- أنا فنان عالمي رغم شهرتي المحدودة في الجزائر يتحدث الفنان باجي البحري في هذا الحوار، عن رحلته مع أغنية “الشعبي” وولعه بأمواج البحر التي اعتلاها منذ أكثر من ثلاثين عاما ليصنع لنفسه، كما يقول، اسما لا يعترف بالشهرة والنجومية، وإنما بالكلمة الهادفة والنظيفة التي تلامس واقع المجتمع الجزائري بمختلف شرائحه. كما يتوقف ضيفنا عند أهم محطاته مع عمالقة أغنية “الشعبي”.. - حدثنا أولا عن ولعك بهذا اللون الغنائي الذي يسمى ب”الشعبي الخلوي” وسر تسميتك ب”الباجي البحري”؟ في الواقع اسمي الأصلي هو محمد مزرار، وأنا من مواليد “حي القصبة” بالعاصمة، واسم الباجي البحري الذي أعتز به كثيرا ويعرفني به جمهوري، منحني إياه أحد أصدقائي. ويكسبني هذا الاسم صفة البحر الذي اعتليت أمواجه منذ ما يقارب 33 عاما. أما عن اختياري ل”الشعبي الخلوي “؛ فهي حكاية عشق تعود إلى الصغر مرت بعدة مراحل كان أولها التحاقي بالكشافة الإسلامية عام 1966، أين قدمت الكثير من المدائح الدينية، إلى أن بدأت تظهر ملامح توجهي الحقيقي إلى “الشعبي الخلوي” رفقة آلة “السنيترة” التي آنست وحدتي في “البابور”، أي السفينة وفق التعبير الشعبي الجزائري، وشاركتني ولعي بهذا اللون.. ورحت أنتهج مسار العملاقين عمار الزاهي وبوجمعة العنقيس ومن قبلهم الشيخ محمد الباجي، إلى أن توصلت لصنع لون خاص بي بعيدا عن هؤلاء الشيوخ الكبار، فقدمت أول أغنية لي وسميتها “بوتوجة ماما”. - ولكنك تبدو غائبا عن المشهد الفني وشهرتك محدودة؟ ما تقولينه صحيح.. قد تكون شهرتي محدودة هنا في الجزائر.. ولكن لا تستغربي إن قلت لك إنني فنان عالمي.. نعم أنا كذلك. - كلام يحمل تناقضا عجيبا.. كيف ذلك؟ لم تكن الشهرة يوما هدفي ولم أسع خلف الأضواء لسبب بسيط جدا وهو أنني أغني لأني أجد متعة في ذلك، كما أني لا أتخذ الغناء مصدرا لرزقي فالفن لا يؤكل خبزا.. أما عن كوني فنانا عالميا؛ فأنا فأنا بدأت فعلا أتوجه نحو العالمية من خلال هذا اللون الذي تفردت فيه، ولا أعتقد أن هناك في الجزائر من يؤديه غيري.. غنيت في فرنسا وكندا وألمانيا وبولونيا وكوريا وفي العديد من البلدان.. وفي كل هذا لم أبحث أبدا عن صناعة اسم لي بقدر ما بحثت عن الكلمة الهادفة والنظيفة التي تلامس واقع الشباب الجزائري الذي أصبح يحفظ أغاني ويرددها.. ومن لا يعرف أغاني “ويتش ويتش ماما” و”مارينو” و”يا بابور يا تريبور” وأغان أخرى تتحدث عن البطالة والمحسوبية والوساطة والمخدرات والسجائر، بالإضافة إلى أخرى ذات طابع اجتماعي. ومن منكم لا يعرف العملاق اعمر الزاهي الذي لم يظهر يوما في وسائل الإعلام لأنه لا يحب الشهرة.. أعتقد أن لي جمهورا عريضا من الشباب والأطفال خاصة وحتى في السجون ودور العجزة. - طيب.. حدثنا عن الفنان اعمر الزاهي وعلاقتك به.. حديثي عن الشيخ اعمر الزاهي لا يمكن أن يختزل في كلمات.. وأنا ألقبه بالشيخ الكامل وأرى فيه الكمال الفني والشخصي.. هو صديق وأستاذ يملك من قوة الشخصية التواضع والموهبة الحقيقية ما يكفي حتى ألقبه ب”الكامل”. لم تستهوه الشهرة يوما.. ومع هذا يعد أشهر من نار على علم.. وإلى يومنا هذا لا يزال يخبرنا بأنه ما لم يؤت من الفن إلا قليلا.. فهل هناك تواضع أكثر من هذا. - كيف تختار كلمات أغانيك، وهل تحرص على أن تكون من شعراء معروفين؟ قد تكون من وحي إلهامي أو من كتاب كلمات ولا أحرص على أن يكونوا أسماء معروفة.. ما أبحث عنه هو الكلمة الهادفة والنظيفة كما أخبرتك؛ بصرف النظر عن كاتبها حتى إن كان شابا مبتدئا.. كما أنني أستعين بملاحظاتي زوجتي في هذا المقام رغم أنها لا تمت للفن بصلة، غير أنها تقدم لي نصائح دائما ما تكون في محلها كأن تحذف كلمات قد لا تليق بالعائلات الجزائرية، حيث يهمني أن يسمع أغنياتي كل أفراد العائلة دون خجل أو حياء.. وأبحث أيضا عن ما يناسب اهتمام الشباب الجزائري الذي لم يعد يريد أن يسمع “الحراز” و”يوم الجمعة”.. نحن في سنة 2012، ويجب أن نتجاوب مع متطلبات هذا العصر.. كما أحرص على عدم تكرار ما قدمه شيوخ الأغنية الشعبية.. ليس هذا تقليلا من قدرهم، وإنما بحثا عن التجديد، حيث لا أحب الأغاني المجمدة. - ماذا عن أولادك.. هل تشجعهم على خوض هذا المجال الفني؟ لا أفعل هذا أبدا.. لي ابن يحب الموسيقى ولكني لا أرى فيه فنانا.. ولا أريد أن يصبح يوما كذلك لأن هذا الوسط صعب وخطواته جد مرهقة.. وعدا هذا.. أحضر لإصدار “ألبوم” جديد يضم مجموعة من الأغاني في المديح و”العاصمي”، ويتضمن أغنية خاصة بالذكرى الخمسين لاسترجاع الاستقلال.