بتحريف مضمون قرار مجلس الأمن 2797..الاحتلال المغربي يحاول تضليل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة    حماس تعتبر تصريحات كاتس "خرق كبير" لاتفاق وقف إطلاق النار..قصف جوي ومدفعي على أنحاء متفرقة من قطاع غزة    اليمن: الاتفاق على تبادل نحو 3 آلاف أسير بينهم سعوديون وسودانيون    الرابطة الأولى موبيليس : الكشف عن برنامج الجولة ال14    تغلب ضيفه مستقبل الرويسات بثنائية نظيفة..اتحاد العاصمة يرتقي إلى الوصافة    تعديلات تنظيمية في كلاسيكو وفاق سطيف وشباب بلوزداد    باتنة.. تكوين 1200 مسعف متطوع منذ مطلع 2025    بن دودة تفتتح المهرجان الوطني للمسرح المحترف وتؤكد:"المسرح رسالة ومسؤولية وطنية قبل أن يكون فرجة ممتعة"    ينظم اليوم بقصر الثقافة..حفل جائزة أشبال الثقافة    الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار تسجل أكثر من 19 ألف مشروع منذ نوفمبر 2022 بقيمة 8242 مليار دج    تنصيب آمنة لقرين رئيسة لأول برلمان للطفل الجزائري (2025-2027)    وزارة العدل تنظم لقاء تكوينيا لتعزيز التعاون القضائي الجزائي الدولي    وزارة التضامن تطلق منصة إلكترونية لتعزيز مرافقة المسنين وتحسين جودة حياتهم    افتتاح المخيم الشتوي "فنون الشباب" بولاية بشار بمشاركة مائة شاب من مختلف الولايات    المجلس الأعلى للشباب يطلق بوابة رقمية لتحسين تنظيم التظاهرات الوطنية    وزارة التجارة الخارجية تدعو قدامى المستوردين لاسترجاع سجلاتهم على منصة "سجل كوم"    انهيار جزء من مئذنة مسجد سيدي محمد الشريف بالقصبة دون تسجيل خسائر بشرية    دعوات لتعزيز المنظومة الوطنية للجودة    المحكمة الدستورية تنظّم ندوة تاريخية    نهاية قصة مبولحي الترجي    لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للشفافية ومكافحة الفساد    سايحي يترأس جلسة عمل    مئات الصهاينة يستبيحون الأقصى    نهاية فيفري القادم.. آخر أجل لاستلام المشروع    نسوة يُحضّرن مبكّرا لشهر رمضان    حروب إسرائيل غير المنتهية    الجزائر المُوحّدة تواجه عبث الانفصال    سلطة الضبط تطلق منصّتها    صحيح البخاري بجامع الجزائر    فيلم الأمير عبد القادر أفضل ترويج للجزائر سينمائيًا    التقوى وحسن الخلق بينهما رباط وثيق    مناورة تقنية للحماية المدنية بمنارة جامع الجزائر    إطلاق برنامج التحضيرات الوطنية لشهر رمضان    مجمّع "أنتون" مهتم بالشراكات طويلة المدى مع الجزائر    بداري يهنّئ الطالبة البطلة نادية كاتبي    الاعتماد على الموارد الوطنية لصنع التجهيزات الجديدة    تسهيلات هامة للمواطنين المتخلّفين عن تسديد فواتيرهم    الجزائر فاعل محوري في ترقية الشراكات الإفريقية-الدولية    الرئيس تبون قدّم لي توجيهات سامية لترقية الأمازيغية بكل متغيراتها    تواصل الأجيال ركيزة أساسية في ترسيخ الذاكرة الوطنية    الجزائر ماضية في ترسيخ المرجعية الدينية الوطنية    اتفاقيات لتصنيع أدوية لفائدة شركات إفريقية قريبا    التكفل بمخلفات المستحقات المالية للصيادلة الخواص المتعاقدين    الجزائر مستعدة لتصدير منتجاتها الصيدلانية لكازاخستان    حملة تحسيسية من حوادث المرور    بلايلي يتمنى تتويج الجزائر بكأس إفريقيا 2025    الرائد في مهمة التدارك    المشروبات الطاقوية خطر وتقنين تداولها في السوق ضرورة    فوز مثير لبلوزداد    مهرجان المسرح المحترف ينطلق اليوم    صحيح البخاري بمساجد الجزائر    صناعة صيدلانية: تسهيلات جديدة للمتعاملين    عهدة الجزائر بمجلس الأمن.. أداء ومكاسب ترفع الرأس    سيغولان روايال على رأس جمعية فرنسا – الجزائر    المهرجان الدولي للمنودرام النسائي في طبعته الرابعة    غرة رجب 1447ه هذا الأحد والشروع في قراءة صحيح البخاري بالمساجد ابتداءً من الاثنين    "عش رجبا تر عجبا".. فضل رجب وأهميته في الإسلام    انطلاق المرحلة الثانية للأيام الوطنية للتلقيح ضد شلل الأطفال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل سيصبح العرب أقلية داخل الإسلام؟
نشر في الشروق اليومي يوم 04 - 01 - 2012

في هذا المقال سأطرح مجموعة من الأفكار مافتئت تراودني منذ أحداث سبتمبر 2001، وهي إشكاليات تمس في العمق: علاقة الدين بالسياسة، علاقة الدين بالتاريخ، علاقة الدين بالثقافة، علاقة الدين باللغة، وما قد يترتب عن هذه العلاقات من مخيالات جديدة ورؤى متقاطعة، كل ذلك في ارتباط بما يجري الآن من صراعات‮ وحروب عقائدية‮ ومالية‮ وسياسية عالمية‮ وإقليمية، حيث الإسلام مكون أساسي فيها، إذا لم أقل بأنه محركها الأول.‬
بدءا، أعتقد أن الإسلام العربي في انكماش وتقلص، وأعني بالإسلام العربي هو الإسلام الذي يمارسه العرب بوصفهم مجموعة تاريخية وثقافية ولغوية وجغرافية محددة، بل أكاد أزعم أن هذا الإسلام يزحف نحو خانة دين الأقلية مقارنة مع المجموعات الإسلامية العالمية الأخرى. وتلك حقيقة تاريخية نعيشها اليوم علينا التفكير فيها ومناقشتها. إن من يلاحظ ويقرأ توسع الظاهرة الدينية الإسلامية بشكل كبير في كل من أفغانستان وباكستان والصين والكشمير وأوروبا وأمريكا وإفريقيا السوداء وما يرافق ذلك من عنف تارة وحروب تارة أخرى و»لا تفاهم« ثالثة، يدرك جيدا أن الإسلام يخرج شيئا فشيئا من لغته الأصلية التي نزل بها وفيها القرآن بوصفه المرجعية الأولى، وها هو يستوطن بطريق سياسية وبحروب لغات وثقافات وعادات وحضارات شعوب أخرى، لا تملك أية علاقة تاريخية باللغة العربية، إلا علاقة النوسطالجيا. فمجمل القوى والقوميات التي تطرح الآن الإسلام كخطاب جديد، في شكله السياسي‮ والإيديولوجي‮ والحربي هي قوميات أخرى غير القومية العربية التي نزل الإسلام بلغتها‮ وانطلق من ديارها منذ أزيد من أربعة عشر قرنا.‬
أمام ما نراه اليوم وما يعيشه الإسلام في دول كثيرة لا يعرف أبناؤها اللغة العربية ولا تملك أية علاقة مع الحضارة العربية، أمام هذا الواقع كيف يمكننا أن نتصور ولادة إسلام يمارس سياسيا وعقائديا بلغات أخرى ودون ذاكرة عربية. لا أريد أن أذكر هنا بما يعتقد به المسلمون وهو أن الإسلام دين جاء للبشرية جمعاء، ولا أريد أيضا أن أذكر بأنه جاء بلسان عربي فصيح، ولا أريد أيضا أن أعيد قول ما هو معروف وملموس ومحزن وهو هذا التدهور الذي يعرفه حال اللغة العربية في موطنها الأول وبين أهلها، فالذي يذهب اليوم إلى بلدان الخليج سيشعر بمشكلة ديموغرافية سياسية وثقافية كبيرة، إذ أصبح المواطنون الأصليون يمثلون الأقلية على تراب بلدهم أمام القوميات الأخرى التي زحفت إلى هذه البلدان مدفوعة بحركية الاقتصاد والمال والأعمال وفرص العمل، وفي هذا الوضع الجديد والمقلق تعرف اللغة العربية تراجعا كبيرا أمام ‮»‬الإنجليزية الخليجية‮«‬ التي أصبحت لغة هذا الشعب ذي التشكل الديمغراسياسي الجديد، كل ذلك أيضا متماهٍ مع تنامي‮ ودعم‮ اللهجات المحلية كجزء من ‮»‬هويات وطنية مغتالة‮«‬ أو مهددة في وجودها.‬
وحال الإسلام منذ مطلع هذه الألفية الجديدة وهو يستوطن أو يعيد تموقعه في بلدانا تعيشها قوميات أخرى، لا تتوفر على معرفة باللغة التي نزل بها القرآن وهي العربية المعرضة للانقراض في بلدانها ما بالك في هذه البلدان الجديدة، وانطلاقا من واقع حال العربية اليوم: لغة ضعيفة وغير مثقفة والمضامين العلمية المعاصرة الذي تحملها ضعيفة جدا وطرق تدريسها تقليدية بالية وهي إضافة إلى ذلك لها أعداء كثر ينصبون لها في الشمال والجنوب، هذا الأمر يجعلنا نتوقع بأن هذه الشعوب والقوميات المختلفة القوية عددا واقتصادا والتي تهيمن الآن على الإسلام السياسي والإيديولوجي والمقاومي والحربي سيجيء اليوم الذي تتخلى فيه عن التعامل بالقرآن الكريم في نصه العربي الأصيل لصالح قرآن مترجم إلى لغاتها القومية، وهو ما يجعلنا نعتقد أيضا بأن القرآن وهو النص الأساس والمقدس في الدين الإسلامي والذي يوجد الآن مترجما إلى مئات اللغات سيصبح ذات يوم يقرأ في المساجد بلغات هذه الشعوب المعتزة والمتطرفة في أصولياتها القومية واللغوية وفي عاداتها القبلية، وستقام الصلوات لاحقا بهذه اللغات المحلية، وبالتالي سيصبح القرآن الكريم بلغته الأصلية وبلسانه الذي أنزل به وفيه يعيش حالة من الأقلية.‬
إن الهوة الكبيرة بين تخلف العرب من جهة ورواج الإسلام الذي نزل فيهم وبلغتهم من جهة أخرى هو الذي يجعلنا نعتقد بأن الدين باللغة العربية، وعلى مدى هذا القرن، سيصبح دين أقلية عربية أمام إسلام ومسلمي الصين والهند وأفغانستان وباكستان وتركيا وإيران وأوروبا وإفريقيا السوداء‮ وغيرها.‬
ولأن الدين معاملات فإنه دون شك سيتغلغل داخل الحياة اليومية لهذه القوميات البعيدة التي أصبحت ترافع بقوة عن الإسلام وبأشكال ممارساتية مختلفة وبلغاتها الخاصة وضمن تقاليدها الثقافية والقبلية التي تختلف كلية عن الثقافة العربية، إننا نلاحظ بأنه لا توجد من العربية في الطقوس الدينية لهذه الشعوب والقوميات سوى »بعض جمل وعبارات وبسملات وبعض الأدعية التقليدية البسيطة«. أمام هذا الوضع الجديد والذي يتكرس أكثر فأكثر، يؤسس الإسلام غير العربي فضاءات تفكير جديدة وبقدر ما يبتعد عن اللغة العربية غير القادرة على ملاحقة هذا الوضع، لأنها متخلفة في باب الترجمة وبالتالي سيخلق مخيالات جديدة للإسلام وللمسلمين من غير العرب، أمام هذا فإننا نعتقد بأن العشرين سنة القادمة ستشهد وضعا دينيا جديدا وممارسات ثقافية وروحية جديدة باسم الدين وهو ما يجعلنا نعتقد أيضا بأننا دخلنا مرحلة جديدة من مراحل علاقة الدين بالتاريخ، علاقة مفتوحة على كل الاحتمالات‮ والقراءات،‮ وهو ما يشغل المفكرين‮ والاستراتيجيين‮ والمؤرخين.
aminzaoui@yahoo.‬fr


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.