العرباوي يحل بنيروبي للمشاركة في قمة المؤسسة الدولية للتنمية من أجل تعبئة الموارد لإفريقيا    تباحث سبل التعاون المشترك في العلوم الطبية    القضاء على إرهابي بالناحية العسكرية الأولى بالشلف    الدورة الأولى للمشاورات السياسية بين البلدين مقرمان يترأس مع نظيره بالدوحة مضامين مذكرة التفاهم    إتصالات الجزائر ترفع سرعة تدفق الأنترنت إلى 1 جيغا    الجيش الصحراوي يستهدف قواعد الاحتلال المغربي بقطاعي المحبس والفرسية    بطولة إفريقيا لكرة الطائرة/ سيدات: فوز مشعل بجاية مام آسيك ميموزا الإيفواري    كأس الجزائر لكرة القدم داخل القاعة: ناديا القصر وأتلتيك أقبو أوزيوم ينشطان النهائي في 2 مايو بالقاعة البيضوية    قسنطينة: دخول "قريبا" فندق سيرتا العمومي حيز الخدمة بعد إعادة تهيئته    برج بوعريريج.. 152 مليار لتحسين واجهة عاصمة الولاية    وزارة المجاهدين : الوزارة في مواجهة كل من يسيء للمرجعية ولمبادئ الثورة    تعزيز القدرات والمهارات لفائدة منظومة الحج والعمرة    الإعلام الصّحراوي يكسب معركة الرّأي العام العالمي    برج بوعريريج.. 7 مخازن عملاقة لإنجاح موسم الحصاد    سونلغاز تفتح أزيد من 550 منصب شغل بولايات الجنوب    مولودية الجزائر.. خطوة عملاقة نحو التتويج باللقب    النخبة الوطنية تتألق في موعد القاهرة    الترجي التونسي لدى الرجال يتوّج باللقب    الفريق أول السعيد شنقريحة يشرف على افتتاح أشغال الاجتماع السنوي لإطارات العتاد    مؤتمر رابطة "برلمانيون من أجل القدس": أعضاء الوفد البرلماني يلتقون بإسماعيل هنية    وزير الموارد المائية والأمن المائي من سكيكدة: منح الضوء الأخضر لتدعيم وحدة الجزائرية للمياه بالموظفين    الحراك الطلابي العالمي الدّاعم للفلسطينيّين يصل إلى كندا وأوروبا    مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي: انطلاق ورشات تكوينية في مهن السينما لفائدة 70 شابا    "حكاية أثر" مفتوحة للسينمائيين الشباب    كتابة الدّولة الأمريكة تُوجّه انتقادا حادّا للمخزن    باتنة: إجراء عمليات زرع الكلى بحضور أطباء موريتانيين    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 34 ألفا و454 شهيدا    تربية: التسجيلات في السنة الأولى ابتدائي بداية من هذه السنة عبر النظام المعلوماتي    الرئيس يكرّم قضاة متقاعدين    الجزائر وفرت الآليات الكفيلة بحماية فئة المسنين وتعزيز مكانتها الاجتماعية    لحوم الإبل غنية بالألياف والمعادن والفيتامينات    خنشلة: التوقيع على اتفاقيتي تعاون مع مديريتي الشؤون الدينية والتكوين المهني    انطلاق أشغال منتدى دافوس في الرياض بمشاركة عطاف    مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري يثمن قرار خفض نسب الفائدة على القروض الاستثمارية    الجزائر الجديدة.. إنجازات ضخمة ومشاريع كبرى    مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي: طرح الصعوبات التي يواجهها المخرجون الفلسطينيون بسبب الاحتلال الصهيوني    بغالي: الإذاعة الجزائرية ترافق الشباب حاملي المشاريع والمؤسسات الناشئة من خلال ندواتها    الصهاينة يتوحّشون في الضّفة    البليدة: إطلاق أول عملية تصدير لأقلام الأنسولين نحو السعودية من مصنع نوفو نورديسك ببوفاريك    استئناف حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة بالنسبة لمطار أدرار    مؤسسات ناشئة: إطلاق مسابقة جوائز الجزائر للتميز    فلسطين : العدوان الإرهابي على قطاع غزة من أبشع الحروب التي عرفها التاريخ    مباشرة إجراءات إنجاز مشروع لإنتاج الحليب المجفف    استئناف أشغال إنجاز 250 مسكن "عدل" بالرغاية    نطق الشهادتين في أحد مساجد العاصمة: بسبب فلسطين.. مدرب مولودية الجزائر يعلن اعتناقه الإسلام    15 ماي آخر أجل لاستقبال الأفلام المرشحة    أكتب لأعيش    الاتحاد لن يتنازل عن سيادة الجزائر    لو عرفوه ما أساؤوا إليه..!؟    رياض محرز ينتقد التحكيم ويعترف بتراجع مستواه    بيولي يصدم بن ناصر بهذا التصريح ويحدد مستقبله    إنجاز جداريات تزيينية بوهران    تفكيك مجوعة إجرامية مختصة في السرقة    منظمة الصحة العالمية ترصد إفراطا في استخدام المضادات الحيوية بين مرضى "كوفيد-19"    حج 2024 : استئناف اليوم الجمعة عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    أهمية العمل وإتقانه في الإسلام    مدرب مولودية الجزائر باتريس يسلم    دروس من قصة نبي الله أيوب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تجدد إجماع المجتمع المستفيد على حماية إرث دستور 89
موازنات
نشر في الشروق اليومي يوم 22 - 04 - 2011


الرتق والفتق في ثوب نظام حكم أخرق
ربما يكون الرئيس قد أضاع فرصة أخرى لتعرية لتمييز الصدق من الكذب في دعوات التغيير والإصلاح، ومواجهة دعاة إسقاط النظام لتوريث السلطة، بمشروع إصلاحي حقيقي ينهي فيه تفكيك مؤسسات دستور 89 المترهلة، ويضع قطار البلد على سكة التغيير والإصلاح التي تبدأ بصياغة عقد اجتماعي جديد تكون كلمة الفصل فيه للمواطن حتى يطمئن المواطن لصدق مبدإ الشعب هو مصدر السلطة الأوحد.‬
*
في مقال سابق كتبته قبل الخطاب الأخير للرئيس، كنت قد دعوت صاحب القرار إلى الإسراع بتبني مسار إصلاحي واسع وعميق، ليس من باب الاستجابة لمطالب الشارع، ولكن من حيث أن ضمان أمن البلاد، وإعدادها لمواجهة التهديدات التي تحيط بنا، هو الذي ينبغي أن يملي عليه الإسراع بالدخول في إصلاحات جذرية لا تتوقف عند بعض الترميمات للدستورية، بل صياغة بديل حقيقي لمؤسسات الدولة الموروثة عن دستور 89، غير أن المحتوى الإصلاحي في خطاب رئيس الجمهورية جاء حقيقة دون ما كنت أتوقعه من رئيس ظل يدعو، منذ بداية العهدة الأولى، لتصفية تلك المؤسسات الرثة المعوقة والمعوقة بدستور 89‮.‬
*
قد يشفع للرئيس أمران: الأول الحاجة إلى صرف الكثير من الجهد لمواجهة تركة ثقيلة ورثتها البلد من عشرية الفتنة على جميع المستويات. والثاني: ظهور معارضة شرسة لمشروع الإصلاح الدستوري من داخل أركان السلطة، وكيانات المشهد السياسي داخل البرلمان وخارجه. وقد أضيف إلى العاملين تردد الرئيس في اقتناص فرصة كانت قد سنحت مع بداية العهدة الثانية، وكان بوسع الرئيس وقتها أن يستند إلى الدعم الشعبي الحقيقي الذي حسم رئاسيات 2004 لصالحه، ولأنه رفض حتى يومنا هذا نقل الصراع مع القوى المعارضة للإصلاح إلى الشارع والاحتكام إلى الرأي العام.‬
*

*
من إصلاح نظام الحكم إلى ترميم السلطة
*
رؤوس الأقلام لمدونة الإصلاحات السياسية التي أعلن عنها الرئيس في خطابه الأخير ليس لها صلة بما ظل يدعو إليه من واجب الانتقال بنظام الحكم، من نظام شبه رئاسي، تتداخل فيه الصلاحيات، وتمتنع فيه سبل المساءلة، إلى نظام رئاسي يكون فيه رئيس الدولة، بوصفه رئيسا للجهاز التنفيذي مسئولا أمام البرلمان، ويكون البرلمان، بوصفه الجهة التشريعية مسئولا أمام الشعب. ما استمعنا إليه هو مسودة إصلاحات تكون قد ارتضتها القوى المعارضة للإصلاحات من داخل النظام، أملا في إمكانية تسويق ترقيع دستوري لنظام، يعلم الجميع أنه كان حاضنة للفساد السياسي والمالي، وسوف يعيد إنتاج الفساد والمفسدين كيفما كانت مساحيق العطار، التي تريد إخفاء العلامات الإكلينيكية لمرض الشيخوخة المبكرة للنظام.‬
*
ولعل المشاهد يكون قد توقف عند شكل الخطاب، والصورة التي ظهر بها الرئيس وكأنه يلقي خطابا بالنيابة، بمحتوى لا يؤمن به، وقد أوحى لمن يجيد الاستماع إلى أنه ليس له أي استعداد للدفاع أو الاستماتة في تسويق الإصلاحات المعلنة، وقد زاد في تأكيد الانطباع بأن رئيس الجمهورية، وهو ينهي النصف الأول من عهدة ثالثة هي الأخيرة، لن يقبل بلعب دور الأب الروحي لتعديلات دستورية ترقيعية، تبعث الروح في نظام حكم انتقده الرئيس جهارا، وظل طوال عهدتين ونصف عهدة لا يعترف بمؤسسته البرلمانية، التي اجتهد في إضعافها كما اجتهد في إضعاف مكونات المشهد السياسي في التحالف الرئاسي كما في المعارضة.‬
*

*
المفيد من تحفظ المجتمع المستفيد
*
ردود الأفعال التي تباينت بين تأييد محتشم من قبل أحزاب التحالف، وخيبة أمل عند أحزاب المعارضة، ولامبالاة في الشارع، تشي جميعها بغياب صورة واضحة عند السلطة كما عند المعارضة والرأي العام عن طبيعة الإصلاح السياسي الذي تحتاج إليه البلاد، وتعلق أجزاء واسعة من أركان النظام وأفرقاء المشهد السياسي بدستور 89، الذي أراح الجميع وأعفاهم من وزر إعمال العقل في تدبر موازين الربح والخسارة المتصلة بأي بتغيير جذري لنظام الحكم، سواء نحو نظام برلماني صريح، أو نظام رئاسي بين.
*
لقد أثبتت التجربة أن النظام الحالي شبه الرئاسي له ميزة خاصة، لا تتوفر في النظامين البرلماني والرئاسي. فهو يسمح للرئيس بالتفرد بالحكم والاستبداد بالسلطة الإجرائية، مع إعفائه من أية مساءلة برلمانية يحمل وزرها رئيس الوزراء أو الوزير الأول، ويعفي البرلمان أمام الناخبين والرأي العام من وزر التشديد في الرقابة على سياسات الحكومة، بحجة أنه ليس له لا ناقة ولا جمل في تشكيل الحكومة، فيما يسمح لشبكات المصالح من داخل السلطة، وامتداداتها داخل المجتمع المستفيد، العبث بمؤسسات الحكم على المستوى المركزي والمحلي بوسائل الضغط والإكراه، وشراء الذمم، وتعميم الفساد.‬
*

*
فاقد الشيء لا يعطيه
*
ربما يكون القارئ قد تابع ردود الأفعال، واستوقفه قلة الحماس عند التشكيلات السياسية للتغيير عبر تعديل الدستور، داعين الرئيس بدلا عن ذلك إلى التوجه نحو حل البرلمان الحالي وترحيل الحكومة، وكأن اتخاذ قرار حل البرلمان، والدعوة إلى انتخابات برلمانية حرة ونزيهة، سوف يغير من طبيعة النظام، ويقضي على مواطن الفساد فيه، وكأن الجماعة إنما تريد من الرئيس أن ينجز بالنيابة عنها انقلابا على السلطة، ما دامت فرصة الاستعانة بالجيش لإسقاط السلطة كما حدث في تونس ومصر ممتنعة حتى الساعة، ثم يترك للجماعة فرصة التمتع بمزايا دستور 89 الذي يقع عليه إجماع بين القوى السياسية المشاركة في السلطة كما في المعارضة.‬
*
إجماع هذه القوى على أن العيب إنما يكمن في الأحصنة التي تقود العربة، وليس في العربة التي تقطر البلاد، وأنه يكفي ترحيل قبائل الآفلان والتجمع وحمس، وتمشيط محيط الرئيس من عشيرة المفسدين كافٍ لتصحيح أوضاع البلاد، هو إجماع فاسد يشي بأحد الأمرين: إما أن القوى السياسية التي نشأت عن دستور 89، ومخلفات تعليق المسار الانتخابي، لا تملك أي مشروع حكم بديل، وهي في أحسن الأحوال حاملة لمشروع سلطوي بديل، يطمح في التداول على السلطة ليس إلاّ، أو أنها مستبطنة لخوف مرضي من إصلاح عميق لنظام الحكم، تعلم أنها لا تمتلك له مقومات التعامل مع استحقاقاته الجديدة والكثيرة، التي قد تحيل معظم شخوص المشهد السياسي إلى التقاعد.‬
*

*
نقل الاستبداد من الرياس إلى البرلمانات
*
أكثر الأوساط جرأة على التغيير بدأت تدعو، على استحياء، إذا كان لابد من تعديل الدستور، أن يقع الاختيار على نظام برلماني بدل المجازفة بنظام رئاسي، يخشى منه أن ينتهي بإغلاق معظم الدكاكين الحزبية الصغير منها والكبير، وهو توجه سائد اليوم عند معظم النخب السياسية العربية، بما في ذلك تلك التي تستعد في تونس ومصر لوراثة السلطة الفاسدة، بحجة أن مصائب النظم العربية إنما جاءت من استبداد الرؤساء بالسلطة، واستضعاف البرلمانات.‬
*
أربعة أشهر من الثوران والتهييج لم تسمح بفتح نقاش هادئ، يقيم مزايا ومساوئ نظم الحكم الثلاثة السائدة في معظم الديمقراطيات، وهي النظم الرئاسية والبرلمانية وشبه البرلمانية. فحتى يومنا هذا حصل إجماع عربي على النظم شبه البرلمانية المستنسخة من مسودة دستور الجمهورية الخامسة الفرنسية، التي اختارها ديغول للفرنسيين لإنقاذ فرنسا من تهافت الحكم، وهشاشته في ظل الجمهورية الرابعة البرلمانية، التي أدخلتها الثورة الجزائرية في سلسلة من المآزق والأزمات.
*

*
التركة الديغولية لشعوب المستعمرات
*
لقد شكل نظام الحكم شبه الرئاسي الفرنسي أنموذجا لمعظم أنظمة الحكم في دول العالم الثالث، ومنها الدول العربية المحكومة بجمهوريات وملكيات على السواء، وهو الخيار الذي رفضته معظم الديمقراطيات الغربية، ويكاد يكون استثناءً فرنسيا، حيث أن معظم الديمقراطيات الغربية هي إمّا رئاسية محضة، كما هو الحال في الولايات المتحدة والديمقراطيات الناشئة في أمريكا الجنوبية، أو برلمانية في معظم الدول الأوروبية الجمهورية والملكية الدستورية.‬
*
الدعوة إلى استبدال النظام شبه البرلماني بنظام برلماني، في دول حديثة العهد بالممارسات الديمقراطية، وبمكونات اجتماعية ضعيفة، فضلا عن ضعف انصهار وتفكك البنيات الاجتماعية التقليدية، القبلية والعرقية والطائفية والمذهبية لصالح المواطنة، هي دعوة خرقاء آثمة، سوف تكلف المجتمعات العربية الكثير من خيبة الأمل، والكثير من الأزمات الحكومية المركبة، أكثر مما عرفته الجمهورية الفرنسية الرابعة وإيطاليا، ودولة الكيان الصهيوني، وسوف نشهد معها واحدة من الحالتين الملازمتين للنظم البرلمانية: استبداد حزب أو تكتل حزبي بالحكم يفوق استبداد الرؤساء في النظم شبه البرلمانية، أو تعطيل متواصل للحكم، حين تتوزع أصوات الناخبين على عشرات الأحزاب الصغيرة، الفئوية أو الممثلة للأقليات والإثنيات، خاصة في حال اعتماد نظام الاقتراع بالقائمة النسبية.
*

*
تعطيل الاجتهاد لبناء الحكم البديل
*
حتى الآن، وأنا أتابع النقاش المتواصل في مصر وتونس، أو ما صدر ويصدر عن القوى السياسية المطالبة بالتغيير في بلدنا، لم أقف على مشروع حكم بديل واحد، يكون قد قرأ بجدية مزايا ومساوئ نظم الحكم الثلاثة، وقدر بدقة حاجة دولنا النامية إلى هذا النظام أو ذاك، أو فكر في نوع التطويرات التي يمكن أن ندخلها على نظام الحكم المختار حتى يتكفل بخصوصيات مجتمعاتنا وثقافتنا، وحاجتنا إلى دولة مركزية قوية، مع ابتكار صيغ جديدة للحكم المحلي، والحاجة إلى توزيع السلطة دون إضعافها، وتعضيد مؤسسات الرقابة دون أن تتحول إلى محاكم تفتيش، وإلى قوة تعطيل لإدارة الشأن العام.‬
*
في مقالات سابقة لاندلاع موجة الثورات العربية، كنت قد تعرضت لبعض هذه المواضيع في سياق الحديث عن بناء الدولة المدنية الحديثة، وقد ارتأيت العودة إليها بكثير من التفصيل في مقالات قادمة، خاصة وأن الكثير من القراء قد ألحّ عليّ في السؤال عن البدائل الممكنة، بدل إنفاق مزيد من الجهد في توصيف الحالة العربية المتردية، والتي يحيط بها اليوم الخاص والعام كما قال أحد القراء.‬
*

*
الأجوبة الصحيحة على قدر السؤال الجيد
*
وبودي قبل ذلك أن أطرح نيابة عن القارئ جملة من الأسئلة التي نشأت عنده على ضوء هذا الحراك العربي، وأسئلة أخرى ربما لا تكون قد خطرت على باله في سياق التواطؤ الذي يطبع أدبيات النخب السياسية في الحكم كما في المعارضة، عندنا كما عند أعرق المجتمعات الديمقراطية، على خداع المواطن الناخب، بمفردات جوفاء فارغة، مثل: التداول الديمقراطي على السلطة، وفصل السلطات، واحترام إرادة الناخب بوصفه مصدر السلطة، وحياد الإدارة، وامتثال المؤسسة العسكرية والأمنية للشرعية الدستورية، فضلا عن تخاريف وأساطير استقلال القضاء والمساواة أمام العدالة، واحترام حقوق الإنسان. وقد رأينا كيف تتلاعب النخب الحاكمة في أعرق الديمقراطيات بالمبادئ الحاكمة في الديمقراطية، فتحرّم الحلال منها وتحلّل المحرم، وتنسخ ما تشاء حين تشاء، ولا تستحي من الجمع بين المتناقضات الصارخة والدجل على العوام.
*
وحيث أننا مقبلون على نقاش واسع لمحتويات الإصلاح الدستوري، قد يسجن داخل أروقة البرلمان، وبين النخبة المصطفاة من النخبة، فلا بأس أن نواجههم كمواطنين بالبدائل المتوفرة حتى لا تسوق لنا مجددا ترقيعات خرقاء لعقد اجتماعي لم نشارك من قبل في صياغته، فكان مصدرا للفتنة، وحاضنا لأزماتنا السياسية في العقدين الماضيين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.