عادت ظاهرة الهجرة السرية في قوارب الموت بقوة هذه الأيام حيث لا يمر يوم إلا وتعلن فيه وزارة الدفاع الوطني عن إحباط محاولات إبحار مجموعة من الشباب لبلوغ الضفة الأخرى من المتوسط. ولم تستثن حمى "الحرڤة" لا السواحل الشرقية ولا الغربية بعد سلسلة عمليات شهدت توقيف عشرات القوارب في عرض البحر. وتحصي القوات البحرية توقيف ما معدله 300 مترشح للهجرة غير الشرعية كل شهر وهومؤشر على ارتفاع قياسي لمحاولات "الحرڤة" منذ بداية السنة. وترتبط ظاهرة الهجرة السرية مباشرة بالعامل المناخي. وينسحب هذا الارتباط على الإقبال على الظاهرة كتجارة كما ينسحب هذا العامل على أسعار الهجرة بغلائها شتاء وتدنّيها صيفا، وهي بعض الأمور التقنية التي باتت تقنن الظاهرة وتصنع قوانين بما يضبط الرحلات غير الشرعية شيئا فشيئا. منذ نهاية أفريل الفارط تفجرت أمواج المهاجرين السريين، ارتباطا بتحسن الأحوال الجوية وهدوء أمواج البحر الأبيض المتوسط، وهي معادلة بسيطة تصنع تدفق زوارق الهجرة في الصيف والشتاء وتثير اهتمام المتابعين للظاهرة لاسيما في الضفة الشمالية. ولا يخفى لا على عامة الناس أو المسؤولين أو المهاجرين السريين المفترضين أن فتح الأبواب أمام قوافل المهاجرين ترتبط بتحسن الأحوال الجوية. لذلك، فإن الفارق في الأعداد الخاصة بالزوارق أو المهاجرين السريين الذين يتم القبض عليهم أو يبلغ عن وصولهم إلى الضفة الشمالية، تختلف بشكل تام وبفارق واسع ما بين الصيف والشتاء. وبين الرحلتين فارق، أن الأولى يؤديها كل راغب في الهجرة ويسمح فيها بشكل هستيري لكل صاحب زورق صغير أو قطعة خشبية بمحرك الإبحار لقاء مبالغ مالية يصنعها العرض والطلب. أما الثانية فهي ترتبط بزوارق بحرية ذات اختصاص وبأسعار أكبر. ومن هذا المنطلق البسيط في قاموس الهجرة السرية، يمكن تفسير الطفرة المسجلة في أعداد المهاجرين منذ مطلع السنة الجارية، حيث فاقت أعداد الموقوفين قرابة ال1500 مهاجر سري. والمعروف أن الذين ينجحون في إتمام الرحلات أضعاف عدد الموقوفين من قبل حرس السواحل الجزائرية أو الأوروبية. وفي القاموس أيضا الأعياد الوطنية وأيام الاحتفالات التي يختارها الحراڤة "للفرار" في هدوء كما كانت التجربة مع الانتخابات التشريعية الأخيرة والأعياد الدينية.