تشهد مواد البناء ارتفاعا غير مسبوق للأسعار في الآونة الأخيرة بولاية المسيلة، أثر بشكل كبير على ورشات الإنجاز وكان بمثابة العائق الذي اصطدمت به المقاولات والمواطنون الراغبون في تشييد سكنات فردية. وكان أهم المتضررين من هذه الظاهرة المستفيدون من الإعانات الريفية الذين وجدوا أنفسهم بين عشية وضحاها في مأزق نتيجة عدم القدرة على دفع الفارق الكبير في سعر مادتي الحديد والإسمنت على وجه التحديد، رغم وجود المصنع الفرنسي الواقع على تراب حمام الضلعة والذي ينتج سنويا ما يفوق 5 ملايين طن من الإسمنت. أظهرت جولة استطلاعية قصيرة قادتنا إلى بعض محلات بيع الإسمنت المتواجدة في عدة بلديات، بلوغ الكيس الواحد وزن 50 كلغ من نوع "المتين" المستعمل في الخرسانة المسلحة عتبة 900 دينار، بينما لامس سعر "الشامل" 800 دينار لنفس الوزن، وهو الأمر ذاته بالنسبة لمادة الحديد التي عرفت ارتفاعا بنسبة 30 في المائة بالمقارنة مع السنة الماضية ووصل سعر القنطار الواحد من مختلف الأصناف 8 آلاف دج. ويرى تجار التجزئة الذين توجه لهم كلما التهبت الأسعار أصابع الاتهام برفع هامش الفائدة التي يتحمّلها البسطاء من المواطنين، بأنهم الحلقة الأضعف في سلسلة الربح، مؤكدين بأن كبار السماسرة والبزناسية هم السبب الرئيسي في غلاء الإسمنت لتعدد الوسطاء، خاصة إذا علمنا بأن سعر السند الواحد يفوق بقليل 20 مليونا لكل 20 طنا مع احتساب بعض التكاليف الإضافية. ويرى هؤلاء أنه بعملية حسابية بسيطة فإن هامش الربح يصل تقريبا إلى الضعف، وأن انعدام الرقابة وجشع كبار التجار ساهما في رفع أسهم المادة المذكورة، التي تسببت في تعطل الكثير من المشاريع والمرافق ذات الطابع العمومي، حيث اشتكى عشرات أصحاب المقاولات من هذا الغلاء الفاحش الذي سيؤدي إلى ضياع المزيد من الوقت القانوني لإنجاز تلك المشاريع، وهو الأمر ذاته بالنسبة لمئات المستفيدين من الإعانات الريفية. واتهم تجار في حديثهم مع "الشروق" عن أسباب هذا الارتفاع الجنوني لمادة الإسمنت بتعدد الوسطاء والمضاربين السماسرة الذين كوّنوا ثروات طائلة من خلال الرفع من هامش الربح وغياب الأطر الرقابية، على الرغم من نقص وتقلص المشاريع بفعل التقشف وتجميد المئات من العمليات التنموية خاصة في قطاع الأشغال العمومية وافتتاح مصانع أخرى في بعض جهات الوطن وغيرها.