زرهوني الذي تراجع عن حلق اللحى وتعرية الآذان، تمسك بحق السلطة في أن تعرف سيرة مواطنيها من المهد إلى اللحد. فالبطاقة البيومترية سيرة ذاتية لكل واحد منا، متى ولدت وماذا رضعت ومن لاعبت صغيرا ومن صاحبت كبيرا، مع بقاء أسئلة اختيارية كاسم ابنة الجيران التي جعلت من الأطفال شياطين في سن مبكرة؟ أهم و''أغم'' طلب إلزامي للمرور إلى عالم البطاقة والجواز البيومتريين، يتمثل في إجبارية أي كائن جزائري على عصر ذاكرته لكي يأتي له بشاهد ''عذل'' وعدل، كان قد صاحبه في زمن سابق، وذلك لكي يقر له أمام الدولة وسلطاتها بأنه ''هو'' وليس أحدا آخر ينتحب وينتحل ''شخصيته''. ولأن الطلب غريب ومن لا يخضع له فهو ''مشبوه'' بالضرورة، فإن الحكومة البيومترية بقرارها قالت لنا، من حيث لا تدري، إنها تطعن في هوية جميع أشخاصها ما لم يثبتوا عبر نظرية ''اشهدلي ونشهدلك'' أنهم ليسوا ''منتعلي'' صفة نزلوا من ''المريخ'' واندسوا بين دواليب وطن قاطنوه يتعاركون على اللوبيا والعدس ليخرج من بينهم زرهوني مؤذنا ويقرر تنشيط ذاكرتهم بأن يسألهم أن يأتوا له بالأصحاب والرفاق ساجدين.. القضية من بدايتها لم تكن في كشف الأذنين ولا في حلق اللحى بعدما ظهر أنهما طبق شعبي تم الرمي به إلى الشارع من أجل تمرير، وسط جعجعة الحجاب، طحين جاهز عن حق السلطة في أن تعرف ''صاحبك'' و''صاحبة'' زوجتك. والمهم في العملية برمتها أن وزارة الداخلية بفتوى الصاحب ساحب، قد أكدت أن الحكومة لم تكن تعرف مواطنيها قبل أن تستعين بشهود يؤكدون أن هذا الوطن وطنها وأن هؤلاء المواطنين مواطنوها.