع مديرية الخطوط الجوية الجزائرية وانسداد قنوات الحوار، حيث عرفت الساحة المحاذية للمديرية المذكورة لمدة ثلاثة أيام شهر نوفمبر قبل أربع سنوات حالة من التوتر الشديد، حيث أقدم الطيارون على التجمهر وحمل شعارات تندد بالحڤرة والجهوية، وازدادت الأزمة سوءا وظلت تداعياتها قائمة إلى يومنا هذا أمام صعوبة إيجاد صيغة ترضي الطرفين. ومن جهتها، تعهدت الإدارة المعنية بتوزيع الفريق الطلابي على فوجين لمواصلة التكوين، وهو ما تم رفضه من قبل المعنيين "لعدة اعتبارات"، ثم إن هذه الفئة لحد الساعة لم تتحصل على الدبلوم، بحكم أن ملفاتهم لا زالت بين يدي الوزارة الوصية، التي تكفلت حينها بصيغة أخرى، وذلك بإرسال كل طياري الشركة، وعددهم 197طيارا، للتكوين في الخارج، إلا أنها فشلت مرة أخرى في حل إشكال هذا الملف، وكان رئيس كتلة الأحرار بالبرلمان، عماد جعفري، قد راسل وزير النقل في الوثيقة رقم 28 المؤرخة في منصف شهر جويلية 2003، لمعرفة مصير الطلبة المذكورين، وكان الرد كتابيا حيث أوضح الوزير في رسالة نمتلك نسخة منها، تحمل رقم 1070 ومؤرخة في 15 سبتمبر 2003 بالقول ".. يشرفني أن أذكركم بأنه في إطار برنامج استغلال الشبكة الجوية للجنوب انطلاقا من مطار تمنراست الذي أعدته شركة الخطوط الجوية، قامت هذه الأخيرة في سنة 1997 بتوظيف مجموعة من الطلبة الطيارين المتكونة من 11 متربصا كلهم من الجنوب الجزائري حيث زاولوا تكوينهم بالمدرسة العليا طفراوي بوهران في نوفمبر 1997 إلى كتوبر2001، ولأسباب ذات طابع إداري وبيداغوجي وجدت الشركة نفسها مضطرة إلى توزيع الطلبة المتربصين على فوجين متكونين من 5 و6 أفراد تمت برمجتهم على التوالي لشهري نوفمبر 2002 وفيفري 2003". وكان الطلبة طيارو الجنوب قد علقوا آمالا كبيرة على المدير العام السابق المرحوم محمد بن ويس، الذي قالت مصادر مقربة منه إنه حاول إيجاد المخرج "لولا تدخل بعض الأطراف التي غيرت مسار العملية ورهنت مصير النخبة التي طرقت كل الأبواب واتصلت بكل التنظيمات والهيئات منها السلطات العليا والمركزية قصد إنصافهم وإعادة إدماجهم. وكان بن ويس قد وعدهم بالحل، لكن القدر كان أسرع عندما وافته المنية، الأمر الذي دعا الطيارين إلى التمسك أكثر بحقهم في العودة للعمل بالشركة حسب النصوص القانونية والعقد المبرم بين الطرفين والذي لا زال ساري المفعول حسب أكثر من رأي تشريعي. والغريب في الأمر أن تجاهل مصير هؤلاء الطيارين الذين يمتلكون تكوينا أوليا في التحليق الجوي، يتزامن مع هجرة الطيارين الأكفاء أصحاب الخبرة ورصيد 10 آلاف ساعة تحليق في السماء، نحو شركات طيران خليجية على غرار القطرية والعربية للطيران، فمنذ مطلع سبتمبر الماضي غادر ما لا يقل عن 40 طيارا، باتجاه الشركتين سالفتين الذكر، فيما أجرى 26 طيارا آخرون في شهر نوفمبر اتصالات أولية للمغادرة أيضا، وتبعها القيام باختبارات القبول في خطوة لإبرام عقود تمنح أجورا قدرها أكثر من 10 آلاف أورو، وامتيازات أخرى كالسكن والحماية الطبية لأسرة الطيار... الخ. وزارة النقل لا يعنيها الأمر؟ وفي مسعى من "الشروق اليومي" لمعرفة موقف مديرية الطيران المدني بشأن تقريرها حول قضية ال 11 طيارا من طلبة الجنوب الكبير، أرجأتنا خلية الإعلام على مستوى الوزارة أكثر من عشرة أيام للرد على طلب كتابي دون أن نتحصل عليه في نهاية المطاف، لكن مستشار الوزير المكلف بالإعلام عز الدين شعبان أوضح في اتصال هاتفي أن المديرية لم تعر القضية اهتماما، وقال لنا "بإمكانكم كتابة ما ترونه فليس لدينا إجابة عن الموضوع". حكيم عزي/ بلقاسم عجاج
