كريكو تبرز جهود القطاع في تعزيز المرافقة النفسية لذوي الاحتياجات الخاصة خلال امتحانات نهاية السنة    الصحافة كانت مرافقة للثورة في المقاومة والنضال ضد الاستعمار الفرنسي    مولى يُنوّه بنتائج الإصلاحات الاقتصادية    إصدار خاص بخطاب الرئيس أمام غرفتي البرلمان    ربيقة: الذاكرة الوطنية تمثل أحد أساسيات انشغالات الجزائر الجديدة    المنتجات الجزائرية تعرف رواجا كبيرا في موريتانيا    المركز الوطني الجزائري للخدمات الرقمية سيساهم في تعزيز السيادة الرقمية    التحضيرات متقدّمة جداً حسب وزير السكن    وهران : افتتاح صالون التجارة الالكترونية والاقتصاد الرقمي    التأكيد على الدور المحوري للجزائر في الاندماج الاقتصادي القاري    500 موقع للترويج لدعاية المخزن    البرلمان العربي يحذر من اجتياح الاحتلال الصهيوني لمدينة رفح وارتكاب جريمة إبادة جديدة بحق المدنيين    جيدو/الجائزة الكبرى لدوشانبي: ميدالية برونزية للمصارعة الجزائرية أمينة بلقاضي    إشادة بلقاء قادة الجزائر وتونس وليبيا    القشابية .. لباس عريق يقاوم رياح العصرنة    قوجيل يستقبل رئيس المجلس الوطني لجمهورية الكونغو    ندوة تاريخية إحياءً لرموز الكفاح الوطني    بلمهدي يحثّ على الالتزام بالمرجعية الدينية    الأيام السينمائية الدولية بسطيف : الفيلم الفلسطيني الطويل "معطف حجم كبير" يثير مشاعر الجمهور    وزير الداخلية يبدأ زيارته إلى خنشلة بمعاينة فرع كوسيدار للفلاحة    78 قتيلا جراء الأمطار الغزيرة في البرازيل    وسط تحذيرات من مجاعة.. الأمم المتحدة تتهم إسرائيل برفض دخول المساعدات لغزة    قدمها الدكتور جليد قادة بالمكتبة الوطنية..ندوة "سؤال العقل والتاريخ" ضمن منتدى الكتاب    بأوبرا الجزائر بوعلام بسايح..المهرجان الثقافي الدولي للموسيقى السيمفونية من 16 إلى 22 ماي الجاري    في دورته التاسعة.. "الفن موروث ثقافي حافظ للذاكرة" شعار الرواق الوطني للفنون التشكيلية    الناخبون في تشاد يدلون بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية    وزير الداخلية يشرف على مناورة دولية للحماية المدنية    عنابة: استحداث لجنة لمتابعة تهيئة الواجهة البحرية    مركز البحث في البيوتكنولوجيا بقسنطينة: تطوير شرائح حيوية تعتبر الأولى من نوعها في العالم    في دورة تكوينية للمرشدين الدينيين ضمن بعثة الحج: بلمهدي يدعو للالتزام بالمرجعية الدينية الوطنية    مساع لتجهيز بشيري: الهلال يرفض الاستسلام    البطولة الإفريقية للسباحة والمياه المفتوحة: 25 ميدالية بينها 9 ذهبيات حصيلة المنتخب الوطني    رئيس الاتحادية للدراجات برباري يصرح: الطبعة 24 من طواف الجزائر ستكون الأنجح    الجزائر تدفع إلى تجريم الإسلاموفوبيا    يقرّر التكفل بالوضع الصحي للفنانة بهية راشدي    ثبات وقوة موقف الرئيس تبون حيال القضية الفلسطينية    المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية تعزي    إشادة بدعم الجزائر المستمر لحلّ سياسي مستديم في ليبيا    خارطة طريق لضمان التأطير الأمثل للحجاج    توقُّع نجاح 60 ٪ من المترشحين ل"البيام" و"الباك"    خبراء جزائريون يناقشون "الهندسة المدنية والتنمية المستدامة"    24 ألف مستثمرة فلاحية معنية بالإحصاء الفلاحيّ    مهنيون في القطاع يطالبون بتوسيع المنشأة البحرية    3 شروط من أجل اتفاق شامل ومترابط المراحل    بعد رواج عودته الى ليستر سيتي: إشاعات .. وكيل أعمال محرز يحسم مستقبله مع الأهلي السعودي    خلاطة إسمنت تقتل عاملا    دليل جديد على بقاء محرز في الدوري السعودي    تعريفات حول النقطة.. الألف.. والباء    عمورة في طريقه لمزاملة شايبي في فرانكفورت    دراجون من أربع قارات حاضرون في "طواف الجزائر"    غرق طفل بشاطئ النورس    انتشال جثة شاب من داخل بئر    الشريعة الإسلامية كانت سباقة أتاحت حرية التعبير    برنامج مشترك بين وزارة الصحة والمنظمة العالمية للصحة    إذا بلغت الآجال منتهاها فإما إلى جنة وإما إلى نار    "الحق من ربك فلا تكن من الممترين"    «إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن…»    القابض على دينه وقت الفتن كالقابض على الجمر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكومتا "الإعلام الخارجي" والإشهار؟!
نشر في الشروق اليومي يوم 05 - 08 - 2009

من يتحكم في الومضات الإشهارية التي تبث في اليتيمة والملصقات الإشهارية المعلقة في الطرقات الجزائرية؟ ومن يتحكم في الصورة التي تبث عبر تلفزيونات العالم عن الجزائر؟
*
*
إنهما حكومتان، في الظل، يتعاملان مع الداخل والخارج بمنطق واحد، وهو تحويل الجزائر إلى »سوق« لتسويق الإرهاب، وتسويق ثقافة الآخر.
*
*
ماركات مسجلة لثقافة الآخر
*
تهيمن حكومة الإشهار على 70٪ من المادة الإعلامية الموجهة للمجتمع الجزائري عبر مختلف وسائل الإعلام، بالرغم من أن الإشهار محتكر من قبل السلطات الجزائرية، وهناك أكثر من 500 وكالة إشهار لا تمثل إلا 10٪ مما تحتكره أربع وكالات أجنبية، وهي تقوم بالإشراف على شركات الهواتف النقالة ناهيك عن وكالات تسويق السيارات.
*
وهناك أكثر من 1300 مشروب وأكثر من 8000 منتوج بصيغة »ماركات مسجلة« في الحليب ومشتقاته، إلى جانب التعليب لمختلف المواد التي تستهلك في الجزائر.
*
والمصمم الحقيقي للإشهار هو المنتج الأصلي، ويتم التصميم خارج الجزائر، وأحيانا يكون في الجزائر، بعد موافقة الجهة الوصية. وهو ما يفسر »إقحام الدارجة في الإشهار«، واللغة الفرنسية. وطغيان عادات وتقاليد »مجتمعات أخرى«، بهدف غرس ثقافة »الاستهلاك« وثقافة الآخر.
*
ومن يتوقف عند الومضات الإشهارية تجذبه لهجة »البلد المنتج« أو »المصمم« لهذه الومضات، ولباس وسلوك الآخر. ومن يتوقف عند ملصقات الطريق السيار أو لوحات الإشهار للشركة الجزائرية المحتكرة للإشهار يجد أمامه »لمسات فنية« للآخر، بحيث تطاردنا في كل مكان ثقافة الآخر. ولا يشعر المواطن بأنه في الجزائر، وتلمس الحضور الأوربي والغربي وحتى العربي، ولكننا نفتقد إلى ثقافة الجزائر. فمن المسؤول عن ذلك.
*
وفي السنة الثقافية العربية في الجزائر والمهرجان الإفريقي الثاني كانت صورة الآخر هي المهيمنة، وخاصة الشركات التي أشرفت على ذلك.
*
ولعل هذا ما دفع بحركة النهضة إلى »التنديد« والتساؤل حول المهرجان الإفريقي، وتكشف ردة الفعل »الشرسة« لوزيرة الثقافة عن »المنطق الهمجي« لثقافة الآخر، تذكرنا بمواقف سابقة كانت تعرب عنها في القنوات الفرنسية ضد المنظومة التربوية والتربية الإسلامية. وهي ردة فعل لم ترق إلى مستوى الفعل الثقافي أقل بكثير من ردة فعلها إزاء كتاباتنا عنها حين ذهبت الى اسرائيل، وأقل بكثير من من رد فعلها ازاء كتاب طبع خطأ في الوزارة »ضد الوزيرة« وتمت مصادرته.
*
لو يفتح ملف »الشركات« التي أشرفت على السهرات الليلية وعلاقتها بفرنسا، وكيف أن بعض المطربين الأجانب حضروا وأخذوا مستحقاتهم دون مشاركة في احياء حفلاتهم.
*
ويكفي أن »اليتيمة« أجبرت لأول مرة على تقديم آخر أغنية في حفل الافتتاح، وهي من أغاني الملاهي الليلية، وتسيء إلى الذوق العام، ولم يسبق لليتيمة أن قدمتها لولا »الحفل المباشر« للافتتاح.
*
والنهب الذي وقع في مثل هذه المهرجانات يلخص في وجود خطوط هاتفية دولية مجانية في المركز الدولي للصحافة كانت تتزاحم عليها »الوفود الصحفية« ليس للتغطية وإنما ل »أغراض أخرى«.
*
من المسؤول عن هيمنة الآخر على تقافتنا عبر الإشهار؟
*
أوليستا وزارتي الثقافة والاتصال؟ ومن أوقف مشروع قانون الإشهار الذي قدمه الوزير السابق عبد العزيز رحابي، أو ليس البرلمان أو ممثلو الشعب؟
*
ومن يتحمل مسؤولية تهديم ثقافتنا؟
*
أعتقد أن الإعلام الوطني، بما فيه القطاع العام والخاص، هو أسير الإشهار الأجنبي، ومن يفتح ملفات بعض شركات الإشهار سيكتشف حقائق مرعبة، يكفي أن الوزير عبد الرشيد بوكزرارة عندما فكر في إعادة تنظيم الإشهار والطباعة وجد نفسه خارج الحكومة.
*
*
الجوسسة والإعلام الخارجي؟
*
وبالمقابل، تشدد السلطات الجزائرية على عدم إعطاء الاعتماد للمراسلين الجزائريين للقنوات الفضائية الدولية، بحجة حماية الجزائر، وتسمح في الوقت نفسه لحملة السجلات التجارية الأجنبية بالهيمنة على تسويق صورة الجزائر عبر الوكالات الدولية دون اعتماد رسمي من وزارة الاتصال أو وزارة الخارجية.
*
والمثير للريبة والشك أن بعض الشركات الإعلامية »المتعددة الجنسيات« أبرمت عقودا مع فضائيات أجنبية للتغطية الإعلامية لأحداث الجزائر بالرغم من عدم اعتمادها رسميا.
*
وكأن الجهات الوصية على ما يسمى ب (الإعلام الخارجي) هدفها التجسس على المراسل الجزائري وليس »المنتج الأجنبي«، بل إن هناك مراسلين أجبروا على توقيع تعهدات بعدم التعامل مع هذه الشركة أو تلك، بينما يسمح لها بممارسة نشاطها بحرية كاملة.
*
إن تسويق صورة الجزائر يحتاج إلى تشجيع اعتماد المراسلين الجزائريين للقنوات الفضائية، وإنشاء مؤسسات إنتاج جزائرية، ليست على الطريقة التي تعمل بها »اليتيمة« مع بعض الوكالات التابعة لأفراد منها أو من جهات نافذة.
*
إن إعادة النظر في »الإعلام الخارجي« بوضع قانون شفاف يضع حدا للتداخل ما بين »الأمني الإعلامي« و»الأمني الأمني«، ويوفر الأجواء لنقل صورة حقيقية عن الجزائر وثقافتها بعيدا عن »سلطة السياسي« يحتاج إلى رجال إعلام أكفاء يتحملون مسؤولية تسويق الجزائر دوليا عبر القنوات الفضائية، ليس عبر الإشهار، وإنما عبر التحقيقات والروبورتاجات والصور القلمية.
*
ولماذا لا نقتدي بالدول العربية مثل سوريا التي فتحت المجال للجزيرة وقنوات أخرى عبر التغطية الثقافية والرياضية، وتجنبت »التغطية السياسية« حفاظا على النظام القائم.
*
إذا كانت الجزيرة والعالم وغيرها تخيف السلطات الجزائرية فهذا يعني أن السلطة في الجزائر لم تنضج إعلاميا.
*
إن روبورتاجا أو تحقيقا أو تقريرا تقدمه الجزائر، في فضائياتها المختلفة، أفضل بكثير من الأموال المهدرة في »تسييس« الشأن الوطني.
*
المؤسف أن السلطات لم تستوعب أن السيادة على الإعلام صارت من »مخلفات الماضي«، فالتلفون صار ناقلا للصورة ولا يحتاج صاحبه إلى اعتماد من أية جهة كانت.
*
أذكر أن تلفزيونات عربية حجزت مساحات لها في »الإستوديو الجزائري« للبث المباشر، لكن التلفزة الجزائرية أخلّت بذلك ويكفي أنني أبلغت مرتين من تلفزتين عربيتين، لكن حين تقدمت من التلفزة للدخول فوجئت بإلغاء البث المباشر، فتحولت العملية إلى المباشر عبر الهاتف، مما وفّر الجو للحديث بحرية أكثر.
*
ولو كانت السلطات تدرك أن المباشر يعطي مصداقية للنظام السياسي، بغض النظر عن مضمونه، وتدرك أن مصلحة البلاد تحتاج إلى الانفتاح على الإعلام الخارجي، لما أغلقت النوافذ وأوصدت الأبواب على الجزائر، فصارت صورتها مجسدة في الإرهاب فقط.
*
الدول المجاورة بدأت تتوسع في بلادنا إعلاميا، وقنواتها التلفزيونية والإذاعية أكثر حضورا لدى المتلقي الجزائري من القنوات الجزائرية التي صارت غير قادرة على مقاومة »أمواج البث الدولي« الملتقطة في الجزائر.
*
وحتى يتأكد القارئ مما أدعيه فليفتح الإذاعات الجزائرية فإنه لا يستطيع متابعة القنوات الوطنية ولا المحلية خارج ولايتها. وهذا يدل أن تقوية البث غير مطروحة في الجزائر، وأن تعدد القنوات المحلية هو لإعطاء مصداقية للسلطات الولائية، وليس لخدمة البلاد.
*
ما أحوجنا إلى رجال إعلام يتولون مهمة تسيير المؤسسات الإعلامية ويسهرون على تحسين أدائها وتقوية التقاطها والابتعاد عن تحويلها إلى »سجل تجاري« أو »منبر سياسي« لهذا التيار أو ذاك.
*
إن إعادة تنظيم الإعلام الخارجي وترتيب البيت الإعلامي الجزائري صار حاجة ملحة ليس لأحزاب الإئتلاف الحكومي، وإنما للجزائر التي ليست »مزرعة« لهذا الوزير أو ذاك وليست مملكة لأحد.
*
فمتى تدرك السلطات أن حكومتي الإشهار والإعلام الخارجي »صارت تتحكم في مصيرها ومصير الشعب الذي تدعي أنها في خدمته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.