لأول مرة منذ استقلال الجزائر تقريبا، بدأنا نلاحظ تحرك العقل الجزائري، نحو البحث العلمي والابداع والتصنيع، والفضل في ذلك كل الفضل، للفيروس كورونا، وانقطاع الحبال التي كانت تربط الجزائر بفرنسا. كورونا كسرت الحواجز والممنوعات، وبدأت الجامعات تنفض غبار البؤس عن نفسها، لانجاز شرائط تحاليل كشف كورونا، وصناعة أجهزة التنفس الاصطناعي وغيرها، كما بدأنا لأول مرة نسمع المسؤولين على قطاع التعليم العالي، يتحدثون عن التنسيق مع وزارة الصناعة، وتوجيه أطروحات التخرج نحو البحث العلمي، وعن قدرة طلبتنا على الاختراع والانجاز في مدة قصيرة، وعن استعداد الدولة توفير كل الامكانيات المطلوبة لتفجير تلك الطاقات، وعن قدرة البلاد على تصنيع نسبة كبيرة من المواد التي نستوردها حاليا. هذا يعني : أن الجزائر تختزن بداخلها طاقات علمية ضخمة، تم تكسيرها وإقصاؤها من قبل بفعل سياسة ممنهجة للعصابة التي استولت على البلاد طوال عقود طويلة، وأن ما كانت تقوم به العصابة من تدمير للطاقات العلمية الوطنية، وكبح لامكانية الاقلاع الاقتصادي، كان في حقيقة الأمر، أخطر من عمليات النهب والفساد التي ضربت البلاد، وأنها كانت عمليات ترقى الى مستوى الخيانة العظمى من طرف الجهات التي طبقتها. كما يعني أن الأزمة تلد الهمة كما قال بذلك الشيخ جمال الدين الأفغاني وأنه “لا يتسع الأمر إلا إذا ضاق، ولا يظهر فضل الفجر إلا بعد الظلام الحالك”.. وبالتالي فإن زمن انبعاث الجزائر والدول التي قيل عنها متخلفة ربما قد آن أوانه.