استمع إلى انشغالات الصحافيين وهنأهم بالمناسبة: رئيس الجمهورية يشرف على احتفائية اليوم العالمي لحرية الصحافة    الفاف تبنت مبادرة الصلح: رفع قرار حظر تنقل السنافر وأنصار مولودية الجزائر    موعد غينيا اتضح في انتظار مواجهة أوغندا: الكاف ضبطت رزنامة مواعيد شهر جوان    تعيين برباري رئيسا للوفد الجزائري في أولمبياد باريس    سطيف: وفاة امرأة وإصابة زوجها في اصطدام سيارة بقطار في العلمة    قسنطينة : وفاة طفل غرقا في بركة مائية ببني حميدان    الوادي: ضبط 3 مشتبه بهم في جريمة قتل شخص    تفاعل واسع مع رحيل جوهرة الساورة حسنة البشارية: عميدة موسيقى الديوان توارى الثرى    جيجل: إحياء الذكرى 42 لوفاة محمد الصديق بن يحيى    عزيز موات ينقل حقائق تاريخية عن هجمات الشمال القسنطيني    الشريعة الإسلامية كانت سباقة أتاحت حرية التعبير    صالون دولي للسيارات والابتكار من 23 إلى 26 ماي بقسنطينة    لعقاب يقف وقفة ترحم على أرواح شهداء المهنة    في خطابه له أمام نقابيي الاتحاد العام للعمال وأحدث صدا،الرئيس تبون : نجدد تمسك الجزائر بالطابع الاجتماعي للدولة ولن نتخلى عنه    شهادة التعليم المتوسط و"البكالوريا": والي سكيكدة تنصب اللجنة الولائية المكلفة بالتحضير    القضاء على إرهابي و قبض عنصري دعم    اتّفاقية لتسويق الحليب بأحياء عدل    حراك الجامعات المؤيّد لفلسطين يتوسّع..    تغيّر في الأفق بمتحف المياه في توجة    بيت الحكمة.. كنز من كنوز الحضارة الإسلامية    قوجيل: الجزائر تدرك تماما أهمية التنوع الثقافي    تمثيلية جبهة البوليساريو بإيطاليا تنظم يوما تكوينيا لمرافقي الأطفال الصحراويين خلال الصيف    السيد العرباوي يحل ببانجول للمشاركة في أشغال قمة منظمة التعاون الإسلامي    معرض للمنتجات الجزائرية بنواكشوط    حماية الطفولة: السيدة مريم شرفي تستقبل من قبل وزير المصالح الاجتماعية بكيبك    المجلس الوطني للصحفيين الجزائريين يثمن الإنجازات المحققة في مجال الإعلام    بن طالب ينافس أوباميانغ على جائزة أفضل لاعب أفريقي في فرنسا    الحماية المدنية: تمرين محاكاة لزلازل بالبويرة بمشاركة 4000 عون    خلال نهاية السنة الجارية : تسطير برامج فعالة لإعادة التنمية للمناطق المحرومة في عنابة    حجز أزيد من 6 كلغ من المخدرات بعنابة    بطولة إفريقيا المفتوحة أنغولا-2024 للسباحة: الجزائر تفتك خمس ميداليات جديدة منها ذهبية واحدة    آدم وناس يرد على قرار نادي ليل الصادم    رالي اكتشاف الجزائر- 2024 : مشاركة 35 سائقا أجنبيا وعدد معتبر من الجزائريين    أم البواقي : تنظيم ملتقى وطني جامعة العربي بن مهيدي    استقبال الجرحى في الجزائر: سفير دولة فلسطين يثمن موقف دولة الجزائر المساند للفلسطينيين    الولايات المتحدة: الاحتجاجات الطلابية تمس أكثر من 120 جامعة أمريكية و ما يفوق 2000 معتقل    دراجات/ طواف البنين الدولي: الجزائري ياسين حمزة يفوز بالمرحلة الرابعة    النفط يتأرجح بين توقعات أوبك+ ومخاوف بشأن بالاقتصاد الأميركي    الاتحاد الأوروبي سيمول 7 مشاريع للطاقة عبر "بنك الهيدروجين"    الايطالي جيانلوكا كوستانتيني.. فلسطين في التظاهرات الطلّابية    الاهتمام بالتكوين ضروري لتحسين أداء الأفواج الكشفية    مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي : الجائزة الكبرى "الغزالة الذهبية" من نصيب الفيلم الاسباني "ماتريا"    دعا لها مشاركون بندوة علمية بسطيف.. ضرورة بناء وتكوين قدرات فعالة في إدارة المخاطر محافظة على الموروث الثقافي    مراسلون بلا حدود: إسرائيل قتلت أكثر من 100 صحافي فلسطيني    مشاركة قرابة 20 ولاية في المعرض الوطني للفنون والثقافات الشعبية    عطاف يواصل المشاركة في الندوة الوزارية إفريقيا-دول شمال أوروبا بكوبنهاغن    البرلمان العربي: الصحافة العربية لها دور ريادي في كشف جرائم الاحتلال الصهيوني في فلسطين    شهداء ومصابون في قصف للاحتلال الصهيوني استهدف منزلا برفح    "الحق من ربك فلا تكن من الممترين"    «إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن…»    إذا بلغت الآجال منتهاها فإما إلى جنة وإما إلى نار    التوقيع على برنامج عمل مشترك لسنة 2024-2025 بين وزارة الصحة والمنظمة العالمية للصحة    استئناف حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة يوم الأربعاء بالنسبة لمطار الجزائر    القابض على دينه وقت الفتن كالقابض على الجمر    انبهار بجمال قسنطينة ورغبة في تطوير المبادلات    استئناف حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة اليوم الأربعاء بالنسبة لمطار الجزائر    سايحي يكشف عن بلوغ مجال رقمنة القطاع الصحي نسبة 90 بالمائة    الجزائر تتحول إلى مصدّر للأنسولين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دور الهندسة الاجتماعية في تنظيم المجتمع-الجزء الثاني
إحسان محمد الحسن/ افتخار زكي عليوي

هناك عدة فوارق أساسية بين الهندسة الاجتماعية وعلم الاجتماع التطبيقي لعل أهمها ما يلي:
- إن الهندسة الاجتماعية تهدف إلى تخطيط المجتمع وتنميته وإزالة مشكلاته عن طريق البيانات والحقائق الاجتماعية المتوفرة عندها عن المجتمع ومعطياته وإشكالاته، في حين إن علم الاجتماع التطبيقي يستخدم النظرية الاجتماعية أو المعرفة العلمية في حل المشكلات والتناقضات التي يعاني منها المجتمع.
- تستعين الهندسة الاجتماعية بالقيم والإيديولوجيات في الحفاظ على بنية المجتمع أو تنميتها، في حين يستعين علم الاجتماع التطبيقي بالمبادئ النظرية ويحاول تطبيقها على الواقع لتحقيق نتائج إيجابية ومرضية.
- عناصر الهندسة الاجتماعية هي البحث الاجتماعي التطبيقي والتخطيط الاجتماعي والتنمية الاجتماعية والإيديولوجيات والسياسة الاجتماعية والأهداف الغائية، في حين إن عناصر علم الاجتماع التطبيقي هي النظرية المستخدمة في التطبيق والسبل والأهداف المخططة.
- الهندسة الاجتماعية هي أوسع مجالا من علم الاجتماع التطبيقي لأنها تحاول إعادة تنظيم المجتمع برمته عن طريق البرامج والأهداف والإيديولوجيات، في حين إن علم الاجتماع التطبيقي ينحصر عمله في تطبيق النظرية الاجتماعية على كل مشكلة قائمة أو تنمية مجال من مجالات المجتمع المحلي أو المجتمع الكبير.
- تهتم الهندسة الاجتماعية بدراسة وفهم المؤسسات البنيوية الوظيفية والتنسيق بينها وتنمية ما تنطوي عليها من تفاعلات واتصالات وممارسات ونظامي منزلة وسلطة، في حي يهتم علم الاجتماع التطبيقي في الأعم الأغلب بمجابهة المشكلات الإنسانية التي يعاني منها الفرد والمجتمع على حد سواء.
أما العلاقة بين الهندسة الاجتماعية وعلم الاجتماع التطبيقي فهي علاقة قوية ومتفاعلة، إذ إن كلم علم يعطي ويأخذ من العلم الآخر، لذا لا يمكن الفصل بين العملين مطلقا، إن الهندسة الاجتماعية تستعين بتقنيات علم الاجتماع التطبيقي الخاصة بربط الوسائل بالأهداف والبرامج بالسياسات الاجتماعية، في حين إن علم الاجتماع التطبيقي يعتمد على الهندسة الاجتماعية في وضع السبل وتحديد الأهداف المتأتية من قيم وفلسفة وإيديولوجية المجتمع، وربما يعتمد أيضاً على الحقائق والمعلومات عند الهندسة الاجتماعية التي يهتدي بها علم الاجتماع التطبيقي في الوصول إلى الغايات والأهداف المحددة، لذا فالصلة بين العلمين أو الاختصاصين قوية، من هذا وجب على أساتذتهما ورجالهما مد الجسور والتعاون فيما بينهم لتحقيق أهداف الاختصاصين اللذين في مقدمتهما النضوج والتكامل والقدرة على تفسير الظواهر والعمليات والتفاعلات المحددة للدراسة والبحث.
عناصر الهندسة الاجتماعية
إن هندسة المجتمع ترتكز على ستة عناصر أساسية ينبغي أن يعتمدها المهندس الاجتماعي عند تنظيمه وهندسته للمجتمع، وهذه العناصر هي، البحث الاجتماعي النظري أو الميداني، الخطة الاجتماعية لمواجهة المشكلة القائمة، الأهداف الغائية، السبل المعتمدة لبلوغ الأهداف، التشريع القانوني والتنفيذ والمتابعة والتقويم، الأفكار والقيم والإيديولوجيات التي يتبناها النظام الاجتماعي.
إن البحث الاجتماعي التطبيقي سواء كان نظريا أو ميدانياً هو الذي يحدد المشكلة قيد الدراسة والفحص ويلقي الأضواء الساطعة على أسبابها ونتائجها وعلاقتها بالمشكلات الأخرى وبظروف المجتمع وأجوائه وبيئته المادية والحضارية، وكيفية معالجة المشكلة والتصدي لآثارها المضرة والمخربة. لو أراد المهندس الاجتماعي مثلا مواجهة مشكلة جنوح الأحداث أو تنمية العلاقات الصناعية بين العمال والإدارة في عدد من المؤسسات الإنتاجية أو تحسين المواقف التي يحملها المواطنون إزاء المهن الجديدة التي دخلت إلى المجتمع مؤخراً بعد تنميته وتحديثه فإن عليه أولا إجراء البحوث والدراسات التطبيقية حول هذه الموضوعات بغية جمع الحقائق والمعلومات عنها لكي يستفيد منها في وضع الخطة المطلوب تنفيذها، الخطة التي تسهم في تنمية المجتمع وتطويره في احد المجالات التي يهتم بها المسؤولون، عند قيام المهندس الاجتماعي مثلا بدراسة مشكلة جنوح الأحداث فإن عليه معرفة أسبابها الموضوعية والذاتية ونتائجها القريبة والبعيدة وعلاقتها بالتحولات المادية والمعنوية التي يشهدها المجتمع وكيفية معالجتها والتصدي لمعوقاتها وشرورها، كما يتطلب منه في مرحلة إعداد الدراسة إلقاء الأضواء على حجم المشكلة من خلال البيانات الكمية التي يجمعها عنها ودرجة خطورتها على وحدة العائلة وسلامة الجيل الجديد، ومثل هذه المعلومات والحقائق والتفصيلات والقيم والمبادئ السائدة في المجتمع تمكن المهندس الاجتماعي من وضع الخطة بعد حصولها على موافقة وقبول السياسي والإداري المسؤول والرأي العام المحلي والوطني، لكن الخطة توضح صيغ العمل التي من شأنها أن تقضي على المشكلة وتضع حدا لسلبياتها ومعوقاتها، ذلك أن الخطة تحدد الأنشطة التي تعتمدها الأجهزة المسؤولة عن مواجهة المشكلة القائمة وتطويقها للصالح العام، وقد تتطرق الخطة إلى الأهداف والسبل المعتمدة لمواجهة المشكلة بعد معاناة الناس منها، إن أهداف الخطة قد تتناول تحرير الجانحين من أسباب الجنوح والانحراف والحفاظ على الجيل الجديد من الانزلاق في هاوية الانحراف والجريمة مع إنقاذ العائلة من الأخطار والتحديات الناجمة عن المشكلة، أما السبل المعتمدة في تحقيق الأهداف فهي تطوير أساليب التنشئة الاجتماعية عند العائلة وتحسين ظروفها الاقتصادية والاجتماعية وتحفيزها على حث أبنائها على التزود بالتربية الأساسية والتعليم العالي ومساعدتها في القضاء على مشكلاتها الذاتية والمجتمعية، أما تنفيذ الخطة ومتابعتها، فتُلقى على عاتق الأجهزة الإدارية المسؤولة عن التصدي لمشكلة جنوح الأحداث كالعوائل والمدارس والمجتمعات المحلية والجوامع والكنائس والمنظمات المهنية والشعبية وأجهزة العدالة الجنائية، غير أن التنفيذ لا يمكن أن يتم دون وجود التشريع القانوني الذي يضع القوانين التي من شأنها أن تعالج المشكلة وتطوقها عن طريق منح الصلاحيات للأجهزة المسؤولة عن اتخاذ الإجراءات التي تتصدى للمشكلة وتضع نهاية سريعة لها. وبعد تشريع القوانين يتولى الإداريون تنفيذها من خلال ترجمتها إلى واقع عمل محسوس، وبعد وضع الخطة وتنفيذها، يقوم المهندس الاجتماعي مع فريق الخبراء والمختصين الذين يعمل لديهم كالباحثين الاجتماعيين وعلماء الاجتماع التطبيقي والمخططين والمشرعين القانونيين والإداريين والساسة وبقية المسؤولين بتقيوم الخطة، أي التعرف على نقاط قوتها وضعفها ودرجة النجاح الذي أحرزته والمشكلات التي واجهتها عند التنفيذ ومدى تجاوب الخطة مع الحاجات القائمة والإمكانات المادية والبشرية المتاحة، مع دور الخطة المنفذة في تحقيق الغايات والأهداف المخططة وتنظيم المجتمع وتنميته وتحويله من طور إلى آخر، وأخيرا هناك الأفكار والمبادئ والإيديولوجيات التي يتبناها النظام الاجتماعي والتي تكون بمثابة الموجه لعملية التغير التي تعتمدها الهندسة الاجتماعية.
مهام الهندسة الاجتماعية في تنظيم المجتمع مع إشارة خاصة لهندسة العلاقات والسلوك الاجتماعي
تؤدي الهندسة الاجتماعية عدة وظائف ومهام تهدف إلى تنظيم المجتمع وتنسيق عمل مؤسساته ما تؤدي وظائفها بصورة فاعلة تمكن المجتمع من تحقيق غاياته الأساسية التي يسعى لتحقيقها. أما المهام الرئيسية التي تضطلع بها الهندسة الاجتماعية فيمكن تحديدها بالنقاط الآتية:
- العمل على تنمية المؤسسات الاجتماعية البنيوية وتطويرها من خلال تحليها إلى عناصرها الأولية للتأكد من صلاحية نظمها ومدى تكيفها مع الواقع الاجتماعي وحاجات وطموحات الإنسان الجديد.
- تشخيص القيم والممارسات الإيجابية والسلبية والعمل على تكريس القيم الاجتماعية ونشرها في المجتمع وتكييفها مع ظروف ومعطيات البيئة التي يعيش فيها الإنسان ويتفاعل معها، وفي الوقت نفسه محاربة القيم السلبية وتنبيه الأفراد إلى أخطارها ومعوقاتها وكيفية تفاديها.
- العمل على تقوية العلاقات الإنسانية بين الرئيس والمرؤوس في جميع المؤسسات والمنظمات الرسمية وغير الرسمية، وفي الوقت نفسه توطيد العلاقات الوظيفية بين أجهزة المجتمع من خلال التنسيق بين أعمالها ومهامها خدمة للأهداف القريبة والبعيدة.
- تحويل السلوك الاجتماعي عند الفرد والجماعة المؤسسية من سلوك انفعالي غريزي إلى سلوك عقلاني هادف، وعملية تحويل السلوك من نمط إلى نمط إنما تتطلب إعادة التنشئة الاجتماعية ونشر القيم الجديدة في المجتمع والقضاء على المشكلات الإنسانية التي تجابه الأفراد والجماعات.
- تغيير عملية التحول الاجتماعي من شكلها العفوي غير المخطط إلى شكلها الهادف والمخطط، إن ضبط اتجاهات التحول الاجتماعي إنما يعتمد على وضع خطط مدروسة لضمان التنمية الاجتماعية، وهذه الخطط لا يمكن وضعها موضع التنفيذ دون اعتماد الوسائل العملية المؤدية إلى تحقيق الأهداف.
- معرفة قوى وقوانين السكون والديناميكية الاجتماعية، فالسكون معناه جمود المجتمع وعدم قابليته على التغير والتطور، بينما الديناميكية الاجتماعية هي تحول المجتمع من شكل لآخر نتيجة تغير عرضي أو متعمد في إحدى مؤسسات المجتمع التحتية أو الفوقية، وهنا تستطيع الهندسة الاجتماعية تعجيل التحول المجتمعي إذا كان المجتمع جامدا وغير قادر على النمو والتطور.
- تحديد أهم المشكلات الاجتماعية التي يعاني منها المجتمع مع تشخيص أسبابها الموضوعية والذاتية، وتوضيح آثارها القريبة والبعيدة وكيفية معالجتها والتصدي لنتائجها الضارة، وإذا ما استطاعت الهندسة الاجتماعية قهر المشكلات الإنسانية التي تجابه الأفراد والجماعات فإن المجتمع لا بد له من إحراز درجات محسوسة من النهوض والتقدم الشامل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.